logo
الرئيسية/فتاوى/أرجى الليالي موافقة لليلة القدر

أرجى الليالي موافقة لليلة القدر

مشاهدة من الموقع

السؤال

لا يخفى على علمكم وأيضًا مستمعينا الكرام أننا نستقبل في هذه الليلة -ليلة السابع والعشرين-، ومِن السَّلَف مَن يُقسِم أنها ليلة القدر؛ فإذا كان -يا شيخ سعد- من كلمة أو توجيه أو نصيحة في مطلع هذه الحلقة ونحن نستقبل هذه الليلة؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فبغروب شمس هذا اليوم تحل ليلة سبع وعشرين، وهي عند جمهور العلماء أرجى الليالي موافقةً لليلة القدر، بل كان من الصحابة من يجزم بل يحلف بأنها هي ليلة القدر، كما جاء في “صحيح مسلم” عن أُبي بن كعب قال: والله الذي لا إله إلا هو، إني لأعلم أيَّ ليلة هي ليلةُ القَدْر، هي الليلة التي أمر رسول الله بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها[1]. وجاء عنه في رواية أخرى: أنه راقب صبيحة سبع وعشرين؛ فوجد أن الشمس تطلع فيها لا شعاع لها[2].

وكذلك أيضًا ورد هذا عن عمر وعن ابن عباس، وقال زرُّ بن حُبَيش: لم يكن عمر وحُذيفة ورجال من أصحاب النبي يَشُكُّون في أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين[3].

فهذه الآثار وما جاء في معناها تدل على أن أرجى الليالي موافقةً لليلة القَدْر هي ليلة سبع وعشرين.

ولهذا؛ ينبغي لنا جميعًا أن نغتنم هذه الليلة، فإن المسلم إذا وُفق لليلة القدر فقد وفق لخير عظيم، كأنما كُتب له عمر مديد، سُوَيعَاتٌ معدودة يغتنمها المسلم في العبادة والطاعة يؤجر عليها خيرًا من ألف شهر: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3]، ليلة مساوية لألف شهر، بل خير. وألف شهر تعادل ثلاثًا وثمانين سنة وأربعة أشهر.

وانظر إلى أن الله ​​​​​​​ لمَّا ذَكَر ليلة القدر قال: وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ [القدر:2]، وهذا الاستفهام لا يكون إلا في الأمور العظيمة، مثل اليوم الآخر، كما قال سبحانه: الْقَارِعَةُ ۝مَا الْقَارِعَةُ ۝وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ [القارعة:1- 3]، الْحَاقَّةُ ۝مَا الْحَاقَّةُ ۝وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة:1- 3].

فهذا الأسلوب (وما أدراك؟) لا يأتي إلا في الأمور العظيمة المَهُولة الكبيرة، فربنا سبحانه قال: وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ [القدر:2]؛ وهذا يدل على عظيم شأنها، وعلى عظيم مكانتها، وعلى أن الأجور فيها مضاعفة، والثواب فيها جزيل؛ فهنيئًا لمن وُفق لليلة القدر واغتنمها: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3].

فأُوصي نفسي وإخواني المسلمين باغتنام هذه الليلة التي هي أرجى الليالي موافقة لليلة القدر، حتى من كان مقصرًا فيما مضى لا تفوته هذه الليلة؛ فإنها أرجى الليالي، وإذا وُفق لها فقد وفق لخير عظيم ووفق لغنيمة عظيمة باردة؛ إذ إنه يجتهد في بضع سويعات ويكون عمله خيرًا من العمل في ألف شهر.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه مسلم: 762.
^2 رواه أحمد: 21200.
^3 “لطائف المعارف” لابن رجب: ص198، و”الدر المنثور”: 15/ 558.
zh