|categories

(5) مسائل في الحج

مشاهدة من الموقع

المقدم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أهلًا وسهلًا بكم مشاهدينا الكرام، مشاهدي شبكة قنوات المجد الفضائية، أهلًا بكم أنتم صباح الرياحين، وزهر البساتين في حلقة جديدة من برنامجكم “مسائل في الحج”، مع صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية.

صاحب الفضيلة أهلًا وسهلًا.

الشيخ: أهلًا، حياكم الله، وبارك فيكم، ومرحبًا بالإخوة المشاهدين.

المقدم: الله يبارك فيك شيخنا الكريم، ومع بعض المسائل استكمالًا لها، الآن بعد السعي يأتي الحلق، صفته المشروعة، مع بيان بعض أخطائه.

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فالحلق يكون بعد الطواف والسعي بالنسبة للمعتمر، وأيضًا بالنسبة للحاج يكون بعد رمي جمرة العقبة، والذبح أو النحر، وهذا على سبيل الأفضلية، كما سيأتي.

الحلق عندما نقول: الحلق، الله تعالى قال: مُحَلِّقِينَ رُؤوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ [الفتح:27]، فالحلق معناه: استئصال جميع الشعر بالموس، أو ما كان في معنى الموس.

المقدم: الآن المكائن تأخذ حكم الموس؟

الشيخ: نعم، لكن لا بد من استئصال جميع الشعر، أما التقصير فيكون بقص الشعر من غير استئصال لجميع الشعر، وعلى ذلك فالحلق بالموس يعتبر حلقًا، لكن بالمكينة يعتبر تقصيرًا، حتى لو كان برقم صفر؛ لأنه لو حلق حتى بوضع المكينة على رقم صفر، يبقى أجزاء من الشعر ليس كالحلق، ويعتبر تقصيرًا.

فالحلق أفضل، والنبي  دعا للمحلقين ثلاثًا، وللمقصرين مرة واحدة، ومن أراد أن يكون حجه مبرورًا، فليحرص على الإتيان بالسنن، فضلًا عن الواجبات، أنا أعجب يعني بعض الناس يأتي للبيت الحرام، وربما أتى من بلاد بعيدة، ويبتغي من الله فضلًا ورضوانًا، عندما يأتي مسألة الحلق والتقصير، تجد أنه ما يحلق رأسه يقصر.

المقدم: يتردد.

الشيخ: لماذا؟ وأنت تعلم بأن الحلق أفضل من التقصير، وأعظم أجرًا وثوابًا، والنبي ، قال: اللهم ارحم المحلقين قالوا: والمقصرين، قال: اللهم ارحم المحلقين قالوا: والمقصرين، قال: اللهم ارحم المحلقين قالوا: والمقصرين، قال في الرابعة: والمقصرين [1]، لكن التقصير يجزئ، لكن التقصير هنا إنما يجزئ إذا كان شاملًا لجميع الشعر؛ ولذلك الأفضل أن يكون بالمكينة حتى يضمن أنه شمل جميع الشعر، لكن مع ذلك لو أنه قصر بالمقص، وشمل جميع الشعر فلا بأس.

المقدم: لكن تجد أحيانًا بعض الشباب، واحد ماسك صاحبه، أو جالسين على جنب، ويأخذ له بالمقص شعرة من هنا، وشعرة من هنا، وشعرة من هنا، هل هذا يعتبر قصر؟

الشيخ: هذا لا يعتبر تقصيرًا بالمعنى المشروع، ولا يجزئ، وهذا من الأخطاء الشائعة.

المقدم: باقي على إحرامه.

الشيخ: نعم، هذا من الأخطاء الشائعة عند بعض الناس، تجد أنه في العمرة، أو في الحج، يأخذ من هنا شعرتين، ومن هنا شعرتين، ثم يتحلل، هذا ليس تقصيرًا؛ ولهذا أنبه الإخوة الحجاج إلى هذه القضية، أقول: الأفضل الحلق، لكن من أراد أن يقصر فلا بد أن يعم جميع شعر رأسه.

المقدم: نعم، بالنسبة للمرأة التي تأخذ قيد أنملة، لكن لو كان شعرها طبقات، يعني يكون غير مرتب، فهل تأخذ من كل طبقة، أم يكفي الطبقة الأخيرة؟

الشيخ: المرأة تجمع شعرها، وتأخذ طرف الشعر بقدر أنملة، يعني بقدر رأس الأصبع، وإذا كان شعرها على طبقات، فتجمع شعرها على شكل ضفائر، تجمع هذه الجهة، وتأخذ طرفها، وتجمع هذه الجهة، وهذه الجهة، وهذه الجهة، حتى تأخذ من جميع الشعر، وتأخذ من أطرافه فقط، ويكفي هذا.

المقدم: نعم، كذلك الآن شيخنا ترد مسألة في أنواع الطواف، ما أنواعه؟

الشيخ: الطواف إما أن يكون طواف عمرة، وأيضًا هذا يكون في التمتع، فإن التمتع معناه: أن يأتي بالعمرة في أشهر الحج، أو يكون الطواف طواف قدوم، وهذا يكون في الإفراد والقران، وطواف القدوم مستحب، وليس واجبًا، فلو أن القارن أو المفرد أتى إلى منى مباشرة، ولم يطف طواف القدوم، فلا شيء عليه، وطواف القدوم مستحب، وطواف العمرة ركن.

هناك طواف الإفاضة، وهو من أعظم أركان الحج، وهو المذكور في قول الله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:29]، قال أهل العلم: المراد بالطواف في الآية هو طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج، لا يصح الحج إلا به.

وهناك طواف الوداع، وهو واجب من واجبات الحج على غير أهل مكة، ومن كان في حكمهم، إلا أنه يسقط عن الحائض والنفساء.

المقدم: من تقصد: من كان في حكم أهل مكة؟

الشيخ: يعني من كان قريبًا من مكة، يعني المناطق القريبة من مكة، هؤلاء ليس عليهم طواف وداع.

المقدم: في حدود كم بالكيلو يعني؟

الشيخ: تحد بالعُرف، ليس هناك تحديد بالمسافة، فهذه أنواع الأطوفة، إذن عندنا طواف عمرة، عندنا طواف قدوم، طواف عمرة هذا ركن، طواف قدوم مستحب، طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، طواف الوداع واجب، فهذه أنواع الأطوفة.

وله أن يؤخر طواف الإفاضة إلى آخر أعمال الحج، ويجزئ عن طواف الوداع.

المقدم: بالنسبة لطواف الإفاضة بما أنه بهذه المثابة، وهذه الأهمية الآن من يأتي من الآفاق، يعني من خارج هذه البلاد، من الرجال ومن النساء، له رفقة سيذهب معهم، وخصوصًا المرأة قد يأتي عليها العذر، وهي لم تطف طواف الإفاضة، ماذا تفعل في هذه الحال؟

الشيخ: المرأة إذا أتاها الحيض قبل أن تطوف طواف الإفاضة، فلا بد أن تنتظر حتى تطهر، هذا هو الأصل، والنبي لما قيل له: إن صفية قد حاضت، قال: أحابستنا هي؟ قيل: إنها قد أفاضت، قال: فلتنفر إذن [2].

وقوله: أحابستنا هي؟ دليل على أن المرأة الحائض في الأصل أنها تنتظر حتى تطهر، وتحبس محرمها معها، هذا هو الأصل، ولكن أحيانًا قد لا تنتظر الرفقة هذه المرأة، امرأة أتت مع حملة من حملات الحج، مع قافلة، مع شركة، مع مؤسسة، فهي بين أمرين:

إما أن تطوف وهي حائض، وإما أن تغادر بدون طواف الإفاضة، وقد أخلت بركن من أركان الحج.

هذه المسألة أول ما عرضت بهذا التصوير، وهذا الحرج في عهد أبي العباس ابن تيمية رحمه الله، وتحرج من الفتيا فيها، ثم أفتى في حدود ضيقة جدًّا، بأنها إذا كانت بين أمرين:

إما أن تطوف طواف الإفاضة، أو أنها تسافر إلى بلدها بدون طواف الإفاضة، أنها تتحفظ وتطوف طواف الإفاضة، وأن هذا خير من ألا تطوف، لكن هذه الفتوى من ابن تيمية إنما تطبق في حدود ضيقة جدًّا.

وعندي أنه في الوقت الحاضر لا تطبق مطلقًا؛ لماذا؟ لأنه في الوقت الحاضر بإمكان المرأة التي أتاها الحيض أن تأخذ إبرة لرفع الحيض ويرتفع، ثم تغتسل وتطوف، وهذا قد ذكرته لإحدى النساء، يعني كنت مع المشايخ المفتين في الحج، وأتتني امرأة مع زوجها، وقالت: إنه قد أتاها الحيض، ولم تطف طواف الإفاضة، وأن رفقتهم لن تنتظرهم.

المقدم: خصوصًا تكون طائرة، أو خارج البلاد.

الشيخ: نعم، فاقترحت عليهم هذا المقترح، قلت لهذه المرأة مع زوجها: اذهبا إلى مستوصف أو مستشفى وخذا هذه الإبرة، وهذه الإبرة عند الأطباء إذا أخذت مرة واحدة ما تضر، تضر لو أكثر منها، أو أخذت مرارًا، أو بالاستمرار.

فذهبت هذه المرأة، وأخذت هذه الإبرة، فارتفع حيضها واغتسلت، وطافت طواف الإفاضة، وأتت هي وزوجها في اليوم الثاني تشكران، تقول: الحمد لله، وجدنا مخرجًا متيسرًا من غير حرج، يعني من غير أن نقع في الحرج، أو نحرج أنفسنا.

فهذا المخرج الحقيقة حتى أنبه له المشايخ المفتين؛ لأنهم ربما يعني بعض الإخوة يغفل عن هذا المخرج، وربما يفتي بفتوى ابن تيمية، وفتوى ابن تيمية إنما تنطبق في حدود ضيقة جدًّا، ومع وجود هذا الحل لا نحتاج لفتوى ابن تيمية رحمه الله في هذا الموضوع.

المقدم: هل ممكن كل امرأة تأخذ هذه الإبرة، حتى لو كانت من داخل هذه البلاد؟

الشيخ: نعم، ممكن لا حرج في هذا، لكن هناك حل آخر، وهو أن هذه المرأة تؤجل طواف الإفاضة، وتعود لبلدها، فإذا طهرت رجعت، وأتت بطواف الإفاضة.

المقدم: لكن تبقى على..

الشيخ: تبقى، لم تتحلل التحلل الكامل، يعني لا يقربها زوجها، هذا ممكن في البلدان القريبة مثلًا، من كان داخل المملكة، أو دول الخليج، ممكن يقال لهم هذا: اذهب إلى بلدك، فإذا طهرت المرأة ترجع وتطوف طواف الإفاضة، فهذا أحد المخارج أيضًا.

والمخرج الآخر هو الانتظار، أنها تنتظر إذا تيسر هذا، أما الأخذ بفتوى ابن تيمية أرى أنها لا يؤخذ بها إلا عند الضرورة القصوى، وعند عدم وجود أي حل آخر.

المقدم: من لم تطف الإفاضة، وأتاها زوجها، فسد حجها؟

الشيخ: من لم تطف الإفاضة، وأتاها زوجها، فهذه قد حلت التحلل الأول، ما دام قد تحللت التحلل الأول، فإن الحج لا يفسد، لكن يجب عليها الفدية في هذا.

بقي إذا حاضت بعد طواف الإفاضة، وقبل طواف الوداع، فهنا يسقط عنها طواف الوداع، طيب: إذا حاضت قبل الحج، مثل ما حصل لعائشة رضي الله عنها، فإنها تفعل ما يفعل الحاج غير ألا تطوف بالبيت، فإذا أدركها يوم عرفة، قبل أن تأتي بعمرة، وهي مثلًا متمتعة، فإنها تقلب التمتع إلى قران، كما فعلت عائشة.

عائشة رضي الله عنها أتاها الحيض، ودخل عليها النبي وهي تبكي، فعرف عليه الصلاة والسلام بفراسته أنها قد حاضت، قال: لعلك نفستِ يعني حضت، قالت: نعم، قال مواسيًا لها: إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج، غير ألا تطوفي بالبيت [3]، بقيت عائشة رضي الله عنها حتى أتى يوم عرفة، ولم تطهر وهي متمتعة، فأمرها النبي بأن تقلب التمتع إلى قران، فقلبت التمتع إلى قران.

فإذن الحائض لا تخلو من أحوال:

  • الحالة الأولى: أنها تكون متمتعة، ولم تأت بالعمرة بعد، وهنا تنتظر حتى تطهر، فإن أتاها يوم عرفة قبل أن تطهر، تقلب التمتع إلى قران، كما فعلت عائشة.
  • الحالة الثانية: أن يأتيها الحيض بعدما أتت بالعمرة، وقبل طواف الإفاضة، فإنها تنتظر حتى تطهر، ثم تطوف طواف الإفاضة، وذكرنا مخارج لهذه المسألة.
  • الحالة الثالثة: أن يأتيها الحيض بعد طواف الإفاضة، وقبل طواف الوداع، فيسقط عنها طواف الوداع.

المقدم: من أجّل أو أخّر طواف الإفاضة إلى الوداع، هل ينويهما معًا؟

الشيخ: من أخر طواف الإفاضة إلى الوداع ينوي طواف الإفاضة، ويكفي عن الوداع، وإن نواهما معًا أجزأ أيضًا، لكن يكثر السؤال: عن ماذا إذا لو نوى طواف الوداع ناسيًا أن ينوي طواف الإفاضة؟

المقدم: هل يجزئ؟

الشيخ: هل يجزئ أم لا؟ يعني رجل أجَّل طواف الإفاضة، ثم في آخر أعمال الحج طاف ناويًا أنه طواف الوداع، فهل يجزئه عن طواف الإفاضة؟

هذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء: فمن الفقهاء من قال: لا يجزئه، وهذا هو ظاهر مذهب الحنابلة، قالوا: لعموم قول النبي : إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى [4].

والقول الثاني: أنه يجزئه، قالوا: لأن نية الحج العامة تكفي، ولا يشترط أن ينوي نية خاصة لكل فعل من أفعال الحج، أرأيت مثلًا الصلاة تنوي أنك تصلي، لكن هل يلزمك أن تنوي نية خاصة للركوع، نية خاصة للسجود، نية خاصة للجلوس؟

المقدم: كلها صلاة.

الشيخ: نعم، كلها تكفيها النية العامة للصلاة، فقالوا: إن نية الحج العامة تكفي، وهذا القول هو القول الراجح والله أعلم، أن نية الحج تكفي، وحتى لو نوى طواف الوداع فإنه يكفيه عن طواف الإفاضة.

المقدم: من كانت حائضًا، وبقيت تنتظر لنفرض هذا، تقول: أقدم السعي، وإذا طهرت سأطوف، تقديم السعي على الطواف.

الشيخ: تقديم السعي على الطواف إذا لم يسبق هذا السعي طواف مشروع، فإنه لا يصح، وهذا هو الذي عليه المذاهب الأربعة: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، أنه يشترط لصحة السعي أن يسبقه طواف مشروع، فلو أن المرأة مثلًا كانت قارنة، أو مفردة وهي حائض، وقلنا: إن الحائض ممنوعة من الطواف، وليست ممنوعة من السعي، وقامت وسعت، لقلنا: سعيها غير صحيح؛ لأنه لم يسبقه طواف مشروع، فيشترط لصحة السعي أن يسبقه طواف مشروع.

المقدم: بالنسبة شيخنا لطواف الوداع يخرج غير أهل مكة، والقريبين من محيطي مكة، يخرجون من حدود الحرم، يجب ذلك من طاف الوداع؟

الشيخ: نعم، من غير أهل مكة، نعم، يخرجون من حدود مكة، ومن حدود الحرم، إذا مثلًا الحاج فرغ من أعمال النسك، ثم طاف طواف الوداع خرج من مكة، فهنا قد انقضى الحج بالنسبة له، فلو أنه رجع ودخل مكة لم يضره؛ لأن الحج انتهى، الحج بالنسبة له انتهى وانقضى.

المقدم: لكن لو طاف الوداع، وبقي لغير عذر؟

الشيخ: لو طاف الوداع وبقي لغير عذر، فيلزمه أن يعيد طواف الوداع مرة أخرى؛ لأنه يجب أن يكون آخر عهده بالبيت.

المقدم: لكن من بقيت له، يعني طاف الوداع، وهناك رفقة ينتظرها، أو حضرت الصلاة، هذا الفاصل القصير؟

الشيخ: هذا الفاصل القصير لا يضر، لو أنه انتظر، حتى لو انتظر ساعات لأجل رفقة.

المقدم: أحيانًا الحافلة تأخذهم إلى المطار.

الشيخ: نعم، أو لعذر، أو لزحام الطريق، أو نحو ذلك، هذا لا يضر؛ لأنه بغير اختياره، أو كان الفاصل قصيرًا مثلًا مدة نصف ساعة، ساعة ذهب ليشتري حوائج له من السوق، أو نحو ذلك، فلا حرج.

المقدم: لكن يجب الخروج من حدود الحرم الخمسة والأربعين كيلو أو.

الشيخ: من حدود مكة كلها.

المقدم: كذلك هنا يرد التأخر لأعذار أخرى كمرض وغيره، هل يجب عليه أن يعيده، يعني من طاف الوداع، ثم جاءه عذر حبسه؟

الشيخ: إذا كان بغير اختياره، لا يلزمه أن يعيده، لكن إذا كان باختياره فإنه يلزمه أن يعيده.

المقدم: ومن الأخطاء التي تقع عند بعض الحجاج أنه إذا طاف الوداع وحضر وقت صلاة يبقى في حافلته، يقول: أصلي إذا مشيت حتى يكون آخر عهدي بالبيت.

الشيخ: نعم، هو يفترض أنه يصلي؛ لأنه يعني الصلاة لا تعتبر فاصلًا طويلًا؛ ولذلك حتى لو كان يطوف، وأقيمت الصلاة، فيقطع الطواف ويصلي صلاة الفريضة، ثم يكمل الطواف، وهكذا أيضًا بالنسبة للسعي.

المقدم: نعم، ذكرتم شيخنا في كثير من مسائل الطواف والسعي: الأذكار والأدعية، وأشياء ثابتة عن النبي ، من أخل بها، هل أخل بالحج المبرور؟

الشيخ: لا يكون أخل بالحج المبرور، المهم أن يأتي بالطواف، يطوف بالكعبة سبعة أشواط، ويسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، وأما الأدعية والأذكار فإنها من السنن، ومن المستحبات.

لكن ينبغي أن يحرص عليها المسلم، ينبغي أن يستحضر المسلم أن هذه عبادة لله ، وأن يحرص على أن يشغل جميع الوقت في الدعاء مقتديًا بالنبي في هذا، نلاحظ مع الأسف أن بعض الناس في أثناء الطواف، وأثناء السعي، أنهم يتشاغلون بأمور يعني غير ضرورية، إلى درجة أن بعضهم يتكلم بالجوال، وهو يطوف، وبعضهم يوصف للناس ويطوف، وبعضهم تجد أنه في سواليف وأحاديث جانبية مع من بجانبه أثناء الطواف. فينبغي أن يستحضر المسلم أن هذه عبادة، ويستحضر المسلم عظمة المكان والزمان الذي هو فيه، ويحرص على الإتيان بهذه العبادة، كما أمر الله ، فهو الآن عندما يطوف بالبيت، يطوف ببيت الله ، وفي أطهر بقعة، وفي عبادة لله سبحانه وتعالى.

فينبغي أن يستحضر هذه المعاني، ويشغل جميع الوقت بالدعاء وبالذكر، وأما ما نراه من بعض الناس الحقيقة أن هذا ربما يخل بالحج المبرور، يعني بعض الناس في أحاديث وضحك وسواليف، وربما بعضهم يكلم بالهاتف الجوال أثناء الطواف، وأسوأ من ذلك من يعني يقع في أمر محرم كالتحرش مثلًا بالنساء أثناء الطواف؛ لأنه أحيانًا مع الزحام يكون الرجال والنساء يكونون قريبين من بعض، فعلى المسلم أن يتقي الله في هذا.

المقدم: نعم، مسألة أخيرة العربات سواء لمن كان له عذر، أو ليس له عذر، يعني هل ركوب هذه العربات سواء في السعي، أو في الطواف تنقص أجر الحاج أو المعتمر؟

الشيخ: أما من كان له عذر فإنه يطوف بالعربة، ويسعى بالعربة، ولا ينقص هذا من أجره شيئًا؛ لأنه معذور بذلك، والنبي في حجة الوداع طاف ماشيًا، لكن الناس اجتمعوا عليه وغشاه الناس، فأمر ببعيره، فركب بعيره، وأكمل الطواف على بعيره؛ لأن الناس قد غشوه.

فدل هذا على أنه لا بأس بأن يطوف الإنسان راكبًا، وأم سلمة اشتكت فأمرها النبي أن تطوف على بعيرها خلف الناس، أما كونه يطوف على العربة من غير عذر، هذا محل خلاف بين الفقهاء، والقول الراجح جوازه؛ إذ أنه ليس هناك دليل يدل على المنع، لكنه خلاف الأفضل وخلاف الأكمل، ربما يؤثر أيضًا في الحج المبرور؛ لأن الحج المبرور ما أتى به صاحبه على الوجه الأكمل، وأتى فيه بجميع السنن.

المقدم: البعض يستدل بركوب النبي .

الشيخ: النبي عليه الصلاة والسلام ركب معذورًا؛ لأن الناس قد غشوه؛ لأنه عليه الصلاة والسلام حج مع قرابة مائة ألف، والكل يريد أن يتأسى به، الكل يريد أن ينظر إليه، وأحاط الناس به، واقتربوا منه، ما استطاع أن يكمل، وهو عليه الصلاة والسلام معذور، ونحن مع هذا لا نقول: إنه لا يجوز أن يركب العربة، يجوز على القول الراجح، لكنه خلاف الأفضل.

المقدم: رفع الله مقامك شيخنا، وأشكرك في ختام هذا اللقاء.

الشيخ: بارك الله فيك، وشكرًا لكم وللإخوة المشاهدين.

المقدم: الشكر كذلك موصول لكم أنتم مشاهدينا الكرام بعد شكر الله ، كان معنا صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، أطيب المنى.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 1727، ومسلم: 1301.
^2 رواه البخاري: 1757، ومسلم: 1211.
^3 رواه البخاري: 305، ومسلم: 1211.
^4 رواه البخاري: 1، ومسلم: 1907.