وقوله: فإن أُغْمي عليكم[1]؛ "أغمي" نائب فاعل لضمير مستتر يعود على الهلال، هلال الشهر، فإن أغمي هلال الشهر.
وفي الرواية الأخرى: فإن غُبِّي عليكم[2]، وفي لفظ فإن غُمَّ عليكم[3]، ومعناها متقارب.
فاقدروا له؛ قيل: إن معنى فاقدروا له يعني: ضيقوا عليه بأن يجعل شهر شعبان تسعة وعشرين يومًا. وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة[4]؛ ولذلك قالوا: إنه يصام يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غَيْمٌ أو قَتَرٌ، بل إن المتأخرين من فقهاء الحنابلة قالوا: إن ذلك واجب؛ استدلالًا بفعل ابن عمر، ولم يروا أن ذلك هو يوم الشك، وقالوا: إن يوم الشك هو يوم الثلاثين إذا كان الجو صحوًا. وهذا قول مرجوح.
والقول الراجح[5]: أن يوم الشك هو يوم الثلاثين إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قَتَرٌ، وأنه لا يجوز صيام ذلك اليوم؛ لأنه هو يوم الشك كما قال عمار بن ياسر: "من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم "[6].
ثم إن تفسير: فاقدروا له على أن المقصود: ضيِّقوا عليه، هذا تفسير مرجوح، والصواب: أن معنى فاقدروا له؛ أي: احسِبوا له قَدْره؛ وذلك بإكمال العدة ثلاثين. ومما يدل لذلك: الرواية الأخرى: فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين[7]. والروايات يفسر بعضها بعضًا، فيكون الصحيح في تفسير معنى قوله فاقدروا له؛ أي: احسِبوا له قدره بإكمال العدة ثلاثين يومًا.