ما معنى قول الله تعالى: حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ [التكاثر:2]؟
مشاهدة من الموقع
السؤال
ما معنى قول الله تعالى: حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ [التكاثر:2]؟
الجواب
الآية التي قبلها: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ [التكاثر:1- 2].
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ التَّكاثر في أي شيءٍ: التَّكاثر في الأموال، وفي الأولاد، وفي أمور الدنيا عمومًا.
حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ يعني: حتى مُتُّم وانتقلتم إلى المقابر والحياة البَرْزَخِية التي بين الموت والبعث.
وتأمل قول الله : حَتَّى زُرْتُمُ عبَّر بقوله: زُرْتُمُ إشارةً إلى قِصَر المدة؛ ولهذا لما سمع أعرابيٌّ رجلًا يقرأ هذه الآية قال: “بعث القوم” [1]؛ لأن الزائر إقامته قصيرةٌ، فإذا كان هذا في فترة البَرْزَخ التي ما بين موت الإنسان إلى قيام الساعة، فكيف بإقامة الإنسان في الدنيا؟
إقامة الإنسان في الدنيا قصيرةٌ، وعمر الإنسان قصيرٌ، وهكذا أيضًا إقامته في البَرْزَخ.
وظاهر النصوص أن الميت لا يشعر بمرور الزمن، وأنه كالنائم؛ ولهذا الرجل الذي أماته الله مئة عامٍ ثم بعثه قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ لاحظ أنه موتٌ، وليس نومًا، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ [البقرة:259]، وهذا يدل على أن الميت لا يشعر بمرور الزمن، وإن كان يُنَعَّم أو يُعَذَّب في قبره.
دلَّت النصوص المتواترة على أن الإنسان يُنَعَّم أو يُعَذَّب في قبره على إثبات نعيم القبر وعذابه، لكن ظاهر الأدلة أنه لا يشعر بمرور الزمن، كالنائم يرى في نومه ما يَسُرُّه وما يُحزنه ولا يشعر بمرور الزمن.
وهذا يدل على أن الساعة قريبةٌ من الإنسان، وأن الإنسان يَفْجَؤه الموت في أية لحظةٍ، وإذا قلنا: إنه لا يشعر بمرور الزمن يتفاجأ بقيام الساعة، وهذا يقتضي من الإنسان الاستعداد للدار الآخرة بالأعمال الصالحة والتَّزود بزاد التَّقوى.
الحاشية السفلية
^1 | “المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز” لابن عطية: 5/ 518. |
---|