من المسائل التي يكثر السؤال عنها: حكم أخذ المال على تعبير الرؤى؟
مشاهدة من الموقع
السؤال
من المسائل التي يكثر السؤال عنها: حكم أخذ المال على تعبير الرؤى؟
الجواب
هذه المسألة محل خلاف بين العلماء، ولكن أكثر العلماء -وهو القول الراجح- على أنه لا يجوز أخذ المال على تعبير الرؤى؛ وذلك لأن تعبير الرؤى مثل الفتيا، والفتيا في قول عامة أهل العلم لا يجوز أخذ الأجر عليها، فالفتيا وتعبير الرؤى، وما كان أمرًا دينيًّا الأصل أنه لا يجوز أخذ الأجر عليه.
والأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كل واحدٍ منهم يقول: مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ [الفرقان:57]، والمتاجرة تكون بغير أمور الدين، أمور الدين تكون مُتمحِّضة في احتساب الأجر من اللّـه ، فمن أراد التجارة يبحث عنها في مظانـها، يبحث عنها في أمور الدنيا، لكن أمور الدين لا يُتاجر بـها.
فالقول الراجح: أنه لا يجوز أخذ المال على تعبير الرؤى؛ لأنـها تجري مجرى الفتوى.
كذلك أيضًا: الأجر لا بد أن يكون على منفعةٍ معلومة منضبطة، وتعبير الرؤى ليس منفعةً معلومةً منضبطةً، وغاية ما يُفيده الظن أيضًا، ولا يفيد القطع.
وكما ذكرنا: أمور الدين وأمور الفتيا، وكذلك تعبير الرؤى، ونحو ذلك، هذه الأصل فيها الاحتساب، وعدم أخذ الأجر، إلا ما يعطيه ولي الأمر رزقًا من بيت المال، هذا لا بأس به بإجماع العلماء، سواءً كان ذلك للمفتي، أو للقاضي، أو لإمام المسجد، أو المؤذِّن، أو غيره، فهذا رزقٌ من بيت المال، وهو جائزٌ بالإجماع.
لكن الذي يقول: لا أُفتيك إلا بأن تُعطيني كذا، أو لا أُعبر لك إلا بأن تُعطيني كذا، هذا الذي يظهر أنه لا يجوز أن يُشترط فيه المال، إذا كان يأخذ من غير شرطٍ لا بأس، يعني: تكون على سبيل الهدية لا بأس، أما بشرط فالقول الراجح أنه لا يجوز.
فإن قال قائل: ألا يقاس ذلك على أخذ المال على الرقية؟ وأخذ المال على الرقية جائز بالنص؛ بقول النبي عليه الصلاة والسلام: إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب اللّـه [1].
نقول: بينهما فرق، فالرقية هي نوعٌ من العلاج، ونوعٌ من الاستطباب، فالراقي كالطبيب الذي يُعالج؛ ولذلك ما يؤخذ من المال على الرقية هو جعالة، والنبي عليه الصلاة والسلام قال للصحابة الذين أخذوا جُعْلًا على الرقية: خذوه، واضربوا لي معكم بسهم، إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب اللّـه [2].
ما كان من باب الرقية والاستطباب لا بأس بأخذ المال عنه، لكن ما كان من باب الفتيا وتعبير الرؤيا الأظهر أنه لا يجوز أخذ المال عليه على سبيل الشرط، أما ما كان على غير سبيل الشرط -على سبيل الهدية ونحو ذلك- فلا بأس به.