logo
الرئيسية/فتاوى/حكم طلب المرأة الطلاق من غير سبب

حكم طلب المرأة الطلاق من غير سبب

مشاهدة من الموقع

السؤال

قضية استسهال طلب الطلاق من بعض النساء، وأيضًا -حتى لا نجعل اللوم على النساء فقط- حتى عند الرجال كذلك، استسهال إطلاق لفظ الطلاق لأدنى مشكلةٍ تحدث بين الزوجين؟

الجواب

طلب المرأة الطلاق من زوجها من غير سببٍ: هذا لا يجوز، وقد جاء في حديث ثوبان  -كما عند أبي داود والترمذي- عن النبي قال: أيما امرأةٍ سألت زوجها طلاقًا في غير ما بأسٍ؛ فحرام عليها رائحة الجنة [1]، وهذا وعيدٌ شديدٌ في حق المرأة التي تسأل الطلاق من غير سببٍ.

فلا يجوز للمرأة أن تسأل الطلاق من غير سببٍ، لكن إذا كان هناك سببٌ فلا بأس، إذا وجد سببٌ يستدعي الطلاق فلا بأس، لكن دائمًا تسأل الطلاق، وعند أي خلافٍ أو عند أدنى مشكلةٍ تسأل الطلاق، هذا لا يجوز، والمرأة العاقلة الرشيدة لا تفعل هذا عندما تختلف مع زوجها -تسأله الطلاق- إنما تسأل الطلاق في حالاتٍ خاصةٍ، حالاتٍ معينةٍ، عندما لا يحقق الزواج مقاصده، وأيضًا لا تفيد جميع الحلول، وتصل المرأة إلى قناعةٍ بعدم الاستمرار مع هذا الزوج، بعدما استنفدت جميع الحلول، وبعدما فعلت جميع الأسباب، هنا في هذه الحالة يمكن أن تطلب الطلاق أو الخلع، فإذا وُجد السبب فلا بأس، أما أنها في كل صغيرةٍ وكبيرةٍ تطلب الطلاق عند أدنى مشكلةٍ، عند أدنى خلافٍ تطلب الطلاق، هذا لا يجوز.

أيضًا الزوج ينبغي له ألا يهدد بالطلاق، وبعض الأزواج تجد أن التهديد بالطلاق على لسانه، إذا أراد من الزوجة أي أمرٍ؛ هددها بالطلاق، والطلاق على لسانه في مدخله وفي مخرجه، وفي كل شيءٍ، بل بلغ ببعضهم أنه يعتبر أن الحلف بالطلاق كرمٌ وشجاعةٌ، يعني: لا يصدقه الناس إلا إذا حلف بالطلاق، يرى هذا ويعتقد هذا، لو حلف بالله؛ لا يصدقونه، إذا أراد أن يدعو أحدًا لوليمةٍ لا يحلف بالله، لا، يحلف بالطلاق، يرى أنه إذا حلف ولم يحلف بالطلاق: أن هذا نقصٌ في رجولته، أو إذا أراد أن يؤكد أمرًا أو عطيةً أو هديةً، هذا كله يدل على الجهل وقلة الوعي، وعلى أيضًا التلاعب بحدود الله .

هذا الأمر لا يجوز، وينبغي توعية الناس بهذا، وأن هذا الأمر من التلاعب بحدود الله ، الطلاق جعله الله تعالى حلًّا عندما يصبح الاستمرار في الحياة الزوجية عنتًا ومشقةً، ولا يحقق مقاصده، ثم أيضًا إذا أراد الرجل أن يطلِّق؛ يطلق المرأة طلقةً واحدةً فقط في طهرٍ لم يجامعها فيه، وأيضًا تبقى هي في العدة، تبقى عنده في البيت لا تَخرج ولا تُخرج، لا، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1]، تبقى في بيت الزوج ثلاثة قروءٍ، ثلاث حيضٍ، أو ثلاثة أشهرٍ إن كانت ممن لا يحضن، وللزوج حق المراجعة في هذه الفترة، فهذا هو طلاق السُّنة.

أما ما يفعله بعض الناس؛ من التهديد بالطلاق، أو جعل الطلاق على ألسنتهم؛ فهذا من التلاعب بحدود الله ، وبعض الناس تجد أنه يطلق ويستمر في معاشرة زوجته حتى ما يكلف نفسه بالاستفتاء أو السؤال، وهذا أيضًا مصيبته أعظم؛ هذا يدل على رقة الديانة، وعلى قلة الخوف من الله ، وهذا كله لا يجوز، وينبغي إذا سُمع أحدٌ يحلف بالطلاق في مجلس أن يُنكَر عليه، ونبين أن هذا لا يجوز، وأن هذا من التلاعب بحدود الله ، وهذا يدل على الجهل، وهو يعتقد أنه رجولةٌ، هذا ليس رجولةً هذا جهلٌ وتلاعبٌ بحدود الله .

الطلاق هو حلٌّ لعقد الزواج الذي سماه الله مِيثَاقًا ‌غَلِيظًا [النساء:21]، لا يكون إلا عند الاضطرار، عندما تُستنفد جميع الحلول؛ ولذلك ذكر الله مراحل علاج النشوز، عندما تكون المرأة ناشزًا، تتمرد على زوجها، لا تطيعه وتعصيه، فذكر الله تعالى أربع مراحل للعلاج كلها تسبق الطلاق، فقال سبحانه: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34]، ثم قال في الآية التي بعدها: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا [النساء:35].

أربعة مراحل:

  1. الوعظ هذا قد يفيد مع بعض النساء؛ إن لم يُفِد..
  2. فينتقل للهجر في المضجع، هجرٌ خاصٌّ بين الزوجين، لاحِظ أنه في المضجع، وليس في البيت؛ فإن لم تُفِد هذه المرحلة..
  3. انتقل المرحلة الثالثة: وهي أن يسلك مسلك الحزم والضرب، يعني ضربًا غير مبرِّحٍ، يمثل بعض الفقهاء: مثل عود السواك ونحوه، يعني أنه يغير من أسلوبه، ويسلك مسلك الحزم؛ إن لم تُجْدِ هذه المرحلة..
  4. فهنا لا بد من التدخل الخارجي من أهل الزوج وأهل الزوجة: فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا [النساء:35].

إن لم تُجْدِ هذه المراحل كلها الأربع، وأصبح استمرار الزواج عنتًا ومشقةً لا يحقق مقاصده؛ فهنا يطلقها طلقةً واحدةً في طهر لم يجامعها فيه، وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ [النساء:130].

هذه آداب الطلاق في الشريعة الإسلامية، أما التلاعب بالطلاق بجعله على لسان الرجل في مدخله ومخرجه، وتهديده وتأكيده لكرمه ولهديته، هذا كله لا يجوز، وهذا من التلاعب بحدود الله .

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه أبو داود: 2226، والترمذي: 1187، وابن ماجه: 2055، وقال الترمذي: حديث حسن.
مواد ذات صلة
zh