الرئيسية/محاضرات/فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج
|categories

فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج

مشاهدة من الموقع

عناصر المادة

تنبيه قبل أن أبدأ المحاضرة:

حكم القيام للجنازة

لاحظت أنه عندما وُضعت الجنازة هنا وأُزيل الساتر، لم يقم إلا قليل، والقيام عند رؤية الجنازة سنة مؤكدة، بل إن بعض أهل العلم قال إنها واجبة، ولكن الصحيح أنها ليست واجبة وإنما سنة مؤكدة، والحكمة من القيام أشار إليها النبي  بأنَّ للموت فزعًا، قال: إنَّ للموت فَزَعًا، ولما مُرَّ بجنازة يهودي، قام -عليه الصلاة والسلام-، قيلَ: يا رسول الله إنَّها جنازة يهودي، قال: أليست نفسًا؟، فالسُّنة إذا رأى الإنسان الجنازة يقوم؛ لأن كونه يرى الجنازة ويجلس هذا إشارة إلى تبلُّد إحساسه أو عدم اهتمامه بالأمر، فالموت له فَزَعٌ وله رهبة، ينبغي أن الإنسان إذا رأى الجنازة يقوم وينتبه ويعتبر، فإذن السُّنة إذا رأينا الجنازة أن نقوم، فهذا يتكرر، خاصةً في مثل الجامع الذي تكثر فيه الجنائز، يؤتى بالجنائز ويُزال الحاجز، ويكون بعض الناس أمام الجنازة ولا يقومون، هذا خلاف السُّنة، السُّنة القيام، إذا رأيت جنازة قُمْ، سواءً كانت محمولة أو رأيتها على الأرض؛ والحكمة في ذلك هي قوله -عليه الصلاة والسلام-: إنَّ للموت لفَزَعًا، يعني ينبغي أن الإنسان يفزع ويعتبر ويقوم ولا يكون قاعدًا لا يأبه بهذا الأمر العظيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

حكم الحج وفضله

فإن الله ​​​​​​​ فرض الحج إلى بيته الحرام على كل من كان مستطيعًا؛ كما قال ربنا سبحانه: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران: 97]، فأوجب الله حج البيت على من استطاع إلى البيت سبيلًا، وهذا الحج وهذه العبادة عبادةٌ عظيمة تجمع بين العبادة المالية والبدنية، هذه العبادة لها خصائص لا توجد في غيرها، ومن ذلك: أن هذه العبادة إذا وقعت على الوجه الكامل، تحُطُّ جميع الذنوب والخطايا، حتى يرجع الإنسان كيوم ولدته أمه؛ كما قال النبي : من حَجَّ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ، رجع من ذُنُوبه كيوم ولدته أُمه [1] متفقٌ عليه.

ويقول -عليه الصلاة والسلام-: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة [2]، وفي قصة إسلام عمرو بن العاص  لما أراد أن يُسلم أتى النبي ، فقال: “ابسُط يمينك أُبايعك”، بسط النبي  يده، قبض عمروٌ يده، فقال له النبي : لِمَ يا عمرو، لِمَ قبضتَ يدك؟ قال: “أردتُ أن أشترط”، قال: تشترط ماذا؟، قال: “أشترطُ أنْ يُغفر لي”، فقال له النبي : أما علمتَ يا عمرو أنَّ الإسلامَ يهدمُ ما كان قبله، وأنَّ الهجرةَ تهدم ما كان قبلها، وأنَّ الحج يهدمُ ما كان قبله [3] وهذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه.

الحج يهدم ما كان قبله من الذنوب والخطايا، كما أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وهذا الفضل لم يرِد في عبادةٍ أخرى، وأيضًا قبل ذلك من القرآن الله تعالى يقول: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة:203]، ومعنى فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ يعني يرجع وقد حُطت عنه جميع الآثام، وليس المعنى فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ يعني فلا حرج عليه؛ لأن المتأخر أتى بالأفضل، لا يُقال لا حرج عليه، وإنما المقصود أنه يرجع ولا إثم عليه، سواءً تعجَّل أو تأخر إذا اتقى الله في حجه، وهذا أيضًا فيه الإشارة إلى جواز التعجُّل والتأخر.

إذن: هذه النصوص كلها تدل على أن الحج يُكفِّر جميع الذنوب، الصغائر والكبائر، وهذا لم يرد في عبادةٍ أخرى، مثلًا الصلوات الخمس تُكفِّر الصغائر، لكن لا تُكفِّر الكبائر، صلاة الجمعة تُكفِّر الصغائر، صيام رمضان يُكفِّر الصغائر، دليل لهذا قول النبي : الصلوات الخمسُ، والجمعة إلى الجمعة، ورمضانُ إلى رمضانَ؛ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بينهنَّ إذا اجْتُنِبَتِ الكبائر [4].

أما الحجُّ فيُكفِّر الصغائر والكبائر؛ ولذلك يباهي الرب ​​​​​​​ بالحجيج ملائكته عشيَّة عرفة، ويقول: انظروا إلى عبادي هؤلاء أتَوْني شُعْثًا غُبْرًا ضاحين، أُشهِدكُمْ أنّي قد غفرت لهم، فهذه العبادة عبادة عظيمة، وهذا الدنو من الرب ​​​​​​​ بالحجيج عند أهل السنة والجماعة أنه دنوٌّ حقيقي على الوجه اللائق بالله سبحانه، لا نعرف حقيقته لكن نؤمن به كما ورد، ويباهي الرب ​​​​​​​ بالحجيج ملائكته، ويُعتق فيه كثيرًا من الرقاب من النار؛ كما جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي  قال: ما من يوم أكثرُ من أن يُعْتِقَ اللَّه فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإِنَّه لَيَدْنُو بهم فَيُبَاهي بهم ملائكته، ويقول: ما أراد هؤلاء؟ [5]، ما أراد هؤلاء؟ لأي شيءٍ اجتمعوا؟

لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج

لكنَّ مغفرة الذنوب لا تكون لكل حاج، وإنما لمن اتقى الله في حجهِ، وتقوى الله ورد تفسيرها في الآية الأخرى: فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة: 197]، والقرآن يفسر بعضه بعضًا.

الجماع للمحرم في النسك

فَلَا رَفَثَ المقصود بالرفث: الجماع وما يتعلق به، فهذا المحرمُ ممنوعٌ منه، وهو أشد محظورات الإحرام، وإذا حصل الجماع قبل التحلُّل الأول ترتب على ذلك أمور:

  • الأمر الأول: فساد الحج.
  • الأمر الثاني: وجوب المضيِّ فيه.
  • الأمر الثالث: وجوب قضائهِ من عامٍ قابل.
  • الأمر الرابع: بدنه.
  • الأمر الخامس: التوبة من هذا الإثم العظيم الذي وقع فيه.

كل هذه الأمور الخمسة مرتَّبة على الجماع قبل التحلل الأول، وإذا كان بعد التحلل الأول فلا يفسد الحج، لكن أيضًا يترتب عليه أن يذبح دمًا، وأيضًا ينقص عن وصف الحج المبرور، كما أن الجماع أيضًا في نهار رمضان يفسد الصيام، ويترتب عليه الكفَّارة المغلَّظة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، فإذن الجماع هو أشدُّ محظورات الإحرام، وأشدُّ مفسدات الصيام.

الفسوق في الحج

فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ الفسوق: المقصود به المعاصي، فالمحرم يجب عليه أن يجتنب جميع المعاصي، وإن كان هذا مطلوبًا من غير المحرم، لكنه يتأكد في حق المحرِم؛ ولذلك المحرِم عليه أن يستشعر أنه متلبسٌ بهذه العبادة وبهذا النُسك، فيحفظ لسانه عن الكلام المحرَّم، ويحفظ بصره عن النظر المحرَّم، ويحفظ سمعه عن السماع المحرَّم، ويحفظ جميع الجوارح؛ حتى يكون حجُّه مبرورًا.

الجدال في الحج

وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ولا جدال، قيل المعنى: إن وقت الحج أصبح معلومًا، وقد كان فيه جدل لدى مشركي قريش فيما سبق، وقيلَ إن المراد أن الحاج ينبغي أن يبتعد عن الجدال في الحج، وكلا المعنيين صحيح؛ وذلك لأن الحاج -في الغالب- إنما يحجُّ مع رفقة، وكان الناس في السابق يأتون إلى الحج على الإبل وعلى أرجلهم؛ كما قال الله تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا يعني راجلين، وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ على كل بعيرٍ مهزول، يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [الحج: 27]، كان الناس يعانون حتى يصلوا إلى البيت العتيق، وقد كان منهم في بعض العصور وبعض الأزمنة، كان الناس يودعون الحاج إذا ذهب، على أنه قد لا يرجع، يودعونه الوداع الأخير، يقولون: ما ندري يرجع أو لا يرجع، كان هناك لصوص على الطرقات، بل إن ابن جُبير -رحمه الله- ذكر في رحلته سنة 580 للهجرة يقول: إن الحجاج في تلك السنة لم يذهبوا في اليوم الثامن للتروية، وإنما ذهبوا مباشرةً لعرفات؛ لأن هناك قُطَّاع طريق ما بين منى وعرفات سبحان الله فكان الناس يعتريهم ما يعتريهم من الخوف ومن التعب، يبقون أحيانًا شهورًا حتى يصلوا إلى مكة، وكان الحاج يحج مع رفقة، ومع الرفقة يحصل أحيانًا مناقشات ويحصل جدال، وإذا حصل الجدال فإن النفس تحتمي، ويؤثر هذا على الخشوع في العبادة؛ ولذلك مطلوب من المسلم عمومًا ومن الحاج خصوصًا أن يتجنب الجدل، والمقصود بالجدال: الجدال بالباطل، أما الجدال بالحق فلا يُمنع منه؛ لبيان الحق، لكن الجدال بالباطل هو الممنوع، والله تعالى يقول: وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل: 125]، لكن مع ذلك ينبغي للمسلم أن يبتعد عن الجدل عمومًا في حياته كلها، النبي  يقول: أعدَّ الله بيتًا في رَبَضِ الجنة لمن ترك الجدال وإن كان مُحِقًّا، ويقولون: “اكسب الجدل بأن تجتنبه”، بيِّن وجهة نظرك لكن لا تجادل، وإذا أصبح النقاش مع شخصٍ يغلب على ظنك أنك لن تصل معه إلى نتيجة، فمعنى ذلك أن هذا النقاش تحول إلى جدال؛ فانسحبْ، انسحب منه، أما إذا كان النقاش والحوار معه يمكن أن تصل معه إلى نتيجة فهذا حوارٌ مطلوب، إنسان يبحث عن الحق، تحاوره يحاورك تناقشه يناقشك، ويغلب على ظنك أنكما ربما تصلان إلى نتيجة؛ هذا حوار مطلوب، أما إذا وصل إلى جدل، ويغلب على ظنك أنك لن تصل مع هذا المناقش أو هذا المحاور إلى نتيجة، هنا تحول من كونه نقاش أو حوار إلى جدل، هنا ينبغي أن تنسحب منه ولا تجادل، وهذا في الحج وفي غير الحج، إذن معنى قوله: فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ هو بمعنى: لمن اتقى فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة: 203]، فتقوى الله في الحج يحصل بأن يجتنب الحاج الرفث وجميع محظورات الإحرام، والفسوق وهو جميع المعاصي، والجدال كذلك.

الحج ومكارم الأخلاق

أيُّها الإخوة: الحج رحلة إيمانية عظيمة، وفيها منافع كثيرة؛ ولذلك قال ربنا ​​​​​​​: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ۝لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ [الحج: 27]، وتأمَّل قوله: مَنَافِعَ أتت على صيغة منتهى الجموع؛ إشارةً إلى كثرتها، وإلى تفاوت الناس في الحصول عليها، وهي منافع دينية ودنيوية، أعظم هذه المنافع مغفرة الذنوب للحاج، وأيضًا رفعة الدرجات: الحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنة، ومن المنافع أيضًا ما يحصّلهُ الحاج من اكتساب الأخلاق الفاضلة.

الصبر في الحج

هناك بعض الأخلاق الفاضلة تحتاج إلى تمرين وإلى تدريب، مثل خُلُق الصبر، الصبر هو من أعظم الأخلاق، يقول النبي : وما أُعطِيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ من الصَّبرِ [6]، تأمَّلوا هذا الحديث: وما أُعطِيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ من الصَّبرِ، لكن الصبر يحتاج إلى تمرين النفس عليه وتدريب، والله يحب الصابرين، أخبر بأنَّهُ يُحِبُّ الصَّابرين وأنَّه مع الصَّابرين وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]، ويحتاج إلى تدريب للنفس، ما معنى الصبر؟ الصبر معناه حبس النفس عن الجزع، وحبس اللسان عن التشكِّي، وحبس الجوارح عن الأفعال المحرَّمة، وكثيرٌ من الأمور -من أمور الدين والدنيا- تحتاج إلى الصبر، الصلاة تحتاج إلى صبر، الصيام يحتاج إلى صبر، إنفاق المال يحتاج إلى صبر، الحج كذلك يحتاج إلى صبر؛ لأن الحاج في سفر، يعني غير أهل مكة ومن حولهم يعتبرون مسافرين، والسفر قطعة من العذاب، ويعتري الحاج ما يعتريه من الصعوبات ومن المشاق ومن التعب، فهنا لا بُدَّ من الصَّبر، ولا بُدَّ من التحمُّل، ففيه تمرينٌ وتدريبٌ للنفس على الصبر.

الحلم في الحج

أيضًا من مكارم الأخلاق التي ينبغي أن يسعى الحاج لاكتسابها الحِلم، والحِلم -كما يُقال- هو سيد الأخلاق، سيد الأخلاق الحلم، ويستطيع الإنسان أن يكتسب هذا الخُلق بالتمرين والتدريب للنفس؛ ولذلك جاء رجلٌ للنبي فقال: “يا رسول الله أوصِني؟” قال: لا تغضب، قال: “أوصِني؟”، قال: لا تغضب، فردد مرارًا قال: لا تغضب [7]، بإمكان الإنسان أن يصبح حليمًا إذا درَّب نفسه على الحِلم، لكن ذلك يأتي بالتدريج والتمرين، والحج فرصة لأن يكتسب الإنسان هذا الخُلُق الكريم، وإذا غضب كظم غيظه.

الكرم والتواضع والرحمة في الحج

أيضًا خُلُق الكرم، من الأخلاق الكريمة والتي يمكن أن يكتسبها الإنسان في رحلة الحج، خلق التواضع والرحمة بالمؤمنين، وخاصةً في مواطن الزِّحام.

البذل والإنفاق في الحج

خلق البذل والإنفاق لسُبل الخير، وكثيرٌ من الحجاج -ولا أبالغ إن قلت كثير- فقراء ومساكين، وإنما قلت ذلك؛ لأن من خلال الفتوى في سنوات مضت عندما يأتي حاج ويرتكب خطأً -ترك واجب مثلًا- عندما نقول: عليك دم، كثيرٌ منهم يقول: ما أستطيع، نقول: كم معك؟ بعضهم معه خمسين ريال بعضهم ما معه شيء، فرحم الله من ساهم في سُقيا وإطعام الحجاج، فهذه أجرها عظيم وثوابها جزيل؛ لأن كثيرًا منهم من الفقراء والمساكين، ثم هم وفد الرحمن، وفي بقاعٍ طاهرة، وفي زمنٍ فاضل؛ فإطعام وسقيا الحجاج من الأعمال الصالحة العظيمة، ولله الحمد نجد الوعي لدى المسلمين قد ارتفع، حتى إنك عندما -في عرفات أو في المشاعر- أحيانًا يجد الإنسان صعوبة في أن يشتري شيئًا، يجد كل شيء “سبيل”، فيجد أن المسلمين يتسابقون في وضع السبيل والصدقات، وهذا مظهرٌ من المظاهر المشرقة الحسنة في الأمة، فأقول هذا لألفت النظر لمشروع سقيا وإطعام الحجاج، هذا من المشروعات العظيمة، إن استطاع الإنسان أن يباشره بنفسه أو يوكِّل من يفعل ذلك من الثقات نيابةً عنه، فإذن البذل والإنفاق في سبل الخير هذه من الأخلاق الكريمة التي يكتسبها الحاج، فهذه من منافع الحج.

الدعوة إلى الله في الحج

أيضًا من منافع الحج الدعوة إلى الله ​​​​​​​، فعلى الدعاة مسؤولية كبيرة في الدعوة وفي نشر العلم، فالدعاة مطلوبٌ منهم أن يذهبوا للناس ويدعونهم إلى الله تعالى، وليس الناس يأتون إليهم في أماكنهم؛ فإن منهج النبي  أنه كان يذهب للناس في أماكن تجمعاتهم ويدعوهم، وذاتَ مرَّةٍ مرَّ النبي  في طريق، وفيه أخلاطٌ من المسلمين والمشركين وفيه بعض المنافقين، كان فيهم عبد الله بن أُبي رأس النفاق، وكان النبي راكبًا على حمارٍ فنزل، وقرأ عليهم القرآن، كانت دعوة النبي عليه الصلاة والسلام بالقرآن: قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ [الأنبياء: 45]، فقال عبدالله بن أُبي: “يا هذا، ما أحسن ما تقول، ولكن اجلس في مسجدكَ ومن أرادك سيأتيك، ولا تغشانا في مجالسنا؟”، فقال له النبي : لا؛ بل أُبَلِّغُ رسالةَ ربي.

إذن منهج النبي عليه الصلاة والسلام في الدعوة أنه يذهب للناس، يبحث عنهم، يدعوهم إلى الله تعالى، ولا ينتظر أن الناس يأتون إليه، الآن في الحج الناس تأتي إلى هذه الأماكن الطاهرة، فهي فرصة للدعاة إلى الله تعالى في دعوة الناس، في دعوة المسلمين للتمسك بالإسلام وإلى نبذ البدع والشركيات والخرافات، فرصة عظيمة للدعوة إلى الله ​​​​​​​ ونشر العلم الصحيح وتصحيح العقائد، وهذه من أبرز منافع الحج، بعض المسلمين يأتون بعقائد فيها انحراف، عندهم بدع عندهم شركيات، فينبغي أن يكون لأهل العلم ولطلبة العلم دورٌ في تصحيح عقائد هؤلاء، ودعوة الناس إلى تحقيق التوحيد وإخلاص الدين لله ، وإذا نظرنا إلى دعوة النبي نجد أن المنطلق الرئيسي لها من الحج، كيف هذا؟، كان -عليه الصلاة والسلام- لما كان في الفترة المكية كل عام يعرض نفسه على قبائل العرب كي تنصره؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- يريد نصرة وقوة وسلطة، فكان يعرض نفسه على قبائل العرب، وقبائل العرب تجتمع في الحج في منى، كان إذا دخل خيمة دخل وعرض نفسه على قبائل العرب قال: (إني رسول الله؛ فهل تنصروني؟ وهل تنصرون دعوتي؟)، دخل بعده أبو لهب عمه، قال: “أنا عمُّه، وأنا أخْبر الناس به، هذا مجنون لا تسمعوا له”، انظر إلى الأذى العظيم الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام يتلقَّاه، كلما دخل على قبيلة دخل خلفه أبو لهب قال: “هذا مجنون”؛ ولذلك توعده الله ​​​​​​​ بالاسم في القرآن سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ [المسد: 3]، تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [المسد: 1]، أتى الله باسمه، ثم توعده بالذكر؛ لأن أذاه عظيم جدًا للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وكان في المدينة اليهود وكان معهم الأوس والخزرج، وكان اليهود يتوعّدون الأوس والخزرج يقولون: إن هذا الزمن زمن نبي سيخرج، وإن هذا النبي إذا خرج سنتبعه -يعني اليهود- وسنقاتلكم أنتم -أيها العرب- ونخرجكم من يثرب، يهددونهم، فكان عند الأوس والخزرج خلفية عن هذا الموضوع وأن هذا الزمن زمن نبي، لما أتى النبي  وعرض نفسه على الأوس والخزرج في منى على قبائل الأوس والخزرج قالوا: هذا هو النبي الذي تحدّثكم عنه اليهود؛ لا يسبقونكم إليه، فمباشرة آمنوا به وأسلموا، وحصلت بيعة العقبة الأولى وبيعة العقبة الثانية، ثم هاجر إليهم النبي  وهاجر إليهم الصحابة وأقاموا دولة الإسلام وانطلقت الدعوة الإسلامية، إذن نقطة الانطلاقة كانت من الحج، وهذا يؤكد على أنه ينبغي أن يكون هناك حرص على الدعوة -الدعوة إلى الله ​​​​​​​ في موسم الحج، ونشر العلم الصحيح بين الحجاج، والتوعية والتوجيه والإرشاد لهم.

المنافع الدنيوية في الحج

ومنافع الحج كثيرة لا تنحصر، وحتى إن الله ​​​​​​​ ذكر حتى المنافع الدنيوية، التجارة: كان بعض الصحابة يريد أن يتاجر في الحج فتحرَّجوا؛ فأنزل الله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة: 198]، يعني لا بأس أن الإنسان يتاجر في الحج، إذن منافع الحج منافع كثيرة، والناس يتفاوتون في الحصول على هذه المنافع.

الإخوة في إدارة الجامع رغبوا أن يكون أكثر الوقت للإجابة عن الأسئلة؛ نظرًا للطلبات المتكررة بهذا، فلعلي أكتفي بهذا القدر، ويكون بقية الوقت مخصصًا للإجابة عمّا يرد من أسئلةٍ واستفسارات.

 الأسئلة:

الإحرام هو نية الدخول في النسك

السؤال1: هل نيَّة الإحرام مقترنة بلبس الإحرام؟

الجواب: أولًا الإحرام، ما معنى الإحرام؟ الإحرام ليس هو لبس ملابس الإحرام، الإحرام هو نية الدخول في النسك، هذا هو تعريفه عند العلماء؛ ولذلك لو أنك لبست ملابس الإحرام ولم تنوِ؛ لا تُعتبر مُحرمًا، لا بد من نية الدخول في النسك؛ ولهذا إذا أراد الإنسان أن يحرم في الطائرة، فيغتسل في بيته ويلبس ملابس الإحرام ولا ينوي، أو يلبسها في المطار ولا ينوي، إما في البيت أو في المطار ولا ينوي، ويركب الطائرة، فإذا حاذى الميقات نوى، إن كان متمتعًا قال: “اللهم لبيك عُمرة”، كان مفردًا قال: “اللهم لبيك حجًا”، إن كان قارنًا قال: “اللهم لبيك عمرةً وحجًا”، فإذن قبل أن يقول ذلك لا نعتبره محرمًا؛ ولهذا وهو عليه ملابس الإحرام يجوز أن يغطي رأسه، يجوز يتطيب؛ لأنه لا يُعتبر محرمًا، متى يعتبر محرم؟ إذا نوى إذا أهلَّ، قال: لبيك عمرة لبيك حجًا، هذا هو الإحرام.

حكم حج الصبي

السؤال2: ما حكم حج الصبي الذي لم يبلغ؟ وهل تُعتبر حجة الإسلام؟

الجواب: الصبي الذي لم يبلغ حجه صحيح، حتى وإن كان غير مميِّز حتى وإن كان عمره شهر، حجه صحيح؛ وذلك لما جاء في صحيح مسلم “عن جابرٍ  أن امرأةً أتت النبي  ورفعتْ له صبيًا وقالت: يا رسول الله ألِهذا حج؟ قال: نعم؛ ولكِ أجر [8]، فدلَّ ذلك على صحة حج الصبي، لكنه لا يُجزئه عن حجة الإسلام بالإجماع، وجاء في ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي  قال: أَيُّما صبيٍّ حجَّ ثم بلغ فعليه حَجَّة أخرى، فهو يعتبر في حقه نافلة، ولكن مع قولنا بصحة حج الصبي، الذي أنصحُ به عدم تحجيج الصبيان؛ وذلك من باب إتاحة الفرصة للكبار، إذا كان الآن كثيرٌ من الكبار لم يتيسر لهم الحج، كيف نحجج الصبيان وعندنا الكبار الآن لم يحجّوا!

الآن عدد المسلمين مليار ونصف، لو حجَّ منهم واحد بالمائة فقط، كم سيكون العدد؟ خمسة عشر مليون، لو حج نصف واحد بالمائة، سبعة ملايين ونصف، لو حج ربع واحد بالمائة، سيصل إلى قرابة أربعة ملايين، إذن الحجاج الآن الذين يحجون هم أقل من ربع واحد بالمائة، أقل من ربع واحد بالمائة من أعداد المسلمين، ومع ذاك نرى هذا الزحام؛ إذن ينبغي إتاحة الفرصة للحجاج الكبار البالغين، ولا يأتي هذا الصبي ويزاحم والحج غير واجب عليه، ثم أيضًا فيه يعني حج الصبي يلحقه المشقة ويلحق وليُّه أيضًا المشقة، في مشقة على الولي وعلى الصبي؛ ولذلك فالأحسن -خاصةً في وقتنا الحاضر- عدم تحجيج الصبيان وإن كان حجهم صحيحًا، لكن الأفضل عدم تحجيجهم من باب إتاحة الفرصة لغيرهم من الحجاج.

أحرم ولم يشترط ومُنع من دخول مكة ولم يستطع الفدية

السؤال3: أحرمتُ من الميقات أنا وأبنائي ثم تم إرجاعي عند الشرائع ولا أستطيع على الدم؛ هل عليَّ شيء؟

الجواب: أولًا ننصح من أراد أن يحج بأن يتبع التعليمات ومن ذلك استخراج التصريح -تصريح الحج-، في الحقيقة أن تصريح الحج إجراء لا بد منه، لماذا لا بد منه؟ كما قلنا قبل قليل، لو سُمح لربع واحد بالمائة لكان عددهم أربعة ملايين، ما تتسع لهم المشاعر، لو سُمح لنصف واحد بالمائة يعني سبعة ملايين، لو سُمح لواحد بالمائة من المسلمين خمسة عشرة مليون، فلا بد إذن من التحديد لا بد، أعداد المسلمين الآن كثيرة جدًا مليار ونصف، فالتصريح لا بد منه؛ ولذلك ينبغي اتباع التعليمات في هذا، وبالنسبة لمن تم إرجاعه يُعتبر محصرًا، حكمه حكم المحصر، إذا كان قد اشترط أنه إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، تحلل ولا شيء عليه، وإن كان لم يشترط فإن حكمه حكم المحصر، يحلق رأسه ويذبح هديًا، هذا هو حكم المحصر، والله تعالى يقول: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196]، فإن عجز فعند طائفة من أهل العلم أنه يصوم عشرة أيام بدلًا عن الدم.

مر بالميقات ولم يحرم منه، فهل يجوز أن يحرم من جدة؟

السؤال4: حجزتُ للحج من حملة في مكة وأنا في الرياض، وحجزتُ طائرة على حسابي إلى جدة في يوم خمسة ذي الحجة، السؤال: هل يجوز أن أُحرم من جدة؛ لأني سأتأخر في جدة إلى اليوم السابع؟

الجواب: أنت ستمرُّ الميقات وأنت مُريدٌ للنسك، فلا بد من الإحرام من الميقات، فعند ذهابك بخمسة ذي الحجة تُحرم بعمرة ثم تتحلل، وإذا أتى اليوم الثامن تحرم بالحج من مكة أو من منى، وأما قول الأخ الكريم: “سأتأخر في جدة إلى اليوم السابع”، أنت بين أمرين: إما أن تُحرم في الطائرة وتبقى على إحرامك وأنت في جدة، أو أنك لا تحرم في الطائرة لكن ترجع للميقات وتحرم منه، إحرامك للميقات لا بد منه، لا بد من الإحرام من الميقات؛ لأنك مررت بالميقات وأنت مريدٌ للنسك.

إحرام من نوى الحج أو العمرة وهو في مكة

السؤال5: من نوى الحج أو العمرة وهو في مكة فهل يحرم من مكانه أو يخرج للتنعيم؟

الجواب: إذا نوى الحج أحرم من مكانه، ولا يحتاج الخروج للتنعيم، وأما إذا نوى العمرة فإنه يخرج للتنعيم، فإذا كان سيحج يحرم من مكانه، سواءً كان في مكة أو في منى أو في أي مكان، أما إذا كان سيعتمر فيخرج إلى التنعيم، لماذا فرقنا بين الحج والعمرة؟ قال أهل العلم: لأن الحاج في الحج يجمع بين الحِلِّ والحرم، فعرفة من الحِل، مزدلفة ومنى من الحرم، فهو أصلًا في الحج سيجمع بين الحل والحرم، أما العمرة فلن يجمع بين الحل والحرم، إذا أحرم من بيته في مكة، سيحرم من الحرم، فيخرج إلى التنعيم حتى يجمع بين الحل والحرم.

حكم من أتاها الحيض قبل إحرامها

السؤال6: إذا أرادت المرأة الحج وأتاها الحيض قبل أن تنوي الإحرام؛ فما العمل؟

الجواب: مسائل الحيض بالنسبة للمرأة لا بد من أن تفهمها المرأة جيدًا، ومن حكمة الله ​​​​​​​ أن النبي  حاضت زوجتان من أزواجه؛ لكي تتأسى الأمة بهما.

الأولى عائشة -رضي الله عنها-: حاضت قُبيل وصولهم إلى مكة في مكان يقال له سَرِف، فدخل عليها النبي وهي تبكي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- من أعظم الناس فراسة، مباشرة عرف السبب، قال: لعلَّكِ نفِسْت؟ يعني حضتِ، قالت: “نعم”، قال مواسيًا لها: إنَّ هذا شيءٌ كتبه الله على بنات آدم، والشيء الذي يشترك الناس معه فيه تخفُّ مصيبته، إنَّ هذا شيءٌ كتبه الله على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاجُّ غير أنْ لا تطُوفي بالبيت [9]، وجاء في رواية: ولا تُصلِّي [10]، بقيت عائشة -رضي الله عنها- هي كانت محرمة متمتعة، وكان قدومهم صبيحة رابع ذي الحجة، أتى يوم عرفة ولم تطهُر؛ فأمر النبي  بأن تُدخِل الحج على العمرة، يعني تقلب التمتُّع إلى قران، فتكون قارنة؛ ولذلك نقول: المرأة إذا أتاها الحيض قبل عرفة، فإنها تفعل كما تفعل الطاهرة تمامًا، تُحرم من الميقات لكن لا تطوف، إن كانت متمتعة تؤجل العمرة، وإن كانت قارنة أو مفردة فلا تطوف ولا تسعى، يعني لا تطوف طواف القدوم ولا تسعى.

الزوجة الثانية هي: صفيّة -رضي الله عنها-، قيل للنبي  إن صفية قد حاضت، قال: حَلْقَ عَقْرَى أحابِسَتُنَا هي؟ قيل “إنَّها أفاضتْ”، قال: فلتنفِر إذن [11]، فصفية أتاها الحيض بعد طواف الإفاضة، فالمرأة إذا أتاها الحيض بعد طواف الإفاضة سقط عنها طواف الوداع، لكن الإشكال الكبير إذا أتى المرأة الحيض وهي لم تطف طواف الإفاضة، فهنا الأصل أنها تنتظر؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: أحابِسَتُنَا هي؟، هذا فيه إشارة إلى أن المرأة تحبس محرمها، وإذا حبست محرمها أحيانًا بعض المحارم قد لا يستجيب لها، قد تكون مع حملة قد تكون خارجة المملكة من بلاد بعيدة، وهذه المسألة يحتاج أن نقف معها وقفة، هذه المسألة عُرضت في القرن السابع الهجري على أبي العباس ابن تيمية -رحمه الله-، قيل له: “إن امرأة مع قافلة أتاها الحيض ولم تطُف طواف الإفاضة، وأنها بين أمرين: إما أن تطوف وهي حائض، وإما أن ترجع إلى بلادها وهي لم تطف طواف الإفاضة”، تحرَّج فيها العلماء في زمنهم، فقالوا الأصل أنها تنتظر، القافلة رفضت أن تنتظر، ماذا تفعل؟ وكانت القوافل تأتي على الإبل، فهنا استفتوا الإمام ابن تيمية -رحمه الله- فتحرَّج في الجواب عنها، ثم أفتاها بأنها للضرورة تطوف وهي حائض، وأن هذا خيرٌ من أن ترجع إلى بلادها ولم تطف، وقال: “والله لولا الضرورةُ لما أفتيتُ”، لكن فتوى ابن تيمية -رحمه الله- هذه لا تنطبق على الناس داخل المملكة ولا دول الخليج العربي، إنما تنطبق على حالة معينة خاصة حال الضرورة، إما أن تطوف وإما ألا تطوف وترجع إلى بلادها، ولذلك ينبغي ألّا يُفتى بهذه الفتوى إلا عند الضرورة، طيب إذن ماذا تفعل المرأة التي أتاها الحيض؟ نقول: إن تيسَّر أنها تبقى مع محرمها إلى أن تطهر هذا هو المطلوب، إن لم يتيسر يمكن أن ترجع، مثلًا ترجع للرياض فإذا طهرت ترجع مرة ثانية إلى مكة وتأتي بالطواف، هذا أيضًا حل آخر، هناك حلٌّ لا ينتبه له كثيرٌ من المفتين، وقد ذكرته لإحدى النساء، في سنة من السنوات أتتني امرأة ومعها محرمها معها زوجها، وذكر أنها حاضت وأنها لم تطف طواف الإفاضة وأنهم مرتبطون مع حملة، فقلت: انتظروا، قال: ما يمكن ننتظر، الحجوزات كلها مع الحملة ما يمكن ننتظر، طيب اذهبوا وارجعوا فيما بعد، قال: يصعب علينا، عندنا دوام عندنا كذا ما نستطيع، فذكرتُ لهم حلًا، وهو أن تذهب هذه المرأة للمستشفى أو المستوصف وتأخذ إبرة لرفع الحيض، فإذا ارتفع الحيض اغتسلت وطافت، والأطباء يقولون: أخذها لمرة واحدة لا يضر، إنما تكرار أخذها هذا هو الذي يضر المرأة، أما مرة واحدة ما يضر، وبالفعل ذكرتُ لهم هذا الحل وطبّقاه، وأتيا في اليوم الثاني يشكران، وقال إن المرأة فعلًا ارتفع عنها الحيض واغتسلت وطافت طواف الإفاضة وسعت والحمد لله، فهذا حل لهذه المشكلة، يمكن أن يُلجأ إليه عند الحاجة.

طيب هل يجوز للمرأة أن تأخذ موانع الحيض فترة الحج؟ نعم يجوز، لكن بشرط ألا تضرها، فإذا كانت من النوع الذي ممكن تُحدث لها ضرر لا يجوز، لكن إذا كانت بعد استشارة الطبيب إنها مرة واحدة لا تضر فلا مانع.

حكم قبول الموظف الهدية من العميل

السؤال7: أعمل في شركة وعندنا عمل، وأحد العملاء أهدى إليَّ هدية جوال، هل ذلك حرام؟ وإن كان في ذلك حرام وأريدُ أن أعيده ما هو الحل؟ ولا أريد أن صاحب الشركة يعرف.

الجواب: طيب، النبي  وضع لنا قاعدةً عظيمة في هذا الباب، لما أرسل رجلًا لجمع الصدقات -زكوات من الناس- أتى هذا الرجل بالزكوات وقال: هذا لكم وهذا أُهدي إليَّ، فعظَّم النبي  من شأن هذه المسألة، وصعد المنبر وقال: ما بالُ الرجل نستعملُهُ فيقول: هذا لكم وهذا أُهديَ إلي، أفلا جلس في بيت أبيه وأُمِّه فينظُرَ أَيُهدَى إليه شيءٌ أم لا؟، والذي نفسي بيده، لا يأخذُ أحدٌ شيئًا من هذا المال إلَّا أتى به يَحمِلُهُ على رأسه يوم القيامة، الضابط هو قوله عليه الصلاة والسلام: أفلا جلس في بيت أبيه وأُمِّه فينظُرَ أَيُهدَى إليه شيءٌ أم لا؟ [12]، فنقول للأخ السائل الكريم: لو كنتَ في بيتك أو في بيت أبيك وأمك لستَ في هذا المنصب الوظيفي، هل سيُهدي لك العميل هذه الهدية؟ إن كان الجواب لا، ما أهدى لي هذه الهدية إلا بسبب منصبي الوظيفي؛ إذن هذه الهدية لا تجوز، أما لو كانت الهدية لأجل صداقة، وسواءً كنت في هذا المنصب الوظيفي أو لم أكن سيُهدي لي، هنا لا بأس، وهذا هو الضابط في هذه المسألة؛ ولذلك الموظفون لا يجوز لهم أن يتقاضوا هدايا من المراجعين، ولا يجوز كذلك للموظفين أن يُهدوا للمديرين، كل هذه من هدايا العمال وهدايا العمال غلول، والضابط قوله عليه الصلاة والسلام: أفلا جلس في بيت أبِيه وأُمِّه فينظُرَ أَيُهدَى إليه شيءٌ أم لا؟ [13]، الأخ الكريم يقول: إنه قبِلَ الهدية ماذا يفعل؟ كان الأولى أنه يردها، إن أمكن أن يردها ويبيّن أن ردَّها لأجل الجانب الشرعي، وليس احتقارًا للمهدي، فهذا هو المطلوب، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام لما أهدى له الصعب بن جثامة حمارًا وحشيًا وهو محرِم، ردَّ عليه هديته لما أن وجهه قد تغير قال: إنَّا لم نرُدَّهُ عليك إلَّا لأنَّا حُرُم [14]، فيبين له الوجه الشرعي: إن لم يمكن أن يردَّ هذه الهدية فإنه يتخلص منها، يتصدق بها بنية التخلص ولا يأخذها.

أفضل أنواع النسك

السؤال8: اعتمرتُ كثيرًا -ولله الحمد- آخرها في شهر رمضان، فأيُّ أنواع النسك أنوي للحج؟

الجواب: أفضل أنواع النسك هو التمتُّع؛ لأنه الذي أمر به النبي  أصحابه وتمنَّاه، قال: لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لَما سُقْتُ الهدي ولجعلتُها عمرةً [15]، يعني كنتُ متمتعًا، وأفضل أنواع النسك، حتى ولو كنتَ أتيت بعمرة قريبًا لا يضر، وأما قول من قال إن من أتى بعمرة قريبًا الأفضل أن يكون مفردًا، فهذا لا دليل عليه، كونك تأتي بعمرة وحج أعظم أجرًا وثوابًا من أن تأتي بحجٍ فقط؛ فإذن الأفضل هو التمتع، يليه القران يليه الإفراد.

التكبير المطلق والمقيد

السؤال9: ما الضابط في التكبير هذه الأيام ومتى يكون وقته؟

الجواب: هذه الأيام وقتٌ للتكبير المطلق، ومعنى المطلق: أي الذي لا يكون أدبار الصلوات التي تُصلى جماعةً، ووقته بدأ بدخول عشر ذي الحجة ويستمر إلى غروب شمس آخر أيام التشريق.

وأما المقيد: الذي يكون أدبار الصلوات الخمس، هذا لم يأتِ وقته بعد، هذا يبتدئ لغير الحاج من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وبالنسبة للحاج من ظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق، ويُلاحظ أن بعض الناس هذه الأيام يكبِّر أدبار الصلوات، وهذا خطأ؛ لأن هذا تكبير مقيَّد ولم يأتِ وقته بعد، أدبار الصلوات لم يأتِ وقتها بعد، وإنما المشروع الآن التكبير المطلق، من الأوقات المناسبة للتكبير المطلق -وإحياء هذه السُّنة التي مع الأسف هجرها بعض الناس- بين الأذان والإقامة، بين الأذان والإقامة وقت مناسب، لإحياء هذه السُّنة والتكبير، عندما يأتي الإنسان للمسجد ويأتي بالسُّنة الراتبة أو تحية المسجد يُكبِّر، يحيي هذه السُّنة ويكبر من حوله، وقد كان الناس -إلى وقتٍ ليس بالبعيد- كانت إذا دخلت عشر ذي الحجة المساجد تضجُّ بالتكبير، وليس المساجد فحسب بل الأسواق والطرقات، كان يُعرف دخول عشر ذي الحجة بتكبير الناس، أما الآن لا قلَّ أن نسمع من يكبر، فينبغي إحياء هذه السُّنة، والسُّنة إذا هُجرت أو أُميتت تأكد إحياؤها، خاصةً على طلبة العلم ومن يُقتدى بهم والدعاة إلى الله ​​​​​​​، فمن الأوقات المناسبة بين الأذان والإقامة وقتٌ مناسب لإحياء هذه السُّنة وتذكير الناس بها.

حكم من أتاها الحيض بعد إحرامها وتجاوز الميقات

السؤال10: امرأةٌ أرادت الحج، وبعد أن أحرمت وتجاوزت الميقات أتاها الحيض، علمًا أنها اشترطت عند النيَّة.

الجواب: تستمر على إحرامها، وتؤخر الطواف حتى تطهر، فإن كانت متمتعةً فهنا تنتظر حتى تطهر ثم تأتي بعمرة، وإن أدركها عرفة ولم تأتِ بعمرة تفعل كما فعلت عائشة، تقلب التمتع إلى قران، وإن كانت مفردة أو قارنة فيسقط عنها طواف القدوم؛ فلا تطوف ولا تسعى وتذهب لمنى مباشرةً.

هل تضعيف الصلاة خاص بمسجد الكعبة أم يعم الحرم كله؟

السؤال11: ما أصح الأقوال في الصلاة بمائة ألف صلاة، هل هو الحرم المكي فقط -أي المسجد الحرام- أم في جميع المساجد؟

الجواب: هذه المسألة محل خلاف، والقول الراجح: أن ذلك خاصٌ بالمسجد الحرام فقط، ولا يشمل جميع مساجد مكة؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- قال: صلاةٌ في مسجدي هذا تَعْدِلُ ألف صلاةٍ فيما سواه إلَّا مسجد الكعبة [16]، ومسجد الكعبة هو المسجد المحيط بالكعبة؛ ولأنه قال: صلاةٌ في مسجدي تَعْدِلُ ألف صلاةٍ فيما سواه إلَّا المسجد..  مسجد مقابل مسجد، وفي المدينة بإجماع العلماء أن التفضيل خاصٌّ بالمسجد النبوي، وكذلك أيضًا في مكة التفضيل خاص بالمسجد الحرام، ومما يدل لذلك أنَّ مساجد مكة -ما عدا المسجد الحرام- لا يجوز شد الرَّحْل إليها، لو أراد أحد أن يشدَّ الرَّحْل إلى مسجد الراجحي في مكة هل يجوز؟ لا يجوز، فهي تختلف في الأحكام عن المسجد الحرام لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلَّا إلى ثلاثة مساجد [17]، لو كانت مساجد مكة تأخذ حكم المسجد الحرام جاز شد الرحل إليها، فالقول الراجح واختيار الشيخ ابن عثيمين وجمعٌ من محققي أهل العلم: أن التضعيف خاصٌّ بالمسجد الحرام ولا يشمل مساجد مكة، لكن الصلاة داخل حدود الحرم أفضل من الصلاة في الحِل؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لما كان بالحديبية كان إذا أراد أن يصلي دخل داخل حدود الحرم.

حكم تقديم السعي على طوافي الإفاضة

السؤال12: هل يجوز للحاج أن يقدم سعي الحج على طواف الإفاضة؟

الجواب: ليس له ذلك، لا يصح السعي إلا إذا سبقه طوافٌ مشروعٌ، وعلى ذلك لو قدَّم السعي على الطواف لم يصح سعيه، فلو أن مفردًا أو قارنًا قدم السعي على الطواف نقول لم يصح، أو أن امرأةً حائض كانت مفردة أو قارنة، قالت: أنا ممنوعة من الطواف لكن سأسعى، نقول سعيك لا يصح؛ لأنه يُشترط لصحة السعي أن يسبقه طواف مشروع، والسعي تابع للطواف؛ ولذلك لا يصح السعي قبل أن يسبقه طواف، وعلى هذا المذاهب الأربعة، مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، جميع المذاهب تشترط هذا الشرط أن يسبق السعي طواف مشروط.

أفضل أنواع الأنساك

السؤال13: أي الأنساك الثلاثة أفضل، حاذيتُ بنسك الإفراد؛ لأن أمي كانت معي؛ لاعتقادي أنه أخفُّ وأسهل، ما حكم هذا؟

الجواب: أفضل الأنساك -كما ذكرنا- هو التمتع، إلا من ساق الهدي فقران، النبي كان قارنًا، قال الإمام أحمد -رحمه الله-: “لا أشكُّ أنَّ النبي كان قارنًا”، لكنه ساق الهدي، من ساق الهدي أصلًا يجب عليه أن يكون قارنًا يجب، لكن سوق الهدي الآن لا يوجد أحد يسوق الهدي، ما معنى سَوْق الهدي؟ سَوْق الهدي يأتي بالهدي من الحل إلى الحرام، يأتي مثلًا من الرياض يذهب إلى مكة يسوق، أو من المدينة إلى مكة، هذا الآن انقطع في الوقت الحاضر، فمع عدم سَوْق الهدي التمتع أفضل الأنساك يليه القران يليه الإفراد، لكن إذا كانت الحال -كما ذكر الأخ- أن معه أمه ويشقُّ عليهم التمتع؛ فالقران أفضل؛ لأن القران أجره أجر عمرة وحج، بينما الإفراد أجر حج فقط، وأعمال القارن والمفرد سواء، إلا أن القارن عليه هدي والمفرد ليس عليه هدي؛ ولذلك أنصح الأخ الكريم أولًا التمتع لم يكن عليكم مشقة، إن كان عليكم مشقة وأن الوالدة كبيرة في السن ويصعب عليها فاختر نُسك القران؛ فهو أفضل من الإفراد.

حكم من أحدث في طواف الإفاضة، ثم أعاده مع طواف الوادع

السؤال14: حجيتُ في سنة من السنوات وكانت في بداية زواجي وكنا في طواف الإفاضة، وكان الزحام شديدًا وكانت زوجتي بين يديَّ كانت تلتصق بي من شدة الزحام، فشعرت بشيءٍ يخرج مني، فأكملت الطواف لأجل زوجتي ثم اعتبرته فاسدًا، قلتُ سأطوف في طواف الوداع، ما حكم فعلي هذا؟

الجواب: ما دمت طفتَ طواف الإفاضة وجعلته طواف إفاضة ووداع يكفي هذا؛ لأنه يجوز تأخير طواف الإفاضة لآخر أعمال الحاج ويكفي عن الوداع، طواف الإفاضة وقته واسع، فيجوز تأخير طواف الإفاضة ويكفي، فما دمتَ احتطت وقلت إن هذا الطواف خرج منك شيء وتخشى أن يكون قد بطل وفسد هذا الطواف وأخرت طواف الإفاضة مع الوداع، فحسنًا ما فعلت ولا شيء عليك.

نوى أن يضحي عن عدد من الأشخاص ثم مات، فهل يشرع التضحية عنهم؟

السؤال15: شخصٌ نوى أن يضحي عن عدد من الأشخاص، ثم مات قبل ذلك، هل يُشرع أن نضحي بدله عن أولئك الأشخاص؟ مع العلم أننا لا نعلم من هم.

الجواب: ننظر لهذا الذي نوى أن يضحي عن عدد من الأشخاص، هل هي وصية؟ إن كانت وصية فيجب تنفيذها، أما إن لم تكن وصية وإنما تبرع من عنده فلا يلزمكم أن تضحوا؛ لأن المال الآن انتقل لكم، المال الآن انتقل للورثة من بعده؛ فلا يلزم تنفيذ ما نواه هذا الشخص، لا يلزم تنفيذ ما نواه، لكن إن تيسَّر أن تُحقق رغبته فهذا من الوفاء به، هذا من الوفاء به، وحتى لو كنتم لا تعلمون يعني ممكن يُضحى ويُقال: هذه أضحية عمن أراد أن يضحي عنه فلان ابن فلان، والله يعلم من هم.

الدعوة إلى الله في الحج

السؤال16: أنا لا أعرف أن أدعو في الحج، ما الوسيلة في دعم جهة رسمية ندعو في الحج؟

الجواب: النبي يقول: بَلِّغُوا عنِّي ولو آية، فإذا كان الإنسان يغلب على ظنِّه أن هذا الشيء من شرع الله تعالى فيدعو إليه، وهناك أمور واضحة، دعوة الناس إلى التوحيد دعوة الناس إلى الصلاة تذكيرهم بالله ​​​​​​​ هناك أمور واضحة، فيدعو الإنسان بحسب استطاعته وبحسب قدرته، والدعوة إلى الله تعالى هي من فروض الكفاية، ليست من فروض الأعيان من فروض الكفاية.

علاج الوسوسة في الصلاة

السؤال17: ما هو العلاج القاطع للخنزب في الصلاة؟

الجواب: نعم، الخنزب هو الشيطان الذي يوسوس للإنسان في صلاته، ومقام الصلاة مقام عظيم، فإذا قام الإنسان في صلاته قال: “الله أكبر” غار منه الشيطان، وأقبل عليه بخيله ورَجِلهِ؛ حتى يذكّره بأشياء قد أيِسَ منها، وربما يذكره بأشياء لا تنفع لا في أمور دينه ولا دنياه؛ لكي يشوش عليه، جاء رجلٌ إلى النبي فقال: “يا رسول اللَّه إنَّ الشّيطان قد لَبَّسَ عليَّ صلاتي حتى لا أدري ما أقول؟” فقال له النَّبي : ذاك شيطان يُقال له: خَنْزَبُ، فإذا وجدَّتَ ذلك فاتْفُل عن يسارك ثلاثًا، وتعوَّذ بالله منه قال: “ففعلتُ ذلك، فأذهبه الله عَنِّي” [18].

إذن: إذا تعرَّض لك الشيطان في الصلاة ووسوس لك قُل: “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”، إذا قلتَ هذا جرِّب، ستجد أنَّ وساوسك تنقشع عنك مباشرةً، تذهب عنك مباشرة.

طيب إن قال قائل: كيف أقولها وأنا في الصلاة؟ نقول: لا بأس، هي من جنس ذكر الله تعالى، الممنوع هو أن تتكلم بكلام الآدمي، أما الاستعاذة بالله من الشيطان لا بأس بها في الصلاة، ولو كان في صلاة الفريضة، قُل: “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم” سواءً كنت في القيام أو في الركوع أو في السجود، فإذا رجعت لك الوساوس مرة ثانية قُل: “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”، وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [الأعراف:200]، لكن في هذا الحديث قال -عليه الصلاة والسلام-: فاتْفُلْ عن يسارك ثلاثًا، وتَعَوَّذ بالله منه، السُّنة أن يتفل عن يساره ثلاثًا ويستعيذ بالله منه، لكن هذا الحكم يجهله كثيرٌ من الناس، ربما لو فعله الإنسان في المسجد ما تقبَّل الناس منه هذا، ربما الذي عن يساره يظن أنه يتفل عليه؛ فلذلك في المسجد يكتفي بالاستعاذة، لكن لو كان في البيت أو مع طلبة علم فالسُّنة أن يتفل عن يساره ثلاثًا ويتعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم.

حكم خروج المرأة بالبنطال

السؤال18: كلمة عن لباس البنطال للمرأة وهي خارجة للسوق.

الجواب: المرأة وهي خارجة للسوق يجب عليها أن تلبس اللباس المحتشم الذي يغطي مفاتنها وزينتها، ومع الأسف بعض النساء إذا خرجتْ للسوق تتزين، وربما تتعطر وتكتحل وتلبس البنطال كما ذكر الأخ السائل، أو تلبس الملابس التي تبدي زينتها، هذا لا يجوز، ووليُّها مسؤولٌ عنها، إن كان زوجًا أو كان أبًا مسؤولٌ عنها أمام الله تعالى: كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤول عن رَعِيَّتِه… الرجل راعٍ في أهل بيته وهو مسؤول عن رَعِيَّتِه [19]، فلا يجوز للمرأة أن تبدي مفاتنها عند خروجها أمام الرجال الأجانب سواءً للسوق أو لغيره، والله تعالى يقول: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:35]، يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ [الأحزاب:59]، حتى العجائز من النساء، العجائز اللاتي بلغن مرحلة أنهنَّ لا يرجين النكاح، ومع ذلك يقول ربنا ​​​​​​​: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ، وهنَّ عجائز، ومع ذلك قال الله: غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ، طيب أكمل الآية: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور: 60]، وهنَّ عجائز لا يرجين النكاح، انظر إلى عناية الشريعة بهذه القضية، هي قضية كبيرة ومهمة؛ لأن أول خطوة للفتنة والفساد هي تبرج المرأة، المرأة إذا كان لبسها محتشم ساتر فإنها تقطع الطريق على شياطين الجن والإنس، لا أحد يتعرض لها ولا أحد يؤذيها، لكن عندما تخرج متبرجةً فإنها تبعث رسالة، تبعث رسالة لمن في قلبه مرض من الرجال لمعاكستها والتحرش بها.

[طيب ننهي أول شيء الأسئلة المكتوبة]

ضياع الوقت في وسائل التواصل

السؤال19: معظمنا يقضي ساعات طويلة في الأجهزة الحديثة والتواصل، وفي تقصير في قراءة القرآن.

الجواب: هذا ملاحظ، أن بعض الناس يمضي وقتًا طويلًا مع أجهزة وسائل التواصل الاجتماعي لكنه مقصر في العبادة وفي تلاوة القرآن، وهذا لا يليق بالمسلم، هذه الأجهزة فيها خير وفيها شر، ينبغي أن نستفيد من خيرها، فيها مقاطع مفيدة، فيها مقاطع دعوية، فيها نشر للعلم الصحيح، نستفيد من خيرها، لكن لا تقضي على وقت الإنسان وتستغرق جُلَّ وقته، وإنما يستفيد منها بقدرٍ معين، ويحافظ على الفرائض، ويستكثر من النوافل خاصةً في هذه الأيام الفاضلة، ويجعل من وقته نصيبًا لكتاب الله ​​​​​​​، هناك الآن من الأحياء، أحياء يُرزقون يختمون القرآن كل يوم كل يوم، وهذا فضل الله وفضل الله يؤتيه من يشاء.

صحة حديث: دَخَلَتِ العمرة في الحج

السؤال20: ما صحة حديث: دخلت العمرة في الحج، وشبَّك بين أصابعه؟

الجواب: حديثٌ صحيح، حديث سراقة بن مالك رضي الله عنه أن النبي  قال: دَخَلَتِ العمرةُ في الحجِّ إلى يوم القيامة [20]، وشبَّك بين أصابعه، حديث في الصحيح، لكن هذا خاصٌ بالصحابة، كما قال أبو العباس ابن تيمية، وجمع من المحققين، قالوا: “هذا خاصٌّ بالصحابة” هم الذين التمتع في حقهم واجب فيمن لم يسق الهدي منهم؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- أراد بهذا أن يبطل اعتقادًا كان موجودًا عند أهل الجاهلية، وهو أنه لا تجوز العمرة في أشهر الحج، وأن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أراد أن يبطل هذا المعتقد، وأمرهم بالتمتع، اعترض من اعترض من الصحابة أو ناقشوا النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس اعتراض لكن مناقشة، قالوا: يا رسول الله كيف نعتمر ونتحلل، هل الحل كله؟ قال: نعم، قال أحدهم: “يا رسول الله كيف نذهب إلى منى ومذاكرنا تقطر منيًا؟” يعني إشارة إلى أنه إذا أتى بالتمتع واعتمر حلَّ التحلل الكامل وحلَّت له زوجته، كان هذا في الجاهلية يرونه من الفجور، فقال النبي : افعلوا ما آمُرُكُم به [21]، أراد أن يبطل هذا المعتقد عند أهل الجاهلية، فكان التمتع في حق من لم يسق الهدي من الصحابة واجبًا، أما بعد الصحابة فالحاج مخيَّر بين الأنساك الثلاثة، هذا هو القول الراجح، والذي تجتمع به النصوص الواردة، فهذا الحديث الذي أشار إليه الأخ السائل إنما هو خاص بالصحابة .

هل يحرم أهل إفريقيا من جدة؟

السؤال21: أنا من أهل إفريقيا وأحرمتُ من جدة ماذا عليَّ؟

الجواب: إفريقيا قارة واسعة، إذا كنت من أهل السواكن بالسودان فلا بأس؛ لأن ميقات أهل السواكن بالسودان هو جدة؛ لأنهم يمكن أن يأتوا من سواكن إلى جدة من غير أن يحاذوا أيَّ ميقات، وهذا ذكره الفقهاء السابقون، أما إذا كنت من بلد آخر من إفريقيا من غير أهل السواكن بالسودان فإنك لا بد أن تحاذي أحد المواقيت، فإذا لم تحرم من الميقات وأخرت الإحرام حتى تصل إلى جدة، فمعنى ذلك أنك تجاوزت الميقات بدون إحرام؛ فيكون عليك دمٌ تذبحه في الحرم ويُوزع على فقراء الحرم.

اعتمر في شهر ذي القعدة ثم أراد أن يحج، فماذا يلزمه؟

السؤال22: شخصٌ من الرياض نوى العمرة فقط في شهر ذي القعدة، ثم إنه بدى له الحج، فهل لا بد أن يرجع للميقات؟

الجواب: هذا السؤال ناقص، هو نوى العمرة في شهر ذي القعدة لكن هل بقي بمكة؟ إن بقي في مكة فإنه يحرم من مكة، أما إذا كان أتى بالعمرة في شهر ذي القعدة ثم رجع للرياض انقطع تمتعه، وإذا أراد الحج فيحرم من الميقات ويكون مفردًا، وإن أراد أن يكون قارنًا فله ذلك.

فضل ذكر الله أيام العشر وفي غيرها

السؤال23: ما هو فضل ذكر الله في أيام عشر ذي الحجة وفي غيرها؟

الجواب: ذكر الله تعالى من أفضل وأشرف وأجلّ الأعمال، وسُئل الإمام ابن تيمية رحمه الله عن أفضل الأعمال، قال: إنها يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، لكن مما هو كالمجمع عليه بين العلماء أن الإكثار من ذكر الله هو من أفضل الأعمال، وذكر الله تعالى يستطيع الإنسان أن يُحصِّل به أجورًا عظيمة، والجهد المبذول يسير، يعني أضرب لكم مثالًا، جاء في صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص  أن النبي  قال يومًا لأصحابه: أيعجِزُ أحدُكُم أنْ يكسب في اليوم ألف حسنة؟ قالوا: “يا رسول الله كيف يكسب ألف حسنة؟” قال: يُسبِّحُ مائةَ تسبيحةٍ فيُكتَبُ له بها ألف حسنة، أو يُحَطُّ عنه بها ألف سيئة [22]، مائة تسبيحة، يعني عندما تقول: سبحان الله سبحان الله سبحان الله مائة مرة كم تأخذ من الوقت؟ كم تأخذ من الجهد؟ تكسب ألف حسنة، كيف لو قلتها مثلًا ألف مرة! تكسب عشرة آلاف حسنة، لو زدتها زادت الحسنات، جهدنا يسير الجهد المبذول يسير والثواب المرتب عظيم، وهكذا بقية أنواع الذكر، فعلى المسلم أن يكثر من ذكر الله سبحانه، ولهذا جاء رجل إلى النبي فقال: “يا رسول اللَّه إنَّ شرائعَ الإسلام قد كثُرَت عليَّ؟” يعني صلاة وزكاة وصيام “فمُرْنِي بأمرٍ أَتَشَبَّثُ به” يعني أتعلَّقُ به، فقال له النبي : لا يَزَالُ لسانُك رطْبًا بذكر اللَّه ​​​​​​​، يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ۝وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:41-42]، فأمر الله تعالى بالإكثار من ذكره، فهو من أفضل وأجلِّ وأشرف الأعمال.

حكم تضحية الوالد عن ولده

السؤال24: أبي سيضحّي عني مع أني ساكن في الرياض وهو في الجنوب.

الجواب: لا بأس بهذا، الأضحية سنة ليست واجبة، والأمر في هذا واسع، إن ضحى عنك أبوك فلا بأس، وإن كنتَ قادرًا على أن تضحي فالأفضل أنك تضحي عن نفسك، من كان قادر على أن يضحي عن نفسه فالأفضل أن يضحي عن نفسه، ومن لم يكن قادرًا وأراد أن يضحي عنه أبوه أو قريبه فلا بأس، والأمر في هذا واسع، والاشتراك في الأضحية ينقسم إلى قسمين:

اشتراكٌ في الملك، وهذا يكون في الإبل والبقر إلى سبعة أشخاص، أما الغنم فلا يصح الاشتراك فيها، فلو أن -مثلًا- أخ وأخوه أو زوج وزوجته قالوا نشترك في خروف نضحي به لا يصح، لا بد أن يكون مشتري واحد، إلا في الإبل والبقر إلى سبعة أشخاص.

القسم الثاني: الاشتراك في الثواب، وذلك بأن يتملك الإنسان الأضحية -يشتريها مثلًا- ثم يشرك معه غيره في الثواب لا بأس به، وله أن يشرك من شاء في الثواب من الأحياء والأموات.

حكم من سها وتأخر عن متابعة إمامه، ثم أتى بما تأخر به

السؤال25: رجلٌ صلى صلاة الظهر وركع مع الإمام، فلما سجد الإمام وكبَّر للسجود انتبه ورفع من الركوع، فما الحكم؟

الجواب: ما دام أنه استدرك ورفع من الركوع ثم تابع الإمام فلا شيء عليه، والتأخر عن الإمام في هذه الحال هو معذورٌ فيه، لكن المهم ألا يكون قد ترك ركنًا من أركان الصلاة، فما دام أنه في الركوع ما انتبه أن الإمام قال: “سمع الله لمن حمده”، وإنما لم يشعر إلا والإمام سجد، ثم قام هو وقال: “ربنا ولك الحمد”، وأتى بالرفع من الركوع والذكر الوارد فيه ثم سجد وتابع الإمام، فلا شيء عليه؛ لأنه لم يترك ركنًا من أركان الصلاة، وأما تأخره فهو معذورٌ فيه.

حكم إحرام مشرف الحملة بالمخيط

السؤال26: أنا مشرف حملة، ويُمنع المشرف لبس الإحرام، فما الحكم؟

الجواب: النظام لما صدر في أول صدوره النظام استثنى العاملين في الحج، العاملين في الحج يُفترض أنه يُمنح لهم التصريح كل عام، هذا كان في أصل النظام لما صدر من مجلس الوزراء، لكن الآن أصبحت بعض الأنظمة تأخذ مسار آخر؛ ولذلك نقول: العامل في الحج هو ينبغي أن يطالب بالتصريح أولًا؛ لأنه من حقه حسب أصل النظام أنه يُعطى تصريحًا، لكن لو قُدر أن هذا لم يكن وحصل -كما ذكر الأخ السائل- أنه أحرم في ثوبه فعليه فدية، عليه فدية عن الإحرام في الثوب وهي إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم، أو ذبح شاة في الحرم وتوزيعها على فقراء الحرم، أو صيام ثلاثة أيام في أي مكان، وإذا غطى رأسه يكون عليه فديتان.

هل العتق يوم عرفة خاص بالحجاج فقط أم لجميع المسلمين؟

السؤال27: أكثر ما يُعتق الله يوم عرفة، فهل هذا خاصٌّ بالحجاج أم عامٌّ للمسلمين؟

الجواب: هذا خاص بالحجاج، الفضل إنما هو خاص بالحجاج، وأما بقية المسلمين فيشتركون إن شاء الله في الأجر والثواب، لكن العتق ومغفرة الذنوب إنما هي خاصة بالحجاج.

مات هو متلبِّسٌ بالإحرام، فهل يحج عنه؟

السؤال28: حاجٌّ وقف بعرفة وبات بمزدلفة ورمى يوم النحر وقبل أن يحلق مات، فهل يلزم أحدٌ من أقاربه أن يحجَّ عنه؟

الجواب: لا يلزمه ذلك؛ لأن النبي  لم يأمر بالتحجيج عن الذي وقصته راحلته في يوم عرفة ومات، فهذا إن كان قد مات وهو متلبِّسٌ بالإحرام يُبعث يوم القيامة ملبيًا، ويُرجى أن تكون خاتمته خاتمة حسنة؛ كونه مات وهو ذاهبٌ لأداء هذه العبادة.

حكم الصلاة على الميت الغائب

السؤال29: الصلاة على الميت الغائب، هل يجوز أن أصلي لوحدي أو مع أهل بيتي؟

الجواب: الصلاة على الغائب القول الراجح أنها إنما تُشرع على من مات ولم يُصلَّ عليه، أما من صُليَ عليه فسقط الفرض بصلاة المسلمين عليه فلا تُصلى صلاة الغائب عليه، هذا هو القول الراجح، واختيار أبي العباس ابن تيمية، وابن القيِّم، وجمع من المحققين من أهل العلم؛ لأن النبي لم يُصل صلاة الغائب إلا على رجل واحدٍ فقط وهو النجاشي، النجاشي أسلم وأخفى إسلامه، لما مات ما صلى عليه أحد؛ لأنهم يعتقدون أنه كان نصرانيًّا، فقال النبي : إنَّه مات اليوم رجل صالح [23]، فصفَّ أصحابه، وصلى عليه صلاة الغائب، لكن إذا اختار ولي الأمر قولًا آخر في المسألة مثل من كان له نفعٌ للمسلمين، مثل الأمير الصالح أو العالم الصالح فحكم الحاكم يرفع الخلاف، ولا يُنازع ولي الأمر في هذا وتُصلى صلاة الغائب، ولكن من حيث التحقيق العلمي القول الراجح في الصلاة على الغائب: أنها إنما تُشرع على من مات ولم يُصلِّ عليه أحد، فنقول للأخ الكريم: إذا كان قريبك هذا مات ولم يُصل عليه أحد فيُشرع أن تصلي عليه صلاة الغائب، سواءً كنت وحدك أو جماعةً، أما إذا صلى عليه الناس في بلدك فلا يُصح أن تصلي عليه صلاة الغائب وإنما تكتفي بالدعاء له.

السؤال30: رجلٌ أراد أن يوسع المسجد القديم؛ لكثرة الناس وضاق المسجد…

الجواب: ما أدري الخط غير واضح.

حكم أخذ الشعر أو الأظافر لمن يريد أن يضحي

السؤال31: الأخذ من الشعر والأظافر أو الجسم في عشر ذي الحجة وأنا أريد أن أذبح الأضاحي، هل هو محرَّم أو مكروه؟

الجواب: يقول النبي : إذا دخلت هذه العشرُ وأراد أحدُكم أنْ يُضَحِّي فلا يأخُذ من شعرِه، ولا من أظفارِه شيئًا [24]، هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة -رضي الله عنها-، وقد صحَّ مرفوعًا، وقول من قال إنه موقوف كالدارقطني قولٌ مرجوح، وحتى على تقدير وقفه فهو له حكم الرفع، ومتنه لا يُقال بالرأي، والإمام مسلم يكفي أنه خرَّجه في صحيحه، وصححه البيهقي وصححه جمعٌ من أهل العلم، وصحيح البخاري وصحيح مسلم أصحُّ كتابين بعد كتاب الله ​​​​​​​، الحديث صحيح، وهنا قال -عليه الصلاة والسلام-: فلا يأخُذُ من شعره، ولا من أظفاره [25]، الأصل في النهي أنه يقتضي التحريم، ولا يوجد صارف يصرف النهي من التحريم إلى كراهة، وعلى ذلك فالقول الراجح أن الأخذ من الشعر والأظافر لمن أراد أن يضحِّي أنه محرَّم، وهذا هو اختيار شيخنا ابن باز وابن عثيمين -رحمهما الله تعالى-؛ لأن الحديث صحيحٌ وصريحٌ والأصل في النهي أنه يقتضي التحريم، وأما من استدلَّ بحديث عائشة -رضي الله عنها-: “أنَّ النبي كان يبعثُ الهدي إلى مكة ولا يمسك” هذا خاص بالهدي، فأنا أعجب من بعض من يعترض على حديث أم سلمة -رضي الله عنها- بحديث عائشة -رضي الله عنها-، حديث عائشة في الهدي، وحديث أم سلمة في من أراد أن يضحي، فرقٌ بين الأضحية وبين الهدي.

ويُلاحظ في السنوات الأخيرة أنَّ بعض الناس بدأوا يثيرون بعض الأقوال والآراء في المسائل الخلافية، ويربكون بذلك العامة ويشوشون عليهم، معظم المسائل الفقهية فيها خلاف، لكن إذا استقرَّ القول عند الناس، والحديث فيه الدليل فيه واضح وكبار أهل العلم على هذا القول، ينبغي عدم إثارة الأقوال الأخرى؛ لأن هذا من شأنه أن يربك الناس، ويشككهم في المسلَّمات، فمثلًا هذه المسألة نجد أن هناك من يرسل عبر وسائل التواصل الاجتماعي آراء أخرى لبعض أهل العلم، وهو اجتهادٌ منهم؛ لكن أقوالهم مرجوحة، والقول مستقر عند علماء هذه البلاد والحديث الصحيح الصريح في هذا ظاهر، فينبغي عدم تشكيك العامة في هذه المسائل وهذه القضايا.

حكم لبس الجورب في الإحرام للمرأة

السؤال32: هل يُسمح بلبس الجورب في الإحرام للمرأة لتستر قدميها؟

الجواب: نعم؛ المرأة لا بأس أن تلبس الجوارب في القدمين، بل إن هذا هو الأفضل؛ لأنه أستر لها، وإنما هي ممنوعة من لبس القفازين، وممنوعة من لبس النقاب؛ لقول النبي : ولا تَنتَقِب المرأة المُحرِمة، ولا تلبس القُفَّازين [26]، وأما بالنسبة للرجلين فيجوز لها أن تلبس الجوارب، بل يُستحب لها ذلك، أما الرجل فليس له ذلك، الرجل لا يلبس الجوارب ولا يلبس أيضًا الخُفَّين أو ما كان في معنى الخفين، ما يسميه بعض الناس بالجزمة أو الكنادر، إذا كانت تغطي الكعبين هذا الرجل ممنوع منه، أما المرأة فسائغٌ لها، وفرقٌ بين الرجل والمرأة في لباس الإحرام.

ونعتذر للإخوة والأخوات الذين لم يتَّسع الوقت للإجابة عن أسئلتهم.

والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 1819، ومسلم: 1350.
^2 رواه البخاري: 1773، ومسلم: 1349.
^3 رواه مسلم: 121.
^4 رواه مسلم: 233.
^5 رواه مسلم: 1348.
^6 رواه البخاري: 1469، ومسلم: 1053.
^7 رواه البخاري: 6116.
^8 رواه مسلم: 1336.
^9 رواه مسلم: 1211.
^10 رواه البخاري: 7230.
^11 رواه البخاري: 4401.
^12 رواه مسلم: 6979.
^13 رواه البخاري: 6979.
^14 رواه البخاري: 1825، ومسلم: 1193.
^15 رواه البخاري: 1651.
^16 رواه البخاري: 1190، ومسلم: 1394.
^17 رواه البخاري: 1189، ومسلم: 1397.
^18 رواه مسلم: 2203.
^19 رواه البخاري: 2554، ومسلم: 1829.
^20 رواه مسلم: 1218.
^21 رواه مسلم: 1216.
^22 رواه مسلم: 2698.
^23 رواه البخاري: 3877.
^24, ^25 رواه مسلم: 1977.
^26 رواه البخاري: 1838.
مواد ذات صلة
  • عناصر المادةحديث حذيفة  في التحذير من الفتنضعف الإنسان أمام الفتنأبرز أسباب الفتنالاستشراف للفتنةاتباع الهوىضعف التقوىفتنة التكفيرتحصين الشباب من فتنة…

  • عناصر المادةجزاء محبة الله للعبدمعنى محبة الله ومنزلتهاصفات من يحبهم الله كما في القرآن الكريمصفة الإحسانفيم يكون الإحسان؟صفة الصبرحقيقة الصبرصفة…