أيهما أفضل: أداء العمرة في رمضان أم أداؤها في أشهر الحج؟
مشاهدة من الموقع
السؤال
أيهما أفضل: أداء العمرة في رمضان أم أداؤها في أشهر الحج؟
الجواب
إذا نظرنا إلى فعل النبي نجد أن عُمَره كلها في شهر ذي القعدة، يعني: في أشهر الحج.
وإذا نظرنا إلى قول النبي ، فقد قال: عمرة في رمضان تعدل حجة أو قال: حجة معي [1] الحديث في الصحيحين.
فإذن فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان اعتمر في أشهر الحج، وقوله: عمرة في رمضان تعدل حجة لو افترضنا افتراضًا تعارض القول والفعل فعند الأصوليين أن دلالة القول أقوى وأصرح من دلالة الفعل، فهذا مما يرجح دلالة القول مع أنه ليس هناك تعارض، لكن هذا على سبيل الافتراض.
المقدم: -يعني أحسن الله إليكم- بناء على ذلك على سبيل افتراض التعارض فإن العمرة في رمضان أفضل؟
نعم، يترتب على ذلك أن العمرة في رمضان أفضل من العمرة في أشهر الحج؛ لأنها من قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: عمرة في رمضان تعدل حجة، من قول النبي -عليه الصلاة والسلام- بينما كون النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر في شهر ذي القعدة هذا من فعله، ودلالة القول أقوى وأصرح من دلالة الفعل.
لكن الواقع أنه ليس هناك تعارض؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما اعتمر في ذي القعدة؛ لأن قريشًا في الجاهلية كانت ترى أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، كان هذا المعتقد راسخًا عندهم، وكانوا يجعلون المحرم صفرًا، ويقولون: إذا برأ الدَّبَر، وعفَا الأثر، وانسلخ صَفَر، حلَّت العمرة لمن اعتمر.
فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يُبطل هذا المعتقد الذي كان موجودًا عندهم، وكان أيضًا راسخًا عند كثير من الصحابة، فاعتمر -عليه الصلاة والسلام- في ذي القعدة، وكرر العمرة في ذي القعدة، بل أمر الصحابة الذين لم يَسُوقوا الهدي أمرهم بالعمرة، أمرهم أولًا في المدينة بالعمرة، ثم أكد عليهم ذلك عند الميقات، ثم لما وصل إلى مكة أمرهم أمرًا لازمًا، وقال: افعلوا ما آمركم به[2].
ولهذا؛ فالقول الراجح كما اختاره أبو العباس ابن تيمية: أن التمتع واجب في حق الصحابة، خاصة الذين لم يسوقوا الهدي دون غيرهم[3]. هذا هو القول الذي تجتمع به الأدلة الواردة في المسألة.
فكون النبي -عليه الصلاة والسلام- يؤكد على الصحابة أن يعتمروا، وهو أيضًا اعتمر في أشهر الحج، كان غرض النبي -عليه الصلاة والسلام- هو أن يبطل هذا المعتقد الموجود عند أهل الجاهلية، وهو أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، حتى راجعوا النبي -عليه الصلاة والسلام- قالوا: يا رسول الله، أيُّ الحِل؟ قال: الحِلُّ كله[4].
والأحاديث في هذا كثيرة، وممن بسطها الإمام ابن القيم -رحمه الله- في “الهدي النبوي”.
والحاصل: أن اعتمار النبي -عليه الصلاة والسلام- في شهر ذي القعدة، وكذلك أمره للصحابة بذلك؛ هو لأجل إبطال هذا المعتقد، فكان ذلك لسبب، لكن قوله -عليه الصلاة والسلام-: عمرة في رمضان تعدل حجة هذا وإن كان قد قاله لامرأة من الصحابة، لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وعلى هذا؛ فالقول الراجح أن العمرة في رمضان أفضل من العمرة في أشهر الحج.