كثرة الزلازل هل تعد من علامات الساعة؟ وكيف يكون الرد لمن يعزوها لظواهر طبيعيةٍ بحتةٍ؟
مشاهدة من الموقع
السؤال
كثرة الزلازل هل تعد من علامات الساعة؟ وكيف يكون الرد لمن يعزوها لظواهر طبيعيةٍ بحتةٍ؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد جاء في “الصحيحين” عن أبي هريرة أن النبي قال: لا تقوم الساعة حتى يُقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج، وهو القتل القتل [1]، فذكر النبي عليه الصلاة والسلام أشراطًا للساعة، وذكر منها كثرة الزلازل، فالزلازل تكثر قُبيل قيام الساعة، ولكن المقرر عند العلماء: أن أشراط الساعة لا يُجزم بها حتى تقع، أما قبل أن تقع؛ فلا يجزم بها، لا يجزم بأن هذا الحدث من أشراط الساعة حتى يقع ويتضح جليًّا أنه من أشراط الساعة؛ لأنه أحيانًا تقع أحداثٌ وأمورٌ فيتسرع بعض الناس ويقول: هذا من أشراط الساعة، ولا يكون الأمر كذلك.
فكثرة الزلازل أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بأنها من أشراط الساعة، لكن لا تُنزَّل على الواقع الآن، الله أعلم، لا ندري، ربما أن المقصود شيءٌ آخر، ربما أن المقصود أنه قبل قيام الساعة تكون زلازل كثيرةٌ، وتشتد أكثر؛ فلا نجزم بأن الزلازل التي تقع هذه الأيام هي الزلازل المقصودة في الحديث؛ ولذلك هذه الأمور مزلة أقدامٍ، فينبغي ألا يستعجل الإنسان في الجزم بأن هذا من أشراط الساعة أو ذاك، إلا بعدما يقع الأمر ويكون واضحًا جليًّا، ويذكر أهل العلم أنه بالفعل من أشراط الساعة؛ كما في حديث عوف بن مالكٍ : اعدُدْ ستًّا بين يدي الساعة قال: موتي [2]، موت النبي عليه الصلاة والسلام من أشراط الساعة، لكنه من أشراط الساعة الصغرى، وفتح بيت المقدس، هذا أيضًا من أشراط الساعة، قد وقع، ومن أشراط الساعة الصغرى.
فبعض العلامات تكون واضحةً بأنها من أشراط الساعة، لكن بعضها لا يتضح؛ ولذلك لا يُجزَم بأن هذا بالفعل كان من أشراط الساعة.
وعلى هذا أقول: ما ورد في الحديث من أنه لا تقوم الساعة حتى تكثر الزلازل، لا يُنزَّل على واقع الزلازل اليوم؛ لأنه لم يتضح ذلك، ولا ندري، ربما أن المقصود شيءٌ آخر يكون قُبيل قيام الساعة.
وأما بالنسبة لما يقدره الله في الكون: فجانبٌ منه قدريٌّ، وجانبٌ شرعيٌّ.
أما الجانب القدري: فهو أن الله قدر هذه الأحداث وَفْق نواميس وسننٍ قدَّرها الله ، وليس شيءٌ في هذا الكون يحصل مصادفةً، وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا [الفرقان:2].
وأما الجانب الشرعي: فالآيات كلها يخوِّف الله تعالى بها عباده، كما قال عليه الصلاة والسلام: إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، وإنما هما آيتان يخوف الله بهما عباده [3]، فجميع الآيات التي يقدرها الله ، والتي تكون على خلاف المعتاد، هذه تخويفٌ من الله للعباد؛ لكي يتوبوا إلى الله وينيبوا إليه.