الرئيسية/فتاوى/فضل أيام عشر ذي الحجة
|categories

فضل أيام عشر ذي الحجة

مشاهدة من الموقع

السؤال

شيخنا الكريم بداية لو تكلمنا عن فضل هذه الأيام المباركة أيام العشر.

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:

فهذه العشر المباركة موسم عظيم من مواسم التجارة مع الله ​​​​​​​ بالأعمال الصالحة، ويكفينا أن نعرف أن الله أقسم بها، فقال سبحانه: وَالْفَجْرِ ۝وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1-2]، والمراد بالليالي العشر عند جماهير المفسرين: عشر ذي الحجة، كما قال ابن كثير وغيره، والله العظيم لا يُقسم بشيء من مخلوقاته إلا وهو في نفسه عظيم، وهذا يدل على عظمة هذه العشر، وانظر كيف أن الله أقسم بعشر ذي الحجة، ولم يرد القسم مثلًا بالعشر الأواخر من رمضان، فهذا يدل على عظمة وفضل هذه العشر.

وأيضًا جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولاحظ أنه في صحيح البخاري أصح كتاب بعد القرآن، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي قال: ما من أيام العمل فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء [1].

وهذا يدل على أن العمل في هذه العشر المباركة لا يعدله شيء، إلا في حالة واحدة فقط، وهي رجل خرج بنفسه وماله للقتال في سبيل الله، وقتل في سبيل الله، وأنفق جميع ماله في سبيل الله، وما عدا ذلك العمل الصالح في هذه العشر أفضل وأعظم أجرًا وثوابًا.

فهذا أيها الأخوة وأيتها الأخوات موسم من مواسم الطاعة، تضاعف فيه الحسنات، وترفع فيه الدرجات، وتكفر فيه الخطايا والسيئات، فأروا الله من أنفسكم خيرًا، فينبغي لنا أن نجتهد في هذا الموسم، وأن نغتنم أيامه ولياليه في كل ما هو عمل صالح.

والنبي أطلق فقال: ما من أيام العمل فيشمل كل ما هو عمل صالح، فمن ذلك الحج والعمرة، يعني في هذا العام لها ظروف معينة، وعدد الحجاج ستكون قليلة ومحدودة جدًا، لكن هناك أبواب الخير كثيرة، فهناك مثلًا الصلاة، فالصلاة بعد المحافظة على الفرائض ينبغي أن يستكثر المسلم من النوافل، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: واعلم أنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة [2].

والصيام: صيام النافلة وصيام التسع الأيام الأولى من هذه العشر، أو ما تيسر منها، والصيام له خصوصية، يقول الله في الحديث القدسي: كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به [3].

يعني: أن الأعمال الصالحة كلها الجزاء عليها من باب الحسنة بعشر أمثالها إلى أضعاف كثيرة، الصيام له خصوصية، وهو أن الله يجزي عليه جزاء خاصًا من عنده، وليس من باب الحسنة بعشرة أمثالها، والله تعالى هو أكرم الأكرمين، فما ظنك بالجزاء على الصوم؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في حديث أبي أمامة: عليك بالصوم، فإنه لا مثل له [4].

كذلك أيضًا الذكر بأنواعه، وأشرف الذكر القرآن العظيم، فينبغي أن تجعل لك نصيبًا من تلاوة القرآن، ومن التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، وقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، والاستغفار، ويتأكد من ذلك التكبير.

والتكبير نوعان: مطلق ومقيد.

والمطلق: يبدأ من بداية عشر ذي الحجة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق.

والمقيد: بالنسبة لغير الحاج من بعد صلاة فجر عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق.

وبالنسبة للحاج من ظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق.

ومعنى ذلك: أن التكبير المطلق الآن بدأ وقته، فينبغي إظهار هذه السنة، وخاصة في مجامع الناس، فينبغي أن يجهر بالتكبير، وأن تظهر هذه السنة.

وبالجملة مطلوب من المسلم كل ما هو عمل صالح، ولا يختص ذلك بعمل معين، وكل ما هو عمل صالح الأجر عليه كبير، والثواب مضاعف.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 969.
^2 رواه مسلم: 488.
^3 بنحوه رواه البخاري: 1904، ومسلم: 1151.
^4 رواه النسائي: 2220، وأحمد: 22276، وابن حبان: 3426.
مواد ذات صلة