هل المؤمن في يوم الحشر يشعر بطوله مثل الكافر: خَمۡسِينَ أَلۡفَ سَنَةٖ [المعارج:4]؟
مشاهدة من الموقع
السؤال
هل المؤمن في يوم الحشر يشعر بطوله مثل الكافر: خَمۡسِينَ أَلۡفَ سَنَةٖ [المعارج:4]؟
الجواب
أولًا يوم القيامة هو خمسون ألف سنةٍ، كما ذكر الله تعالى ذلك في القرآن، وأيضًا دلت السنة على هذا، وخمسون ألف سنةٍ يومٌ طويلٌ وثقيلٌ، كم نسبة عمرك إلى خمسين ألف سنةٍ؟ كم تعيش؟ ستين، سبعين، ثمانين، مئة سنةٍ؟ كم نسبتها إلى خمسين ألف سنةٍ؟ هذا فقط وقوف الناس على عرصات القيامة.
لكن دلت الأدلة على أن الحساب يكون بعد خمسةٍ وعشرين ألف سنةٍ؛ لقول الله تعالى: أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا [الفرقان:24]، والقيلولة تكون عند منتصف النهار، فعند منتصف النهار تُنصب الموازين، وتنشر الدواوين؛ كما روي ذلك عن بعض الصحابة؛ كابن مسعودٍ وابن عباسٍ وبعض التابعين أيضًا، فلا ينتصف النهار إلا وقد أخذ أهل الجنة منازلهم، فاليوم مقداره خمسون ألف سنةٍ، لكن يبدأ الحساب بعد خمسة وعشرين ألف سنةٍ.
لكن حتى خمسةٌ وعشرون ألف سنةٍ مدةٌ طويلةٌ، كم نسبة عمرك إلى خمسةٍ وعشرين ألف سنةٍ، هو يومٌ طويلٌ وثقيلٌ جدًّا، سماه الله تعالى بيوم الحسرة، ويوم التغابن، ويوم الفزع الأكبر، وسماه القارعة، وسماه الحاقة، وحذر وأنذر وأعذر جل وعلا، فينبغي الاستعداد لهذا اليوم العظيم، اليوم الثقيل.
ويمل الناس من بقائهم على عرصات يوم القيامة، حتى أهل النار كما جاء في بعض الآثار؛ ولذلك يذهبون يطلبون الشفاعة من آدم، ثم من نوحٍ، ثم من إبراهيم، ثم من موسى، ثم من عيسى، ثم من محمدٍ، عليهم الصلاة والسلام، الشفاعة إلى الرب في أن يفصل ويقضي بين عباده.
وهو يومٌ ثقيلٌ، ويومٌ عسيرٌ، ويومٌ شديدٌ، لكن الله تعالى يهونه على المؤمنين، ويُظِل الله تعالى من شاء تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.
وأما قول الأخ السائل: هل يشعر المؤمن بطوله؟
نعم، المؤمن يشعر بطوله كالكافر، لكن الله تعالى يهونه على المؤمن، يعني يكون بالنسبة للمؤمن أخف بكثيرٍ من الكافر، لكنه يبقى يومًا طويلًا على المؤمن والكافر، لكن المؤمن يكون مسرورًا؛ لأنه ينتظر نعيم الجنة؛ كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَى سَعِيرًا [الانشقاق:6-12].
نقول: إن يوم القيامة هو يومٌ طويلٌ على المؤمن والكافر، لكن يهونه الله تعالى على المؤمنين، ويكون أخف عليه منه على الكافر، لكنه يبقى يومًا طويلًا ثقيلًا شديدًا.