نريد أن نتكلم عن شرط مهم من شروط قبول العبادة وهو: الإخلاص فيما يتعلق بالحج خاصةً، فالبعض ربَّـما يحج كل سنة، وربَّـما تفاخر بـهذا، ويبدأ يتحدث: أنا حججت كذا من السنوات، هل هذا يُعتبر قادحًا في مسألة الإخلاص؟
مشاهدة من الموقع
السؤال
نريد أن نتكلم عن شرط مهم من شروط قبول العبادة وهو: الإخلاص فيما يتعلق بالحج خاصةً، فالبعض ربَّـما يحج كل سنة، وربَّـما تفاخر بـهذا، ويبدأ يتحدث: أنا حججت كذا من السنوات، هل هذا يُعتبر قادحًا في مسألة الإخلاص؟
الجواب
الإخلاص شرطٌ لصحة وقبول العمل، ومن عمل عملًا قصد به رياءً أو سمعةً، فإن اللّـه تعالى يقول في الحديث القدسي: من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه [1]؛ ولذلك ينبغي أن يحرص المسلم على الإخلاص.
ثم أيضًا التحدث في العبادة، وأنه فعل كذا وكذا، هذا أيضًا مـمَّا قد ينقص الأجر، والمطلوب من المسلم إذا عمل عبادةً أن يحرص على إخفائها قدر الإمكان، وألا يتحدث بـها، وإذا ظهرت من غير أن يسعى لإظهارها، فلا حرج عليه، بل حتى لو أثني عليه من غير أن يسعى لذلك، فلا حرج عليه، وهذا كما قال النبي : تلك عاجل بُشرى المؤمن، لـمَّا قيل للنبي : أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه، فقال النبي : تلك عاجل بُشرى المؤمن [2].
وهذا كما قال أهل العلم: إن هذا الرجل يعمل العمل للّـه ، ثم يجد ثناءً من الناس عليه، فهذا من عاجل بُشرى المؤمن، وأما إذا عمل العمل يريد بذلك الرياء أو السمعة، فهذا مُحبطٌ للعمل، وهكذا أيضًا إذا عمل العمل للّـه، ثم أصبح يتحدث به، فإن هذا مـمَّا ينقص أجره.
ولذلك ينبغي أن يُعنى المسلم بقضية الإخلاص، فإن لها أثرًا كبيرًا في قبول العمل، وكذلك لها أثرٌ في درجة العمل، وقد يعمل الإنسان عملًا قليلًا يقترن به إخلاصٌ عظيمٌ، يرفع اللّـه تعالى صاحبه درجات؛ ولذلك ذكر النبي السبعة الأصناف الذين يُظلهم اللّـه تعالى تحت ظله، يوم لا ظلَّ إلا ظله، وذكر من هؤلاء الأصناف السبعة أناسًا عملوا أعمالًا يسيرةً، مثل: الرجل الذي تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تُنفق يـمينه [3]، ربَّـما تكون هذه الصدقة بـمبلغٍ زهيدٍ، لكن هذه الصدقة اقترن بـها إخلاصٌ عظيمٌ، وكان من آثار هذا الإخلاص: أنه أخفاها إخفاءً شديدًا، حتى لو قُدّر أن يده الشمال تُبصر ما استطاعت أن ترى اليد اليمين من شدة الإخفاء، فكان جزاء ذلك عظيمًا، وكان جزاؤه أن يكون من الذين يُظلهم اللّـه تعالى تحت ظله، يوم لا ظل إلا ظله.
وهذا يُبيّن لنا عظيم أثر الإخلاص في قبول العمل، وفي رفعة العمل.