هل الإمساك عن الشعر والأظفار يشمل المضحَّى عنه؟

أولًا: هذا الحكم قد وردت به السنة، وقد جاء في صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي  قال: إذا دخلت هذه العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئًا ^[1]، وهذا حديث صحيح، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.

وهنا في هذا الحديث نهي من النبي  لمن أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره أو من أظفاره شيئًا بعد دخول عشر ذي الحجة، فهذا النهي هل يحمل على التحريم أم على الكراهة؟

هذا محل خلاف بين الفقهاء، فمن الفقهاء من حمله على الكراهة، ولكن عند الأصوليين قاعدة، وهي أن الأصل في النهي أنه يقتضي التحريم، ما لم يوجد صارف، أو قرينة تصرف هذا النهي من التحريم إلى الكراهة، والواقع لا يُوجد صارف يصرف هذا النهي من التحريم إلى الكراهة؛ فالراجح هو التحريم، وأنه إذا دخلت عشر ذي الحجة، فلا يجوز لمن أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئًا.

لكن هذا الحكم خاص بالمضحي، ولا يشمل المضحى عنه في أرجح أقوال الفقهاء؛ لأن النبي  قال: إذا دخلت هذه العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، ولم يقل: أو يضحى عنه، فالحكم خاص بمن يضحي؛ ولأنه لم ينقل عن النبي  أنه كان يأمر أزواجه وأهل بيته بأن يمسكوا عن الأخذ من شعورهم أو أظفارهم، وإنما كان يمسك هو عليه الصلاة والسلام باعتباره المضحي.

المقدم: البشرة تدخل في ذلك أو لا؟

الشيخ: البشرة جاءت بإحدى روايات مسلم ^[2]، فهي تدخل في هذا أيضًا.

لكن هنا يعني سؤال يكثر طرحه: ما المراد بالمضحي؟

فبعض الناس يقول: أنا أريد أن أوكل فلانًا يذبح أضحيتي، فهل يشملني النهي؟

أقول: الضابط في المضحي هو من يدفع ثمن الأضحية.

المقدم: يعني حتى لو كانت المرأة الأم مثلًا؟

الشيخ: حتى لو كانت المرأة، ولو كانت الأم، ولو كانت البنت، ولو كان الزوج والزوجة من يدفع ثمن الأضحية، فهذا هو المضحي بغض النظر عن الذابح، فأنا قد أوكل شخصًا، والمرأة قد توكل شخصًا في الذبح، وقد توكل زوجها، وقد توكل أباها، وقد توكل أخاها، لكن المضحي هو من يدفع ثمن الأضحية، فمن اشترى هذه الأضحية اشتراها مثلًا بألف ريال، أو أقل، أو أكثر، ودفع ثمن الأضحية، هذا هو المضحي.

المقدم: إذا اشتركوا في بدنة، كان عليهم أن يمتنعوا؟

الشيخ: نعم، سبع البدنة يعادل شاة، سبع البدنة وسبع البقرة في الأضحية، فلو اشترك سبعة في بدنة، فكل واحد منهم يمسك عن الأخذ من شعره ومن أظفاره حتى تذبح أضحيته.

المقدم: وهذا الحكم قلتم كذلك شيخنا أنه يشمل الذي اشترى هذه الأضحية.

الشيخ: هذا الحكم خاص بمن اشترى الأضحية، لمن يدفع الثمن، فهذا هو الذي لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا، ولا يشمل من ضُحي عنه، ولا يشمل أهل البيت الذين ضُحي عنهم.