|categories

(1) فتاوى رمضان 1443هـ

مشاهدة من الموقع

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، وآله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات مُستمعي ومُستمعات إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية أينما كنتم، وأينما يصلكم هذا الأثير الطيب المبارك، أهلًا وسهلًا بكم، وأسعد الله أوقاتكم بكل خيرٍ، وعمَّرها بطاعته، وجعلنا وإياكم في هذا الشهر الكريم من المقبولين.

مرحبًا بكم معنا في حلقةٍ أخرى من البرنامج اليومي الرمضاني المباشر “فتاوى رمضان”.

أهلًا وسهلًا بكم، وباسمكم جميعًا نُرحب بضيف حلقتنا فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، وأستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

حيَّاكم الله شيخ سعد.

الشيخ: أهلًا، حيَّاكم الله، وبارك فيكم، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.

المقدم: حيَّاكم الله، ونُرحب بكم في هذه الإطلالة الثانية في هذه الحلقة من “فتاوى رمضان” عبر أثير إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية.

ونستأذنكم أن نبدأ بطرح أسئلة المستمعين والمستمعات.

نبدأ من (تويتر): إسحاق نقاء بتري -صديق البرنامج- يسأل عن حكم مَن يُشاهد الأفلام في رمضان.

ولعله يُشير إلى مَن يُضيعون أوقاتهم في هذا الشهر الفضيل.

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه، ومَن اهتدى بهديه واتَّبع سُنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن وقت المسلم ثمينٌ، والوقت هو الحياة، وكل يومٍ يمضي من عمر الإنسان يُقربه من الدار الآخرة، ويُبعده عن الدنيا؛ ولذلك قال ربنا سبحانه: وَالْعَصْرِ والمقصود بالعصر: الوقت والزمن والدهر، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ أي: الإنسان في خسارةٍ؛ لأنه يسير به هذا الزمن وهذا الوقت إلا مَن استثناهم الله ​​​​​​​: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر].

ولهذا ينبغي أن يضنَّ المسلم بوقته عن أن يصرفه في أمورٍ لا فائدة منها، فضلًا عن الأمور المُحرمة، وكل معصيةٍ تقع من الصائم فإنها تنقص من أجر الصائم، وتخدش في هذا الصيام، وإذا كثُرت المعاصي من الصائم فربما يصل للمرحلة التي ذُكرت في قول النبي : مَن لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه [1] أي: أنه إذا لم يتأدب بآداب الصيام، وتجرأ على ارتكاب المعاصي القولية -والتي عبَّر عنها بـقول الزور– والمعاصي الفعلية -والتي عبَّر عنها بقوله: والعمل به– فإنه قد يصل إلى هذه المرحلة: أنه لا يُؤجر ولا يُثاب على هذا الصيام: فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه؛ إذ إن حقيقة الصيام ليست فقط الإمساك عن المُفطرات الحسية من الأكل والشرب، ونحو ذلك، ولكن أيضًا الصيام هو صيامٌ عن الأمور المُحرمة: إمساك الجوارح عن الأمور المُحرمة.

وهذا المعنى ينبغي أن يستحضره المسلم؛ ولذلك حتى في مقام الردِّ على المُخطئ أرشد النبي عليه الصلاة والسلام إلى ترك الردِّ عليه، وأن يعتذر بأنه صائمٌ، فقال: فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله فليقل: إني امرؤٌ صائمٌ [2]، مع أن مُقابلة السباب بمثله من غير زيادةٍ جائزةٌ، كما قال عليه الصلاة والسلام: المُسْتَبَّان ما قالا فعلى البادئ  يعني: إثم المُستبين على البادئ ما لم يعتدِ المظلوم [3]، ولكن إذا كان صائمًا ينبغي أن يحترم شعيرة الصيام؛ فلا يُقابل السباب بمثله، ويعتذر ويقول: إني امرؤٌ صائمٌ.

ولهذا ينبغي أن يحفظ المسلم جوارحه عن الوقوع في الأمور المُحرمة؛ حتى يُثاب ويُؤجر على هذه العبادة: على الصيام، وإلا إذا كثُرت منه فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه.

المقدم: أحسن الله إليكم.

معنا أم عبدالله عبر الهاتف من الرياض.

أم عبدالله.

السائلة: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضلي.

السائلة: لو سمحتَ يا شيخ، أنا قبل أمس خلعتُ سِنِّي، والدكتورة قالت لي: لا بد أن أتمضمض بماءٍ وملحٍ. وأنا تمضمضتُ الظهر، وأحسستُ بطعم الملح في حلقي، فما أعرف يا دكتور هل هو يُفطِّر؟

ويا شيخ، عادي لو استمرَّ باقي الأيام؛ لأن الدكتورة قالت: مدة أسبوعٍ ما يُفطِّر. يعني: أثناء النهار؟

المقدم: طيب، تسمعين الإجابة يا أم عبدالله.

الشيخ: لا يُفطِّر، ما دام أنك تتمضمضين به، ثم تَمُجِّين الماء المُختلط بالملح، فإن هذا لا يُفسد الصيام، ولو وجدتي طعمه في فمك؛ لأنه لم ينفذ للجوف، ولكن ينبغي بعد المضمضة بهذا الماء المخلوط بالملح أن تتمضمضي بماءٍ ليس مخلوطًا بشيءٍ آخر؛ لكي يزول أثر هذا الملح، وأثر هذه الملوحة، لكن ما فعلتِ لا يُفسد الصيام؛ لأن الأصل صحة الصيام، وأنتِ لم تتيقني دخول شيءٍ إلى جوفك، إنما تمضمضتِ وتغرغرتي بهذا الماء المخلوط بالملح، وقمتِ بمَجِّه، هذا أشبه بذوق الطعام، فإن ذوق الطعام للحاجة لا بأس به، مَن يطبخ -من امرأةٍ تطبخ في بيتها أو طبَّاخٍ يطبخ- لا بأس أن يذوق الطعام، ويحتاج لذلك، لكنه يَمُجُّ هذا الطعام الذي ذاقه، ولا يبتلعه، فهذا مُرخَّصٌ فيه للحاجة، فما يدخل في الفم ثم يخرج هذا لا يُفسد الصوم، إنما الذي يُفسد الصوم الذي يدخل للجوف.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

أيضًا من أسئلة المُستمعين: هذه أم أسماء تقول: أريد أن أعتمر عمرةً عن ابنتي المُتوفاة.

تقول: هل لا بد أن آخذ عمرةً لنفسي أم لا؟

علمًا بأنني منذ أربع سنواتٍ لم أعتمر.

الشيخ: إذا كنتِ قد اعتمرتِ في حياتك عمرةً واحدةً فقد أتيتِ بالعمرة الواجبة، ولا يجب عليكِ أن تعتمري عن نفسك؛ لأنك قد أتيتِ بالواجب، لكن الأفضل أن تعتمري عن نفسك أولًا، ثم تخرجي إلى الحِلِّ، وأقرب الحِلِّ التَّنعيم: كمسجد عائشة، وتُحرمين بعمرةٍ أخرى عن ابنتك، فهذا هو الأفضل حتى تجمعي بين الأمرين؛ لأن العمرة في رمضان ثوابها ثواب حجٍّ، كما قال عليه الصلاة والسلام: عمرةٌ في رمضان تعدل حجةً [4]، فالأفضل هو أن تعتمري عن نفسك، ثم عن ابنتك، لكن لو اعتمرتِ عن ابنتك ولم تعتمري عن نفسك فلا بأس، بشرط أن تكوني قد اعتمرتِ عن نفسك في عمرك مرةً واحدةً، يعني: أتيتِ بالعمرة الواجبة؛ بعمرة الإسلام.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

معنا عبر الهاتف من الرياض أم علي.

السائلة: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.

السائلة: يا شيخ، الله يجزيك خيرًا، أنا نمتُ عن صلاة الفجر، وما قمتُ إلا وقد فاتني الأذان، ما سمعتُه، وتوضأتُ وصليتُ، ويوم صليتُ رأيتُ الساعة حين تطلعون من الصلاة.

المقدم: نمتِ عن الفجر، واستيقظتِ بعد، أو صليتِ بعدما خرجوا من الصلاة؟

السائلة: بعدما خرجوا من الصلاة، وأنا شربتُ ماءً.

المقدم: يعني: شربتِ بعد الأذان؟

السائلة: شربتُ ماءً، وذهبتُ لأتوضأ وصليتُ، ويوم صليتُ رأيتُ الساعة وهم خارجون من الصلاة.

المقدم: وسؤالك عن الصيام أو الصلاة؟

السائلة: عن الصيام؛ لأني شربتُ ماءً، وما أدري عن الوقت.

المقدم: يعني: شربتِ ماءً وكنتِ تعتقدين أنه لم يُؤذن للفجر.

السائلة: نعم.

المقدم: ما سؤالك الثاني يا أم علي؟

السائلة: السؤال الثاني: يُوجعني صدري، فكتمتُه ودهنتُه بـ(فكس)، وهذا كان بالأمس في العصر، وأحسستُ أنه داخل جوفي.

المقدم: الدهان أين كان؟

السائلة: على الصدر.

الشيخ: كيف أحسستِ يعني؟

السائلة: أحسستُ بحرارة الـ(فكس) داخل جسمي من خشمي.

الشيخ: واضحٌ، إن شاء الله.

أما بالنسبة لكونكِ شربتِ بطريق الخطأ بعد أذان الفجر: فصومكِ صحيحٌ، ولا شيء عليكِ؛ لأنك لم تتعمدِ ذلك، والخطأ مثل النسيان، وقد قال عليه الصلاة والسلام: مَن نسي وهو صائمٌ فأكل أو شرب فليُتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه [5]، ويقول عليه الصلاة والسلام: إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه [6].

فعلى القول الراجح: أن مَن أكل بطريق الخطأ، سواءٌ كان ذلك في أول النهار، أو في وسطه، أو في آخره؛ أن صومه صحيحٌ.

ولهذا جاء في “صحيح البخاري” وغيره من حديث أسماء رضي الله عنها قالت: “أفطرنا على عهد النبي يوم غيمٍ، ثم طلعت الشمس” [7]، ولم يُنقل أنهم أُمروا بالقضاء؛ وذلك لأنهم أفطروا بطريق الخطأ.

فهكذا مَن أفطر بطريق الخطأ في أول النهار ليس عليه شيءٌ، وهذه قاعدة الشريعة: رفع المُؤاخذة عن المُخطئ والنَّاسي.

وعلى هذا نقول للأخت الكريمة التي شربتْ بعد أذان الفجر: إن صومكِ صحيحٌ؛ لأنكِ إنما شربتِ بطريق الخطأ، وكنتِ تعتقدين أنه لم يُؤذن لصلاة الفجر، وما دام أنه بطريق الخطأ فليس عليكِ شيءٌ، وصومكِ صحيحٌ.

المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا.

تسأل عن الـ(فكس) إذا دُهن في غير الوجه، ربما دُهن في الصدر وشعرتْ بطعمه في الحلق مثلًا.

الشيخ: لا يُؤثر على صحة الصيام، فصيامك صحيحٌ، والدهن بالـ(فكس) ليس مُفسدًا للصيام؛ لأنه لا ينفذ للجوف.

وأما ما أحسستِ به، يعني: هذا أمرٌ نفسيٌّ، وإلا فكونكِ تدهنين على الصدر، ثم تقولين: إني أحسستُ أنه ذهب للجوف. كيف يذهب للجوف؟!

منافذ الجوف معروفةٌ: إما عن طريق الفم، أو الأنف، وهذا مجرد دهانٍ وُضِعَ على الصدر، فهذا الإحساس الذي أحسستِ به إنما هو أمرٌ نفسيٌّ، وإلا فصومكِ صحيحٌ.

جميع أنواع الدهانات لا تُفسد الصوم، سواءٌ كان الـ(فكس) أو غيره من الدهانات، فجميع الدهانات لا تُفسد الصوم.

فنقول للأخت الكريمة: اطمئني، صومكِ صحيحٌ، والحمد لله.

المقدم: جزاك الله خيرًا.

معنا أبو محمد من الرياض.

تفضل يا أبا محمد.

السائل: أسأل الشيخ، الله يحفظك، والله يُطول بعمره على طاعته، ويجزيه عنا خير الجزاء.

الوالد -يا طويل العمر- أُصيب بجلطةٍ دماغيةٍ قبل عشر سنواتٍ أفقدته الذاكرة، وأفقدته الحركة كذلك، وأصبح ما يعرف الأوقات، ولا يعرف الأقارب، ولا يعرف حتى النُّطق، ولا يعرف أوقات الصلاة، وغيرها، فسألتُ قبل فترةٍ، لكن قالوا لي: إنه إذا كان يُرجى بُرؤه فأنت تُطعم عنه، وإذا كان ما يُرجى بُرؤه ما تُطعم.

فأنا حتى الآن والله ما أدري يا شيخ، هو الآن له عشر سنواتٍ، فهل نُطعم عنه؟ وهل نصوم عنه؟

الشيخ: ما يعرفكم إذا أتيتم له؟

السائل: ما يعرفنا يا شيخ، ما يعرف.

المقدم: تسمع الإجابة يا أبا محمد.

تفضل يا شيخ سعد.

الشيخ: ليس عليه شيءٌ، لا يُطعم عنه، وهو مرفوعٌ عنه القلم؛ لأنه في هذه الحال ما دام أنه وصل إلى هذه المرحلة: أنه لا يعرف أحدًا من الناس، ولا يعرف حتى أبناءه، فمعنى ذلك أنه ليس بمُكلفٍ شرعًا، والنبي قال: رُفع القلم عن ثلاثةٍ [8].

فالذي افتقد العقل مرفوعٌ عنه القلم، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده، فالتكليف لا بد أن يكون معه عقلٌ، فلا يمكن أن يكون غير العاقل مُكلفًا، فالذي ذهب عقله بأي سببٍ من الأسباب، ومن ذلك ما ذكره الأخ السائل من ذهاب عقله بسبب هذه الجلطة الدماغية، نقول: إنه لا يجب إطعامٌ عليه ولا قضاء، فهو الآن في هذه المرحلة في مرحلة عدم التكليف، وليس عليه شيءٌ، خاصةً أنه بقي هذه السنين الطويلة -بقي عشر سنواتٍ- وهو على تلك الحال، فنقول: ليس عليه شيءٌ، والحمد لله.

المقدم: أحسن الله إليكم.

هذه السائلة تقول: إذا كانت على الإنسان كفارات يمينٍ، هل تُجزئ إذا دفع المال لإفطار العمال في المسجد في رمضان، وعددهم يزيد عن العشرة؟ وهل لكل كفارةٍ مبلغٌ مُحددٌ؟

الشيخ: دفع الكفارة لتفطير الصائمين لا يُجزم معه بأن الكفارة دُفعت للفقراء والمساكين، فإن هؤلاء المُفطرين قد يكون فيهم من غير الفقراء والمساكين، قد يكون فيهم من بعض العاملين، ونحو ذلك، وقد يكون فيهم أيضًا بالنسبة للعمالة من غير المسلمين، وهؤلاء لا تُدفع لهم الكفارة.

ولذلك نقول: لا تُدفع كفارة اليمين في تفطير الصائمين إلا إذا جزم بأنها لن تذهب إلا للفقراء والمساكين فلا بأس، إذا جزم بذلك، لكن الأماكن المفتوحة لا يُجزم بذلك، فالجزم بذلك صعبٌ؛ فلهذا ننصح بألا تُدفع الكفارة في تفطير الصائمين، وإنما الكفارة تكون للفقراء والمساكين.

ومَن يجد صعوبةً في إيصالها طعامًا للفقراء والمساكين فبإمكانه أن يُسلمها لإحدى الجمعيات الخيرية، والجمعية الخيرية تسير على فتاوى العلماء والمشايخ في أنهم يشترون بهذا المبلغ طعامًا ويُوزعونه على الفقراء والمساكين، وعندهم قوائم بأسماء الفقراء والمساكين.

المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا.

معنا عادل من جيزان عبر الهاتف.

تفضل يا عادل.

السائل: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل.

السائل: يا شيخ، لو سمحتَ سؤالي عن العمرة: أنا ذاهبٌ إلى جدة بخصوص العمل، وعندي ثلاثة أيام عملٍ في جدة، وفي نيتي أيضًا أن أعمل عمرةً في رمضان.

الشيخ: من أي بلدٍ؟

السائل: أنا من جيزان.

الشيخ: مُسافرٌ بالطائرة؟

السائل: أنا مُسافرٌ بالطائرة، فهل أقضي عملي وأرجع إلى الميقات، أم أذهب إلى التَّنعيم، أم كيف الطريقة بالضبط؟

الشيخ: وأنت جازمٌ بنية العمرة؟

السائل: نعم، أنا عندي عملٌ أقضيه ثم أتَّجه للعمرة.

الشيخ: نعم، واضحٌ السؤال، إن شاء الله.

المقدم: نعم، تفضل يا شيخ سعد.

الشيخ: لا بد من أن تُحرم من الميقات، فإما أن تُحرم وأنت في طريقك من جيزان إلى جدة، عندما تمر بالميقات تُحرم، وتبقى في جدة، ومتى ما تيسر تذهب وتعتمر.

والخيار الثاني: أنك تذهب إلى جدة وتُؤدي عملك، فإذا أردتَ العمرة رجعتَ إلى الميقات، فلا بد أن ترجع للميقات، ومَن يأتي من جهة الجنوب ميقاتهم يلملم، فترجع ليلملم وتُحرم منه.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

أيضًا من الأسئلة: هذه سائلةٌ تقول: ما الحكم إذا ترك الإنسان سجدة التلاوة في أكثر من موضعٍ من كتاب الله؟

الشيخ: سجود التلاوة مُستحبٌّ، وليس واجبًا، وقد خطب عمر بالناس خطبة الجمعة، وقرأ سورة النحل، فلما بلغ آية السجدة نزل من على المنبر فسجد، وسجد الناس معه، فلما كانت الجمعة الثانية قرأ سورة النحل مرةً أخرى، ولما بلغ آية السجدة لم يسجد، وقال: “أيها الناس، إنه لم يُفرض علينا السجود إلا أن نشاء”، وكان هذا بمحضرٍ من الصحابة، فكان كالإجماع.

وهذا في “صحيح البخاري”، وهو ظاهر الدلالة في عدم وجوب سجود التلاوة، فسجود التلاوة مُستحبٌّ؛ ولذلك مَن ترك سجود التلاوة في موضعٍ أو مواضع فلا شيء عليه، لكن ينبغي أن يحرص على أن يسجد سجود التلاوة، سواءٌ كان في الصلاة، أو في غيرها؛ لأنه سنةٌ، لكن لو قُدِّر أنه ترك سجود التلاوة لأي سببٍ فالأمر في ذلك واسعٌ؛ لأنه ليس واجبًا، وإنما هو مُستحبٌّ.

المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا.

معنا أم خالد عبر الهاتف من مكة.

تفضلي يا أم خالد.

السائلة: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضلي.

السائلة: لو سمحتَ يا شيخ أريد أن أسأل عن زوجي: يقرأ ويلحن في القراءة، ويُخرج الكلمة عن معناها، وإذا رددتُ عليه يزعل مني ويقول: أنتِ ما تفهمين، لا، أنا ما غلطتُ. وهو يغلط ويخرج عن المعنى.

المقدم: في الصلاة أو خارج الصلاة؟

السائلة: لا، خارج الصلاة في القراءة العادية، تلاوة القرآن.

المقدم: نعم.

السائلة: السؤال الثاني: عندي زكاةٌ، وأعرف واحدةً فقيرةً، لكن زوجها ميسور الحال، فهل أُعطيها الزكاة؟

الشيخ: زوجها يُنفق عليها أو لا يُنفق؟

السائلة: يُنفق، لكنها فقيرةٌ وأقاربها.

الشيخ: لكن زوجها ليس غنيًّا؟

السائلة: لا، ليس غنيًّا، مستور الحال، وأهلها هي فقراء؛ لأنها أجنبيةٌ فقيرةٌ.

المقدم: طيب، شكرًا لكِ يا أم خالد، وتسمعين جواب الشيخ.

تفضل يا شيخ سعد.

الشيخ: أما بالنسبة لسؤالها الأول عن زوجها، وأنه يلحن، فينبغي أن تبذل له النصيحة لتصحيح تلاوته، لكن يكون ذلك برفقٍ ولينٍ، ويكون بأسلوبٍ مناسبٍ، ولو يكون بطريقةٍ غير مباشرةٍ يكون هذا أفضل؛ لأنها ذكرتْ أنه لا يتقبل منها تصحيح التلاوة، فيُمكن أن تأتي -مثلًا- بمسجلٍ وتُشغل -مثلًا- أحد المُقرئين لهذه الآية التي لحن فيها -هذا مثلًا أحد الخيارات- وتُبين له -مثلًا- بطريقٍ مناسبٍ الطريقة الصحيحة للتلاوة، لكن تستخدم معه الرفق واللين واللطف؛ لأن بعض الناس عنده تحسسٌ من النقد، لكن يبقى أن النصيحة لا بد منها، والدين النصيحة [9]، وأنها لا بد أن تبذل.

فنقول: أختي الكريمة، تبذلين النصيحة لزوجك في تصحيح التلاوة، لكن يكون ذلك بالحكمة وبالرفق، وتختارين الأسلوب المناسب للتَّصحيح.

المقدم: السؤال الثاني عن الزكاة.

الشيخ: وأما بالنسبة لهذه المرأة التي ذكرتْها الأخت السائلة، فالذي يظهر من وصفها لها أنها مُستحقةٌ للزكاة ما دامت فقيرةً، ومن أسرةٍ فقيرةٍ، وأن زوجها ليس بغنيٍّ، فهي مُستحقةٌ للزكاة.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

معنا أم حمزة من الرياض.

السائلة: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضلي.

السائلة: عندي مشكلةٌ في الفم؛ فالأسنان واللثة تُدمي دائمًا، فأنا لما أبلع ريقي أجد طعم الدم، فهل صيامي صحيحٌ أم لا؟

المقدم: تجدين طعم الدم؟

السائلة: باقٍ طعم الدم فيه.

المقدم: لكن تلفظينه، ما تبتلعينه؟

السائلة: للأسف ليس على طولٍ ألفظه، في أوقاتٍ لا أقدر، ما عندي إمكانيةٌ أن ألفظه.

الشيخ: طيب، عندك وساوس في هذا؟

السائلة: لا، أنا ما عندي وساوس -الحمد لله-، المشكلة أن فمي على طولٍ مُدْمَى.

المقدم: طيب، تسأل عن أسنانها، وأنها تُدمي طوال الوقت.

الشيخ: تلفظ هذا الدم الذي يكون في الفم، وصومها صحيحٌ، ولو قُدِّر أنه نفذ إلى الجوف دمٌ بغير اختيارها فلا شيء عليها، وصومها صحيحٌ؛ لأن ما ينفذ للجوف بغير اختيار الصائم لا يُفسد الصوم، حتى لو نفذ ماءٌ، أو نفذ طعامٌ، أو نفذ أي شيءٍ بغير اختيار الصائم فليس عليه شيءٌ؛ لأن هذا الدين مبناه على اليُسر والسماحة والسهولة، والله تعالى يقول: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185]، ويقول: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78]، ويقول: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5].

فما قد يدخل في جوف الصائم بغير اختياره بطريق الخطأ، أو النسيان، أو الجهل، ونحو ذلك، فهذا كله لا يُفسد الصوم.

ولهذا نقول للأخت الكريمة: هذا الدم الذي يخرج من اللثة تلفظينه، ولو قُدِّر أنه نفذ شيءٌ إلى الجوف بغير اختيارك فصومكِ صحيحٌ.

وننصحك أيضًا بألا تُكثري من التفكير فيه؛ لأن كثرة التفكير في هذا الموضوع تنقله إلى الوسواس؛ ولذلك سألتُك: هل عندك وساوس؟ لأن مثل هذه الأسئلة هي مُبتدأ وساوس، أو مظنة ابتداء وساوس.

فنقول: أختي الكريمة، إذا أُفتيتِ في هذه المسألة فينبغي أن تلتزمي بالفتوى، وأن تقطعي التفكير في هذا الموضوع، فكثرة التفكير في موضوعٍ معينٍ تُؤدي للوسواس.

فنقول للأخت الكريمة: صومك صحيحٌ -والحمد لله-، وكلما خرج منك هذا الدم من اللثة الفظيه، ولا شيء عليكِ.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

أنتم أيها الإخوة والأخوات تستمعون إلى أثير إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية، وحلقة من البرنامج اليومي المباشر “فتاوى رمضان”.

عودةٌ إلى أسئلتكم واتصالاتكم.

معنا عبدالرحمن من جدة.

تفضل يا عبدالرحمن.

السائل: السلام عليكم، مُباركٌ عليكم الشهر.

المقدم: على الجميع يا رب.

تفضل يا عبدالرحمن.

السائل: عندي سؤالان يا شيخ:

السؤال الأول: بالنسبة للزكاة: إذا دخلتُ في مشروعٍ -مثلًا- بمئة ألفٍ، وربحتُ عشرة آلاف ريال، في العام القادم أدفع زكاةً عن المكسب أو رأس المال + المكسب؟

هذا السؤال الأول.

الشيخ: دخلتَ في مشروعٍ يعني: في عروض تجارةٍ؟

السائل: نعم، تجارةٌ برأس مالٍ مئة ألفٍ، وبعد سنةٍ ربحتُ عشرةً، فصارت عندي مئةٌ وعشرة آلافٍ، والزكاة فيها اثنان ونصف في المئة على المئة وعشرة، أو على العشرة الآلاف؟

هذا السؤال الأول.

السؤال الثاني: أنا في نفس الوقت عندي تجارةٌ ومديونٌ؛ عندي تجارةٌ رأس مالي فيها يُقارب مئتي ألف، ومديونٌ بحوالي مئة ألفٍ، والدَّين بغير التجارة، الدَّين غير مُتعلِّقٍ بالتجارة إطلاقًا.

الشيخ: لكن الدَّين حالٌّ أو مُؤجَّلٌ؟

السائل: لا، مُؤجَّلٌ.

الشيخ: نعم.

السائل: أدفعه براحتي.

الشيخ: يعني: ما في أقساط حالَّة.

السائل: لا، ما في أقساط، عندما تتيسر أموري أدفع، أو إذا تيسرت من تجارتي أدفع من الدَّين الذي عليَّ.

السؤال: هل يدخل في موضوع الزكاة أني أخصم الدَّين الذي عليَّ من رأس المال وأدفع الفارق؟

المقدم: واضحٌ السؤال يا شيخ سعد؟

الشيخ: نعم.

المقدم: نبدأ بالسؤال الأول: سأل عن الزكاة في المكسب ورأس المال، أم في المكسب فقط؟

الشيخ: نعم، الزكاة تكون في رأس المال مع الربح؛ لأنك دخلتَ في عروض تجارةٍ، والزكاة تجب في رأس المال مع الربح، حتى لو لم يَحُلِ الحولُ على الربح؛ لأن حول الربح تابعٌ لحول أصله، فإن نتاج السائمة وربح التجارة حولهما تابعٌ لحول أصليهما، كما قال الفقهاء.

ولهذا نقول للأخ السائل الكريم: عليك أن تُزكِّي المبلغ كاملًا: رأس المال والربح، فتُزكِّي مئةً وعشرة آلافٍ.

وأما بالنسبة لسؤالك الثاني: عندك رصيدٌ وديونٌ، لكن هذه الديون ديونٌ مُؤجلةٌ، فهي غير مُستحقةٍ عليك حاليًّا؛ ولذلك لا تخصمها من المبلغ الذي تريد زكاته، لكن لو قُدِّر أن عليك دَيْنًا مُستحقًّا -دَينًا حالًّا وقسطًا مثلًا- فإنك تخصم هذا الدَّين الحالَّ من المبلغ الذي تريد زكاته.

مثال ذلك: لو كان -كما ذكرتَ- أن الرصيد الذي عندك مئتا ألف ريالٍ، وكان عندك قسطٌ بخمسين ألفًا -مثلًا- وأنت مُطالبٌ بسداده الآن، فإنك تُزكي مئةً وخمسين ألفًا، ولا يلزمك أن تُزكِّي مئتي ألفٍ، وتخصم الخمسين من المبلغ الذي تريد زكاته.

المقدم: أحسن الله إليكم.

أيضًا من أسئلة المُستمعين -وقد أشرتُم شيخ سعد إلى قضية الوسواس في السؤال السابق- هذا أحمد يقول: عندي وسوسةٌ في صيامي، مثلًا: إذا صليتُ شككتُ أن المكان نجسٌ، وقلتُ بداخلي: إنها وسوسةٌ … إلى آخر ذلك، ثم الصيام أُوسوس أنه لن يُتقبل، وإذا لم تُقبل صلاتي ونحو ذلك، حتى ثقلتْ عليَّ عبادة الصوم، فهل عبادة الصلاة تتعلق بعبادة الصوم؟ وإن كانت هناك نصيحةٌ لمَن ابتُلي بهذه الوساوس.

الشيخ: ننصحك بأن تقطع التفكير في هذه الأشياء التي تُوسوس فيها؛ لأن من أسباب زيادة الوسواس: كثرة التفكير في الشيء الذي يُوسوس فيه، فبالنسبة للصيام اقطع التفكير في الوسوسة: هل يصحُّ منك الصيام أم لا؟

وأنت أمسكتَ عن المُفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فالأصل هو صحة صيامك.

كذلك بالنسبة للمكان الذي تُصلي فيه: ابْنِ على الأصل: الطهارة، فالأصل في الأشياء الطهارة، فإذا شككتَ: هل هذا المكان نجسٌ؟ لا تلتفت لهذا الشك، وابْنِ على الأصل.

وهكذا في بقية الأمور التي تُوسوس فيها، اقطع التفكير فيها، وفكِّر في أمورٍ أخرى، وأشغل نفسك بذكر الله ، خاصةً في هذا الموسم، وهذا الشهر المبارك، فأكثر من تلاوة القرآن، ومن ذكر الله سبحانه، واقطع التفكير في هذه الأمور التي تُوسوس فيها.

قطع التفكير يحتاج منك في البداية إلى مُجاهدةٍ، لكنك تحمد العاقبة، أما إذا استرسلتَ في التفكير في هذه الأمور التي تُوسوس فيها، فإن هذا الوسواس يزداد معك شيئًا فشيئًا إلى أن يتحول إلى درجة الوسواس القهري، وحينئذٍ لا تستطيع التحكم فيه في هذه الحال، ولا بد إذا وصل إلى درجة الوسواس القهري أن تذهب للطبيب المُختص؛ لأنه أصبح مرضًا، لكن ما دام في بداياته فننصحك بأن تقطع التفكير في هذا الشيء الذي تُوسوس فيه، وإذا جاهدتَ نفسك على ذلك، وقطعتَ التفكير فيه يومًا ويومين وثلاثة ستجد أن الوسواس يتلاشى عنك شيئًا فشيئًا، حتى يزول عنك بالكلية.

المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا.

هذه ابتسام مُستمعة البرنامج تقول: ابنتي مُصابةٌ بالصرع، وأحيانًا وقت الصلاة تأتيها النوبة من الصرع، فهل يجوز لي أن أقطع صلاتي لمُساعدتها؟

وتطلب الدعاء لبنتها.

الشيخ: نسأل الله تعالى أن يشفيها، وأن يُعافيها، ويشفي مرضى المسلمين.

نعم لا بأس بقطع صلاتك عندما تأتي ابنتك النوبة؛ وذلك لأنك تسعين في إنقاذها وفي سلامتها، وهذا أمرٌ مطلوبٌ شرعًا، والصلاة يمكن أن تُعيديها مرةً أخرى، حتى لو كانت الصلاة صلاة فريضةٍ، إذا كان قطع الصلاة لإنقاذ حياة مسلمٍ فلا بأس بهذا القطع.

وعلى ذلك نقول: أختي الكريمة، متى ما شعرتِ بأن نوبة الصرع أتت ابنتك فإنك تقطعين الصلاة، ولا شيء عليكِ.

المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا.

معنا عبر الهاتف عبدالله من الرياض.

تفضل يا عبدالله.

السائل: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.

السائل: عندي أكثر من سؤالٍ باختصارٍ: أنا عندي سيارةٌ باسم شخصٍ آخر، بحكم أن الرخصة ما أقدر أن أُجددها؛ فعليَّ مُخالفاتٌ مروريةٌ.

المقدم: السيارة اشتريتها أو تأجيرٌ؟

السائل: لا، اشتريتها.

المقدم: يعني: اشتريتَ سيارةً باسم شخصٍ آخر؟

السائل: نعم، ووقعتُ في حادثٍ مروريٍّ، واتصلتُ على الشخص نفسه بحكم أنني ما عندي الرخصة؛ من أجل أن يشمل التأمين.

هذا السؤال الأول.

السؤال الثاني: حكم الاقتراض من البنك الإسلامي والاستثمار بالقرض نفسه.

المقدم: من أي بنكٍ؟

السائل: الراجحي.

السؤال الثالث: حكم العملات الرقمية.

المقدم: طيب، تسمع الإجابة يا عبدالله.

يسأل يقول: عنده سيارةٌ اشتراها باسم شخصٍ آخر، وصدم بها، ويريد أن يحضر هذا الشخص من أجل أن يشمله التأمين.

الشيخ: ليس لك ذلك إلا بعد الرجوع لشركة التأمين ولائحتها ونظامها، فربما الشركة لا تسمح بذلك، فليس لك أن تفعل هذا؛ لأن هذه الأموال أموال أعدادٍ كثيرةٍ من الناس، وأنت تريد الآن أن تستفيد من صاحبك؛ لأجل تسديد ما قد ترتب على هذا الحادث من تعويضٍ ومن تلفياتٍ، مع أن صاحبك لم يقع منه الحادث أصلًا، والتأمين إنما هو لصاحبك، وليس لك، فإذا كانت لوائح الشركة لا تسمح بأن تُعطى التأمين، فليس لك ذلك.

المقصود أنك ترجع لشركة التأمين نفسها وتُخبرهم بواقع الأمر، وأن السيارة باسم شخصٍ آخر، وأنك أنت الذي تقودها، ووقع منك الحادث، فإذا كانت الشركة لا تسمح بذلك فليس لك أن تستفيد من هذا التأمين.

المقدم: السؤال الثاني كان عن الاقتراض من بنكٍ إسلاميٍّ.

الشيخ: هذا الذي يُسميه الأخ: اقتراضًا، الأحسن أن يُوصف بأنه تمويلٌ؛ لأنه في حقيقته تمويلٌ، وليس اقتراضًا، فإن البنوك الإسلامية لا تُقرض، والقرض ليس بخُلُقٍ للبنوك؛ لأنها مؤسساتٌ ربحيةٌ.

نعم البنوك التقليدية ربما تُقرض قروضًا ربويةً، لكن البنوك الإسلامية لا تُقرضه، إنما تُعطي تمويلاتٍ بصيغٍ وأدواتٍ مباحةٍ شرعًا.

فكون الأخ الكريم يطلب تمويلًا من هذا البنك الذي سمَّاه -وهو مصرف الراجحي- لا بأس بذلك؛ لأن جميع تمويلات هذا المصرف تخضع للهيئة الشرعية لهذا المصرف، وتحت رقابةٍ شرعيةٍ عاليةٍ، وجميع التمويلات لديه مُجازةٌ من الهيئة الشرعية؛ ولذلك لا بأس أن تأخذ تمويلًا من هذا المصرف.

وبالنسبة للمبلغ تتصرف فيه كما تريد، يعني: ليس بالضرورة أن يكون كما ذكرتَ أنه لأجل استثمارٍ، المهم أنك تتصرف في هذا المبلغ بما تريد، وما ترى أن فيه المصلحة، المهم أن هذا التمويل ما دام أنه من مصرفٍ إسلاميٍّ، ومُجازٌ من الهيئة الشرعية؛ فلا بأس به.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

كان سؤاله الثالث عن العملات الرقمية.

الشيخ: العملات الرقمية -مثل: بيتكوين وغيرها- فيها رأيان للعلماء المعاصرين؛ فمنهم مَن منعها؛ وذلك لما ينطوي عليها من الغرر والتَّذبذب الكبير في الأسعار، فقالوا: إنها تُشبه بعض أمور القمار من بعض الوجوه.

ورأى فريقٌ من العلماء المعاصرين جوازها، وأنها لا تختلف عن العملات الأخرى، فهي -يعني- كالعملات الأخرى التي يجوز تداولها إذا تحقق التَّقابض والضوابط الشرعية.

ففيها رأيان للعلماء المعاصرين، ولم يتحرر لي فيها القول الراجح، فأنا مُتوقفٌ فيها؛ وذلك لأن القول بجوازها ربما يُؤدي إلى تغرير كثيرٍ من الناس فيها، خاصةً مع التَّذبذب الكبير في قيمة هذه العملات.

والقول أيضًا بالمنع ربما يترتب عليه إشكالٌ؛ قد يُقال: إن هذه عملات مُتداولة، وما الفرق بينها وبين العملات الأخرى؟ وربما يكون تداولها في المستقبل أوسع.

ثم أيضًا فيها أمورٌ لم تتضح من جهة نشأتها ومَنْشَئها، والجهات التي تتبعها، ونحو ذلك، فلا زال فيها غموضٌ.

وعلى هذا -يعني- فبالنسبة لي لم يتحرر لي فيها قولٌ راجحٌ، لكن مَن أخذ برأي المُجيزين من أهل العلم فيسعه ذلك، وله أن يتعامل بها بناءً على رأي مَن أجازها من العلماء.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

هذه منى في (تويتر) تقول: ابنتي تستخدم دواءً للأعصاب، في أول يومٍ من رمضان لم تأخذ العلاج قبل صلاة الفجر بسبب النوم، وأخذت العلاج بعد صلاة الفجر، فما الحكم في ذلك؟

الشيخ: ما دام أنها أخذت العلاج بعد طلوع الفجر فصومها غير صحيحٍ، وتقضي هذا اليوم بعد رمضان، وهي معذورةٌ في ذلك؛ لكونه علاجًا ونسيته قبل طلوع الفجر، وهو لا بد منه، فكونها تأخذه بعد طلوع الفجر للحاجة لهذا العلاج لا يلحقها إثمٌ، لكن يلزمها القضاء بعد رمضان.

المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا.

معنا عبر الهاتف يحيى من الرياض.

تفضل يا يحيى.

السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نفع الله بعلمك شيخنا الكريم.

عندي سؤالٌ -الله يُسعدك-: صلاة الجمعة، قبل الصلاة أحضر بساعةٍ أو أقلّ، وأُصلي مَثْنَى مَثْنَى حتى يقوم الإمام، وأقرأ من الجوال، فأحيانًا هناك أناسٌ يُنكرون، فأريد أن أسأل عن صحة هذا العمل: هل هو صحيحٌ أم لا؟

الشيخ: يُنكرون ماذا؟

السائل: كيف يا شيخ؟

الشيخ: أقول: يُنكرون عليك ماذا؟ أنك تُصلي في وقت النهي أو ماذا؟

السائل: لا، يقولون: المفروض أن تقرأ في المصحف في الأرض، جالسٌ تقرأ، ما تُصلي وتقرأ، وأنا أجمع بين الصلاة والقراءة، يعني: أُصلي وأقرأ من الجوال.

السؤال الثاني: الله يكتب أجرك، الصلاة هل إذا أذَّن المُؤذن دخل وقت الصلاة، ويجوز لي أن أُصلي مع بداية الأذان، أم أنتظر حتى ينتهي الأذان؟

الشيخ: أذان ماذا؟

السائل: صلاة الفجر، خاصةً في صلاة الفجر؛ لأن إمامنا -الله يجزيه خيرًا إن شاء الله- يأخذ عشر دقائق بين الأذان والإقامة خاصةً في رمضان، يعني: على أساس أن الناس تُصلي وتنام.

الشيخ: الإشكال عندك في ماذا: في الأذان أو في الصلاة؟

السائل: لا، الصلاة، يُؤذن وعشر دقائق ويُصلي، وسؤالي أنا: هل إذا أذَّن المُؤذن قبل الأذان هل يجوز أن أُصلي على طول؟ هل يدخل وقت الصلاة أم أنتظر حتى ينتهي الأذان؟

السؤال الثالث: كيف أجمع بين الدعاء لنفسي والصلاة على الرسول ؟ يعني: كما جاء في الحديث: إذا تركتَ لي ربع دعائك، أو ثلث دعائك، أو كله، كُفيتَ همَّك وغمَّك، يعني: فيما معنى الحديث.

وشكرًا يا شيخ، الله يكتب أجرك.

المقدم: نعم، حيَّاك الله يا يحيى، وتسمع الإجابة، إن شاء الله.

السؤال الأول يا شيخ سعد كان عن صلاة الجمعة، يقول: يُصلي قبل صلاة الجمعة، ويقرأ من الجوال أثناء الصلاة.

الشيخ: عملك هذا لا بأس به، بل هو الأفضل، لكن ينبغي إذا أتى وقت النهي أن تتوقف عن الصلاة، ووقت النهي قبل الزوال بنحو عشر دقائق، يعني: قبل أذان الظهر بنحو عشر دقائق تتوقف عن الصلاة.

وأنت ذكرتَ في سؤالك أنك تستمر في الصلاة إلى دخول الخطيب، والمُفترض أن الخطيب إنما يدخل بعد الزوال، فهذا هو وجه الخطأ عندك، كأنك تُصلي وقت النهي، فهو خطأٌ عند جماهير الفقهاء؛ لعموم الأدلة الدالة على أن هذا الوقت الذي يسبق الزوال أنه وقت نهيٍ.

فنقول للأخ الكريم: فعلك صحيحٌ، لا بأس به، واستمر عليه، لكن قبل أذان الظهر بنحو عشر دقائق تتوقف عن الصلاة، وكونك تجعل تلاوة القرآن داخل الصلاة هذا هو الأفضل، وإنكار مَن أنكر عليك وقال: اجعل تلاوة القرآن خارج الصلاة. هذا في غير محله، وهذا المُنْكِر عليك هو الذي يُنْكَر عليه؛ لأنه أنكر عليك بغير علمٍ، فأنت تقرأ القرآن داخل الصلاة، وتقرأ من المصحف، فهذا أفضل من أن تجعل التلاوة خارج الصلاة؛ لأن الصلاة هي أحبُّ عبادةٍ إلى الله ؛ ولما سُئل النبي عن أحبِّ العمل إلى الله قال: الصلاة على وقتها [10].

فاشتغالك بالصلاة إلى وقت النهي قبل الزوال بنحو عشر دقائق أو ربع ساعة، هذا شيءٌ حسنٌ، ومأثورٌ أيضًا عن السلف؛ مأثورٌ عن بعض السلف أنهم كانوا يفعلون ذلك.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

بقيت معنا دقيقتان في وقت البرنامج، وبقي سؤالان ليحيى.

يسأل: إذا أذَّن المؤذن هل يدخل وقت الصلاة؟ يعني: بإمكانه أن يُصلي في أثناء الأذان أم ينتظر فراغ المؤذن؟

الشيخ: المفترض أن الأذان يكون عند دخول الوقت، فإذا أذَّن المؤذن فمعنى ذلك أن الوقت قد دخل، فلا بأس أن تُصلي، لكن الأفضل أنك تُتابع المُؤذن؛ حتى تنال أجر المتابعة، وتأتي بالذكر الوارد الذي يُقال بعد الأذان: اللهم ربَّ هذه الدعوة التامة … [11] إلى آخره، ثم بعد ذلك تُصلي.

وما أشرتَ إليه من تعجل إمامكم في الصلاة: أنه بعد عشر دقائق، فهذا مُخالفٌ لتعليمات وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، فعليك أن تنصحه أن يلتزم بالوقت الذي حددته الوزارة، والوزارة حددت ما بين أذان الفجر وإقامة الفجر بخمسٍ وعشرين دقيقةً، فعلى أئمة المساجد أن يلتزموا بهذه التعليمات.

وإذا لم يلتزم إمامكم بهذه التعليمات يمكن أن تُبلغ الوزارة بذلك؛ حتى تُلزمه بأن ينتظر هذه المدة.

المقدم: أحسن الله إليكم، ونفع بما قلتم، وجزاكم خيرًا فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، وأستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، شكر الله لكم.

الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين، وفي أمان الله.

المقدم: أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 1903.
^2 رواه البخاري: 1904، ومسلم: 1151.
^3 رواه مسلم: 2587.
^4 رواه البخاري: 1863، ومسلم: 1256.
^5 رواه البخاري: 1933، ومسلم: 1155.
^6 رواه ابن ماجه: 2045، وابن حبان: 7219.
^7 رواه البخاري: 1959.
^8 رواه أبو داود: 4401، والترمذي: 1423.
^9 رواه مسلم: 55.
^10 رواه البخاري: 527، ومسلم: 85.
^11 رواه البخاري: 614.