هل يُستجاب دعاء العاصي؟

قد يستجاب، بل حتى دعاء الكافر، والله تعالى يقول: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ يعني: فأجاب الله دعاءهم، مع أنهم كفار مشركون، لكن لما دعوا الله مضطرين أجاب الله دعاءهم، فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت:65].

بل حتى أجاب الله دعوة إبليس قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ۝قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ [الأعراف:14-15]، فقد يستجيب الله دعاء الكافر، والله تعالى لا يُسأل عما يفعل جل وعلا.

وذكر ابن تيمية الله قصة وهي: “أن قوم النصارى حاصروا المسلمين، ثم إن هؤلاء النصارى عطشوا، فطلبوا من المسلمين أن يسقوهم مقابل انسحابهم والكف عنهم، فتشاور المسلمون فيما بينهم، ثم قالوا: لا نثق فيهم، هؤلاء أهل مكر وخيانة فلا نثق فيهم، نتركهم حتى يموتوا عطاشًا، فقام النصارى ودعوا الله ​​​​​​​ أن يسقيهم، وأن يغيثهم، فأغاثهم الله، ونزل المطر، ففتن بعض المسلمين كيف هذا؟ كيف هؤلاء غير مسلمين يدعون الله  بنزول المطر، ويغيثهم الله سبحانه؟! فقام قائد الجيش، وقال لأكبر عالم من أهل العلم: أدرك الناس، فأمر بالمنبر، فنصل، فاجتمع الناس، فقال: يا ربنا إنا نعلم أنك إنما أجبت دعاء هؤلاء لأنك تجيب دعوة المضطرين إذا دعوك، وإننا نحن على الحق، وإنهم ليسوا على الحق، فنسألك يا ربنا أن ترينا آية تثبت بها قلوب عبادك المؤمنين، فأرسل الله تعالى ريحًا اقتلعتهم، وثبت الله تعالى قلوب عباده المؤمنين، وحصل لهم النصر”.

فالله تعالى قد يستجيب دعاء غير مسلم، وقد يستجيب دعاء الفاسق، وقد يستجيب دعاء العاصي، ويستجيب دعاء المؤمن، ويستجيب دعاء البر والفاجر، والله سبحانه وتعالى لا يُسأل عما يفعل جل وعلا. وليس استجابة الله  دعاء إنسان دليل على صلاحه، الله تعالى استجاب دعاء إبليس، قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ۝قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ [الأعراف:14-15].

كما أن الله تعالى قد يرزق أيضًا الكافر، وقد يرزق الفاجر، وقد يضيق على المؤمن، كما قال سبحانه: فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ۝وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ۝ كَلَّا [الفجر:15-17]؛ فالأمر لا يرجع لمحبة الله عز وجل لهذا الإنسان، وبغضه لذاك، وإنما هذه أمور يقدرها الله  حسب ما تقتضيه حكمته البالغة جل وعلا.

ثم أيضًا قول الأخ السائل: هل دعاء العاصي مستجاب؟ يعني من الذي يسلم من المعصية؟ كُل بني آدم خطاء ^[1] كلنا نقع في المعصية، ونقع في الخطأ.

والمسلم عليه أن يدعو الله  على كل حال، وجاء في الحديث الصحيح: ليس شيء أكرم على الله من الدعاء ^[2].

وأيضًا في الحديث الآخر: إن الله يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفرًا ^[3] يعني: خائبتين.