هل يجوز للإمام إذا حضر متأخرًا أن يرجع المؤذن ويؤم المصلين مكانه؟

لا يُرجَع المؤذن، إذا كبر وصلى؛ يكمل صلاته، وإرجاعه نوعٌ من التعدي عليه، والإمام إذا تأخر؛ يصلي مأمومًا، وهذا كما حصل للنبي  لما ذهب ليصلح بين بني عمرو بن عوفٍ، وتأخر على الصحابة، فأمَّهم عبدالرحمن بن عوفٍ، فأتى النبي  وقد فاته شيءٌ من الصلاة، فدخل معهم مأمومًا، ثم لما قضى صلاته قال لهم: أحسنتم ^[1]، فصوَّب فعلهم.

فالإمام إذا تأخر؛ يصلي مع المأمومين، أما كونه يسحب المؤذن، فهذا فيه نوعٌ من التعدي عليه، ويدخل الحزن على قلبه، ويكسر خاطره أمام جماعة المسجد، وأيضًا يجعل غيره لا ينوب مكانه، يخشى أن يحصل له مثل هذا الموقف إذا تأخر الإمام، يجعل جماعة المسجد لا أحد يجرؤ ويَخلُف الإمام، وهذا يسبب حرجًا للإمام؛ ولذلك ينبغي أخذ هذه الأمور بالسماحة، ويتعامل الإمام مع جماعة مسجده بكريم الخلق وبالأدب، وهذا المؤذن الذي صلى عنه يشكره على ذلك؛ لأنه قد أحسن.

أما ما نسمع من قصصٍ في هذا: أن بعض الناس إذا أتى وتقدم غيره، سواءٌ كان المؤذن أو غيره أتى وسحبه وصلى مكانه، هذا تصرفٌ غير لائقٍ، ويسبب الحرج للإمام فيما بعد؛ لأن جماعة المسجد بعد هذا الموقف لن يجرؤ أحدٌ منهم على أن يؤم هذا المسجد؛ وبالتالي قد يعرض للإمام ما يعرض فلا يجد من يصلي بجماعة مسجده؛ ولذلك ينبغي للإمام أن يكون متسامحًا، وأن يكون كريم الخلق، وأن يشكر من صلى عنه، حتى لو أخطأ الإمام أو أحد جماعة المسجد فاستعجل مرةً؛ ينبغي أن يتحمل الإمام ويتغافل؛ فإن التغافل من خلق الكرام، التغافل: أن الإنسان يتحمل هذا في نفسه، ويتجاوز عن هذا الموقف، أما كونه يأتي ويسحب المؤذن، ويصلي مكانه، فهذا التصرف تصرفٌ غير لائقٍ.

ثم أيضًا إذا سحبه، جماعة المسجد الآن ائتموا بهذا المؤذن، أو هذا الإمام، ثم الآن هو يريد أن يدخل، طيب لو كان الإمام السابق قد قرأ الفاتحة، هل تحسب أو لا تحسب؟ ماذا يفعل هذا؟ يعني يوقعهم في إشكالاتٍ فقهيةٍ هو في غنًى عنها.