|categories

(9) فتاوى رمضان 1443 هـ

مشاهدة من الموقع

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسعد الله أوقاتكم بكل خير، وعمر أيامكم بطاعته، وتقبل منا ومنكم، وعفا عنا وعنكم، وجعلنا وإياكم من عتقائه من النار في هذا الشهر الفضيل.

حياكم الله في حلقة أخرى من (فتاوى رمضان)، البرنامج اليومي المباشر، الذي تقدمه لكم إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية.

باسمكم جميعًا مستمعينا الكرام نرحب بضيف هذه الحلقة فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور/ سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، أستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

فضيلة الشيخ السلام عليكم، وأهلًا بكم.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله، وحيا الله الإخوة المستمعين.

المقدم: حياكم الله يا شيخنا الكريم، ونبدأ بهذا السؤال من أحد المستمعين الكرام، يقول: في هذه الأيام يُسن عن النبي الإكثار من قول: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، ويسأل: هل تُقال في الليل في ليالي هذه العشر، أم تُقال في النهار أيضًا؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، واتبع سنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا الدعاء قد جاء في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «قلت: يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني [1]، وهذا يدل على استحباب هذا الدعاء في كل وقت، لكنه يتأكد في هذه الليالي الفاضلة، فهو يُقال في الليل والنهار، لكن يتأكد في الليل؛ لأن ليلة القدر إنما تكون في ليالي هذه العشر المباركة، ولهذا ينبغي الإكثار من هذا الدعاء: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”، الإكثار منه عمومًا، وفي هذه الليالي على وجه الخصوص.

وكذلك أيضًا ما كان في معناه بسؤال الله المغفرة والرحمة، تقول: رب اغفر لي وارحمني، رب إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت؛ فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، وهذا هو الدعاء الذي علمه النبي أبا بكر الصديق ، كما جاء في صحيح مسلم، قال: “قلت: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي؟ فقال له النبي قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم[2]، هذا يقال في الصلاة، وأيضًا يقال خارج الصلاة، خاصة في هذه الليالي الفاضلة.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، وأيضًا السؤال حول ذات الدعاء، يقول: إذا كان يدعوه بمفرده، هل يقول: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، أم يقول: فاعف عنا؟

الشيخ: إذا كان الداعي وحده، فيكون بضمير المفرد، فيقول: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”، أما إذا كان إمامًا لجماعة في المسجد يصلي بهم، أو يدعو في جماعة، فيقول: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا”، فيكون الضمير بحسب الحال، إن كان الداعي مفردًا فيأتي بضمير المفرد، فيقول: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”، أما إذا كان يدعو ويؤمِّن على دعائه آخرون، فيأتي بضمير الجمع: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا”.

المقدم: أحسن الله إليكم، معنا أول المتصلين في هذه الحلقة من الطائف أم محمد.

السائلة: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضلي يا أم محمد، واسمعينا من الهاتف، وأغلقي المذياع، تفضلي.

السائلة: لو سمحت يا شيخ عندي زكاة أجمعها من عيال زوجي، ومن زوجي، وأنا مقيمة في السعودية، زوجة مواطن سعودي، وأخليها إلى بعد العيد، وأرسلها إلى اليمن، هل عليَّ فيها شيء؟

الشيخ: زكاة فطر.

السائلة: نعم، أرز، أرز وحَب كذا.

الشيخ: نعم، لكن لا بد أن الفقراء هناك يوكلونك في استلامها.

السائلة: هم وكلني؛ لأنهم أهلي وأخواتي وأخواني كذا زي كذا.

المقدم: سؤالك الثاني يا أم محمد.

السائلة: سؤالي الثاني: عندي شيبة كبير في السن هو زوجي، لكن الصلاة ما هو مرة محافظ عليها، لأنه كبير في السن، والصيام ما يصوم، وأنا أبغى استفسر هل عليَّ أنا فيها شيء، أنا أنصحه وأقول له، لكن أحيانًا … وأحيانًا يُضيع.

الشيخ: بالنسبة للصلاة يصلي أحيانًا؟

السائلة: أحيانًا نعم يقوم يصلي.

الشيخ: الصيام، لماذا لا يصوم؟

السائلة: يقول: يجيئني جفاف في فمي وزي كذا.

الشيخ: وكبير في السن.

السائلة: كبير في السن يمكن عمره في الثمانين كذا.

الشيخ: أيه، نعم.

المقدم: تسمعين الإجابة يا أم محمد.

السائلة: الله يجزيكم بألف خير، ويعطيكم الصحة والعافية.

المقدم: شكرًا لك يا أم محمد، تسأل سؤالها الأول عن جمع زكاة الفطر هنا، لترسلها فيما بعد لأقاربها في اليمن.

الشيخ: إذا أخذت منهم وكالة وكلوها في استلام زكاة الفطر عنهم، فلا بأس بذلك بأن تستلم زكاة الفطر عنهم وكالة عنهم، ثم بعد ذلك، بعد العيد ترسل هذه الزكاة لهم، فتكون نائبة عنهم في استلام زكاة الفطر.

المهم أنه لا بد من توكيل منهم لها في استلام زكاة الفطر عنهم، فإذا وكلوها في استلامها، فلا بأس تستلمها، ثم ترسلها لهم متى ما تيسر.

المقدم: وتسأل عن زوجها كبير في السن، وأحيانًا يترك بعض الصلوات، وأحيانًا لا يصوم لكبر سنه، يقول: عنده جفاف ونحو ذلك في الفم.

الشيخ: أما بالنسبة للصيام فإذا كان يشق عليه الصوم لكبر سنه، فلا بأس أن يفطر، ويطعم عن كل يوم مسكينًا، أما بالنسبة للصلاة فلا بد أن يصلي، تركه وتساهله في بعض الصلوات هذا لا يجوز، فإن الصلاة هي عمود دين الإسلام، وهي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، ولا حظ في الإسلام لمن ضيع الصلاة، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، النبي يقول: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة [3]، ويقول: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر [4]، وقد نُقل إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة، نقله غير واحد من أهل العلم، نقله عبدالله بن شقيق العقيلي، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم.

وهذا يدل على خطورة الأمر، وإذا كان يصلي أحيانًا، فإنه لا يخرج عن دائرة الإسلام، على القول الراجح يبقى مسلمًا، لكنه يكون على خطر عظيم، ويدخل في الساهين الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ۝الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5]، فوصفهم الله تعالى بأنهم يصلون، لكنهم عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ، أي: يصلونها أحيانًا، ويتركونها أحيانًا، وأحيانًا يؤخرونها عن وقتها، فتوعدهم الله بالويل، وهذا يدل على خطورة الأمر.

فنقول للأخت الكريمة: تنصحين زوجك، وتستمرين في مناصحته، وتنوعين الأساليب، وأيضًا تستعينين بمن يبذل له النصيحة، فإن بعض الناس ربما لا يقبل النصيحة من شخص، لكنه يقبلها من شخص آخر.

المقدم: أحسن الله إليكم، أيضًا من أسئلة المستمعين هذا السائل يقول: كنت صغيرًا في عمري تقريبًا في العشرين، وكان عندي معتقد حول قول الله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ [البقرة:187]، يقول: كنت أظن أنه إلى قبل شروق الشمس، وكنت آكل وأشرب حتى يطلع الصبح، وهذا جهلًا مني، فهل عليَّ الآن شيء؟

الشيخ: ما دام أن هذا وقع جهلًا منك، فليس عليك شيء، ولا يلزمك قضاء؛ لأن نظير هذا وقع من أحد الصحابة وهو عدي بن حاتم ، فإنه لما نزلت الآية: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187]، أتى بعقالين أحدهما: أبيض، والآخر: أسود، وجعل يأكل ويشرب، حتى يتبين له العقال الأسود من الأبيض، فذكر ذلك للنبي ، فقال: ذاك بياض النهار من سواد الليل [5]، لكنه عليه الصلاة والسلام صحح له المفهوم، ولم يأمره بالقضاء، مع أنه ظاهر الحال أنه كان يأكل ويشرب بعد طلوع الفجر، لكن ذلك بطريق الخطأ والتأول.

وهذا هو الذي حصل بعينه للأخ السائل الكريم، فليس عليه شيء فيما مضى، لكن ينتبه مستقبلًا، ويمسك مع أذان المؤذن؛ لأن المؤذنين يؤذنون على طلوع الفجر، فإذا أذن المؤذن فإنه يمسك.

المقدم: أحسن الله إليكم، معنا عبر الهاتف أبو محمد من الرياض.

السائل: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل يا أبا محمد.

السائل: الشيخ سعد السلام عليكم.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

السائل: عندي طال عمرك ثلاثة أسئلة، السؤال الأول: أوصاف الناس في يوم القيامة، ثلاثة أوصاف: السابقون، وأهل اليمين، والشمال.

الشيخ: نعم.

السائل: إذا قرأت السابقون وأهل اليمين، هل كل مرة اسأل الله أن يجعلني منهم …؟

المقدم: نعم، طيب.

السائل: السؤال الثاني: أثناء الدعاء للقنوت في رمضان، في الحمد لله سبحانه، هل يسن رفع اليدين، أم عند الدعاء؟

المقدم: طيب، تسمع الإجابة، السؤال الثالث.

السائل: السؤال الثالث: بالنسبة للجنائز، الآن اتباع الجنائز أنا أحيانًا أصلي في مساجد خارج الجنائز، وأروح للمقبرة، هل يعتبر إني شيعت الجنازة مشيت معها لما وصلت المقبرة، أم لا؟

المقدم: طيب تسمع الإجابة يا أبا محمد.

السائل: الله يغفر ذنبك، شكرًا، طال عمرك.

المقدم: شكرًا لك، طيب سؤال أبي محمد الأول يا شيخ سعد عن أوصاف الناس يوم القيامة: السابقون، وأهل اليمين، وهو يسأل يقول: إذا وردت هاتان الآيتان هل أسأل الله في كل واحدة منهما أن أكون منهم؟

الشيخ: هذه الأقسام الثلاثة ذكرها الله في سورة الواقعة، قال: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ [الواقعة:10]، ثم ذكر أصحاب اليمين، ثم ذكر أصحاب الشمال، والسابقون هم أول الأقسام، لكنهم كما قال ربنا سبحانه: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ۝وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ [الواقعة:13-14]، أي: أن أكثر السابقين إنما يكونون من أول هذه الأمة، وقليل منهم من آخرها، وذلك لأن أول هذه الأمة هو أفضلها، هم جيل الصحابة والتابعون وتابعوهم هم أفضل هذه الأمة.

ولذلك فإن السابقين منهم أكثر من آخر الأمة، ولهذا لما ذكر سبحانه السابقين قال: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ۝وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ [الواقعة:13-14]، ولما ذكر جل وعلا أصحاب اليمين، قال: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ۝وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ [الواقعة:39-40].

والنبي كان إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بآية فيها تعوذ تعوذ، وإذا مر بآية فيها ذكر فضل الله سأل الله من فضله، وعلى ذلك نقول للأخ الكريم: لا بأس إذا مررت بهذه الآيات أن تسأل الله تعالى أن تكون منهم.

السابقين تسأل الله أن تكون منهم، وهكذا أصحاب اليمين، وهكذا أيضًا في الآيات الأخرى، كما في قول الله سبحانه: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]، تقول: اللهم اجعلني منهم، فلا بأس بذلك، فإن النبي كان يتأول القرآن، وكان إذا مر بآية فيها فضل الله سأل الله تعالى من فضله، وإذا مر بآية فيها ذكر النار تعوذ بالله تعالى من النار.

المقدم: أحسن الله إليكم، سؤاله الثاني عن دعاء القنوت، وعن رفع اليدين في الدعاء.

الشيخ: يشرع رفع اليدين في دعاء القنوت للإمام وللمأمومين، وسؤال الأخ الكريم: متى يشرع رفع اليدين؟ هل يشرع مع بداية الدعاء، مع أن الإمام يبدأ بحمد الله تعالى وتمجيده والثناء عليه، أو أن المأموم لا يرفع يديه، إلا إذا شرع الإمام في الدعاء؟

الجواب: أن الإمام والمأمومين يشرع لهم رفع اليدين من أول الدعاء، ولو كان الإمام يبدأ بحمد الله والثناء عليه وتمجيده؛ وذلك لأنه تابع للدعاء، ومقدمة للدعاء، ولهذا فإن النبي في بعض أدعيته بدأ بحمد الله، والثناء عليه، ورفع يديه من أول الدعاء، فإنه في عمرته وحجته لما وصل إلى الصفا رفع يديه، وحمد الله وكبر، وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده [6]، ثم دعا، ومع ذلك رفع النبي يديه من بداية الحمد والتكبير والثناء على الله .

وعلى هذا فيُشرع رفع اليدين من أول الدعاء، وليس عندما يدعو الداعي فقط، وإنما من أول الدعاء، ولو كان الداعي يبدأ بحمد الله والثناء عليه وتمجيده.

المقدم: أحسن الله إليكم، يا شيخ سعد أيضًا البعض يمسح وجهه وبعض أجزاء جسده بعد الفراغ من الدعاء، هل هذا مشروع؟

الشيخ: هذا روي فيه حديث عن النبي في مسح الوجه بعد الفراغ من الدعاء، لكن هذا الحديث حديث ضعيف، لا يصح عن النبي ، ولهذا فإن القول الراجح عند المحققين من أهل العلم أنه لا يشرع مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء.

المقدم: أحسن الله إليكم، سؤاله الثالث عن اتباع الجنائز، وتشييع الجنازة متى يعتبر يعني يدخل في الأجر؟

الشيخ: النبي يقول: من صلى على جنازة فله قيراط، ومن تبعها حتى تدفن، فله قيراطان [7]، فمن حقق هذين الوصفين فإنه يرجى أن يحوز على القيراطين، وكل قيراط مثل جبل أحد، وهذ عمل يسير، والأجر المرتب عليه عظيم جدًّا.

ولذلك لما بلغ هذا الحديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: “لقد فرطنا إذن في قراريط كثيرة”، وقول الأخ السائل الكريم: إنه لا يتيسر له أن يصلي على الجنازة في المسجد، فيصلي عليها في المقبرة، فهل يحوز أجر القيراطين؟

نقول: نعم، يرجى ذلك، وفضل الله واسع، لأنه قد صلى على الجنازة، وتبعها حتى تدفن، فيكون قد حقق الوصف المذكور في الحديث، بل إنه في عهد النبي كانت معظم الجنائز لا يصلى عليها في المساجد، وإنما كان يصلى عليها في مصلى الجنائز قريب من المقبرة، فكان هذا هو الغالب، الغالب أن الجنائز في عهد النبي يصلى عليها في مصلى الجنائز قريب من المقبرة، وإن كان قد صلي في المسجد على بعض الجنائز كابني بيضاء، لكن الغالب أن الصلاة على الجنازة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام لم تكن في المسجد، وإنما تكون في مصلى الجنائز الذي هو قريب من المقبرة.

وعلى ذلك نقول للأخ السائل الكريم: إذا صليت على الجنازة في المقبرة، وبقيت مع المشيعين حتى تدفن، فيرجى أن تنال أجر القيراطين.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، أيضًا من أسئلة المستمعين هذه حصة في تويتر تقول: نحن نصلي التراويح مع إمام يختم القرآن، ولكنه يقرأ خارج صلاة التراويح، فهل تكتب لنا أجر ختمة؟

الشيخ: الله تعالى يقول: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل:20]، والأمر في هذا واسع، المهم أن الإمام يقرأ ما تيسر من القرآن، ولا يلزم أن يكون ذلك في ختمة كاملة من الفاتحة إلى الناس، وإن الفقهاء يقولون: ينبغي للإمام أن يسمع المأمومين القرآن كله في شهر رمضان، لكن هذا على سبيل الأولوية، فإذا كان الإمام لا يتيسر له أن يختم بالناس في الصلاة ختمة كاملة، وقرأ بعض الأجزاء في بيته، وأتمها في الصلاة، فلا بأس بذلك، والأمر في هذا واسع إن شاء الله.

المقدم: أحسن الله إليكم، معنا من الجوف زينة.

السائلة: السلام عليكم ورحمة الله.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضلي.

السائلة: الله يبارك فيكم، بالنسبة للسؤال الأول؛ عندي سؤالين:

السؤال الأول: عن زكاة الفطر، طبعًا أهلي يخرجونها، لكن يتساهلون في إخراجها، يعني يعطونها لناس غير محتاجين، فما الحكم؟

والشيء الثاني: أنا قلتُ لهم: بأني سأخرج الزكاة عن نفسي، زكاة الفطر أعطيها لناس محتاجين، يعني أنا نصحتهم كثير بأن يعطوها لناس محتاجين، لكن ما قبلوها مني.

الشيخ: هل يعطونها أغنياء، أو يعطونها أناس لم يظهر عليهم الفقر؟

السائلة: يعطونها ناس ما يظهر عليهم الفقر.

الشيخ: نعم.

السائلة: وأنا أخرجها عن نفسي أعطيها لناس محتاجين.

المقدم: نعم، السؤال الثاني يا زينة.

السائلة: السؤال الثاني نسمع يا شيخ بعض الناس يرددون هذا الدعاء يقولون: يا فرج الله، يا قدرة الله، يا رحمة الله، فما حكم هذا الدعاء.

المقدم: طيب تسمعين الإجابة يا زينة، سؤالها الأول عن زكاة الفطر، وإخراجها لمن لم يظهر عليه الحاجة.

الشيخ: لا بأس بذلك، هذا هو المنقول عن بعض الصحابة أنهم كانوا يعطون زكاة الفطر لمن لم يظهر عليه الغنى ويقبلها، فالمطلوب هو الأخذ بظاهر الحال، فإذا كان هذا الشخص يقبل زكاة الفطر، ولم يظهر عليه غنى، فلا بأس بأن يُعطى زكاة الفطر.

وكون الإنسان يتحرى المستحقين لا شك أن هذا هو الأولى، كونه يبحث عن الفقراء خاصة الفقراء المتعففين الذين لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا [البقرة:273]، يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ [البقرة:273]، لا شك أن هذا أعظم أجرًا وثوابًا.

لكن مع ذلك إذا لم يظهر على هذا الشخص غنى، وقبل زكاة الفطر؛ فتبرأ الذمة بإعطائها إياه.

المقدم: أحسن الله إليكم، وتسأل تقول هي تُخرج الزكاة عن نفسها، طلبت منهم أن تخرج زكاتها بنفسها.

الشيخ: لا بأس أن تُخرج زكاتها بنفسها إذا كانت لا تطمئن لكون هؤلاء مستحقين لزكاة الفطر، وتريد أن تُبرئ ذمتها، وتُخرج زكاتها بنفسها، فلا بأس، لكن تنتبه ألا تقع في عقوق لوالديها؛ لأنه أحيانًا بعض تصرفات الأبناء أو البنات يكون فيها نوع من الإساءة للوالدين، فإذا كان هذا سيتسبب في إساءة لوالدها أو والدتها بحيث تضيق صدورهم منها، فلا تفعل ذلك، وإنما تعطيهم زكاتها ويعطونها على الطريقة التي ذكرت.

أما إذا كان سيتقبلون هذا الأمر بصدر رحب، فلا بأس أن تذهب وتأخذ زكاتها بنفسها، وتعطيها من تراه أنه أهل لذلك.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، سؤالها الثاني كان عن قول القائل: يا فرج الله، يا قدرة الله، يا رحمة الله.

الشيخ: هذا يكون بحسب مقصد قائله، فإذا كان مقصده يا فرج الله، يعني: أرجو فرجًا من الله ، وأسأل الله تعالى أن يفرج لي كربتي، وأسأل الله تعالى بقدرته أن يفرج همي، ولا يخطر بباله أنه يدعو القدرة، أو يدعو الفرج، فهذا لا بأس به، وهذا هو الظاهر من حال من يقول ذلك، أنه يقصد يا فرج الله، يعني: أرجو أسأل الله تعالى الفرج، وأسأل الله تعالى بقدرته أن يفرج عني همي، وأن يزيل كربتي.

المقدم: أحسن الله إليكم، أيضًا من أسئلة المستمعين هذا عبدالله البشري من الجموم يسأل عن صلاة الإشراق، هل تكون في نفس المكان الذي صلى فيه المصلي، أم ينتقل من مكانه لدفع البرد، أو للحاجة في تغيير مكان المصلى، يقول: ما المقصود بالمصلى في الحديث؟

الشيخ: أولًا الحديث المروي في ذلك: من صلى صلاة الفجر وبقي في مصلاه يذكر الله، حتى تطلع الشمس، كتب له أجر حجة وعمرة تامة، تامة، تامة [8]، أخرجه الترمذي، لكن في سنده ضعف.

ويغني عنه ما جاء في صحيح مسلم، وغيره من حديث سمرة : “أن النبي كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه ‌حتى ‌تطلع ‌الشمس حسنا” [9]، وهذا يدل على أن الجلوس في المسجد بعد صلاة الفجر أنه سنة، الجلوس في المسجد لذكر الله ، ولا بأس أيضًا أن يتحدث مع من في المسجد في بعض الأمور المباحة، فإن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا جلس في المسجد يتحدث، بعض الصحابة يتكلمون في أمور الجاهلية، وما من الله تعالى به عليهم من الإسلام، وكان أحيانًا عليه الصلاة والسلام يبتسم عندما يسمع حديثهم.

فالبقاء في المسجد حتى تطلع الشمس سنة، لكن بعد ذلك صلاةٌ ما، يسميها بعض الناس بصلاة الإشراق، هذه ليس عليها دليل، والحديث الذي ذكرت حديث ضعيف، ولذلك فليس هناك شيء اسمه صلاة إشراق، إلا إذا قصد بذلك صلاة الضحى في أول وقتها، إذا قصد بذلك صلاة الضحى في أول وقتها فلا بأس، وتكون بعد طلوع الشمس بنحو عشر دقائق، أو ربع ساعة، يعني بعد زوال وقت النهي، بعد زوال وقت النهي يبدأ وقت صلاة الضحى.

فإن أراد أن يصلي صلاة الضحى في أول وقتها فلا بأس، وبعض العامة يسمونها صلاة إشراق، والأفضل تأخير صلاة الضحى لآخر وقتها، لقول النبي : صلاة الأوابين حين ترمض الفصال [10]، أي: حين تشتد الرمضاء.

لكن لو خشي أن ينسى مثلًا أو ينشغل، وصلى صلاة الضحى في أول وقتها بعد طلوع الشمس بنحو عشر دقائق، أو ربع ساعة، فلا بأس بذلك، أما أن هناك صلاة خاصة بالإشراق، فلا أعلم لهذا دليلًا صحيحًا، والحديث المروي في ذلك ضعيف.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، معنا عبر الهاتف من الدمام كريم.

السائل: السلام عليكم يا شيخ.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

السائل: شيخ عندي سؤالين بعد إذن حضرتك، السؤال الأول بخصوص أنا متزوج وعندي الحمد لله طفلان، لكن نستخدم وسيلة لمنع الحمل، مع الاستخدام للوسيلة حصل حمل، يعني الأم منهكة جدًّا في تربية الطفلين، وتدرس تكمل دراستها، فهل يجوز إسقاط الحمل يا شيخ، مع العلم أن عمر الجنين خمسين يومًا.

هذا سؤالي الأول، السؤال الثاني بخصوص انتقاض الوضوء أثناء أداء العمرة، هل ينفع نكمل العمرة أو لازم نتوضأ وبعد هذا نرجع نكمل ثانية؟

المقدم: تسمع الإجابة يا كريم، شكرًا لك، سؤاله الأول يقول: متزوج وعنده طفلان، ويستخدم وسيلة لمنع الحمل، ولكن حدث حمل رغم ذلك، ولتعب الأم يسأل: هل يجوز إسقاط الجنين، علمًا أنه في اليوم الخمسين أم لا؟

الشيخ: ننصحك أيها الأخ الكريم بأن لا تفعل، وألا تجهض هذا الحمل، وإن كان عمره خمسين يومًا، وذلك لأن السبب الذي ذكرت ليس سببًا معتبرًا ومعولًا عليه، وهذا الحمل ربما يكون ابنًا صالحًا، أو بنتًا صالحة تبركما، وتقر أعينكما بهذا المولود، وربما يكون عالمًا من علماء المسلمين.

والإنسان لا يدري أين يكون الخير، وأما مشقة التربية، فهذا ليس بعذر، وأنتم مأجورون على التربية، ولهذا ننصحكم بإبقاء هذا الحمل وعدم الإجهاض، نعم لو كان هناك مرض مثلًا، لو كانت الأم مريضة مثلًا، وعليها حرج في استمرار الحمل، فهذا له فتوى أخرى، هذا له فتوى أخرى، إذا كان هناك ظروف صحية، أما الظرف الذي ذكرت وهو مشقة التربية، فهذا لا يعول عليه.

ولذلك نقول للأخ الكريم: تبقون هذا الحمل، ولا تجهضونه، وسيعينكم الله ، وهو قد أتى برزقه، رزقه على الله : وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [هود:6].

المقدم: أحسن الله إليكم، سؤاله الثاني عن انتقاض الوضوء أثناء العمرة.

الشيخ: انتقاض الوضوء أثناء العمرة هذا محل خلاف بين أهل العلم في صحة الطواف، من أهل العلم من يرى أن الطواف لا يصح، وهذا قول الجمهور، وهناك قول آخر بصحة الطواف.

فإذا كان الإنسان بإمكانه أن يتدارك وأن يذهب ويعيد الوضوء، ويستأنف الطواف من جديد، فهذا هو المطلوب؛ خروجًا من خلاف العلماء في هذه المسألة، لكن إذا كان هذا الأمر قد حصل وانقضى، ومضى عليه وقت، وخرج من مكة، فأرجو ألا يكون عليه شيء، لأن القول بصحة الطواف من غير طهارة قول قوي، اختاره الإمام ابن تيمية رحمه الله، وجمع من المحققين من أهل العلم؛ لأنه حج مع النبي عدد كثير من الناس، قدروا بمائة ألف.

وهؤلاء مختلفون في أفهامهم وفي أمورهم، ومنهم من أتى من البادية، ومنهم من أتى من أماكن بعيدة عن المدينة، وهذا العدد الكبير ربما، بل يغلب على الظن أنه لا بد أن يكون فيهم من يطوف على غير طهارة، ولو كانت الطهارة شرطًا لصحة الطواف لبين هذا النبي للصحابة، ولبين هذا للأمة، ولاستفاض هذا واشتهر، كما اشتهر نهي الحائض عن أن تطوف بالبيت، وكما اشتهر أن الحائض لا تصح منها الصلاة ولا الصيام، فهذه من الأمور التي تعم بها البلوى، والتي هي مظنة الاستفاضة والاشتهار لو كان ذلك ثابتًا عن النبي .

وعلى ذلك فأقول: من كان داخل مكة، فالأولى أن يعيد الطواف خروجًا من خلاف العلماء في هذه المسألة، أما من أتى بالعمرة وانتهى، وخرج خارج مكة، فأرجو أن يكون طوافه صحيحًا وعمرته صحيحة إن شاء الله.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، أيضًا معنا عبر الهاتف من مكة أم وعد.

السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضلي.

السائلة: يا شيخ صلاة التراويح، الآن أول ما أستفتح بدعاء الاستفتاح، فهل يجب كل ركعة كل بعد ركعتين هل أعيد الاستفتاح، أو خلاص أكون على أول ركعة خلاص باقي الركعات يكون ما عاد فيها دعاء استفتاح، أو أقعد كلما صليت ركعتين أستفتح إلى أن تنتهي صلاة التراويح، هذا السؤال.

بنفس يعني الدعاء حق التراويح القنوت يعني بعدما ينتهي رمضان، هل أيضًا أكمل في أيام الوتر العادية هل يكون فيها قنوت أيضًا، أم خلاص تنتهي بركعة من غير دعاء يعني والوتر؟

وفي السنن القبلية مثل الظهر والعصر إذا تأخرت عن وقتها هل أُأديها، أم أصلي الفرض على طول، مثلًا تأخرت عن وقتها عن مثلًا ساعة، هل أصلي السنة عادي أو أبدأ خلاص أبدأ بالفرض خلاص مثل العصر القبلية؟

الشيخ: سنة العصر القبلية.

السائلة: القبلية العصر والظهر، الظهر في قبلها أربعة، والعصر نفس الحكاية، يعني إذا تأخرت مثلًا عنها ساعة مثلًا يعني انشغلت، هل أصليها هذا أو خلاص أبدأ بالفرض، عشان يقولون لي تنتهي خلاص إذا ما صليتها بعد الإقامة خلاص أبدأ بفرضك، هل هذا صحيح، أو أصلي أبدأ وأكمل فرضي؟

الشيخ: تقصدين إذا فاتتك الآن سنة الظهر القبلية متى تصلينها؟

السائلة: نعم يعني أنا تأخرت عنها يقولون لك صلها على طول بعد الإقامة، بعدما تقوم قصدي الصلاة يأذن على طول صلها قبل الإقامة، لكن لو تأخرت عنها ساعة، وجيت أصلي الظهر يقولون لي خلاص صلي ظهرك يعني خلي الإقامة.

الشيخ: نعم، اتضح..

المقدم: طيب، تسمعين الإجابة يا أم وعد، شكرًا لك، سؤالها الأول عن صلاة التراويح، وعن دعاء الاستفتاح هل تكرره في كل بداية ركعتين؟

الشيخ: نعم، دعاء الاستفتاح من سنن الصلاة، وكل ركعتين من صلاة التراويح مستقلة بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها، ومن ذلك: دعاء الاستفتاح، وعلى هذا فيشرع دعاء الاستفتاح في أول كل ركعتين من صلاة التراويح.

ويلاحظ أن بعض أئمة المساجد يبدؤون مباشرة بقراءة الفاتحة، وهذا خلاف السنة، السنة أن يبدأ بقراءة دعاء الاستفتاح في أول كل ركعتين، وأن يتركوا العجلة يعني يلاحظ أيضًا أن هناك من يستعجل، فينبغي أن يصلي صلاة مطمئنة، خاصة إذا كان إمامًا للمسجد، فخلفه المأمومون وهو مؤتمن، فينبغي أن يحرص على الطمأنينة وعلى الخشوع، وعلى الإتيان بسنن الصلاة، فضلًا عن واجباتها وأركانها وشروطها، ومن سنن الصلاة: دعاء الاستفتاح فيؤتى به في أول كل ركعتين.

المقدم: سؤالها الثاني هل في الأيام العادية هل يقنت الإنسان عندما يصلي الوتر، أم فقط يصلي الوتر ويسجد؟

الشيخ: القنوت في الركعة الأخيرة من صلاة الوتر مشروع في شهر رمضان، وفي غير رمضان، أو مشروع طوال السنة، لكن يقول أهل العلم: إنه ينبغي عدم المحافظة عليه، وإنما يترك أحيانًا؛ لأن النبي علمه الحسن، علمه بعض الصحابة، وتركه عليه الصلاة والسلام في بعض صلواته لما صلى معه بعض الصحابة، مثل: حذيفة، وابن مسعود، وابن عباس، لم يذكروا أنه عليه الصلاة والسلام قنت.

وقوله عليه الصلاة والسلام سنة، وفعله سنة، وتركه سنة، والذي يجمع بين هذه كلها هو أن الإنسان يقنت أحيانًا، ويدع القنوت أحيانًا.

المقدم: سؤالها الثالث عن السنن القبلية إذا تأخرت عن أداء الفرض يعني هل تصليها، أم لا بد أن تصليها بعد الأذان مباشرة؟

الشيخ: لا يلزم أن يؤتى بالسنن بعد الأذان مباشرة، وما ذُكر للأخت الكريمة من أنه لا بد أن يؤتى بالسنة بعد الأذان مباشرة، هذا غير صحيح، وإنما السنة مرتبطة بالوقت، فسنة الظهر القبلية تكون بعد دخول وقت صلاة الظهر، وقبل صلاة الفريضة، فلو أنها أخرت صلاة الفريضة لساعة مثلًا، فلا بأس أن تأتي بالسنة الراتبة قبل صلاة الظهر، قبل أن تأتي بفريضة الظهر تأتي بالسنة القبلية، ولا يلزم أن يكون ذلك بعد الأذان مباشرة.

المقدم: أحسن الله إليكم، نختم بهذا السؤال من إحدى الأخوات تقول: أنا أوقظ أبنائي وبناتي لصلاة الظهر، أبقى من صلاة الظهر إلى صلاة العصر أوقظهم، ولا يصلون قرب المغرب، فيصلون الصلوات التي فاتتهم، تقول: هل عليَّ ذنب إذا لم أوقظهم إلا مرة واحدة قبل المغرب مثلًا، لأنني تعبت معهم؟

الشيخ: هذه الشكوى يشتكي منها كثير من الآباء والأمهات في تساهل أولادهم بالصلاة، فنقول: إن أمر الأبناء والبنات بالصلاة من الأمور أولًا العظيمة التي ذكرها الله تعالى من مناقب الأنبياء، فذكر الله تعالى عن إسماعيل: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا [مريم:55]، وقال الله تعالى لنبيه محمد : وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ [طه:132]، فهذا من مناقب الأنبياء، وهذا يدل على أنه عمل صالح عظيم.

ثم أيضًا إن الأب والأم مسؤولان أمام الله عن رعاية أولادهما، يقول النبي : كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الرجل راع في أهل بيته، ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها [11].

وعلى ذلك نقول للأخت الكريمة: عليك أن تأمري أولادك من بنين وبنات بالصلاة في كل وقت، فإن استجابوا فالحمد لله هذا هو المطلوب، وإن لم يستجيبوا لك فقد برئت ذمتك، لكن عليك أن تأمريهم بذلك، وأن تستمري في نصحهم وإرشادهم وأمرهم بذلك.

وأن أيضًا تظهري عدم رضاك عنهم، حتى يحافظوا على هذه العبادة، كما أمر الله ​​​​​​​، الذكور يصلونها، الأبناء الكبار يصلونها مع الجماعة في المسجد، والبنات يصلينها في وقتها، أما تأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر، فهذا من كبائر الذنوب، معدود عند أهل العلم من الكبائر، ومن يفعل ذلك يدخل في الساهين الذين توعدهم الله بالويل في قوله: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ۝الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5]، أي: يؤخرونها عن وقتها، أو يتركونها أحيانًا، فهؤلاء هم الساهون الذين توعدهم الله .

فنقول للأخت الكريمة: استمري في نصحك لأولادك من بنين وبنات بالصلاة، وأمرك لهم بالصلاة، واصبري على ذلك، وتأمرينهم في كل وقت، إذا فعلت ذلك برئت ذمتك، وأسأل الله تعالى لهم الهداية.

المقدم: صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور/ سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، أستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، شكر الله لكم.

الشيخ: وشكرًا لكم، وللإخوة المستمعين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه الترمذي: 3513، وقال: “حديث حسن صحيح”، وأحمد: 26215.
^2 رواه البخاري: 7387، ومسلم: 2705.
^3 رواه مسلم: 82.
^4 رواه الترمذي: 2621، وابن ماجه: 1079.، وأحمد: 22937.
^5 رواه البخاري: 1916، ومسلم: 1090.
^6 رواه البخاري: 2995.
^7 رواه مسلم: 945.
^8 رواه الترمذي: 586.
^9 رواه مسلم: 670.
^10 رواه مسلم: 748.
^11 رواه البخاري: 2554، ومسلم: 1829.