logo
الرئيسية/فتاوى/حكم الانفعال اليسير بعد تلقي خبر الوفاة

حكم الانفعال اليسير بعد تلقي خبر الوفاة

مشاهدة من الموقع

السؤال

تسأل عن الانفعال البسيط بعد تلقي خبر الوفاة؟

الجواب

إذا كان مجرد بكاءٍ -من غير رفعٍ للصوت- ودمعٍ للعين، فهذا لا يؤاخذ به الإنسان، والنبي  لما مات ابن ابنته؛ دمعت عيناه، وقال له بعض الصحابة لما مات ابنه إبراهيم: ما هذا يا رسول الله؟! فقال عليه الصلاة والسلام: إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك -يا إبراهيم- لمحزونون  [1].

فالنبي عليه الصلاة والسلام كانت تدمع عيناه عند موت عزيزٍ عليه؛ كموت ابنه وموت ابن ابنته، وقال: إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن؛ وهذا يدل على أن دمع العين وحزن القلب لا يؤاخذ به الإنسان، وهكذا أيضًا البكاء من غير رفعٍ للصوت لا بأس به؛ ولما مات سعد بن معاذٍ؛ كان النبي عليه الصلاة والسلام وأبو بكرٍ وعمر وبعض الصحابة  حاضرين بكوا، بكى من كان موجودًا من الصحابة، لكن هذا البكاء لم يكن بصوتٍ مرتفعٍ.

فالبكاء الذي لا يكون بصوتٍ مرتفعٍ، وما يصحبه من دمع العين وحزن القلب، هذا لا يؤاخذ به الإنسان، إنما الممنوع الجزع بالقلب، وكذلك أيضًا الأفعال المحرمة؛ من شق الجيوب، أو لطم الخدود، أو تقطيع الشعر، أو نحو ذلك، هذا هو، أو النياحة، وهي رفع الصوت بالبكاء، هذه محرمةٌ؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية [2].

وعلى هذا نقول: إن ما كان من قَبيل دمع العين وحزن القلب والبكاء بصوت غير مرتفعٍ، هذا لا بأس به، أما ما كان من الجزع والتسخط والاعتراض على قضاء الله وقدره، أو كان مصحوبًا  بلطم الخدود، أو شق الجيوب، أو قص الشعر، أو نحو ذلك، فهذا محرمٌ، بل ظاهر الأدلة أنه من الكبائر.

ولما مات ابن الفضيل بن عياضٍ؛ كان الفضيل بن عياضٍ يضحك في المقبرة، فقيل: كيف تضحك وابنك يدفن؟ قال: إن الله قد قضى قضاءً فرضيت عنه، فأظهرت هذا الرضا بالضحك، قال ابن تيمية رحمه الله: ومقام النبي لما دمعت عيناه عندما توفي ابنه أكمل وأعظم من مقام الفضيل الذي ضحك عندما مات ابنه؛ لأن الفضيل إنما أتى فقط بالرضا، لكن لم يجمع الرحمة مع الرضا، أما النبي عليه الصلاة والسلام فقد جمع بين الرحمة والرضا، فدمعت عيناه مع رضاه بقضاء الله وقدره، فمقام النبي عليه الصلاة والسلام أعظم من مقام الفضيل بن عياضٍ [3].

فكون الإنسان يكون عنده مشاعر -خاصةً عند المصيبة الشديدة- من حزن القلب ودمع العين ونحو ذلك، هذا لا يؤاخذ عليه الإنسان، بل قد يكون هذا محمودًا إذا كان ذلك مصحوبًا بالرحمة ونحو ذلك، ومع الرضا؛ كما حصل للنبي عليه الصلاة والسلام، لكن الممنوع هو أن يتعدى الإنسان فَيَصِل إلى الجزع، وإلى التسخط، وإلى الاعتراض على القضاء والقدر، وإلى لطم الخدود وشق الجيوب وقص الشعر ونحو ذلك، هذا هو المحرم.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 1303، ومسلم: 2315.
^2 رواه البخاري: 1297، ومسلم: 103.
^3 مجموع الفتاوى: 10/ 47.
مواد ذات صلة
zh