الرد على المبطل هذا مطلوب، لكن الناس في الرد على المخالف على ثلاثة مناهج: منهج فيه غلو وإفراط، ومنهج فيه تفريط، ومنهج وسط.
- المنهج الذي فيه غلو وإفراط فهو تتبع الزلات، والنفخ فيها، والفرح بها، وإشهارها، وإبرازها للنيل من المردود عليه، وهذا مع الأسف موجود لدى بعض الناس، يتتبع الزلة، ويفرح بها؛ لكي ينتقص هذا الإنسان، بل بلغ الأمر ببعضهم، أنه يتتبع الحسابات على التويتر وغيره من سنوات طويلة، حتى بعضهم تصل إلى عشر سنوات أو أكثر لأجل أن يجد زلة، أو كلمة مشتبهة، أو ملتبسة، ثم يبدأ يحرض على صاحب الحساب بزعم أنه يريد أن يرد، وهو يصنفه، وهذا العمل ليس من عمل المؤمنين، وليس من عمل من يريد الخير والاصلاح، وهذا من تتبع عورات المسلمين ومن تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته، حتى يفضحه في بيته ، فهذا المنهج منهج خاطئ، ومن ابتلي بذلك فقد ابتلي ببلاء عظيم، وتنزع البركة من علمه، ومن وقته، يبقى يدور في حلقة مفرغة، في هذا النطاق الضيق.
- القسم الثاني: يقابله أيضًا التفريط، وأنه لا يرد على المخالف بإطلاق، وهذا خطأ، لا بد من الرد على المخالف، خاصة إذا كان كلامه ملبسًا، وكان كلامه يثير الشبهة أمام العامة، فلا بد من الرد عليه، وبعض أصحاب هذا المنهج يقولون: إذا رددت عليه أشهرته، وهذا غير صحيح، ما دام أن له من يقرأ ويتابعه، ويسمع منه، فلا بد من الرد حتى يتبين خطؤه.
- القسم الثالث: وسط، فيردون على المخالف، لكن يقصدون بذلك الحق، وبيان الحق، وإزالة اللبس عن الناس، ويحفظون مكانة المردود عليه وحقه، يردون بعدل وإنصاف، من غير تجريح، ومن غير تجننٍ، ومن غير تجاوز، بل يذكرون حسنات المردود عليه وفضله، ولكن يردون ردًّا ينصب على المسألة التي خالف فيها، من غير أن يتعرضوا لشخص المردود عليه، وهذا هو المنهج الحق، وهذا منهج مشايخنا وعلمائنا، فقد رأيناهم يتبعون هذا المنهج، فعندما يردون يردون في غاية الأدب والعدل والإنصاف، وغرضهم نصرة الحق، وإزالة اللبس عن العامة، فيكون ردهم ردًّا موفقًا، ونافعًا ومفيدًا.
وأصحاب هذا المنهج كم أزالوا من لبس؟ وكم أزالوا من شبهة؟ يظهر بعض الناس ويلبس على العامة ويأتي بالمشتبهات فينبري له بعض أهل العلم ويرد عليه ردًّا بالعدل والإنصاف، وتزول معه الشبهة، ويزول معه اللبس.