الرئيسية/فتاوى/هل جميع أحكام الشريعة مُعَلَّلة ولها مقاصد؟
|categories

هل جميع أحكام الشريعة مُعَلَّلة ولها مقاصد؟

مشاهدة من الموقع

السؤال

هل أحكام الشريعة معلَّلة ولها مقاصد، أو أن جزءًا منها معلَّل، وجزءًا منها تعبُّدي؟

الجواب

من العلماء من قال: إن جزءًا منها تعبُّدي؛ ولذلك يُعلِّلون بأن هذه المسألة العلة فيها تعبُّدية، والحكمة فيها تعبُّدية.

وقال بعض العلماء: أنه ما من حُكمٍ إلا وهو معلَّل، وله حكمة، ومـمن انتصر لذلك الإمام ابن القيم، قال: ليس في الشريعة حكمٌ إلا وله حكمة، وإن لـم يعقلها كثيرٌ من الناس أو أكثرهم [1].

فالإمام ابن القيم وجماعة من أهل العلم يقولون: ما في شيء اسـمه تعبُّدي، جميع أحكام الشريعة معلَّلة، وجميع أحكام الشريعة لها حكمة، لكن بعض الناس لا يعقلها، بعض العلماء مثلًا قد لا يهتدي للحكمة، لكن لها حكمة، فهذه الحكمة قد تكون ظاهرة، وقد تكون خفيّة.

وقد قال إمام الحرمين الجويني: “الأصل أن أحكام الشريعة معلَّلة ولها مقاصد وحكمٌ معقولة المعنى”.

ولـمَّا عرض إمام الحرمين لآراء العلماء فيما يُعلَّل وما لا يُعلَّل من الأحكام قال: “القسم الخامس: ما لا يظهر له تعليلٌ واضح، ولا مقصدٌ محدَّد، وهذا يندر تصورُّه جدًّا” [2].

يعني يقول: هذا القسم الذي ليس له تعليل ولا مقصد، هذا يندر تصوُّره أصلًا جدًّا.

فهذا هو الأقرب -واللّـه أعلم- أن جميع أحكام الشريعة معلَّلة، ولها حِكَم، لكن بعض هذه الحِكم قد تخفى، فما من حُكْم إلا وله حكمة، واللّـه تعالى حكيمٌ عليم، وهذه الشريعة قد أتت بتحقيق مصالح الناس في المعاش وفي المعاد، وهي قائمة على الرحمة، وقائمة على العدل، وقائمة على تحقيق المصالح، وقائمة على الحكمة؛ ولذلك عند الخلاف في بعض المسائل تستصحب هذه المعاني للترجيح، وهذا أحد المناهج التي يسير عليها بعض العلماء في الترجيح، وفي الاختيارات.

ومن أبرز من ينتهج هذا المنهج المقاصدي ابن تيمية وابن القيم، حيث تجد أن المنهج الغالب على آراء ابن تيمية وابن القيم هو المنهج المقاصدي، ينظرون لمقاصد الشريعة من هذه المسألة، ويختارون ويرجحون بناءً على معرفتهم لمقاصد الشريعة، وهذا منهج من المناهج الجيدة؛ لأنه يربط هذه المسائل بـمقاصد الشريعة، وهذا ينبغي أن يسلكه طالب العلم عند الترجيح: أن يربط المسائل الخلافية بـمقاصد الشريعة.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 بنحوه في إعلام الموقعين: 2/ 51.
^2 بنحوه في البرهان في أصول الفقه: 2/ 80.
مواد ذات صلة