الرئيسية/فتاوى/هل الحديث الوارد في سجود الشمس تحت العرش يتعارض مع دوران الأرض؟
|categories

هل الحديث الوارد في سجود الشمس تحت العرش يتعارض مع دوران الأرض؟

مشاهدة من الموقع

السؤال

يقول: رجلٌ يشتغل بعلم الفلك، وأنكر عليه بعضهم الجمع بين -مثلًا- دوران الأرض، وكذلك قول النبي بأن الشمس تسجد تحت العرش؟

الجواب

أولًا: الحديث حديثٌ في الصحيح، أن النبي قال لأبي ذَرٍّ لما غربت الشمس: أتدري أين تذهب؟ قال: لا. قال: فإنها تذهب وتسجد تحت العرش، فيُوشك أن يُقال لها: ارجعي من حيث جِئْتِ [1].

سجود الشمس تحت العرش الله تعالى أعلم بحقيقته، لا ندرك كيفيته، ولا ندرك حقيقته.

الشمس هي على الكرة الأرضية، لا تغيب أصلًا، على الكرة الأرضية، لا تغيب؛ ولذلك لو بدأتَ من أقصى شرق الكرة الأرضية إلى أقصى غربها تجد أن فيها شمسًا، من -مثلًا- نيوزيلندا إلى أقصى أمريكا تجد أن فيها شمسًا.

الشمس على الأرض لا تغيب، لكن يتعاقب الليل والنهار، بسبب دوران الأرض يتعاقب الليل والنهار.

فسجود الشمس تحت العرش لا ندري عن حقيقته، الله أعلم بكيفيته، والله أعلم بحقيقته، لكن يجب اعتقاده، ويجب اعتقاد أن ما قاله النبي حقٌّ، وهذا لا يتعارض مع القول بدوران الأرض، وكروية الأرض، فالأرض كروية، كما قال الله : يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ [الزمر:5]، وقد صُورت الآن عبر الأقمار الصناعية بأنها كروية.

وأما بالنسبة لدورانها فأيضًا هذا قد أُثبت عبر المركبات الفضائية وعبر الأقمار الصناعية، وأيضًا يُحسب دوران الأرض الآن في سير الطائرات، ونحو ذلك، وليس في الأدلة، وليس في النصوص ما يدل على إثباته أو نفيه، فلا تُقْحَم النصوص في مثل هذه المسائل، فإذا دلَّت أدلة أهل الفلك أو غيرهم -الأدلة القطعية- على إثبات دوران الأرض، فهذا لا يتعارض مع نصوص الشريعة، ومع ثبات القشرة.

نحن نجد أن القشرة ثابتةٌ، لكن الأرض بهذا الكوكب -بحجم الكوكب- هي تدور، وهذا أمرٌ قد أصبح من الأمور البدهية، ومن الأمور المُسلَّمة والمعروفة.

والإنسان لا يُنكر شيئًا يجهله، وإنما إذا كان يجهل الشيء يقول: لا أعلم؛ لأن بعض الناس يُقْحِم نفسه في مثل هذه الأمور وهو جاهلٌ، فهذا يُعتبر ..، يعني: بعض الناس عنده جهلٌ مُركَّبٌ، يعني: جاهلًا ولا يعرف أنه جاهلٌ، ويُقْحِم نفسه في أمورٍ، وأيضًا ربما يُقْحِم النصوص فيها، مع أن النصوص ليس لها علاقةٌ بها.

فدوران الأرض ليس هناك من الأدلة ما يدل على إثباته أو نفيه، إنما الأدلة تدل على ثبات قشرة الأرض، وأن الأرض جعلها الله تعالى مُسْتَقَرًّا يعيش عليها البشر: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى [طه:55]، لكن دوران الأرض ككوكبٍ هذا مُثبتٌ عند أهل الاختصاص، وعند أهل الفلك، ولا يتعارض مع النصوص الشرعية.

فعلى الإنسان ألا يُنكر شيئًا هو يجهله، ولا يُقْحِم أيضًا النصوص في أمورٍ ليس للنصوص بها علاقةٌ.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 3199، ومسلم: 159.
مواد ذات صلة