بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلاةً وسلامًا على نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ومرحبًا بكم أحبتنا الكرام، إلى حلقة جديدة من برنامج الفتاوى المباشر (فتاوى رمضان).
ضيف حلقتنا هو فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعودٍ الإسلامية بالرياض.
في مطلع هذه الحلقة باسمكم وباسم فريق العمل نرحب بضيفنا: السلام عليكم يا شيخ سعد.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وحياكم الله أخي فيصل، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.
المقدم: حياكم الله شيخ سعد، ومع أول اتصالات هذه الحلقة من (عسير) الأخ حامد.
السائل: السلام عليكم، مساء الخير للأخ فيصل، عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: أختي كانت تدعو، وابتلَّت يدها بالدموع، فسقطت الدمعة إلى فمها، ثم بلعتها من غير قصد.
والسؤال الثاني: حكم البلغم، يفطر أو لا يفطر؟
والسؤال الثالث: تفسير قوله تعالى: وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا [الإسراء:29].
المقدم: طيب، تسمع الإجابة إن شاء الله، شكرًا جزيلًا للأخ حامد.
شيخنا قبل أسئلة الأخ حامد، هنا أحد الإخوة عن طريق جوال البرنامج يسأل يقول: عندي بعض المال من زكاة العام الماضي، هل يجوز أن أضيفها مع هذا العام؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فالأخ السائل الكريم قد أخطأ في تأخير إخراج الزكاة من العام الماضي، إلا إذا كان هناك سببٌ معتبرٌ شرعًا، وإلا؛ فالأصل: إخراج الزكاة على الفور وعدم تأخيرها، ولكن ما دام أن هذا قد وقع وحصل؛ فعليه الآن أن يبادر بإخراج زكاة العام الماضي مع زكاة هذا العام، مع التوبة إلى الله عن تأخير الزكاة.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
أسئلة الأخ حامد يقول: إن أخته كانت تدعو وتبكي، فدخلت بعض الدموع إلى حلقها، فهل يؤثر ذلك على صيامها؟
الشيخ: لا يؤثر ذلك على صيامها؛ لأن هذا الذي دخل شيءٌ يسيرٌ جدًّا، ويختلط بالريق، والأشياء اليسيرة هذه يُعفى عنها، ولذلك؛ فإن الصائم يتمضمض لصلاة الظهر ولصلاة العصر عندما يتوضأ، ويختلط بريقه أثر ملوحة الماء، وهذا معفوٌّ عنه بالإجماع، كذلك أيضًا، ما ذكر من وضع أخته -لو افترضنا أنه نفذ إلى جوفها شيء- مع أنه ربما يكون توهمًا؛ لأن الدمع ماؤه قليلٌ، لكن لو افترضنا أنه نفذ شيءٌ فهو شيءٌ يسيرٌ جدًّا، والأصل صحة الصوم، ولا نعدل عن هذا الأصل إلا بشيءٍ واضحٍ.
المقدم: أيضًا سؤاله: عن حكم بلع البلغم، وهل يؤثر في الصيام؟
الشيخ: بلع البلغم محل خلاف بين الفقهاء، ويسمونه النُّخَامَة، وهي مستقذرةٌ، وبلعها أيضًا مضرٌّ من الناحية الصحية، لكن الأثر الفقهي لبلعها: هل يفسد الصوم أم لا؟ أما إذا كان ذلك من غير قصدٍ، فإن الصوم صحيحٌ، لكن لو تعمد الابتلاع كأن يكون في الصلاة مثلًا، أو نحو ذلك، فهل يؤثر على صومه أم لا؟
اختلف العلماء في ذلك؛ فمنهم من قال: إنها إذا وصلت إلى جوفه فإنها تفَطِّر، وذلك؛ لأنها قد وصلت إلى الجوف، ولها جِرمٌ.
والقول الثاني في المسألة: أنها لا تفطر حتى لو وصلت إلى الجوف، وهذا القول: هو القول الراجح عند كثير من المحققين من أهل العلم، وذلك؛ لأن هذا البلغم لم يخرج من الفم، ولا يعد بلعه أكلًا ولا شربًا، فليس بمعنى الأكل ولا الشرب، والأصل صحة الصوم، فهي أشبه بالريق؛ فالقول الراجح: أن ابتلاعه لا يُؤثر على صحة الصوم، ثم إن غالب من يسأل مثل هذه الأسئلة: من عندهم وساوس، يعني: من خلال استقراء أسئلة السائلين عن ابتلاع الريق والبلغم، معظم هؤلاء السائلين: ممن ابتلوا بالوسواس، ومن ابتلي بالوسواس، فإن غالب ما يذكره هو توهمٌ، وليس حقيقةً.
لكن على افتراض أن يكون حقيقة، وعلى افتراض أن يكون السائل ليس عنده وساوس؛ فالقول المرجح عند كثير من المحققين من أهل العلم: أن ابتلاع البلغم لا يفسد الصوم.
المقدم: سؤاله الثالث والأخير: يسأل عن قول الله تعالى: وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا [الإسراء:29]، يسأل عن معنى هذه الآية؟
الشيخ: نعم، هذه الآية فيها إرشاد من الله لعباده المؤمنين في تدبير المال بأن يكون الإنسان معتدلًا في إنفاقه وفي بذله؛ فلا يكون مبذرًا ومسرفًا، ولا يكون بخيلًا مُقْتِرًا، وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ، هذا نهي عن البخل والتبذير، عبَّر عن هذا بقوله: وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ، وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ: هذا نهي عن الإسراف والتبذير.
فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا أي: أن من أسرف وبذَّر وبدد أمواله؛ فإنه يندم على ذلك فيما بعد، ويلوم نفسه ويلومه الناس على ذلك الإسراف والتبذير الذي أدى إلى ذهاب أمواله.
فينبغي أن يكون لدى المسلم النظرة الصحيحة للمال، وأن يتصرف التصرف المعتدل، فهذا التصرف المعتدل له طرفان مذمومان:
الطرف الأول: هو البخل والتقتير والشُّحُّ، وهذا ما ذُكر في أول الآية، ما أشارت إليه الآية: وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ.
والطرف الثاني: الإسراف والتبذير، وهو ما أشارت إليه الآية: وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ.
إذَنْ، المطلوب هو الاعتدال، كما في الآية الأخرى: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [الفرقان:67]، يعني: بين الإسراف وبين التقتير والبخل.
ونجد أن كثيرًا من الأخلاق الفاضلة وَسَطٌ بين طرفين، فنجد مثلًا أن الشجاعة وسطٌ بين طرفين مذمومين؛ وهما: الجبن والتهور، فالجبن مذمومٌ والتهور مذمومٌ، والشجاعة محمودةٌ.
وهكذا أيضًا الكرم خلقٌ محمودٌ بين البخل وبين الإسراف والتبذير.
نجد أن معظم الأخلاق الفاضلة أخلاقٌ وسطٌ بين طرفين مذمومين.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
من الرياض الأخ أبو محمد، تفضل.
السائل: السلام عليكم، عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: حكم النظر في الدعاء إلى أعلى؟
والسؤال الثاني: إذا جئت في نهاية صلاة العشاء، هل أنتظر جماعة، أو أصلي صلاة العشاء مع التراويح، يعني: أدخل بنية العشاء مع صلاة التراويح؟
المقدم: هناك جماعة تقام وهم يصلون التراويح؟
السائل: لا.
السؤال الثالث والأخير: إذا دخلت المسجد واكتملت الصفوف، هل يجوز أن ألحق الركعة، وأصلي وحدي أم لا يجوز؟ أو أسحب من أحد الصفوف بحيث نكون صفًا؟
المقدم: طيب، تسمع الإجابة، لكن في سؤالك الأول: النظر إلى أعلى في الدعاء تقصد في وقت الصلاة في القنوت أو في أي دعاء عمومًا؟
السائل: في القنوت وفي الدعاء عمومًا، يعني تلاحظ بعض المصلين يرفع رأسه.
المقدم: نعم، طيب، تسمع الإجابة إن شاء الله من الشيخ، شكرًا جزيلًا للأخ أبي محمد.
حكم النظر إلى السماء وقت الدعاء مع رفع اليدين؟
الشيخ: رفع البصر في الصلاة عمومًا، هذا قد ورد النهي عنه، والمصلي مطلوب منه أن يكون نظره إلى موضع سجوده إلا عند التشهد، فإنه ينظر إلى سبابته، وأما ما عدا ذلك فإنه ينظر إلى موضع السجود، ولذلك؛ النبي حذَّر من رفع البصر إلى السماء، وقال: ما بالُ أقوامٍ يرفعون أبصارهم إلى السماء؛ لَتُخْطَفَنَّ أبصارُهم[1].
فحذَّر النبي عليه الصلاة والسلام من رفع البصر إلى السماء أثناء الصلاة، ولهذا؛ فالمطلوب من المسلم أن ينظر إلى موضع سجوده، نعم، حديث أبي هريرة : لينتهيَنَّ أقوام عن رفعهم أبصارهم في الصلاة إلى السماء؛ أو لتُخْطَفَنَّ أبصارُهم[2]. وفي روايةٍ عند مسلمٍ: لينتهيَنَّ أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء؛ أو لتخطفن أبصارهم[3]. فهذا وعيدٌ في حق من رفع بصره في الصلاة، وأقل ما يحمل عليه هذا: الكراهة، مع أن ظاهر الحديث هو التحريم.
وهكذا أيضًا في دعاء القنوت، لا يرفع الإنسان بصره إلى السماء؛ لأن الحديث السابق أيضًا، جاء فيه التنصيص على الدعاء: لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء. هذا هو لفظ مسلم.
فالمطلوب عند الدعاء أن الإنسان ينظر إلى موضع سجوده، ولا يرفع بصره، وهكذا في جميع أحوال الصلاة ينظر إلى موضع سجوده إلا في التشهد، فإنه ينظر إلى موضع سبابته.
المقدم: في غير الصلاة إذا كان يدعو يا شيخنا هل يرفع رأسه إلى السماء؟
الشيخ: حتى في غير الصلاة لا يرفع بصره إلى السماء؛ وإنما ينظر نظرًا معتدلًا، ينظر إلى ما أمامه أو أسفل منه، النظر إلى السماء ليس له معنًى، وإن كان قلب المؤمن يتجه إلى العلو؛ لأن الله في العلو ، فالله له العلو بجميع أقسامه؛ علو الذات، وعلو القدر، وعلو القهر جلَّ وعلا، لكن المطلوب من الداعي أن يدعو بخفض صوت وبخشوع، وأن يخفض بصره، ولا يرفع بصره إلى السماء.
المقدم: سؤاله الثاني: عمن يأتي في نهاية صلاة العشاء، ويبدأ الإمام في التراويح، يقول: هل أصلي العشاء وحدي أو مع جماعة، أو أدخل مع الإمام بنية العشاء؟
الشيخ: من يأتي متأخرًا بعدما فرغ الناس من صلاة الفريضة، وبدؤوا في صلاة التراويح، فإنه يدخل معهم في صلاة التراويح بنية العشاء، فإذا سلَّم الإمام قام وقضى ما عليه، وهو بهذا يكون مفترضًا ائتم بمتنفلٍ، وائتمام المفترض بالمتنفل لا بأس به؛ فقد كان معاذ بن جبلٍ يصلي مع النبي صلاة العشاء ثم يرجع فيصلي بقومه [4]، وهي في حقه نافلةٌ وفي حقهم فريضةٌ، كما جاء ذلك في “الصحيحين”، وأقره النبي على ذلك؛ فدل هذا على صحة ائتمام المفترض بالمتنفل.
وعلى هذا؛ نقول لمن يأتي وقد صلى الناس صلاة العشاء، ودخلوا في التراويح: ادخل معهم التراويح بنية الفريضة، فإذا سلم الإمام قم واقض ما فاتك، وهذا خير من إقامة جماعة أخرى، والإمام يصلي صلاة التراويح، هذا مما يلاحظ في بعض المساجد، أن الناس يصلون صلاة التراويح، ثم يأتي أناس متأخرون قد فاتتهم صلاة الفريضة، فيقيمون جماعة أخرى في نفس المسجد، فيشوشون بذلك على الجماعة الأولى، ثم إن هذا أيضًا، إقامة جماعتين في مكان واحد، في زمن واحد، وهذا مخالف لمقصود الشريعة من الجماعة، والمشروع في حق هؤلاء المسبوقين أن يدخلوا مع الإمام بنية الفريضة، والإمام يصلي التراويح، وإذا سلَّم الإمام يقيمون ويقضون ما فاتهم.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
سأل عن اكتمال الصف إذا دخل الإنسان والصف مكتمل، فهل يصلي وحده أو يسحب من يصلي معه؟
الشيخ: إذا أتى الإنسان فالمشروع ألا يصلي خلف الصف وحده؛ وإنما يبحث عن فرجة في الصف، فإذا كان يوجد فرجة في الصف وصلى خلف الصف وحده فإن صلاته لا تصح؛ لقول النبي : لا صلاة للذي خلف الصف [5]، ولحديث وابصة بن معبد أن النبي رأى رجلًا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة [6].
أما إذا بحث ولم يجد فرجة، فإن أمكن أن يقارب بين المأمومين، بحيث يحصل التَّرَاصُّ ويجد فرجة، كان هذا حسنًا، وإن لم يمكن هذا، فإنه يصلي خلف الصف وحده، ولا حرج عليه على القول الراجح، وذلك؛ لأن كونه لا يصلي خلف الصف وحده، غاية ذلك أنه واجب، والواجبات تسقط بالعجز عنها، وإذا كانت الشروط والأركان تسقط بالعجز عنها، فالواجبات من باب أولى، لكن بشرط أن يستنفد جهده، ولا يجد فرجة داخل الصف، وهذا هو القول المرجح لكثير من المحققين من أهل العلم، اختاره الإمام ابن تيمية وجمع من المحققين؛ لأن هذا قد اتقى الله ما استطاع، وأما كونه يجذب شخصًا من الصف الذي أمامه، فإن هذا غير مشروع؛ لأن في هذا الجذب تعديًا على إنسانٍ قد أتى مبكرًا، وتقدم في الصف، فكيف ينقله من المكان الفاضل إلى المكان المفضول؟! ثم إن هذا الجذب يتسبب في خلخلة الصف، وفي حركة الصف، ثم إن هذا لم يرد، ولذلك؛ المشروع عندما لا يجد فرجة داخل الصف: أن يصلي خلف الصف وحده، ويسقط عنه هذا الواجب.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
من الرياض الأخت سماح، تفضلي.
السائلة: السلام عليكم، والله عندي سؤالان في الزكاة:
السؤال الأول: عندي أرض ورثتها من أبي، أجَّرتها وآخذ إيجارها، وإيجارها يعادل هنا 1100 ريال، هل الـ 1100 ريال هذه أخرج عنها الزكاة؟
الشيخ: الأجرة عندما تأخذونها تبقى عندكم سنة؟
السائلة: المؤجر يستأجر الأرض، وفي آخر المحصول يعطيني 4500 جنيه، ما يعادل هنا تقريبًا 1000 ريال.
المقدم: طيب، يسأل الشيخ: المبلغ هذا يستمر معكم إلى أن يحول عليه الحول، أو تصرفونه قبل الحول؟
السائلة: لا، ممكن أصرفه قبل الحول لا يحول عليه الحول؟
السؤال الثاني: بالنسبة لزكاة المال، الأول مبلغ كم أخرج زكاة المال؟ بالإضافة إلى أن عندي مبلغًا من شهر 11، يتوفر معي من شهر 11 إلى شهر 5، يتوفر معي في شهر مبلغ، وأحيانًا لا يتوفر معي، المهم أني تجمَّع معي مبلغ بدأت أوفره من شهر 11 ميلادي إلى شهر 5 ميلادي في السنة هذه، هل هذا عليه الزكاة أم لا؟
الشيخ: لكن صرفتي المبلغ كله يعني؟
السائلة: لا، لم أصرفه، أنا كان يدخل علي مبلغ أصرف منه جزءًا، وأدخر جزءًا، الكلام هذا بدأ من شهر نوفمبر العام الفائت إلى شهر 5 الحالي؟
المقدم: لكن ما أكتمل عليه السنة، ما حال عليه الحول؟
السائلة: لا، لم يكتمل، هو فقط من شهر نوفمبر إلى شهر مايو؟
المقدم: طيب، تسمعين الإجابة إن شاء الله، شكرًا جزيلًا للأخت سماح.
سألت أن لها ميراث أرض من والدها، وتقول: إنها تؤجر هذه الأرض لمن يستفيد من هذه الأرض، وفي آخر السنة يعطيها ما يقارب 1000، أو 1100 ريال، وأنتم سألتم يا شيخ: هل يحول عليها الحول؟ فقالت: لا، في الغالب نصرف هذه الأجرة ولا يحول عليها الحول؟
الشيخ: هذا المبلغ الذي يأخذونه بسبب تأجير الأرض لا زكاة فيه؛ لأنه لا يحول عليه الحول عندهم، فما دام أنه لا يمضي عليه سنة بعد استلامه من المستأجر؛ فلا زكاة فيه.
المقدم: والأرض عليها زكاة أو لا؟
الشيخ: الأرض ليس عليها زكاة، الأرض هذه أرض مؤجرة، فهي من المستغلات، والمستغلات ليس في أصولها زكاة.
المقدم: تسأل عن نصاب الأوراق النقدية، وكذلك تسأل أن لديها مبلغًا من شهر 11 ميلادي إلى الآن، يعني حوالي ستة أشهر فقط، فتسأل هل عليها زكاة أو لا؟
الشيخ: أما بالنسبة لنصاب الأوراق النقدية، أي المبلغ، إذا اجتمع للإنسان وحال عليه الحول وجب عليه أن يزكيه، فهو نصاب الفضة، ونصاب الفضة 595 جرام، وتعادل بالريالات هذه الأيام 1245 ريالًا، أو ما يعادلها بالعملات الأخرى، فمن ملك هذا المبلغ 1245 ريالًا سعوديًّا، أو ما يعادلها من العملات الأخرى، ومضى على ذلك سنةٌ كاملةٌ، فتجب الزكاة في هذا المبلغ.
أما إذا كان المبلغ المدخر أقل من هذا فلا زكاة فيه.
وأما بالنسبة لما سألت عنه من أنها ادخرت مبلغًا من المال، ومضى عليه ستة أشهر؛ فهذا لا زكاة فيه حتى يمضي عليه سنة كاملة، والمراد بالسنة السنة الهجرية القمرية، وليس الميلادية، فعلى الأخت الكريمة أن تحسب بالسنة الهجرية القمرية، والفرق بين السنة الهجرية القمرية والسنة الميلادي أحد عشر يومًا، فتلاحظ هذا الفرق عند حساب الزكاة، لكن لو افترضنا أن هذا المبلغ المدخر مضى عليه سنة قمرية كاملة فتجب فيه الزكاة، وإذا كان الإنسان يصرف من الدخل الشهري، يصرف ويدخر، ولا يستطيع أن يحصي ما الذي صرف وما الذي ادخر على شكل دقيق، فيمكن أن يجعل له تاريخًا محددًا في السنة، ونفترض مثلًا أنه غرة رمضان، فيزكي جميع الرصيد الذي عنده ناويًا تعجيل الزكاة فيما لم يحُلْ عليه الحول، وتعجيل الزكاة جائز، وقد وردت به السُّنة، وبذلك لا ينظر لزكاة رصيده إلا مرة واحدة في السنة، كُلَّما أتى غرة رمضان زكى جميع الرصيد، هذه طريقة ربما تكون أسهل لمن يدخر ويصرف، يعني يأتيه دخل شهري يصرف منه ويدخر، ولا يستطيع أن يضبط ما الذي صرف وما الذي ادخر، يمكن أن يفعل هذه الطريقة، فهي أحوط وأضبط.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
من جدة الأخ عبده، تفضل.
السائل: السلام عليكم يا شيخ، عندي الوالدة كبيرة في السن تجاوزت السبعين، وأجرت عملية قبل رمضان، ونصحنا الدكتور لمصلحتها بعدم صيامها، فما أدري ما الواجب؟ الآن لها أربعة أو خمسة أيام، ما صامت، وما أدري ما الواجب علينا يا شيخ؟
الشيخ: طيب، بعد رمضان يُرجى إن شاء الله أنها تستطيع الصيام؟
السائل: والله نقول: الله العالم، ما ندري، الدكتور يقول: احتمال يصيبها جلطة أو شيء من هذا الكلام، فقال لمصلحتها عدم الصيام، ما نصحنا الآن أو بعد رمضان، هو نصحنا بعدم الصيام، فما ندري ما الواجب علينا في هذه الحالة؟
المقدم: تسمع الإجابة إن شاء الله، شكرًا للأخ عبده.
والدته في السبعين من عمرها، وأجرت عملية جراحية، ونصحهم الطبيب بألا تصوم، وأنت استفسرت منه شيخنا، لكن ربما يتضح ذلك بعد مدة، بعد أن تستقر حالتها في كونها تستمر في عدم الصيام أو أنها تستطيع؟
الشيخ: تلتزم بتعليمات الطبيب، فلا تصم، ما دام أن الصوم يضر بصحتها فلا تصم، وتفطر والحمد لله؛ والله تعالى يقول: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185].
وقد لاحظتُ من استفتاءات بعض الإخوة المستفتين أنهم يتحرجون من الفطر إذا كانوا مرضى، وأقول: لا وجه لهذا الحرج؛ لأن الله الذي شرع الصيام، وأمر به هو الذي أباح الفطر للمريض، فالله تعالى لما فرض الصيام قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ قال بعد ذلك: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر [البقرة:183-184].
فلا وجه لتحرج المريض الذي يتضرر بالصيام، أو يشق عليه الصيام مشقة كبيرة، لا وجه للتحرج من الفطر، فالأخت الكريمة، ما دام أن الطبيب نصحها بالفطر، وأن الصيام قد يضر بصحتها؛ فنقول: تفطر والحمد لله، فالله تعالى هو الذي أباح لها الفطر، وبعد ذلك ينظر؛ إن كانت ترجو أن تقضي بعد رمضان، فإنها تقضي ولا شيء عليها غير ذلك، وإن قال الطبيب: إنها لا تستطيع أن تصوم طيلة عمرها بسبب وضعها الصحي، فإنها تطعم عن كل يوم مسكينًا.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
أحد الإخوة يسأل عن زكاة الراتب الشهري: هل عليه زكاة؟
الشيخ: الراتب الشهري إذا كان الإنسان لا يدخر منه شيئًا فلا زكاة عليه فيه، وأما إذا كان يدخر منه شيئًا، فإن كان المدخر يبلغ نصابًا فأكثر ففيه الزكاة، وذكرت قبل قليل أن نصاب الأوراق النقدية في هذا الوقت 1245 ريالًا، فإذا كان يدخر هذا المبلغ فأكثر، وحال عليه الحول، فتجب فيه الزكاة، ولزكاة الراتب أكثر من طريقة؛ منها: أن يطلب كشف حساب بنكي، وينظر إلى أقل رصيد في السنة، ويكون هذا هو الذي حال عليه الحول فيزكيه.
والطريقة الثانية أشرت إليها قبل قليل: أن يجعل له تاريخًا محددًا في السنة، ونفترض مثلًا أنه بداية رمضان، فيزكي جميع الرصيد الذي عنده ناويًا تعجيل الزكاة فيما لم يحل عليه الحول، وبذلك لا ينظر لزكاة راتبه إلا مرة واحدة في السنة.
المقدم: شيخنا بعض الإخوة لا يستمر معه الراتب إلى نهاية الشهر، ففي نهاية الشهر في أحد شهور السنة ينقطع يعني يكون عنده في آخر الشهر يوم أو يومين بالصفر أو بالسالب، هل يعتبر هذا انقطع عنه دوران الحول؟
الجواب: نعم، يعتبر انقطع عنه الحول، ولا زكاة عليه ما دام أنه قد وصل إلى هذه المرحلة أنه لم يدخر شيئًا، أو وصل بالسالب في بعض شهور السنة، فمعنى ذلك أن المدخر لم يحل عليه الحول، لكن ينتبه بعد ذلك، لو مضى الحول على المُدخَر وجبت فيه الزكاة.
المقدم: شيخنا يسأل عن ابنٍ عليه ديونٌ تصل إلى مئات الآلاف، إذا طلب من أبيه أن يسدد هذه الديون، وهو مقتدر، الأب يقول: إنه لا يجوز أن أعطيك من الزكاة، ولا يعطيه من غير الزكاة؟
الشيخ: نعم، هو صحيح، لا يعطيه من الزكاة في غير سداد الدَّين، ليس للأب أن يعطي ابنه من الزكاة، بل يجب على الأب إذا احتاج ابنُه أن يعطيه من حر ماله، وليس من الزكاة، وهكذا الابن إذا احتاج أبوه يجب عليه أن يعطيه من حر ماله، وليس من الزكاة.
وأما مسألة الدَّين، فالأب غير مُلزَم أصلًا بسداد الدين عن ابنه؛ ولذلك فيجوز أن يسدد الأب دين ابنه من الزكاة، بشرط أن يكون الابن عاجزًا عن سداد هذا الدين، وأن يكون الدين حالًّا وليس مؤجلًا، فإذا كان الدين على الابن حالًّا وليس مؤجلًا، وكان هذا الابن عاجزًا عن سداد الدين، فيجوز للأب أن يسدد دين ابنه من الزكاة؛ لأن الأب في الأصل غير ملزم بسداد دين ابنه، ولهذا؛ نجد أن الابن مثلا، عندما يُضَيِّق عليه الدائن ربما يرفع فيه شكاية، ويحبس هذا الابن، الأب ليس مسؤولًا عن ابنه، فالسلطة مثلًا لا تطالب الأب بأن يسدد الدين عن ابنه، الجهة المختصة لا تطالب الأب بأن يسدد الدين عن ابنه؛ لأنه ليس مسؤولًا عن سداد الدين عن ابنه، فما دام أنه ليس مسؤولًا لا مسؤولية شرعية، ولا حتى نظامية، عن سداد ديون ابنه؛ فيجوز له أن يسدد دين ابنه من الزكاة.
فنقول إذَنْ، للأخ الكريم: لعلك تنقل لأبي هذا المدينِ: أنه لا بأس أن يسدد عنه الدين من الزكاة، وأن الذي سمعه أبوه، من أنه لا يجوز للأب أن يعطي الزكاة لابنه؛ إنما هو في غير الدين، ما سمعه صحيح، إذا احتاج الابن يعطيه من حر ماله وليس من الزكاة، وأما بالنسبة للدين فلا بأس أن يسدد الأب دين ابنه من الزكاة.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
من الرياض الأخت نورا، تفضلي.
السائلة: أمي لديها التهاب بالرئة، فتستعمل جهازًا أثناء النوم، أكسجين للرئة يبخ الماء، يدخل الأنف والفم ومجرى الهواء، لكن لا ترتوي منه، إذا صامت في رمضان فهل يصح صيامها أو عليها كفارة؟
المقدم: جهاز التنفس هذا فيه ماء؟
السائلة: نعم، ماء.
المقدم: تسمعين الإجابة إن شاء الله، شكرًا جزيلًا للأخت نورا.
شيخنا، هذا الجهاز هل يفطر؟
الشيخ: لا يفطر؛ جهاز الأكسجين لا يفطر، هو أصلًا الأكسجين يذاب في الماء، ثم بعد ذلك يكون في الجهاز التنفسي والقصبة الهوائية والرئة، فهذا لا يفطر، وإن كان قد ينفذ شيء يسير إلى المعدة، لكن القدر الذي ينفذ إلى المعدة هو قدر يسير جدًّا معفوٌّ عنه، وهو أقل من أثر ملوحة الماء التي تبقى في الفم بعد المضمضة، وهي معفو عنها بالإجماع، فاستخدام بخاخ الأكسجين، وكذلك بخاخ الربو، هذه كلها لا تفسد الصيام والصيام معها صحيح والحمد لله.
المقدم: الحمد لله، نشكركم في ختام هذه الحلقة فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام، أن كنتم معنا وأجبتم على أسئلة الإخوة والأخوات، شكرًا جزيلًا لكم.
الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.
المقدم: شكرًا لكم أنتم أحبتنا الكرام، وهذه تحية من الزملاء من تنفيذ الفترة: أحمد الروضان، ومن مذيعها الزميل: عبدالرحمن الداود، وتحية من التنسيق: جمعان الجمعان، وعبدالرحمن الحوطي، ومن الإعلام الجديد فرحان السبيعي، ونبيل الخليف، وهذه تحية منفذ البرنامج: فارس بن سعود المضيان، ومن الإعداد والتقديم محدثكم: فيصل بن جديان العتيبي، ومن الإخراج الزميل: عزام بن حسن الحميضي.
حتى الملتقى بكم غدًا بإذن الله في تمام الساعة السادسة مساءً، أستودعكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحاشية السفلية