عناصر المادة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
أبدأ بما تكثُر فيه الأسئلة والاستفتاءات:
- أولًا: المسعى الجديد وحكم السعي فيه.
- أيضًا التصوير الفوتوغرافي، هل يدخل في التصوير المُحرم أم لا؟
- بطاقات الائتمان، وبطاقات السحب (الفيزا)، و(ماستر كارد).
- التَّورُّق المُنظَّم الذي يجري في البنوك وحكمه.
- الاكتتاب في الشركات المُختلطة.
- وضع نغمات الجوال؛ وضع آيات قرآنية أو أحاديث في نغمات الجوال.
- عمليات التَّجميل من تقويم الأسنان وغيرها.
وربما تكون هناك مسائل أخرى لا يتسع الوقت لذكرها، لكن لعلي أتكلم عن هذه المسائل، وأيضًا باختصارٍ، وإلا فلو أردنا أن نُفْرِدَ الحديث وأن نتكلم بالتفصيل عن واحدةٍ من هذه المسائل لاستوعب ذلك مدة هذا اللقاء كله.
المسعى الجديد وحكم السعي فيه
أما بالنسبة للمسعى الجديد: فاختلف العلماء المعاصرون فيه بعد توسعته، والخلاف إنما هو في تحقيق المناط، وليس خلافًا في بداية المسعى ونهايته، لا، العلماء مُتَّفقون على أن السعي بين جبلي الصفا والمروة؛ لقول الله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158]، لكن الخلاف الذي وقع هو: ما حدود جبل الصفا؟ وما حدود جبل المروة؟
هذا هو الذي وقع فيه النِّزاع، فالخلاف يرجع إلى تحقيق المناط في هذه المسألة، وتحقيق المناط وتحديد الحدود في جَبَلَي الصفا والمروة يمكن أن يُرجع فيه إلى أهل الخبرة، ويُرجع فيه إلى أهل الاختصاص، ويُرجع فيه إلى المُؤرِّخين والجُغرافيين ومَن يملك معلومةً عن هذا.
وعندما ننظر في كتب المُؤرِّخين والذين كتبوا عن تاريخ مكة وتاريخ المشاعر نجد أنهم حدَّدوا عرضَ المسعى في زمنهم، فنجد -مثلًا- أن من أشهرهم الأزرقي في “أخبار مكة” حدَّد عرض المسعى في زمنه بأنه ستةٌ وثلاثون ذراعًا ونصف، وكذلك غيره، بل إنهم حدَّدوا ما بين الكعبة إلى جبل الصفا، وحدَّدوا كثيرًا من الأمور تحديدًا دقيقًا، لدرجة أنهم يُحدِّدون بالذراع وبالإصبع، فكانت تحديداتهم دقيقةً.
ولكن لم نجد مَن حدَّد عرض جبل الصفا، وعرض جبل المروة، يعني: لم نقف على مَن حدَّد عرض جبل الصفا، وعرض جبل المروة، ومن هنا وقع الإشكال.
وربما يكون السبب في أن المُؤرخين اعتنوا بتحديد مسائل كثيرةٍ، وجميع المشاعر حدَّدوها بدقةٍ، لكن لم يُحدِّدوا جبلي الصفا والمروة، ربما يكون السبب في هذا هو: أنهم لم يخطر ببالهم أن الناس سوف يحتاجون في يومٍ من الأيام إلى توسعة المسعى، لماذا؟
لأن الناس كانوا قِلَّةً، فقد كان جميع سكان الكرة الأرضية إلى قبل مئةٍ وخمسين سنةً لم يصل عددهم إلى مليار -ألف مليون- وخلال المئة والخمسين سنةً الماضية تضاعف سكان الأرض سبع مراتٍ، فلما تضاعف سكان الأرض تضاعفتْ أعداد المسلمين، وكثُر الناس، واحتاج الناس إلى التوسعة.
لعل هذا هو السبب في عدم تحديد جبلي الصفا والمروة.
ثم إن جبلي الصفا والمروة على مَرِّ التاريخ كان فيهما أبنيةٌ وسُكْنَى، واستخدمهما الناس، لم يتركوهما؛ لأنهما كانا قريبين من الحرم، فكان الناس يبنون عليهما بناياتٍ وسُكْنَى ونحو ذلك.
هناك لجنةٌ خرجتْ في وقت الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، فرأتْ إبقاء الأمر على ما هو عليه، وبَنَتْ على تحديد الأزرقي، لكن تحديد الأزرقي -في الحقيقة- ليس تحديدًا لعرض جَبَلَي الصفا والمروة، وإنما هو تحديدٌ لعرض المسعى في زمنه، وحينئذٍ لا يكون ذلك حُجَّةً.
وبالتأمل في بعض الأحاديث وأشعار العرب نجد أن حدود جبلي الصفا والمروة مُتَّسِعةٌ، وأنها ليست قَرْنًا -كما قال بعضهم- وإنما هي مُتَّسِعةٌ، فمثلًا: في الحديث المُخرَّج في الصحيحين -حديث أبي هريرة – أن النبي لما نزلتْ: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء:214] نادى قومه فاجتمعوا، فصعد الصفا وقال: أرأيتم إن أخبرتُكم أن خيلًا تخرج من سفح هذا الجبل، أكنتم مُصَدِّقي؟ قالوا: ما جرَّبنا عليك كذبًا .. إلخ [1].
فالشاهد قوله: خيلًا تخرج من سفح هذا الجبل، فهي خيلٌ؛ جيشٌ كاملٌ، وهذا يدل على اتِّساعه؛ لأنه عليه الصلاة والسلام رَقَى جبل الصفا وقال: خيلًا تخرج من سفح هذا الجبل.
وأيضًا أشعار العرب تدل على أنهم كانوا يسكنون على جَبَلَي الصفا والمروة، وقد ذكرتُ في بحثٍ مُختصرٍ في موقعٍ على (الإنترنت) خمسة أبياتٍ أو ستةً من كلام العرب تدلُّ على أنهم كانوا يسكنون على جَبَلَي الصفا والمروة، وكونهم يسكنون عليهما يدلُّ على اتساع هذين الجَبَلَيْن، يدلُّ على اتِّساعهما.
وأيضًا شهادة مَن شهد من الشهود باتِّساع جَبَلَي الصفا والمروة، وعلى رأسهم الشيخ عبدالله بن جبرين حفظه الله، ذكر أنه حجَّ عام 1369، ورأى أن جبل الصفا ممتدٌّ من جهة الشرق.
فهذه الأمور كلها تدلُّ على أن الأقرب -والله أعلم- أنه لا بأس بالسعي في المسعى الجديد؛ لأنه داخلٌ في حدود جَبَلَي الصفا والمروة.
هذا هو الأقرب في هذه المسألة، والله تعالى أعلم.
المسألة الثانية: التصوير الفوتوغرافي
التصوير الفوتوغرافي توصَّل له الناس في الوقت الحاضر بعدما درسوا كيف تُبْصِر العين البشرية، وحلَّلوا وقلَّدوا هذه العين، وجعلوا عينًا صناعيةً هي عدسة آلة التصوير.
وتجد أن معظم المُخترعات الحديثة قد قلَّد فيها المُخترعون أشياء موجودةً في الطبيعة، فمثلًا: الطيران، قلَّدوا الطير، درسوا كيف يطير هذا الطائر، وعرفوا سُنَنَ الله في طيران هذا الطائر؛ ولذلك اخترعوا الطائرة.
مثلًا: الرادار، درسوا الخُفَّاش كيف يستخدم حواسه، ومنه اخترعوا الرادار، وأشياء كثيرة من هذا القبيل.
ومن اللطائف في هذا -وربما الطُّرَف-: أنه في العام قبل الماضي لما أُريد توسعة جسر الجمرات استُعِين بأحد المراكز المُتقدمة في ألمانيا؛ لكي يُفيدوا بأفكارٍ عن كيفية توسعة الجمرات، وأيضًا تفويج الأفواج، فماذا عملوا؟
أتوا بنحلٍ ونملٍ، وجعلوه في مكانٍ ضيقٍ، فجعل بعضها يزدحم مع بعضٍ، وراقبوا كيف تسلُك، وسلَّطوا عليها الضوء، فعرفوا أنها على الفطرة لها طرقٌ مُعيَّنةٌ عند الازدحام، فاعتبروا أن هذا هو الحلّ، وبالفعل نجح تمامًا، لكنهم قلَّدوا النمل والنحل في هذا؛ لأن هذا على الفطرة، فهي تسير في تحرُّكاتها على الفطرة.
ولذلك انظر إلى الحيوان: تصرفاته كلها فِطْرِيَّةٌ، فالمُخترعات الحديثة مبنيةٌ على مُراقبة سلوك الحيوانات والحشرات ونحوها.
وكذلك لما أرادوا اختراع التصوير راقبوا عين الإنسان، كيف يُبْصِر الإنسان بهذه العين، واخترعوا عدسة آلة التصوير تقليدًا لعين الإنسان، ونجحوا في هذا -والشرح في هذا يطول- لكن لما اكتشفوا التصوير الفوتوغرافي قاموا بتسريعه، فنشأ منه التصوير التليفزيوني، يعني: الصورة التليفزيونية هي نفس الصورة الفوتوغرافية، لكنها مُسَرَّعةٌ بشكلٍ كبيرٍ جدًّا، ما بين سِتّ عشرة إلى خمسٍ وعشرين مرةً في الثانية الواحدة.
لاحظ: الثانية، وليس في الدقيقة، في الثانية، من سِتّ عشرة إلى خمسٍ وعشرين مرةً في الثانية الواحدة، فالعين لا تُدْرِك ثبات هذه الصورة، فهي تُعْتَبر كأنها مُتحركةٌ؛ ولذلك إذا حصل خللٌ في التلفاز تجد أن الصورة تقف.
أقول هذا لأني أُريد أن أُفرِّع بعد قليلٍ على أنه لا فرق بين التصوير الفوتوغرافي والتليفزيوني، وأن تفريق مَن فرَّق بينهما في غير محلِّه؛ لأن الفكرة واحدةٌ، لكن هذا مُسرَّعٌ، وهذا ثابتٌ.
هل التصوير الفوتوغرافي والتليفزيوني من التصوير المُحرم؟
اختلف العلماء المعاصرون في ذلك على قولين:
- القول الأول: أنه يدخل في التصوير المُحرم.
وأبرز ما استدلَّ به أصحاب هذا القول، قالوا: لأنه يُسمى “تصويرًا” و”صورةً”، والنبي يقول: لعن الله المُصوِّرين، وأشد الناس عذابًا يوم القيامة المُصوِّرون [2]. - والقول الثاني: أنه لا يدخل في معنى التصوير المُحرم؛ لأنه لا تتحقق فيه عِلة التصوير، وإنما هو حبسٌ لظِلِّ الصورة الحقيقية التي خلقها الله .
وهذا يقودنا إلى معرفة عِلَّة النهي عن التصوير، لماذا نهى الشارع عن التصوير؟
مَن يذكر لنا العِلَّة؟
العلة منصوصٌ عليها.
طالب: …….
الشيخ: نعم، مُضاهاة خلق الله: ومَن أظلم ممن ذهب يخلق كَخَلْقِي [3]، يُضَاهون بخلق الله [4].
فنجد أن هذه العِلَّة هي المنصوص عليها: مُضاهاة خلق الله ، هذه العِلَّة منصوصٌ عليها ومُتَّفقٌ عليها.
ما ذكره الأخ من عِلَّة التعظيم مُختلفٌ فيها، وليس عليها دليلٌ ظاهرٌ إلا أن قوم نوح لما نصبوا أنصابًا لم يضعوا صورًا، وإنما هي نُصُبٌ.
هل تعرفون النُّصُب؟
مجرد حجارةٍ، ليست صورًا، نُصُبٌ لأقوامٍ صالحين.
فالعِلَّة المُتفق عليها هي عِلَّة المُضاهاة.
هل المُضاهاة تتحقق في الصور الفوتوغرافية؟ هل فيها مُضاهاةٌ، أو أن هذه الصورة هي نفسها الصورة الحقيقية التي هي صورة الإنسان الحقيقية كما خلقه الله؟
الواقع أنها ليس فيها مُضاهاةٌ، إنما هي صورةٌ حقيقيةٌ كما خلقه الله؛ ولهذا لا يتعجب الناس، يقولون: هذه صورة فلان الحقيقية كما خلقه الله .
فنجد أن عِلَّة النهي عن التصوير لا تتحقق في الصور الفوتوغرافية، ومن ثَمَّ فإن تسميتها “صورة” تسميةٌ غير دقيقةٍ.
وقد كان الناس هنا في المملكة قديمًا لا يُسمونها “صورة”، يُسمونها “عكس”، يُسمون الصورة “عكس”، وهذه التَّسمية صحيحةٌ ودقيقةٌ، تسميتها “عكوس”، وليست صورًا.
وهذا القول الأخير هو الأقرب -والله أعلم-: أن هذه لا تدخل في التصوير المُحرم؛ لأنها لا تتحقق فيها عِلَّة المُضاهاة.
ومن هنا يظهر أنه لا بأس بهذا التصوير الفوتوغرافي، و كذلك التصوير التليفزيوني.
يتفرع عن هذا: أن منع التصوير الفوتوغرافي يلزمه منع التصوير التليفزيوني، يلزمه لزومًا وإلا كان مُتناقضًا، ويلزمه ألا يُدخل في بيته تلفازًا مطلقًا حتى لو كانت قناةً إسلاميةً؛ لأن هذا التصوير من كبائر الذنوب.
ونحن قررنا أنه لا فرق بين التصوير الفوتوغرافي والتليفزيوني، فهذا من لوازم هذا القول.
وهناك كلمةٌ جيدةٌ للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله، يقول: لا نَجْرُؤ على تأثيم أكثر الأُمَّة، وليس عندنا دليلٌ واضحٌ يدل على أن هذا هو التصوير المُحرم.
وتعرفون أن هذا مما عمَّتْ به البلوى الآن، فأكثر الناس على هذا، فلا نستطيع أن نقول: إنهم مُرتكبون لكبيرةٍ من كبائر الذنوب، وليس عندنا دليلٌ واضحٌ يدلُّ على أن هذا هو التصوير المُحرم، وإن كان هذا -يعني- ليس تدليلًا بالواقع، لكنه أيضًا مما يُرجح هذا القول.
فالخلاصة: أن القول الراجح هو جواز هذا التصوير، لكن أيضًا ينبغي أن نُقيِّده بضوابط:
- الضابط الأول: ألا يكون تصويرًا لأمرٍ مُحرمٍ، فلا يكون تصويرًا لنساءٍ أجنبياتٍ -مثلًا- أو تصويرًا لنساءٍ في أفراحٍ، أو نحو ذلك.
- الأمر الثاني: ألا تُعلَّق الصورة، فإن تعليقها ذريعةٌ إلى تعظيمها، وهذا التَّعظيم قد يكون ذريعةً إلى الوقوع فيما وقع فيه قوم نوح .
فبهذه الضوابط يظهر أنه لا بأس بذلك؛ ولذلك الصورة التي تكون في الهاتف الجوال يظهر أنه لا بأس بها، كذلك (كاميرا الفيديو) يظهر أنه لا بأس بها، لكن -كما ذكرتُ- تكون بهذه الضوابط.
والكلام عن هذه المسألة يطول، وهناك بحثٌ موجودٌ في الموقع على (الإنترنت) في زاوية الأبحاث والدراسات، ولعل مَن أراد أن يستفيد يرجع للموقع.
طالب: …….
الشيخ: نعم، الصور للذكرى -كما ذكرتُ- هي من هذا الباب؛ إذا قلنا: إنها ليست صورًا، فالذي يظهر أنه لا بأس بذلك، لكن لا يُتوسَّع في هذا، وأيضًا الشابّ وطالب العلم، يعني: المسألة تبقى ليست محلَّ ترجيحٍ، هذا يبقى ترجيحًا، وليس قطعًا في هذه المسألة، تبقى المسألة محلَّ خلافٍ.
ولهذا أيضًا طالب العلم يتورَّع، حتى لو كان يرى هذا الرأي يتورَّع أيضًا عن التوسُّع في استخدام هذه الصور؛ ولهذا أرى أن المساجد -مثلًا- تُنَزَّه عن الصور، وإن كنَّا نُفْتِي بأن هذا ليس من التصوير المُحرم، لكن هذا بناء على ما ترجح عندنا، لكن من باب الورع وخروجًا من الخلاف ينبغي أن تُنَزَّه المساجد عن ذلك.
كذلك -مثلًا- الملابس أيضًا، فينبغي ألا يُعلِّقها الإنسان -مثلًا- على ملابسه من باب الخروج من الخلاف، ومن باب الورع، وإن كنا نقول: إن هذا ليس داخلًا في التصوير المُحرم.
إذن ما التصوير المُحرم؟
التصوير المُحرم: هو الذي فيه عِلة التصوير، وهي: المُضاهاة.
ما التصوير الذي فيه عِلَّة المُضاهاة؟
مَن يُجيب؟
طالب: …….
الشيخ: نعم، أولًا: النَّحت، وهو أشدها، فالصور المنحوتة لا شكَّ أنها صورٌ مُحرمةٌ، وهي التي تمنع دخول الملائكة، الصور المنحوتة أو المصنوعة على شكل ذوات أرواحٍ، فهذه صورٌ مُحرمةٌ.
وأيضًا المرسومة، فالمرسومة تتحقق فيها فعلًا عِلَّة المُضاهاة؛ ولهذا لو رسم إنسانٌ صورة آخر يتعجب الناس، يقولون: هذا رسام، انظر إلى دقة الرسم عنده. فيتعجب الناس منها.
فالرسم تتحقق فيه عِلَّة النهي عن التصوير، وهي المُضاهاة، وكذلك الصور المنحوتة أو المصنوعة على شكل ذوات أرواحٍ.
طيب، هناك اقتراحٌ أننا نُؤخِّر المسائل المُتعلِّقة بالمعاملات المالية.
وضع الآيات القرآنية والأحاديث في نغمات الجوال
ننتقل بعد ذلك إلى مسألة: نغمات الجوال، وضع الآيات القرآنية والأحاديث في نغمات الجوال.
دَرَسَ هذا الموضوع -خاصةً الشقّ الأول وهو: وضع الآيات القرآنية في نغمات الجوال- مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، وقد كنتُ ممن حضر الجلسة ومُناقشة هذا الموضوع، وقد رأى فقهاء المجمع تحريم اتِّخاذ الآيات القرآنية في نغمات الجوال؛ وذلك لأمورٍ:
- الأمر الأول: لما في ذلك من الاستهانة بكتاب الله ، وكتاب الله نزل لتلاوته وتدبُّره والعمل به والتَّحاكُم إليه، ولم ينزل لأن يُجْعَل نغمةً في جوالٍ أو زينةً أو نحو ذلك؛ ولهذا لا يَجْرُؤ أحدٌ من الناس على أن يجعل نغمة ملكٍ من الملوك يُعظِّمه الناس، يجعل كلامه نغمةً في جوالٍ؛ لأن هذا يُعَدُّ في عُرْف الناس نوعًا من الاستهانة، فكيف بكتاب الله ؟
- الأمر الثاني: أنه قد يترتب أيضًا على وضع القرآن نغمةً في الجوال فسادُ المعنى.
كيف فساد المعنى؟
يعني مثلًا: يقرأ القرآن: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19]، فيقرأ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ، ثم يقطع الاتصال ويُجيب عنه، فهنا المعنى يَخْتَلُّ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ ثم يقطع الاتصال، فهنا يترتب على ذلك فساد المعنى، أو مثلًا يقرأ: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ [الماعون:4]، ثم يقطع الاتصال، أو: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ [النساء:43] ثم يقطع الاتصال؛ فيترتب على ذلك فساد المعنى.
وما كان يترتب عليه فساد المعنى أو توهُّم فساد المعنى فهو ممنوعٌ؛ ولهذا يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا [البقرة:104]، مع أن رَاعِنَا وانْظُرْنَا بمعنًى واحدٍ، لكن لما كانت رَاعِنَا تحتمل معنًى فاسدًا، ويُريد بها اليهود معنًى فاسدًا؛ نهى الله تعالى المؤمنين عن هذا اللفظ، وأرشدهم إلى استخدام لفظٍ آخر.
أما بالنسبة لغير الآيات القرآنية فالأمر فيها أخَفُّ، فإذا كان يضع -مثلًا- أحاديث نبوية عن النبي ، لكن فيها ذكرٌ لله فهذا جائزٌ، لكن بشرطٍ أيضًا: أن يصون ذلك عن أن يُبْتَذَل في الأماكن القذرة؛ كدورات المياه -مثلًا- أما إذا كان سوف يُبْتَذَلُ اسمُ الله ويُمْتَهَن في أماكن قذرةٍ فهنا الأمر دائرٌ بين الكراهة والتحريم؛ لأن اسم الله يجب تعظيمه، وإذا كان أيضًا يُكْرَه دخول الإنسان إلى دورات المياه بما هو مكتوبٌ فيه ذكر الله ، فكذلك بما يُسْمَع؛ لأن الكتابة وسيلةٌ، وأيضًا الصوت وسيلةٌ، كلاهما وسائل؛ ولذلك إذا كان سيضع -مثلًا- أحاديث فلا بأس، لكن بشرط: أن يصون كلام الله أو ذكر الله تعالى عن الأماكن التي يكون فيها نوع امتهانٍ.
إذا كان سيضع حِكَمًا أو أشعارًا فلا بأس بهذا، لكن ينبغي لمَن أراد أن يضع شيئًا أن يكون له هدفٌ -مثلًا- بإفادة المتصل، مثلًا: يُفيد المتصل بحكمةٍ، بفائدةٍ، بمعلومةٍ، فيكون الجواب إذن بناءً على هذا التَّفصيل.
عمليات التَّجميل
ننتقل بعد ذلك إلى مسألةٍ أخرى هي: عمليات التَّجميل.
عمليات التَّجميل، ومنها: تقويم الأسنان -مثلًا- وشفط الدهون، وشدُّ الوجه لإزالة التَّجاعيد، وتكبير وتصغير الثَّدي، ونحو ذلك، هذه هي محلُّ البحث، وقبل أن نتكلَّم عنها لا بد أن نعرف الضابط في تغيير خلق الله.
تغيير خلق الله المُحرم أو الممنوع هو: ما كان فيه إحداثُ تغييرٍ دائمٍ في خِلْقَةٍ معهودةٍ.
هذا هو الضابط: إحداثُ تغييرٍ دائمٍ في خِلْقَةٍ معهودةٍ.
فقولنا: “تغيير دائم” يخرج به التغيير غير الدائم، كالحُمْرَة -مثلًا- التي تضعها المرأة، ونحو ذلك، هذا ليس تغييرًا دائمًا، ولا يُعتبر هذا من تغيير خلق الله.
“في خِلْقَةٍ معهودةٍ” يخرج به ما كان في خِلْقَةٍ غير معهودةٍ، كما لو كان فيه عيبٌ، فأراد أن يُزيل هذا العيب، فلا يُعتبر هذا تغييرًا لخلق الله .
عمليات التَّجميل القاعدة فيها: أن ما كان لإزالة عيبٍ فإنه لا بأس به، سواء كان تقويمًا لأسنانٍ، أو إزالةً لشعرٍ، أو لأيِّ غرضٍ كان، ما كان فيه إزالةٌ لعيبٍ فلا بأس به، ويدل لذلك أن عَرْفَجَة بن أسعد لما قُطِعَ أنفه اتَّخذ أنفًا من وَرِقٍ -يعني: من فضةٍ- فَأَنْتَنَ، فأمره النبي أن يتَّخذ أنفًا من ذهبٍ [5]، مع أن اتِّخاذ الذهب مُحرمٌ على الرجال، لكن هذا لأنه من باب إزالة العيب.
أما لطلب الحُسْن والجمال: فإذا كان يتضمن تغييرًا لخلق الله فإنه لا يجوز، ويدل لذلك أن النبي قال: لعن الله الواصلة والمُستوصلة، والواشمة والمُستوشمة [6]، والمُتَفَلِّجات للحُسْن، المُغيِّرات خلق الله [7]، فقيَّد ذلك: والمُتَفَلِّجات للحُسْن.
التَّفليج ما هو؟
أنا اخترتُ التَّفليج؛ لأن الحكم فيه أظهر.
التَّفليج معناه: التَّفريق بين الأسنان، وغالب مَن يفعله النساء، وتفعله المرأة إذا تقدَّم بها السن؛ لأن المرأة الصغيرة تكون -في الغالب- أسنانها بينها فَلَجَةٌ، يعني: ما تكون مُتراصَّةً، تكون بينها فَلَجَةٌ، ما تكون مُتراصَّةً.
فبعض النساء تفعل هذا لأجل أن تُوهم أنها ما زالت صغيرةً، فالنبي لعن المُتَفَلِّجات للحُسْن، يعني: طلب الجمال، ثم قال: المُغَيِّرَات خلق الله.
انظر كيف أن النبي اعتبر هذا تغييرًا لخلق الله، فإذا كان مجرد التَّفريق بين الأسنان يُعتبر تغييرًا لخلق الله، فما بالك بما هو أعظم من هذا؟
وبناءً على ذلك: تقويم الأسنان طلبًا للحُسْن لا يجوز، يُعتبر من تغيير خلق الله؛ لأنه أبلغ من تفليج الأسنان، وإذا كان تفليج الأسنان تغييرًا لخلق الله، ولعن النبي مَن فعله، فتقويم الأسنان طلبًا للحُسْن من باب أولى.
إذا كان لإزالة عيبٍ فلا بأس به، كما لو كانت الأسنان مُتقدمةً، وتُعتبر في عُرْف الناس عيبًا، فلا بأس بتقويم الأسنان.
كذلك بالنسبة لعملية شَدِّ الوجه -مثلًا- إذا كان هذا الإنسان صغيرًا، ما زال شابًّا، وبدتْ فيه تجاعيد في الوجه، فهذا من باب إزالة العيب، ولا بأس بذلك، لكن لو كان الإنسان عمره سبعين سنةً، ويُريد أن يَشُدَّ تجاعيد وجهه، فهنا نقول: هذا فيه تغييرٌ لخلق الله، ولا يجوز مثل هذا.
وهكذا بالنسبة لسائر عمليات التجميل، فهذا هو الضابط فيها.
لعلي أختصر، فالكلام عن هذه المسائل يطول، لكن أقول باختصارٍ.
بطاقات الائتمان
ننتقل بعد ذلك إلى بطاقات الائتمان.
بطاقات الائتمان المقصود بها: بطاقات الإقراض والسحب النَّقدي، وهي تنقسم إلى قسمين: بطاقة ائتمان مُغَطَّاةٌ، وغير مُغَطَّاةٍ.
أما المُغَطَّاة فمعناها: أن يكون لك رصيدٌ، وغير المُغَطَّاة تكون بدون رصيدٍ.
أبرز أنواع بطاقات الائتمان المُغَطَّاة: بطاقات الصَّرَّاف الآلي، وهذه لا إشكال فيها، لا إشكال في إصدارها والسَّحب بها.
لكن هنا تَرِدُ مسألةٌ: لو كان لك حسابٌ في بنكٍ، وأردتَ أن تسحب من صَرَّاف بنكٍ آخر، يكون لك -مثلًا- حسابٌ في مصرف “الراجحي”، وأردتَ أن تسحب من جهاز صرَّاف “سامبا”، فهل هذا يجوز؟
نقول: لا بأس به ويجوز، لماذا؟
لأنك -في الحقيقة- إنما تسحب من رصيدك، ولا تسحب من رصيد البنك، ولا يُؤخذ منك شيءٌ على هذا السحب، إنما يُؤخذ من البنك الذي حسابك لديه، وهذا التعامل بين البنوك، وهو جائزٌ أيضًا؛ لأنه مقابل خدمةٍ؛ لأن هذه الأجهزة لها كُلْفَةٌ، وأيضًا يُستأجر لها مكانٌ، وتحتاج إلى صيانةٍ، فما يُؤخذ من رسومٍ هو مقابل خدمةٍ.
إذن نقول: بطاقات الصَّرَّاف هذه لا بأس بها، ولا بأس بأن تسحب من أيِّ جهازٍ، سواء كان من جهاز البنك الذي تتبعه، أو من جهاز بنكٍ آخر.
أما بالنسبة لبطاقات الائتمان الأخرى، مثل: بطاقات (الفيزا) و(ماستر كارد) وغيرها، فإذا كانت مُغَطَّاةً فحكمها حكم بطاقات الصَّرَّاف الآلي، وإذا كانت غير مُغَطَّاةٍ -بدون رصيدٍ- فهنا إذا كانت لا تتضمن شرطًا ربويًّا فإنه لا بأس بها، أما إذا كانت تتضمن شرطًا ربويًّا فإنها مُحرمةٌ.
كيف تتضمن شرطًا ربويًّا؟
يعني: بعض البنوك تشترط على مَن يسحب بهذه البطاقات أنه يُسدِّد خلال فترة السماح المجانية، فإذا لم يُسدِّد يحسبون عليه فوائد ربوية، وحينئذٍ تكون بطاقات (الفيزا) من “الراجحي” مثلًا أو “البلاد” جائزةً، وما عداها فَيُنْظَر لهذا الشرط: هل هو موجودٌ فتكون مُحرمةً، أو غير موجودٍ فتكون جائزةً؟
هناك أيضًا مسائل أخرى، وربما أكتفي بهذا القدر، وأُحيلكم على الموقع على (الإنترنت) حيث توجد فيه هذه المسائل وغيرها من المسائل المعاصرة التي تكون فيها بحوثٌ في زاوية الأبحاث والدراسات، وفتاوى مُختصرة في زاوية الفتاوى، فلعلكم ترجعون لها، وستجدون -إن شاء الله- جملةً لا بأس بها من المسائل المعاصرة، وربما لم يتبقَّ على الأذان إلا خمس دقائق نُتيح المجال فيها للأسئلة.
الأسئلة
السؤال: شكر الله لفضيلة الشيخ على ما تحدث به، ونفعنا بعلمه.
هذا سائلٌ يقول: من خصائص بعض الكاميرات التغيير في الصورة المُصورة، مثل: تغيير حجم الأذن -مثلًا- أو جعل الصورة -مثلًا- مرسومةً باليد، فما حكم ذلك؟
الجواب: إذا كان سوف يُغَيَّر في الصورة الحقيقية بحيث إنها لا تكون على الصورة الحقيقية، وإنما يُعدَّل الوجه والأذن ونحو ذلك، فهنا نأتي لعِلَّة النَّهي عن التصوير، هل هو بعد هذا التغيير تتحقق فيه العِلَّة أم لا؟
الذي يظهر أن العِلة تتحقق؛ لأنه الآن تُصبح هذه ليست صورةً حقيقيةً، ليست عكسًا، وإنما هي مُضاهاةٌ، والمُضاهاة كما تكون بالرسم باليد، قد تكون بالآلة، قد تكون المُضاهاة بالآلة، فتحريك هذه الصورة بهذه الطريقة يُشْبِه الرسم باليد، ويُشْبِه النَّحْت؛ لهذا فالأقرب في هذه الصورة إذا غُيِّرتْ ولم تَعُدْ صورة الإنسان الحقيقية، فالأقرب فيها المنع.
السؤال: أحسن الله إليكم.
هذا سائلٌ يقول: إذا جاءتْ مسألةٌ فقهيةٌ نازلةٌ مُعاصرةٌ لا أَصْلَ لها، من أين يبدأ الباحث في المسألة؟
الجواب: عند وُرُودِ النوازل ينبغي ألا يتعجَّل طالب العلم بالجزم في الحكم فيها؛ وذلك لأن هذه النازلة تحتاج إلى تصوُّرٍ -أولًا- وفهمٍ لحقيقتها، ثم بعد ذلك التأمل قبل الجزم بالحكم فيها؛ ولهذا يتريث الإنسان حتى يستأنس بآراء العلماء وبالاجتهادات الجماعية، مثل: المجامع الفقهية، وهيئات كبار العلماء، والهيئات الشرعية، ونحو ذلك، فمثل هذه المجامع يكون فيها اجتهادٌ جماعيٌّ: هيئة كبار العلماء، والمجمع الفقهي، ويُستدعى أهل الاختصاص.
فمثلًا: إذا كانت المسألة في الاقتصاد يُستدعى اقتصاديون، وإذا كانت مسألة في الطبِّ يُستدعى أطباء، وإذا كانت مسألة في الفلك يُستدعى فلكيون، وهكذا، ثم بعد ذلك يكون هناك نقاشٌ، ثم يصدر قرارٌ.
ومعظم المسائل المعاصرة والنوازل فيها قراراتٌ من المجامع الفقهية والهيئات العلمية، لكن لو قُدِّر أن مسألةً جديدةً ليس فيها قرارٌ من هيئةٍ علميةٍ، فهنا يتريث الإنسان حتى ينظر فيها كبار أهل العلم ويتأملون ويُفتون فيها.
وهذا هو منهج الصحابة ، فمثلًا: في قصة سير عمر إلى الشام، لما بلغه أن الطاعون وقع في الشام استشار الصحابة ، استشار أولًا المهاجرين فاختلفوا، فقال: “قوموا عني”، ثم استشار الأنصار فاختلفوا، ثم دعا مشيخة قريشٍ من مُسْلِمَة الفتح، ولم يختلفوا في أن عمر يرجع، فأخذ عمر بهذا الرأي، فلما أراد أن يرجع قال أبو عبيدة : أفرارًا من قدر الله؟! قال: “لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم، نَفِرُّ من قدر الله إلى قدر الله”، وكان عبدالرحمن بن عوف غائبًا، ثم أتى عبدالرحمن وقال: سمعتُ رسول الله يقول: إذا سمعتُم به بأرضٍ فلا تَقْدَموا عليه، وإذا وقع بأرضٍ وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه، فوافق إذن اجتهاد عمر والصحابة كلام النبي ، فَحَمِدَ الله وكَبَّر [8].
الشاهد: أن عمر لم يتعجَّل، وإنما استشار مرةً، ثم مرتين، ثم ثلاثًا، حتى تبين له الحكم الشرعي في تلك النازلة.
السؤال: أحسن الله إليكم.
هذا سائلٌ يقول: هل يجوز فتح حسابٍ في بنك “سامبا” -مثلًا- وهو حسابٌ لمجرد فقط وضع المال وسحبه متى أحتاج إليه؟
الجواب: فتح الحساب هو في الحقيقة إقراضٌ للبنك، والناس يُسمونه “ودائع”، لكنها في حقيقة الأمر التَّكييف الفقهي لها: أنها إقراضٌ؛ لأن البنك عندما تفتح عنده حسابًا وتُودع فيه مبلغًا، فالبنك يأخذ هذا المال ويتصرف فيه مباشرةً، ولو كان وديعةً ما تصرف فيه، وربما يتصرف فيه وأنت تنظر، يأخذه منك ويُعطيه عميلًا آخر، وهذا من شأن القرض.
ثم أيضًا البنك ضامنٌ له بكلِّ حالٍ، حتى لو تلف من غير تَعَدٍّ ولا تفريطٍ، وهذا من شأن القرض، وليس من شأن الوديعة؛ ولهذا فالذي استقرَّ عليه رأي أكثر العلماء المعاصرين: أن الحسابات الجارية قروضٌ، وعمدة البنوك هي الحسابات الجارية، فأكثر ما تستفيد البنوك من الحسابات الجارية؛ لأن جميع الناس أو معظم الناس لديهم حسابات في البنوك؛ ولذلك فالإعانة على الإثم ظاهرةٌ هنا.
ومن هنا نقول: إن الأصل أنه لا يجوز فتح حسابات في البنوك الربوية إلا عند الضرورة، وفي بلادنا ليست هناك ضرورةٌ؛ لأن هناك بنوكًا إسلاميةً، عندنا بنك “الراجحي”، وبنك “البلاد”، وبنك “إنماء” أيضًا في الطريق، كل هذه بنوكٌ إسلاميةٌ، فالبديل موجودٌ -ولله الحمد- فلماذا يلجأ الإنسان إلى البنوك الربوية؟
لكن في بعض البلاد التي لا توجد فيها بنوكٌ إسلاميةٌ ربما يُرَخَّص لهم، أما الوضع عندنا في المملكة مع وجود البنوك الإسلامية نقول: إنه ينبغي أن تُفتح الحسابات في البنوك الإسلامية، ولا تُفتح في البنوك الربوية.
ولو أن الناس قاطعوا البنوك الربوية، وما فتحوا فيها حسابات؛ ما قام لها قائمٌ، ولكان هذا أكبر رادعٍ لهم على ترك الربا، لكن عندما تُدعم بهذه الحسابات الجارية فإنها تستمر وتتجرَّأ على الربا.
ونكتفي بهذا القدر، ونسأل الله تعالى للجميع الفقه في الدين، والعلم النافع، والعمل الصالح، والتوفيق لما يُحِبُّ ويرضى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحاشية السفلية
^1 | رواه البخاري: 4971، ومسلم: 208. |
---|---|
^2 | رواه البخاري: 5950، ومسلم: 2109. |
^3 | رواه البخاري: 7559، ومسلم: 2111. |
^4 | رواه البخاري: 5954، ومسلم: 2107. |
^5 | رواه أبو داود: 4232، والترمذي: 1770 وقال: حسنٌ. |
^6 | رواه البخاري: 5933. |
^7 | رواه البخاري: 4886، ومسلم: 2125. |
^8 | رواه البخاري: 5729، ومسلم: 2219. |