الرئيسية/دروس علمية/شرح كتاب دليل الطالب لنيل المطالب/(1) مقدمة- تعريف بمؤلف الكتاب وبالكتاب ومنهج المؤلف
|categories

(1) مقدمة- تعريف بمؤلف الكتاب وبالكتاب ومنهج المؤلف

مشاهدة من الموقع

التعريف بمؤلف الكتاب

قال الشيخ: كتاب “دليل الطالب لنيل المطالب”، مؤلف هذا الكتاب هو: زين الدين مَرعي بن يوسف الكَرْمي، والكَرْمي نسبةٌ إلى “طُور كَرْم” أو “طُورك كَرْم”.

و”طُور كَرْم” بالراء، ويُسميها الناس الآن “طُول كَرْم” باللام، وهي قريةٌ من قرى فلسطين، قريبةٌ من نابلس.

وُلد في هذه القرية، وتلقى علومه فيها، ثم بعد ذلك ارتحل إلى بيت المقدس، ثم إلى مصر؛ إلى الجامع الأزهر، وكان هذا الجامع عامرًا بالعلوم الكثيرة، ومضى عليه الآن أكثر من ألف سنةٍ، وقد نفع الله تعالى به نفعًا عظيمًا، فتلقى علومه فيه، ثم بعد ذلك انتقل للتدريس في الجامع الأزهر.

وأثنى عليه العلماء ثناءً عطرًا؛ فقال عنه ابن بشر في تاريخه “عنوان المجد”: “كانت له اليد الطُّولى في الفقه وغيره، وصنَّف مُصنفاتٍ عديدةً في فنونٍ من العلوم”، ويُقال: إن مُصنفاته بلغتْ أكثر من خمسةٍ وثمانين مُصنفًا، وبقي في مصر إلى أن تُوفي سنة ألفٍ وثلاثٍ وثلاثين للهجرة.

التعريف بالكتاب

هذا المتن “دليل الطالب”، وهنا أُنبِّه إلى أنه ربما يشتبه على بعض الطلبة “دليل الطالب” مع “عمدة الطالب”، فـ”دليل الطالب” -هذا المتن الذي بين أيدينا- لمرعي الكَرْمي، و”عمدة الطالب لنيل المآرب” لمنصور بن يونس البُهوتي، فـ”عمدة الطالب” غير “دليل الطالب”، “عمدة الطالب” متنٌ آخر لمنصور بن يونس البُهوتي، فيشتبه على بعض الإخوة “عمدة الطالب” و”دليل الطالب”، فالذي بين أيدينا هو “دليل الطالب” لمرعي الكَرْمي.

منهج المؤلف

بيَّن المؤلف منهجه في هذا الكتاب في المقدمة: بأنه لا يذكر إلا قولًا واحدًا على مذهب الإمام أحمد، وأن هذا القول يكون مما جزم به أهل التصحيح والعرفان، وتكون عليه الفتوى بين أهل الترجيح والإتقان، يعني: القول الراجح في المذهب الحنبلي.

عناية العلماء بالكتاب

حَظِيَ هذا المتن بعنايةٍ كبيرةٍ من العلماء، هو و”زاد المُستقنع”، والعلماء منهم مَن يُفضل “زاد المُستقنع” على “دليل الطالب”، ومنهم مَن يُفضل “دليل الطالب” على “زاد المُستقنع”.

وذكر الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: أن علماء الشام والقصيم يُفضلون “دليل الطالب” على “زاد المُستقنع”، وأن عامة علماء أهل الجزيرة يُفضلون “زاد المُستقنع”.

لكن “دليل الطالب” يتميز عن الـ”زاد” بمزايا، والـ”زاد” يتميز بمزايا:

فالـ”زاد” يتميز بكثرة مسائله، فهو أكثر من “دليل الطالب” في المسائل، لكن “دليل الطالب” يتميز بسهولة عبارته، فهو أسهل منه عبارةً، وأخفُّ تعقيدًا.

وأيضًا يتميز هذا الكتاب -أو هذا المتن- بحُسن الترتيب، وحُسن العرض للمادة العلمية، ويجمع المادة العلمية في موضعٍ واحدٍ، فعلى سبيل المثال: تجد أنه في أقسام الماء الطهور قال: “أقسام الماء الطهور أربعة أقسامٍ”، ثم سردها، ولما أتى إلى سنن الوضوء قال: “سنن الوضوء ثمانية عشر”، ثم سردها، وقال: “شروط المسح على الخُفين سبعة”، ثم سردها، وقال: “نواقض الوضوء ثمانية”، فتجد أنه يجمعها لك -وهذا لا يوجد في المتون الأخرى-: يجمع الشروط في مكانٍ واحدٍ، ويجمع السنن في مكانٍ واحدٍ، ويعدُّها لك بعبارةٍ سهلةٍ مُبسطةٍ، وهذا مما يُعين طالب العلم على الفهم والتحصيل؛ ولهذا فهو يتميز بهذه الميزة: ميزة حُسن عرض المادة العلمية، وسهولة العبارة.

بعض أهل العلم قال: إن هذا المتن مُختصرٌ من “مُنتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات”، وقد أشار المؤلف -الماتن نفسه- إلى هذا إشارةً لطيفةً، حيث قال في مقدمته: “الفائز بمُنتهى الإرادات من ربه”.

وأيضًا ابن بشر في تاريخه قال عن “دليل الطالب”: “ذكر لي –يعني: مُؤلفه- أنه وضعه من قراءته على منصور البُهوتي في متن المُنتهى”.

وعلى كل حالٍ يظهر أن بينهما تقاربًا كبيرًا: بين “مُنتهى الإرادات” و”دليل الطالب”، سواءٌ قلنا: إنه مُختصرٌ منه، أو لم نقل، لكن لا يخفى أن بينهما تقاربًا كبيرًا، فيحتمل أن يكون هذا المتن مُختصرًا من المُنتهى.

أبرز شروح “دليل الطالب”

هذا المتن حَظِيَ بشروحٍ وحواشٍ، ومن أبرز شروحه:

  1. “نيل المآرب بشرح دليل الطالب” لعبدالقادر التغلبي.
  2. هناك حاشيةٌ للشيخ البسام، وهي حاشيةٌ جيدةٌ، تتميز بأنه يذكر فيها بعض المسائل المعاصرة.
  3. وأيضًا شرح “دليل الطالب” للسَّفَّاريني، لكنه لم يُكمله، فقد وصل فيه إلى كتاب: الحدود.
  4. ومن أشهر شروح “دليل الطالب”: “منار السبيل في شرح الدليل” لإبراهيم بن محمد بن ضويان، وتوفي ليلة عيد الفطر سنة ألفٍ وثلاثمئةٍ وثلاثٍ وخمسين للهجرة، يعني: قريبًا، توفي ليلة عيد الفطر، وصُلي عليه بعد صلاة عيد الفطر، يعني: تُوفي فجأةً، وصُلي عليه بعد صلاة عيد الفطر سنة 1353ه.

و”منار السبيل” تميز بكثرة الأدلة فيه، حتى إنَّ الألباني ذكر أن الأحاديث التي وردتْ فيه قُرابة ثلاثة آلافٍ، ما بين حديثٍ وأثرٍ؛ ولهذا اختاره الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله للتخريج، وألَّف في هذا: “إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل”، وذكر أنه اختاره لتميز هذا الكتاب بكثرة الأحاديث التي فيه، يعني: بلغتْ قُرابة ثلاثة آلاف حديثٍ؛ وأيضًا لأن الحنابلة هم أقرب الناس إلى السنة، ولا يوجد كتابٌ خُرِّجتْ أحاديثه، بينما المذاهب الأخرى خُدمتْ، مثلًا: في المذهب الشافعي: “التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير” للحافظ ابن حجر، وفي المذهب الحنفي: “نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية”، لكن المذهب الحنبلي لم يُخدم.

فالشيخ الألباني رحمه الله لما رأى أن الحنابلة هم أقرب الناس إلى السنة، وأحرص الناس قديمًا وحديثًا على السنة؛ ألَّف هذا الكتاب: “إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل”.

وقد شرحه الشيخ عبدالله بن جبرين رحمه الله -شرح “منار السبيل”- وصدر الجزء الأول في كتابٍ سُمي بـ”شفاء العليل شرح منار السبيل”، لكن الذي صدر حتى الآن هو الجزء الأول.

أيضًا “منار السبيل” يُشير في كثيرٍ من الأحيان إلى اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية.

أبرز حواشي الكتاب

هناك بعض الحواشي على “دليل الطالب”، من أبرزها: حاشية ابن مانع.

“دليل الطالب” من أفضل طبعاته الطبعة المُحققة التي بين يدي، حققها أخونا الشيخ: أبو قتيبة الفريابي، وقد قُوبلتْ على أربع نسخٍ خطيةٍ.

وأيضًا هنا أُنبه إلى أن “منار السبيل” قد طُبع مع “إرواء الغليل”، فهو المجلد التاسع والعاشر من “إرواء الغليل” في طبعة المكتب الإسلامي.

يعني: مَن كان عنده “إرواء الغليل” ربما يكفيه عن شراء كتاب “منار السبيل”، طبعةٌ جيدةٌ، فـ”إرواء الغليل” ثماني مجلدات، والتاسع والعاشر هو “منار السبيل”.

هذه مقدمةٌ مُختصرةٌ، والمؤلف قدَّم لهذا المتن بمقدمةٍ قال فيها: “فهذا مُختصرٌ في الفقه على مذهب الإمام أحمد”، وبيَّن منهجه كما ذكرنا قبل قليلٍ، ولعلنا كسبًا للوقت نبدأ بكتاب الطهارة.