logo
الرئيسية/فتاوى/هل تشمل آية: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ}.. الأولاد من الرضاع؟

هل تشمل آية: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ}.. الأولاد من الرضاع؟

مشاهدة من الموقع

السؤال

الأخ من الرضاع الذي رضع من الأم، يعني: سمعتُ أن الأب أيضًا يكون أبًا للذي رضع، يعني للرضيع، الله يعطيك العافية، طيب مثلًا نحن لو افترضنا أنه كلهم صالحون، لكن مثلًا درجة الصلاح عند الأب من الرضاع أكثر، يعني يكون من الأب الأصلي، هل يعني مثلًا في الجنة يا شيخ سعد، هل في الجنة مثلًا يصعد بناءً على الآية الكريمة: وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ [الطور:21]، هذا السؤال الله يعطيكم العافية؟

الجواب

نعم، الرضاع إذا كان خمس رضعاتٍ فأكثر؛ فإنه يكون محرِّمًا، وتكون المرضعة أمًّا لهذا المرتضع، ويكون زوجها أبًا له، ويكون أولادها من بنين وبناتٍ إخوةً لهذا المرتضع، ولكن الرضاع ليس كالنسب من جهة الأحكام الشرعية، إلا فيما يتعلق بالمحرمية، وكذلك أيضًا في الخلوة، وكذلك في عدم احتجاب المرأة من هذا الرجل، يكون أخًا لها من الرضاع، فيكون في هذه المسائل، لكن لا يكون مثل الأب من النسب؛ في الميراث، وفي البر، وفي صلة الرحم، إنما هو فقط في الخلوة، وفي التحريم والمحرمية.

وعلى ذلك: فقول الأخ الكريم عن الآية الكريمة: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [الطور:21]، هذا خاص بالذرية من النسب، والأصول والفروع من النسب، ولا يشمل ذلك ما كان من الرضاع؛ ولهذا لا تجب صلة الرحم بالنسبة لمن كان قريبًا من الرضاعة، من كان قريبًا باعتبار أنه أخٌ من الرضاعة، أو أبٌ من الرضاعة، أو أمٌّ من الرضاعة، لا تجب صلتهم، ولا يجب برهم، ولكن المروءة تقتضي ذلك.

إنما الذي تجب صلته: القريب من النسب، والأب من النسب، والأم من النسب؛ وعلى هذا: فالآية الكريمة: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ[الطور:21]، إنما هي خاصةٌ بذلك، بالأقارب من النسب.

فإذا كان الإنسان في درجةٍ عاليةٍ من الجنة؛ فإن الله يُلحق به ذريته، فيجتمع شمل الأسرة في تلك الدرجة الرفيعة، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ [الطور:21]، يعني: من غير أن ينقص من الذي في الدرجة الرفيعة شيءٌ، لكن الذي في الدرجة الأقل ترفع درجته في الجنة؛ ليكون مع أقاربه في الدرجة الرفيعة في الجنة؛ ليكمل أنسهم، ويكمل نعيمهم.

وهذه صورةٌ من صور النعيم في الجنة: أنه يجتمع شمل الأحبة، ويجتمع شمل الأسرة، وينزع الغِل من النفوس، ويكونون على درجةٍ عظيمةٍ من المحبة والمودة والألفة والسرور، فهم على الأرائك متكئون، يتحدثون ويتسامرون، ونعيم الجنة فوق مستوى خيال العقل البشري، يعني لا يستطيع العقل البشري أن يتخيله؛ كما قال الله تعالى: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة:17]، ويقول النبي  عن نعيم الجنة: فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ [1].

فمن ذلك النعيم: أن الله تعالى يجمع شمل العائلة الواحدة -إذا كانوا كلهم في الجنة ومتفاوتون في درجاتهم- ويرفع من كان في الدرجة الأدنى؛ ليكونوا جميعًا كلهم في الدرجة العليا؛ ليكمل أنسهم وسرورهم.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 4779، ومسلم: 2824.
zh