يوجد لدى بعض طلبة العلم فتور في طلب العلم، وربما يكون ذلك من آثار الترف في بعض المجتمعات، وأيضًا قد يكون من أسباب ذلك: وجود وسائل التواصل والتقنية الحديثة، وكثرة الصوارف، وكثرة المشاغل، وانفتاح الدنيا على الناس بأنواعها وألوانها.
حقيقة صدّت بعض طلبة العلم عن العلم، فانشغلوا بأمور الدنيا، والعلم كما يقال: إن أعطيته كلك، أعطاك بعضه، فالعلم يحتاج إلى صبر، ويحتاج إلى جلد، ويحتاج إلى همة عالية، وإلا فإن من يريد علمًا بدون تعب، ومن يريد علمًا براحة الجسد، هذا محال.
وكما قال يحيى بن أبي كثير: “لا يُستطاع العلم براحة الجسد” ، لكن هذا الذي تُشير إليه وإن كان موجودًا إلا أنه في المقابل أيضًا نذكر الوجه المشرق: أنه يوجد -ما شاء الله- عدد كبير من طلاب العلم الذين عندهم علم غزير، وعندهم قوة علمية، وأجد هذا -يعني- على وجه الخصوص في الدراسات العليا، أجد من الطلاب حقيقة أجاويد، يعني: عندهم عمق علمي، وعندهم اهتمام، وعندهم استعداد عقلي، وقدرة علمية عالية، هذا -ولله الحمد- موجود، فالأمة فيها خير، بل إننا نعيش الآن في نهضة علمية كبيرة جدًّا.
والآن المطابع كل يوم تقذف كتبًا جديدة، حتى أصبح طالب العلم لا يستطيع ملاحقة الجديد في تخصصه، فضلًا عن التخصصات الأخرى، وفضلًا عن البرامج الحاسوبية، وأصبحت الآن الكتب في جميع التخصصات، وحتى في الأمور الدقيقة.
نحن نعيش الآن -ولله الحمد- في نهضة علمية كبرى، لكن المهم هو العمل بالعلم، يعني: العلم وحده لا يكفي، لا بد من العمل، ولا بد أن يظهر أثر العلم على طالب العلم: التعبد إلى الله في أخلاقه، في سَمْته، في تعامله مع الآخرين، في نفعه للآخرين؛ أن يظهر أثر العلم على طالب العلم، وإلا لا يكفي علم بلا عمل، المهم في العلم هو العمل والتطبيق، وأن يظهر أثر هذا العلم على صاحبه.