الحمد لله رب العالمين، وصلاةً وسلامًا على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بكم -أحبتنا الكرام- إلى أولى حلقات هذا البرنامج (فتاوى رمضان)، من إذاعة القرآن من المملكة العربية السعودية.
نرحب بكم أحبتنا الكرام، ونرحب بأسئلتكم واستفساراتكم الشرعية التي تُلقُون بها في هذا البرنامج، ليأتيكم الرد والإجابة من أصحاب الفضيلة العلماء أو ضيوف هذه الحلقات.
نرحب بكم أحبتنا الكرام، وأهنئكم بشهر رمضان المبارك، نسأل الله أن نكون وإياكم فيه من المقبولين.
كما أرحب بضيف البرنامج، فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعودٍ الإسلامية.
باسمكم وباسم فريق العمل نرحب بضيفنا: أهلًا وسهلًا بكم يا شيخ سعد.
الشيخ: أهلًا، حياكم الله وبارك فيكم، وحيَّا الله الإخوة المستمعين، وأبارك للجميع بحلول شهر رمضان المبارك، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا فيه جميعًا لما يحب ويرضى.
المقدم: اللهم آمين، نرحب بكم أحبتنا الكرام.
ومع أول اتصالات هذه الحلقة من تبوك، أبو عبدالملك، تفضل.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل: الله يسعدكم جميعًا، ونبارك لكم حلول هذا الشهر.
المقدم: الله يبارك فيك.
السائل: شيخنا أحسن الله إليكم، هل هناك أفضليةٌ -يا شيخنا- فيمن شفع مع الإمام وأوتر في بيته، أو أوتر مع الإمام وصلى شفعًا في بيته، وهل في كلا الحالتين -شيخنا- يدخل في قول الرسول : من قام مع الإمام حتى ينصرف..؟ [1].
المقدم: طيب، السؤال الثاني.
السائل: السؤال الثاني شيخنا: المفهوم في قول النبي عليه الصلاة والسلام في سُنة تعجيل الفطر، يعني: بعض المؤذنين لا يؤذن حتى يأكل تمرةً، يعني يقول: أريد أن أحقق هذه السنة، مفهوم هذا الحديث -يا شيخنا- هل المقصود في مثل هذه المبالغة، أحسن الله إليكم؟
المقدم: شكرًا لأبي عبدالملك.
المقدم: أم خالدٍ، تفضلي.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام، تفضلي بسؤالك.
السائلة: أنا لدي سؤالٌ، في دولة أستراليا، فهناك يعني…، مفتي المسلمين المعين من قِبل حكومة أستراليا، ومن يعتمدون على الفلك في إعلان دخول رمضان، ويعلنون ذلك قبل دخول الشهر بيومٍ أو بيومين.
وهناك مجموعةٌ أخرى من الأئمة -أئمة المساجد- كلفوا أنفسهم برؤية الهلال، لكنهم… يعارضون الفلك، وهناك مجموعةٌ أخرى يتبعون الدول المجاورة؛ مثل: إندونيسيا وغيرها، فأيهم ترون أنه أولى؟
المقدم: طيب، تسمعين الإجابة إن شاء الله، شكرًا لأم خالدٍ.
معنا متصلٌ، نسرين تفضلي.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام، تفضلي بسؤالك.
السائلة: لو سمحت يا شيخ، أنا مريضةٌ، وحاملٌ، في بداية حملي، وأستخدم إبرًا مسيلةً للدم للجنين، ومثبتاتٍ، فقال لي الطبيب: لا أصوم في رمضان؛ من أجل صحتي، يعني بداية حملي صعبٌ؟
المقدم: تسمعين الإجابة إن شاء الله، شكرًا جزيلًا.
المقدم: شكرًا للإخوة والأخوات.
أبو عبدالملك من تبوك -فضيلة الشيخ- سأل، وكذلك قريبًا من سؤاله وصلني على (تويتر)، يقول: ما هو الأفضل للإنسان، أن يصلي مع الإمام، ثم إذا شرع في الوتر أن يخرج ثم يصلي الوتر في بيته، أو أنه بهذه الطريقة، وبهذا الأمر يُفوِّت على نفسه أنه قام مع الإمام حتى ينصرف؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.
جوابًا عن سؤال الأخ الكريم أقول: الأفضل أن يصلي صلاة التراويح كاملةً مع الإمام، وإذا أوتر الإمام فإنه يوتر معه؛ وذلك حتى يدخل فيما ذكره النبي في قوله: من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلةٍ [2]، ومعنى: حتى ينصرف، أي: حتى يسلم من آخر ركعةٍ.
وإذا كان إذا وصل الإمام للوتر، انصرف وذهب لبيته، فإنه لا يصدق عليه أنه قام مع الإمام حتى ينصرف، فيفوت على نفسه هذا الفضل العظيم، وهو أنه يكتب له أجر قيام ليلةٍ.
ولذلك فالذي ننصح به: أن يوتر مع الإمام، لكنه إذا رغب أن يستزيد من الصلاة في الليل في البيت، إذا سلم الإمام فإنه يقوم ويشفع بركعةٍ، وله أيضًا أن يصلي في بيته مثنى مثنى من غير وترٍ، هذا أيضًا لا بأس به.
المقدم: إذا أوتر مع الإمام؟
الشيخ: إذا أوتر مع الإمام في أول الليل، لا بأس أن يصلي ما كَتب الله تعالى له أن يصلي في بيته، لكن من غير وترٍ؛ لأنه لا وتران في ليلة، وقد جاء في “صحيح مسلمٍ” أن النبي كان إذا صلى صلاة الوتر صلى بعدها ركعتين وهو جالسٌ [3]، وكان هذا في آخر حياته .
قال أهل العلم: والحكمة في هذا: أنه عليه الصلاة والسلام أراد أن يبين جواز ذلك، لكن الأعم الأغلب من هديه عليه الصلاة والسلام أنه كان يختم صلاته بالوتر، وكما قال عليه الصلاة والسلام: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا [4].
وعلى هذا: ننصح الأخ الكريم بأن يصلي صلاة التراويح كاملةً مع الإمام، وأن يوتر معه، ثم إذا أراد أن يصلي في البيت هو بالخيار بين أمرين:
إما أن يشفع الوتر بركعةٍ ويصلي في البيت، ثم بعد ذلك يوتر في آخر صلاته.
والخيار الثاني: ألا يفعل ذلك، أن يصلي صلاة الوتر مع الإمام، ثم يصلي في بيته ما شاء الله أن يصلي، لكن من غير وترٍ، مثنى مثنى.
المقدم: السؤال الثاني للأخ أبي عبدالملك يقول: بعض المؤذنين قد يتأخر لإدراك السُّنة في أن يعجل الإفطار، فيفطر على تمراتٍ، ثم يؤذن، هل هذا يتعارض مع تعجيل الإفطار لمن يستمع إليه ويفطر بأذانه؟
الشيخ: الأمر في هذا واسعٌ، إن فعل ذلك فلا بأس، يعني: إن أكل تمرةً ثم أذن فلا بأس، وإن أذن ثم أفطر فلا بأس، الأمر في هذا واسعٌ.
ولكن إذا سأل عن الأفضل، فإن الأفضل هو مراعاة عموم الناس، فكونه يؤذن في أول الوقت حتى يفطر الناس في أول الوقت، ويراعي حاجة الناس؛ هذا أولى، فيؤذن ثم بعد ذلك يفطر، هذا هو الأولى والأفضل، وإن فعل؛ بأن أكل تمرةً ثم أذن؛ فلا بأس بذلك، والأمر في هذا واسعٌ إن شاء الله.
المقدم: أحسن الله إليكم.
أم خالد تقول: في أستراليا البعض منهم يأخذ بفتوى المفتي، والمفتي يرى دخول الشهر بالأمور الفلكية، وبعض الأئمة اجتمعوا وتراءوا الهلال، فبعضهم يتبع هذا، والآخرون يتبعون أولئك، والبعض يصوم مع الدول الإسلامية المجاورة، ما التوجيه لمثل هؤلاء المسلمين الذين يكونون في بلادٍ غير مسلمةٍ؟
الشيخ: إذا أمكن أن يجتمع المسلمون على رأيٍ واحدٍ فهذا هو المطلوب؛ وذلك لأن اجتماع المسلمين في الصوم والفطر في البلد الواحد أمرٌ مقصودٌ شرعًا؛ لقول النبي : الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس [5]، فقوله: يوم يصوم الناس..، ويوم يفطر الناس، فيه إشارةٌ إلى أنه ينبغي أن يجتمع المسلمون على رأيٍ واحدٍ داخل البلد الواحد.
فإذا أمكن أن يجتمع المسلمون على رأيٍ فيتبع المسلم ذلك الرأي في تلك البلدان، أما إذا اختلفوا، كما هو الواقع، فالأمر فيه سعةٌ، لكن من أراد الأكمل والأحسن فهو أن يتبع جمهور المسلمين، وجمهور المسلمين عادةً يتفقون على رأيٍ واحدٍ.
فمثلًا هذا العام ما لا يقل عن (80%) من العالم الإسلامي متفقون على أن بداية شهر رمضان هو يوم الاثنين، هذا اليوم الذي نحن فيه الآن، فيتبع رأي جمهور علماء المسلمين، ما دام أن الوضع في بلده مرتبكٌ ومختلفٌ، ولم يتفقوا على رأيٍ واحدٍ، فحينئذٍ الذي ننصح به: أن يتبع رأي جمهور المسلمين وما عليه أكثر المسلمين، عادةً أكثر المسلمين في البلدان الإسلامية يتفقون على رأيٍ واحدٍ، ولا يَقِل عن (80%) من المسلمين يتفقون على رأيٍ واحدٍ، سواءٌ في دخول رمضان، أو في عيد الفطر.
فإذا كان المسلمون في بلده مختلفين، فيتبع رأي جمهور المسلمين وما عليه عمل أكثر المسلمين.
المقدم: أحسن الله إليكم.
نستقبل بعض الاتصالات، معنا الأخ أحمد من الرياض.
السائل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام، تفضل بسؤالك.
السائل: كل عام وأنت بخير.
المقدم: وأنت بخير، الله يسعدك.
السائل: السؤال: تحدث مشاكل بيني وبين الوالد، يعني: أنا ما أحب الوالد، لكن ما أبين له هذا الشيء، أنا أمامه أضحك وأتكلم، وأعطيه الذي يريد، وأرضيه، لكن من الداخل مشاعري لا أحبه..
الشيخ: لماذا؟
السائل: بسبب معاملته لي وأنا صغيرٌ، وإلى الآن معاملته ما تركها، والتمييز بيني وبين إخوتي، أنا إذا أتيت عنده في البيت مثلًا أعامله معه بالتي هي أحسن، وأتكلم معه، لكن خارجيًّا أخرج الذي داخل قلبي.
المقدم: واضح -يا أحمد- نحن في رمضان، وفي الأوقات الفاضلة، وقت التسامح، قد تتسامح معي، وأنا أخطأت عليك كثيرًا، لكن تسامح مع والدك، نسأل الله أن يعفو عنا وعنك وعن والدك، طيب تسمع الإجابة -إن شاء الله- وتوجيه الشيخ، شكرًا أخي أحمد.
من معنا محمد، تفضل.
السائل: السلام عليكم.
المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل.
السائل: عندي سؤالٌ للشيخ.
المقدم: تفضل، يسمعك.
السائل: إذا كان الشعر قصيرًا ومدرجًا، للمرأة في العمرة، هل يؤخذ من آخر الشعر أو الشعر كله؟
المقدم: تسمع الإجابة إن شاء الله.
شكرًا جزيلًا للإخوة جميعًا، بقي من أسئلة الأخت نسرين، تقول: إنها حاملٌ، وهي في بداية حملها تعاني من مشاكل صحيةٍ، وتقول: الآن تستخدم إبرًا، وكذلك بعض الأدوية، تقول: الطبيب ينصحني ألا أصوم، فهل آخذ بكلام الطبيب، أو أصوم على حسب استطاعتي؟
الشيخ: نعم، تأخذ بنصيحة الطبيب وتفطر، الحمد لله هي معذورةٌ في ذلك، هي حاملٌ، وأيضًا عندها هذه المشكلة الصحية التي ذكرتها، فهي معذورةٌ بذلك، والله لما فرض الصيام قال: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]، فبدأ الله بالمريض، وهي في حكم المريض.
ولذلك ننصحها بأن تعمل بنصيحة الطبيب، وأن تفطر وتقضي -إن شاء الله- بعد ولادتها وخروجها من النفاس.
المقدم: الأخ أحمد من الرياض يقول: إن لدي مع والدي مشاكل كثيرةً، ولا زلت أحمل عليه؛ من تمييزه لإخوتي عليَّ، ولمعاملتي في الصغر، لكن الآن أنا لا أحبه داخليًّا، في قلبي لا أحبه، ولكني أظهر له الأنس، وأتعامل معه تعاملًا جيدًا، ماذا عليَّ في هذا الأمر؟
الشيخ: أولًا: استمر على حسن المعاملة وعلى البر؛ فإن بر الوالدين أمره عظيمٌ، والله تعالى يقول: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:23-24].
فواجب عليك أن تبر أباك، وأما بالنسبة لمشاعرك تجاهه، فننصحك بأن تتسامح، وألا تحمل على أبيك، وربما يكون الحق مع أبيك، ربما أن والدك أدبك لمصلحة يراها هو، وأنت ترى أنه قد أخطأ في حقك لكن الواقع أنه لم يخطئ، فأحيانًا بعض الأبناء يرى حزم والده معه وتأديبه له يعتبره خطأً وعنفًا، والواقع أنه ليس كذلك، وأن والده إنما أراد بهذا التأديب مصلحته، فأحيانًا ينظر الولد لتصرف والده بنظرةٍ سلبيةٍ، بينما الواقع أن تصرف والده أنه قد تصرف لأجل مصلحته.
وأيضًا حتى ما ذكرته من تمييز إخوتك عليك، قد يكون هذا توهمًا، ثم لو افترضنا أنه صحيحٌ، فأبوك يبقى بشرًا، ليس معصومًا عن الخطأ، فننصحك بأن تتسامح، وكما تفضلتم، نحن الآن في شهر رمضان، وهو شهر التسامح، وشهر العفو والمغفرة.
فالذي ننصحك به أن تتسامح، وأن تزيل كل ما تحمله في نفسك على والدك، هذا أولًا: خيرٌ لك عند ربك ، ثانيًا هو في مصلحتك؛ لأن كون الإنسان يحمل الغل والحقد والكراهية هو يتأذى بذلك، يتضرر بذلك تضررًا عظيمًا؛ ولهذا ذكر الله تعالى أن من نعيم أهل الجنة: أن الله تعالى نزع ما في قلوبهم من غلٍّ؛ لأن الغل هذا عذابٌ على الإنسان، وجود الغل في قلب الإنسان عذابٌ شديدٌ عليه، فمن نعيم أهل الجنة الذي امتن الله تعالى به على أهل الجنة: أن الله نزع من قلوبهم الغل.
ولذلك فالذي يكون سليم الصدر، بعيدًا عن الأحقاد، وبعيدًا عن الغل، تجد أنه يعيش في سعادةٍ، ويعيش في انبساطٍ، ويعش في أنسٍ، فننصحك بهذا، بأن تحرص على أن تزيل جميع ما في نفسك، حتى لو افترضنا افتراضًا أن والدك أخطأ عليك، فاعف عنه وتسامح عنه، وما مضى مضى، وابدأ معه صفحةً جديدةً، وستجد أن الحياة تكون أكثر سعادةً.
المقدم: الأخ محمد يسأل عن المرأة التي شعرها مدرَّجٌ وقصيرٌ، في العمرة كيف تقص؟
الشيخ: تأخذ من جميع أطراف الشعر؛ وذلك بأن تجمع أطراف شعرها من كل ناحية، وتقص من أطرافه، حتى لو كان مدرَّجًا تجمعه بكفها، وتقص أطرافه.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم شيخ سعد، نشكركم في ختام هذه الحلقة.
الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.
المقدم: شكرًا لكم أنتم أحبتنا الكرام، وصلنا بكم إلى ختام حلقتنا في هذا اليوم الأول من أيام شهر رمضان.
حتى الملتقى بكم غدًا نستودكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.