logo
الرئيسية/فتاوى/ضابط ما يحصل به التفطير للصائم

ضابط ما يحصل به التفطير للصائم

مشاهدة من الموقع

السؤال

شيخنا، هذه المفطرات التي ذكرناها قبل قليلٍ، والتي ذكرت في الحلقة الماضية؛ من قطرة الأنف والعين والأذن ووضع التحاميل والقيء.. إلخ، هل هي مفطرةٌ للصائم بإطلاقٍ، أو هناك ضوابط للقول بتفطيرها؟

الجواب

ضابط ما يحصل به التفطير للصائم، هذه المسألة هي من أهم مسائل هذا الباب، وإذا أمكن أن نضبط هذا الضابط فتتفرع عنه بقية المسائل، لكن هذا الضابط -ضابط ما يحصل به التفطير للصائم- اختلف فيه الفقهاء اختلافًا كثيرًا، وكثيرٌ منهم يجعل الضابط: الوصول للجوف، يعني وصول الطعام والشراب للجوف.

ما هو الجوف؟

اختلفوا أيضًا في المراد بالجوف اختلافًا كثيرًا، وذهب بعض العلماء المحققين -ومنهم الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى- إلى أن الضابط: هو ما كان منصوصًا عليه، أو في معنى المنصوص، وهذا الضابط كما ترى ضابطٌ جيدٌ، جامعٌ مانعٌ، منصوصٌ عليه، أو في معنى المنصوص فقط [1].

فمثلًا: الأكل والشرب منصوصٌ عليهما، فيقاس عليهما ما كان في معناهما؛ كالإبر المغذية مثلًا، فإن الإبر المغذية تقوم مقام الأكل والشرب، ولذلك يستغني بها المريض عن الأكل والشرب، وبعض المرضى يبقى عدة أيامٍ وربما يبقى مدةً طويلةً وهو على المغذيات؛ فهذه تقوم مقام الأكل والشرب؛ فإذنْ قِيست هذه الإبر المغذية وهذه المغذيات على الأكل والشرب، وهكذا بالنسبة لسائر المنصوص عليه، يقاس عليه ما كان في معناه.

أما ما لم يكن منصوصًا عليه وليس في معنى المنصوص؛ فهذا ليس بمفطرٍ.

فمثلًا على سبيل المثال: لو أخذنا قطرة الأذن، قطرة الأذن ليست من المنصوص عليه، وليست في معنى المنصوص، فما الذي يدل على أن قطرة الأذن، وأنه إذا نفذ شيءٌ من الأذن -حتى لو وجد رطوبة في الجوف- أنه يفسد الصوم؟ فإذنْ قطرة الأذن ليست منصوصًا عليها، وليست في معنى المنصوص.

والأصل، وهذا أيضاً أصلٌ آخر، وهو مهمٌ جدًّا عندما يُنظر لمسائل ما يحصل به التفطير، الأصل: صحة الصيام، فتأصيل المسائل -خاصةً المسائل التي فيها خلافٌ- مهمٌّ جدًّا لطالب العلم، لماذا؟ لأنه يرجع لهذا الأصل عند الترجيح، ويرجع إليه أيضًا في الاستدلال، وأيضًا الذي معه الأصل لا يطالَب بالدليل، إنما الذي يطالب بالدليل: الذي يقول بخلاف الأصل؛ ولذلك من المهم لطالب العلم -إذا أراد أن يبحث مسائل في باب الفقه- أن يؤصل أولًا لمسائل ذلك الباب، ثم بعد ذلك يدخل في التفريعات.

فهنا عندنا في هذا الباب: الأصل صحة الصيام، وتصحيح عبادة المسلمين ما أمكن، فلا يقال عن شيءٍ: إنه مفطرٌ، وأنه مفسدٌ للصيام، إلا إذا كان منصوصًا عليه، أو في معنى المنصوص، والصيام من دين المسلمين الذي يَحتاج إلى معرفته عامة الناس وخواصهم، وقد بين النبي أصول المفطرات، فيقاس عليها ما كان في معناها.

وعلى ذلك: نخلص إلى أن ضابط ما يحصل به التفطير للصائم: أنه ما كان منصوصًا عليه، أو في معنى المنصوص.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 ينظر مجموع الفتاوى: 25/ 234، 236.
zh