الرئيسية/فتاوى/هل يستحب الصيام في عشر ذي الحجة؟
|categories

هل يستحب الصيام في عشر ذي الحجة؟

مشاهدة من الموقع

السؤال

الآن كذلك الصيام في هذه الأيام، هل هذه الأيام مقصودة الصيام بذاتها، أم مثلًا من كان عليه قضاء، أيهما أولى فيصوم العشر أم يصومها بنية القضاء؟

الجواب

أولًا: الصيام عبادة عظيمة، والله تعالى يقول في الحديث القدسي كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به [1].

وهذا الحديث في الصحيحين، فقوله: إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به يدل على أن الجزاء على الصيام والأجر على الصيام أجر خاص، وليس كسائر الأجور على بقية الأعمال الصالحة، فمثلًا الصلاة الأجر فيها من باب الحسنة بعشر أمثالها، والزكاة الأجر فيها من باب الحسنة بعشر أمثالها، والحج وبقية الأعمال الصالحة، أما الصيام فالأجر عليه خاص، وكما يقال: العطية بقدر معطيها، والله تعالى هو أكرم الأكرمين.

وأضرب لهذا مثالًا بسيطًا يتضح به المقال:

لو أن معلمًا قال لطلابه مثلًا تفوق عنده عشرة طلاب من الفصل، وافترض أن الفصل عنده أو القاعة عنده أربعون طالبًا، عشرة متفوقون، فقال: أنت يا فلان لك جائزة كذا، وأنت كذا، وأنت كذا، فلما أتى الأخير، قال: وأما أنت يا فلان، فلك جائزة خاصة عندي، فماذا نتوقع أن تكون هذه الجائزة؟ ستكون أفضل من بقية جوائز زملائه، نعم، جائزة خاصة، ولله تعالى المثل الأعلى، والعطية بقدر معطيها، فالله تعالى يقول: أنا سأجزي على الصيام جزاء من عندي، فمعنى ذلك أن الجزاء على الصيام عظيم، وأن أجره جزيل، وهذا يشمل صيام الفريضة وصيام النافلة؛ ولذلك الأفضل أن تصام التسعة الأيام الأولى من عشر ذي الحجة إن تيسر، فإن لم يتيسر يصوم بعضها، ويتأكد منها يوم عرفة، فقد جاء في حديث أبي قتادة أن النبي قال: يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده [2].

بعض الناس يطرح مسألة يقول: إنه لم يثبت عن النبي أنه صام التسعة الأولى من عشر ذي الحجة، نقول النبي عليه الصلاة قد يأمر بالشيء ولا يفعله لمصالح أرجح، فمثلًا أخبر بأن: أفضل الصيام صيام داود، كان يصوم يومًا، ويفطر يومًا [3]؛ لكن هل كان النبي يصوم يومًا، ويفطر يومًا؟

الواقع أنه لم يكن يصوم يومًا، ويفطر يومًا، وإنما كان كما تقول عائشة رضي الله عنها: “يصوم حتى يقول القائل: لا يفطر، ويفطر حتى يقول القائل: لا يصوم” [4]، فقد يحث النبي على الشيء ولا يفعله لمصالح أرجح.

فإذن صيام التسع الأيام الأولى من عشر ذي الحجة، أو ما تيسر منها، هذا مستحب استحبابًا مؤكدًا.

يبقى الجواب عما طرحتموه من تساؤل: لو أن رجلًا أو امرأة عليه أيام وقضاء من رمضان، وأراد أن يجعلها في عشر ذي الحجة، فهذا طيب، وهذا مناسب؛ لأن المقصود هو استيعاب زمن نهار هذه العشر بالصيام، فإذا جعله في قضاء صيام واجب عليه كان ذلك حسنًا.

المقدم: وينوي معه يوم من ذي الحجة أو ما يشترط؟

الشيخ: لا هو ينوي قضاء، ويرجى أنه يشمله فضل الصيام في عشر ذي الحجة.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 1904، ومسلم: 1151.
^2 رواه مسلم: 1162.
^3 رواه البخاري: 1131، ومسلم: 1159.
^4 رواه البخاري: 1969، ومسلم: 1156.
مواد ذات صلة