logo

(14) فتاوى رمضان 1439

مشاهدة من الموقع

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للخلق أجمعين، نبينا محمدٍ عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

أيها الإخوة والأخوات، مستمعي ومستمعات إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية أينما كنتم:

أهلًا ومرحبًا بكم، وحياكم الله في حلقة جديدة من هذا البرنامج المبارك (فتاوى رمضان).

حيث نستقبل أسئلتكم واستفساراتكم، ليجيب عليها -بمشيئة الله تعالى- فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام، ورئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية.

باسمكم جميعًا نرحب بفضيلته: حياكم الله يا شيخ سعد.

الشيخ: أهلًا، حياكم الله وبارك فيكم، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.

المقدم: حياكم الله يا شيخ سعد، ونستهل هذه الحلقة بالأسئلة في (تويتر)، هذا سؤال من إحدى الأخوات عن جلال الصلاة هل له شروط معينة؛ لأنه ظهر أنواع منها المُخَصَّر، ونحو ذلك؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فالمرأة في الصلاة مطلوب منها أن تستر جميع بدنها ما عدا وجهها، فالوجه يكشف في الصلاة، وأما بقية البدن فإنه يستر، على خلاف بين العلماء في حكم ستر الكفين والقدمين، هل هذا على الوجوب أو على الاستحباب؟ وليس هناك لباس معين لهذا الستر، فإذا سترت المرأة بدنها بأي ساتر من اللباس أجزأ ذلك؛ لأن المقصود هو أن تغطي جميع بدنها في الصلاة ما عدا الوجه، فإذا حصلت التغطية بأي نوع من اللباس فلا بأس، فالأمر في هذا واسع.

المقدم: أيضًا من أسئلة المستمعات: (بنت الوطن) تقول: النساء في المسجد يضعن العطر على السجاد، وعلى النساء المصليات، فما حكم ذلك؟

الشيخ: هذا العمل لا يجوز، وذلك؛ لأن النساء المصليات سوف يخرجن من المسجد، وربما يواجهن الرجال الأجانب، ولا يجوز للمرأة أن تتعطر وهي ستقابل رجالًا أجانب، وقد قال عليه الصلاة والسلام: أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فلا تَشْهَدَنَّ معنا صلاةَ العشاءِ الآخرةِ [1]، رواه مسلم.

مع أنه بَخُور، ومع ذلك منع النبي المرأة التي تبخرت أن تصلي صلاة العشاء في المسجد، فكيف بالعطر الذي له نفوذٌ وله رائحةٌ قويةٌ وجذابةٌ! فهذا لا يحل للمرأة المسلمة، وسواء فعلت هذا في بيتها، ثم ذهبت إلى المسجد وهي تعلم أنها ستمر برجال أجانب، أو أن هذا فُعل بها في المسجد، وهذا أيضًا أشد، فالأخوات اللاتي يفعلن ذلك، هذا اجتهاد في غير محله، ينبغي تنبيههن لهذا، وأنه لا تُعَطر الأخوات ما دام أنهن سيذهبن في الطريق، ويمررن برجال أجانب، ولا قول لأحد مع قول النبي ، وهو القائل: أيما امرأة أصابت بخورًا فلا تشهدَنَّ معنا صلاة العشاء [2].

المقدم: أحسن الله إليكم.

أيضًا من أسئلة المستمعين في (تويتر): كيف يتعامل الإنسان مع الوسواس؛ سواء في الطهارة، أو في غيرها؟ وكيف يقي نفسه منه؟

الشيخ: إذا كان الوسواس في أول الأمر، فيمكن أن يتغلب عليه بتقوية الإرادة والشجاعة، والإعراض عن الوسواس، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وأيضًا: أن يتفقه في المسألة التي حصل عنده فيها الوسواس، فمثلًا: إذا كانت مسألة متعلقة بالطهارة، فالنبي  لمَّا سئل عن الرجل يجد الشيء في الصلاة؟ قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا [3]، يعني لا يقطع صلاته إلا بأمر متيقَّنٍ؛ كسماع الصوت وشم الرائحة.

إذا كان الوسواس متعلقًا بالنية، فهنا يتفقه في المسألة، وليعلم أن النية تتبع العلم، وأنه من ذهب للمسجد فقد نوى الصلاة، ومن تسحر فقد نوى الصيام، ونحو ذلك، هذا كله مما يقطع دابر الوسواس.

لكن إذا استحكم الوسواس بالإنسان فهنا أصبح مرضًا، وربما يصنف من الوسواس القهري، والذي لا يستطيع الإنسان معه أن يتحكم في نفسه، ويعيش في قلق واضطراب، ولهذا؛ إذا وصل إلى هذه المرحلة ربما لا تنفع معه النصائح ولا التوجيهات، والمطلوب منه حينئذ أن يذهب إلى الطبيب المختص؛ لأنه أصبح مريضًا، فيذهب للطبيب المختص، والأطباء النفسانيون المختصون لهم طرق في علاج هذه الوسواس، عن طريق العقاقير، وعن طريق الجلسات النفسية، وهناك أناس شفاهم الله ​​​​​​​ بهذا السبب.

فإذا وصل إلى هذه الدرجة من الوسواس فننصحه بأن يذهب للطبيب المختص للعلاج.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

أيضًا من أسئلة المستمعين في (تويتر): إحدى الأخوات تقول: تابعتُ برنامجًا يتحدث عن أن ما نفكر فيه يحدث، وأصابني خوف من كل فكرة سيئة، فما هو العلاج؟ وهل هناك دعاءٌ مخصصٌ مثلًا للهموم والمخاوف؟

الشيخ: هذا ليس على إطلاقه، ليس كل ما يفكر فيه الإنسان يحدث، وإلا ما انتظمت أمور الناس، هذا كله غير صحيح، لكن الذي ورد في الحديث الصحيح هو قول النبي عن الرب ​​​​​​​: أنا عند ظن عبدي بي [4].

فالمطلوب من المسلم: أن يُغلِّب حسن الظن بالله ، وأن يُغلِّب جانب التفاؤل، هذا هو المطلوب منه، والأمور بيد الله ​​​​​​​، مطلوب أن يفعل الأسباب، وأن يتوكل على الله سبحانه وتعالى، ويبتعد عن مثل هذه الأفكار التي تسبب القلق والتوتر، ثم هي غير صحيحة في نفسها، أو أنها مبالغ فيها.

المقدم: تسأل أيضًا عن الدعاء للهمِّ، هل هناك دعاء خاصٌّ بالهم، أو تدعو بما تيسر؟

الشيخ: تدعو بما تيسر، لكن ورد عن النبي ؛ كما في “الصحيحين” من حديث أنسٍ قال: “كنت أخدم النبي وكنت أسمعه يكثر من أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهمِّ والحَزَن، ومن العجز والكسل، ومن الجُبْن والبُخْل، ومن غلبة الدَّين وقهر الرجال [5]، فكان عليه الصلاة والسلام يستعيذ بالله من الهمِّ.

والمكروه الوارد على القلب: إن كان من أمرٍ مستقبلٍ أحدث همًّا، وإن كان عن أمر مضى أحدث حزنًا.

وعدم فعل الإنسان الخير: إن كان لعدم إرادته فهذا هو الكسل، وإن كان لعدم قدرته فهذا هو العجز.

وعدم نفع الإنسان الآخرين: إن كان بماله فهذا هو البخل، وإن كان ببدنه فهذا هو الجبن.

واستيلاء الآخرين على مال الإنسان: إن كان بحق فهذا هو غلبة الدَّين، وإن كان بغير حق فهذا هو قهر الرجال.

فانظر كيف أن هذا الدعاء العظيم جمع هذه الأمور الثمانية، ولهذا؛ كان النبي يكثر من هذا الدعاء، فنقول للأخت الكريمة: أكثري من هذا الدعاء، ولك أن تختاري من الأدعية أيضًا ما ترينه مناسبًا؛ فإن الدعاء لا يشترط فيه أن يكون مأثورًا، يصح أن يدعو الإنسان بغير الأدعية المأثورة، بأن يصوغ أدعية مناسبة لحاله، لكن لا يكون فيها تعدٍّ، لا يعتدي في الدعاء، وإنما يختار أدعية مناسبة لحاله وقضاء حوائجه.

المقدم: أحسن الله إليكم.

أيضًا من أسئلة المستمعين أمس: أحد الإخوة سأل -في اتصال هاتفي- عن التعدد، وربما الناس ينقسمون إلى قسمين في هذا الموضوع:

البعض: لا يكاد يجلس في مجلس إلا ويتحدث عن هذا الموضوع ويبالغ، ويرى أنه واجب ونحو ذلك.

والبعض الآخر: يرفض هذا الموضوع تمامًا إذا تحدثنا عن هذا الموضوع.

الشيخ: نعم، الله شرع للرجال التعدد، فقال: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا [النساء:3]، وشرط الله لمن رغب في التعدد: أن يكون قادرًا على العدل؛ ولهذا قال: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً، إن كان يعرف من نفسه عدم القدرة على العدل، فإنه يقتصر على واحدة، أما إن وجد من نفسه القدرة على العدل، ورآه مناسبًا له فهذا مباح، وشرعه الله ​​​​​​​ للرجال.

المقدم: أحسن الله إليكم، من أسئلة المستمعين: سؤال من إحدى الأخوات، شهد تقول: توفي والدي منذ شهر، ووالدتي الآن في العدة سؤالي عن والدتي؛ فهي كبيرة في السن، وتعاني من الزهايمر، مشكلتها أنها لا تعترف أنها في العدة، وتقول: إن الذي مات ليس زوجي، ولا أعتد عليه. ولبست ذهبها وتريد أن تذهب لأولادها؟

الشيخ: ما دام أن عندها هذا المرض الذي تفقد معه الذاكرة، ولا تدري عن وضعها وعن حالها، فهذه لا حرج عليها، الأمر بالنسبة لها واسع، تلتزم بما أمكن التزامه من أمور العدة، وما لم تلتزم به فهي غير مؤاخذة؛ لأن الضبط عندها خفيف، والضبط ليس تامًّا، وفي هذه الحال هي غير مؤاخذة، ونقول لأولادها: بينوا لها ووضحوا لها، إن قبلت فالحمد لله، وإن لم تقبل فهي غير مؤاخذة، ما دام أنها وصلت إلى هذه المرحلة.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

أيضًا معنا الآن: أم تركي.

السائلة: يا شيخ، لو سمحت أنا عندي سؤالان:

السؤال الأول: أنا كان علي صيام شهرين، وقلت: إن شاء الله أصومها على مَرِّ الزمان.

والثاني: ذهبت إلى المستشفى؛ لأن عندي السكر، وعندي الضغط، وعندي صرع، ورمضان -الحمد لله- أصومه، وذهبت إلى المستشفى، فطلبوا تحاليل للبول وكذا، وقال لي طبيب السكر أمام أولادي وأمام زوجي: لا تصومي، كفِّري فقط، الصوم يضرك، وجاء ولدي وكفَّر عني الشهرين اللذين عليَّ، وكفَّر لي عن الشهر الذي عليَّ، وهذه السنة قلت: أذهب وأعمل تحاليل وكذا، وإن شاء الله يسمح لي أن أصوم. فقال: لا تصومي بالمرة، اشربي ماء وكفِّري وكفى، ويا شيخ، الصراحة راحة، ضميري يعذبني؛ أولادي صيام، وزوجي صائم، وأنا مفطرة، هل يعقل هذا؟! 

المقدم: نعم، واضح السؤال يا شيخ سعد؟

الشيخ: إي نعم.

المقدم: واضح سؤالك يا أم تركي، تسمعين الإجابة إن شاء الله.

الشيخ: نعم، نقول للأخت الكريمة: ما دام أن الطبيب نصحك بالفطر، فتفطرين وتطعمين عن كل يوم مسكينًا، وكذلك بالنسبة للكفارة، يجزئ عنك الإطعام؛ لأنك تتضررين بالصيام، والله تعالى الذي فرض الصيام على عباده أباح للمريض الفطر؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ۝أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:183-184].

وفي الآية الأخرى التي بعدها قال: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185]. فالله تعالى أباح للمريض وللمسافر الفطر، وبيَّن سبحانه أنه يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر، فهذه الشريعة مبناها على السماحة واليسر والسهولة ورفع الحرج عن المكلفين، فنقول للأخت الكريمة: اطمئني، لا شيء عليك، تفطرين كما نصحك الطبيب بذلك، وتطعمين عن كل يومٍ مسكينًا، ولا يضرك هذا أبدًا، وليس عليك إثمٌ ولا حرجٌ والحمد لله، وأجرك تامٌّ إن شاء الله تعالى، لكن تطعمين كل يومٍ مسكينًا.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

معنا حسين.

السائل: عندي سؤالان يا شيخ.

السؤال الأول: كنت أتناول السحور، وأذَّن علَيَّ الفجر، وشربت ماء، هذا السؤال الأول: أيش عليَّ؟

والثاني: المباشرة مع الزوجة في نهار رمضان؟

الشيخ: طيب، خرج منك شيء أو ما خرج شيء؟

السائل: لا ما خرج.

الشيخ: يعني حصل منه مباشرة وما خرج منه شيء؟

السائل: ما خرج.

المقدم: نعم، واضح السؤال، سؤالك الأول: أكلت وشربت الماء وقت الأذان، تسحرت وقت الأذان، تسمع الإجابة.

الشيخ: صومك صحيح، الأكل والشرب وقت الأذان لا يضر، وقد قال عليه الصلاة والسلام: إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه [6]، أخرجه أبو داود، وله شواهد وطرقٌ متعددةٌ، ولأن الأصل بقاء الليل، والفجر يطلع شيئًا فشيئًا، والله تعالى قال: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187]، فصيامك صحيح ولا شيء عليك والحمد لله.

المقدم: سؤاله الثاني عن المباشرة في رمضان في النهار؟

الشيخ: ما دام أنه لم يخرج منك شيءٌ فلا شيء عليك؛ لأن النبي كان يباشر وهو صائم، لكن كما تقول عائشة رضي الله عنها: كان أملككم لإربه [7]، فإذا كان الإنسان يخشى أن يخرج منه شيء، فينبغي له أن يبتعد عن ذلك، وبخصوص ما سألت عنه، ما دام أنه لم يخرج منك شيء بسبب هذه المباشرة، فصيامك صحيح ولا شيء عليك.

المقدم: معنا روضة.

السائلة: زوجي ضرب إبرة سكر، وخرج منه دم، وأنا ما أدري هل يكمل صيامه أو لا؟

الشيخ: يعني إبرة تحليل السكر؟

السائلة: نعم.

الشيخ: لا، صيامه صحيح؛ لأن هذا الدم الذي يخرج دم يسير لا يضر، وصيامه صحيح، يكمل صومه والحمد لله.

السائلة: السؤال الثاني: أنا تعبت وأنا أوقظ إخوتي لأي صلاة، فحلفت أني لا أوقظهم للصلاة، ومع ذلك ما قدرت أن أصبر، فأقوم وأقول لأبي: يا أبي اذهب وأيقظ إخوتي. فما أدري حلفي الذي حلفته، علي فيه شيء أو لا؟

الشيخ: نعم، الأحسن لك أن تقومي بإيقاظ إخوتك للصلاة، وتكفري عن يمينك، تطعمين عشرة مساكين، هذا أحسن؛ لأن إيقاظك لإخوتك عمل صالح، والله تعالى يقول: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132]، وبخصوص اليمين فتُكفِّرين كفارة يمين، ولا يضرك بعد ذلك، تطعمين عشرة مساكين، وهذا أفضل، يعني هذا أفضل من أنك لا تفعلين هذا، ويقول النبي ، كما في “الصحيحين”: لَأَنْ يَلَجَّ أحدكم في يمينه، آثَمُ له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه [8].

“يَلَجَّ”: يعني من اللَّجاج: وهو أن يتمسك بيمينه ولا يحنث فيها، هذا أقرب للإثم منها للبِرِّ، من أن يفعل الشيء الذي حلف على تركه، ويكفر كفارة يمين، فننصحك بأن تكفري كفارة يمين، وأن تستمري في إيقاظك لإخوتك، وأنت مأجورة على ذلك، وتصبري على هذا، وإذا أيقظتهم برئت الذمة، إذا تم إيقاظهم برئت ذمتك، ولا تتضايقي بعد ذلك؛ لأن المسؤولية بالنسبة لك انتهت والحمد لله، وأنت مأجورة على هذا العمل الصالح.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

أيضًا من أسئلة المستمعين في (تويتر): هذا سؤال عن الصُّفْرة والكُدْرَة قبل وقت الحيض أو بعده، حكمها؟

الشيخ: الصفرة والكدرة، أو ما يسمى بالإفرازات، إذا كانت قبل الحيض متصلة به، أو بعده متصلة به، فإنها تأخذ حكم الحيض؛ لأنها كالمقدمة أو الخاتمة له، ما لم تطل مدتها، وهكذا أيضًا: إذا كانت في أثناء الحيض، فإنها تأخذ حكم الحيض، وأما إذا أتت بعد الطهر فإنها لا تعد شيئًا؛ لقول أم عطية رضي الله عنها: كنا لا نعد الصُّفْرة ولا الكُدْرة بعد الطهر شيئًا [9].

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

المتصل الأخيرة معنا في هذه الحلقة: هَيَا.

السائلة: هل إذا صلت المرأة في المسجد يكتب لها قيام ليلة؟ وأيها أفضل: أن تصلي في المسجد، أم تصلي في بيتها؟

الشيخ: نعم، المرأة كالرجل إذا صلت مع الإمام في المسجد، فيرجى أن يكتب لها قيام ليلة؛ لقول النبي : من صلى مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلة [10]؛ ولكن إذا صلت في بيتها مثل صلاتها في المسجد أو أكثر، فهو أفضل؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن [11]، أما لو كانت صلاتها في بيتها أقل من صلاتها في المسجد، فالأفضل أن تصلي في المسجد، وإذا صلت في بيتها مثل صلاتها في المسجد أو أكثر فيرجى أن يكتب لها أيضًا قيام ليلة، كما لو صلت مع الإمام في المسجد.

السائلة: السؤال الثاني: إذا أردت أن أتصدق عن كل يوم في رمضان يشملني دعاء الملكين: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا. لكن يشق عليَّ إخراجها يوميًّا، فهل أخرج المبلغ أول رمضان بنية أنه عن كل يوم صدقة؟ أم أنه لا يجزئ؟

الشيخ: طيب، تخرجينها تضعينها في الصندوق مثلًا؟

السائلة: أخرجها لجمعية خيرية.

الشيخ: يعني عن رمضان كاملًا؟

السائلة: عن رمضان كاملًا.

الشيخ: هذا لا بأس به، ويرجى أن تدخلي في الفضل المذكور في الحديث في قول النبي : ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفِقًا خَلَفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسِكًا تَلَفًا [12]، وهذا يدل على أنه ينبغي للمسلم أن يتصدق ويكثر من الصدقة، وألا يأتي يوم إلا وقد تصدق بصدقة ولو قليلة، ولو بريال واحد، حتى تشمله دعوة المَلَك بأن الله تعالى يعطيه الخلف ويبارك له، وما تذكرينه من أنك تدفعينها للجمعية الخيرية بنية الصدقة عن كل يوم من أيام رمضان هذا فعل حسن، وعمل صالح، ونسأل الله لنا ولك التوفيق.

المقدم: شكر الله لكم يا شيخ سعد.

نختم بسؤال بقي معنا، سؤال واحد من (تويتر): سؤال من أشواق، وأيضًا أسماء سألت قريبا منه تقول: استخدام حبوب منع الدورة قبل ثلاثة أشهر؛ لأداء العمرة، وتوقفت إلى أول أيام رمضان، ثم أصبحت تأتي يومًا ويومين بشكلٍ بسيطٍ، ثم تتوقف ثم تعود، وهكذا فما حكم ذلك؟

الشيخ: أولًا: استخدام حبوب منع الحيض يجوز بشرط ألا يلحق الضرر بالمرأة، والمرجع في تحديد الضرر هو الطبيب المختص، وأما من جهة أثر هذا الدم الذي وصف؛ فإن كان مجرد قطرات فإن هذا لا يعتبر حيضًا؛ لأن الحيض لا بد فيه من السَّيَلان، لأن حقيقته السيلان، فلا بد أن يكون الدم ليس قطرات وإنما دم يسيل، فإذا رأت المرأة هذا الدم فهو حيض، والله تعالى يقول: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى [البقرة:222]، متى ما رأت هذا الأذى أخذ أحكام الحيض.

أما إذا كانت مجرد شيء يسير، أو قطرة أو أقل من قطرة، فهذا لا يأخذ حكم الحيض.

المقدم: بهذا -مستمعينا الكرام- نصل إلى ختام هذه الحلقة من (فتاوى رمضان).

باسمكم جميعًا: نشكر فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام، ورئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، شكر الله لكم يا شيخ سعد، كنت معنا في هذه الحلقة والحلقات الماضية.

الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه مسلم: 444.
^2 روه مسلم: 444.
^3 رواه البخاري: 137، ومسلم: 361.
^4 رواه البخاري: 7405، ومسلم: 2675.
^5 رواه البخاري: 5425، ومسلم: 1365.
^6 رواه أبو داود: 2350.
^7 رواه مسلم: 1106.
^8 البخاري: 6625، ومسلم: 1655.
^9 رواه البخاري: 326.
^10 رواه أبو داود: 1375، والنسائي: 1364.
^11 رواه البخاري: 900، ومسلم: 442.
^12 رواه البخاري: 1442، ومسلم: 1010.
zh