logo
الرئيسية/مقاطع/نعمة بلوغ شهر رمضان، وتوجيهات لاستغلاله

نعمة بلوغ شهر رمضان، وتوجيهات لاستغلاله

مشاهدة من الموقع

المقدم: يا شيخ، مباركٌ بلوغُ هذا الشهر.

الشيخ: أهلًا، حياكم الله وبارك فيكم، وحيَّا الله الإخوة المشاهدين، وبارك لكم وللإخوة المشاهدين والمسلمين جميعًا بهذا الشهر الكريم، وأسأل الله تعالى أن يوفق الجميع فيه لما يحب ويرضى.

المقدم: اللهم آمين، بارك الله فيكم، وأحسن إليكم .

أبدأ هذه الحلقة فضيلة الشيخ، نحن بحمد الله تعالى نعيش أجواء هذا الشهر الكريم، ومدَّ الله في أعمارنا حتى بلغنا شهر رمضان، وهي أمنيةٌ كان الناس يتمنونها.

لهذا الشهر ميزاتٌ عظيمة، وأجورٌ رتَّبها الشارع الحكيم على بعض الأعمال التي لا توجد فيما سواه، توجيهاتكم لاستغلال هذا الموسم المبارك؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا الموسم الذي نعيشه الآن، والذي نحن في أول يوم من أيامه، شهر رمضان، موسم عظيم رابح، موسم من مواسم التجارة مع الله بالأعمال الصالحة؛ جعله الله تعالى رحمة لعباده المؤمنين؛ لِتُضاعَف أجورهم وحسناتهم، وتُرفَع درجاتهم، وتُغفَر سيئاتهم وخطاياهم، وتُعتَق رقابهم من النار.

فهو نعمة من الله امتن بها على عباده المؤمنين، فهو شهر عبادةٍ وقُرْبة؛ فينبغي للمسلم أن يحرص على أن يغتنم ساعات هذا الشهر فيما يُقرِّبه إلى الله ، فإنه شهرٌ واحد في السنة، وقد سماه الله : أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ [البقرة:184]، إذا كان أيامًا معدودات فسرعان ما تنقضي وتُطوَى صحائفها؛ ولذلك ينبغي للمسلم أن يحرص على أن يحسن الإفادة من وقته في هذا الشهر المبارك.

ويقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: إذا دخل شهر رمضان فُتِّحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب النار، وسُلسلت الشياطين[1]فمِن حين دخول شهر رمضان: أبواب الجنة الثمانية تُفتح، وتُغلَق أبواب النار، وتُصفَّد مَرَدَة الجن، وهم الشياطين، فلا يَخْلُصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره.

هذا الشهر المبارك اختصه الله تعالى بأن فرض فيه عبادة الصيام، فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183]؛ والحكمة من ذلك لأجل تحقيق التقوى لله .

ولهذا؛ فينبغي أن يَظهر أثر التقوى على المسلم، أن يظهر أثر التقوى عليه في عباداته؛ في علاقته بربه سبحانه، في سلوكه، في شعائره، في أموره كلها، وأن تكون حاله في رمضان أن تكون خيرًا من حاله قبل رمضان .

كان النبي أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان؛ لا يليق بالمسلم أن تكون حاله في رمضان كحاله قبل رمضان أو أقل، إنما ينبغي أن ينشط في العبادة، وأن تكون حاله في رمضان خيرًا من حاله قبل رمضان.

ومجالات الخير -ولله الحمد- كثيرة ومتنوعة، لا تنحصر في شيء واحد، مجالات الخير كثيرة:

عبادة الصيام؛ أولًا ينبغي أن يحرص المسلم على أن يحافظ عليها؛ وذلك بألا يخدشها بمعصية؛ لأن كل معصية تقع من الصائم تنقص من أجر الصوم؛ ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام-: من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه[2].

فإذا كان الإنسان لا يجتنب المعاصي القولية قول الزور، ولا المعاصي الفعلية والعمل به، إذن ما الفائدة من هذا الصيام؟ ليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه؛ يعني: لا يؤجر ولا يثاب على هذا الصيام، فكل معصية تقع من الصائم سواء كانت عن طريق اللسان أو النظر أو السماع أو أية معصية تنقص من أجر الصائم؛ ولهذا أرشد النبي -عليه الصلاة والسلام- مَن سَبَّ بألا يقابل السِّبَاب بمثله مع أن هذا يجوز، لكن في رمضان ينبغي ألا يفعل ذلك احترامًا لهذه الشعيرة: فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم[3].

هناك أيضًا الصلاة، فيحافظ على الصلوات الخمس في أوقاتها، وأيضًا صلاة التراويح.

وكذلك تلاوة القرآن، مجال عظيم من مجالات الأعمال الصالحة، وقد كان السلف الصالح يحرصون على الإكثار من تلاوة القرآن في هذا الشهر، وكان بعض العلماء إذا دخل رمضان أوقف دروس العلم وأقبل على تلاوة القرآن، وقال: إنما هو شهر القرآن.

وكذلك الصدقة؛ بعدما يُخرج زكوات ماله يحرص على الصدقة، وعلى البذل والإنفاق في وجوه الخير.

وكذلك الذكر؛ من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير.

فمجالات الخير -ولله الحمد- كثيرة ومتنوعة.

^1 رواه البخاري: 3277، ومسلم: 1079.
^2 رواه البخاري: 1903.
^3 رواه البخاري: 1904، ومسلم: 1151.
zh