logo
الرئيسية/فتاوى/أهمية المداومة على الطاعات بعد رمضان

أهمية المداومة على الطاعات بعد رمضان

مشاهدة من الموقع

السؤال

بعد  شهر رمضان، وهو شهرٌ اعتاد الناس فيه على الطاعات، ما هي الوصية التي توصي بها الناس فيما يتعلق بالطاعة بعد رمضان؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فكنا بالأمس القريب نستقبل شهر رمضان، نصوم نهاره ونقوم ليله، وكان شهر أنسٍ وتنافسٍ في الخيرات وفي الطاعات وفي الأعمال الصالحة، وانقضت تلك الأيام والليالي وذهبت سريعًا، وهكذا يتصرَّم العمر، وهكذا ينقضي عمر الإنسان، تمضي أيامه ولياليه سريعًا وتذهب جميعًا، ولا يبقى للإنسان إلا الباقيات الصالحات، إلا ما عمل وما قدمت يداه.

والمطلوب من المسلم بعد رمضان: أن يحرص على أن يستمر على ما اعتاده من أعمالٍ صالحةٍ في رمضان، ويواصل العمل الصالح، فإنَّ أحب العمل إلى الله: أدومه وإن قل.

أولًا: يحافظ على الفرائض، فالفرائض والواجبات هذه لا بد منها.

ثانيًا: ينبغي للمسلم أن يحرص -بعد المحافظة على الفرائض- أن يحافظ على النوافل، يحافظ عليها كل يومٍ، فهذه المحافظة لها فوائد:

  • الفائدة الأولى: أن هذا العمل محبوبٌ إلى الله سبحانه، العمل الذي يحافظ عليه صاحبه ويداوم عليه صاحبه محبوبٌ إلى الله ​​​​​​​، يقول النبي : أحب العمل إلى الله: أدومه وإن قل [1]، متفقٌ عليه، أحب العمل إلى الله: أدومه وإن قل، حتى وإن كان قليلًا، لكن يكون دائمًا مستمرًّا، هذا أحب العمل إلى الله تعالى، هذا أحب من عملٍ كثيرٍ منقطعٍ.
  • الفائدة الثانية: أن القليل مع القليل يكون كثيرًا؛ فعلى سبيل المثال: لو أنك حرصت على أن تحافظ على ركعتي الضحى تصليها كل يومٍ، فمع نهاية السنة كم سيكون عدد الركعات التي صليتها؟ تكون صليت أكثر من سبعمئة ركعةٍ، ركعتا الضحى ما تأخذ منك دقيقةً أو دقيقتين، لكن بالمحافظة عليها تكون كثيرةً، فتكون مع نهاية السنة قد صليت أكثر من سبعمئة ركعةٍ تطوعًا من غير الفريضة، لو قيل لإنسانٍ: صل سبعمئة ركعةٍ، يقول: هذا كثيرٌ، كيف أصلي سبعمئة ركعةٍ؟! مجرد محافظتك على ركعتي الضحى كل يومٍ تكون نهاية السنة قد صليت أكثر من سبعمئة ركعةٍ، فالقليل مع القليل يكون كثيرًا.
  • الفائدة الثالثة: أنه إذا عرض للإنسان عارضٌ من مرضٍ أو سفرٍ أو غير ذلك، فلم يستطع أن يؤدي ويأتي بتلك النوافل التي اعتادها؛ يكتب له أجرها كاملًا، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده، يقول النبي : إذا مرض العبد أو سافر؛ كتب الله له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا [2]، وهذا الفضل خاصٌّ بمن داوم على عملٍ صالحٍ، أما من لم يداوم فلا يكتب له ذلك؛ ولهذا لما أتت جائحة كورونا؛ قيل لمن اعتاد على الجمعة والجماعة: إن أجوركم تامةٌ، حتى لو صليتموها فرادى في بيوتكم، فيكتب لكم أجر الجمعة كاملةً، وأجر الجماعة كاملةً، وأجر جميع الأعمال الصالحة التي كنتم تفعلونها قبل جائحة كورونا، لكن هذا خاصٌّ بمن اعتاد على تلك الأعمال الصالحة، فهذه فوائد المداومة على العمل الصالح.

ثم أيضًا يعني: كما نرى الآن سرعة مرور الأيام والليالي، فإذا داوم الإنسان على الأعمال الصالحة؛ سيجد أنه قد عمل أعمالًا كثيرةً، حتى يفرح ويسر إذا أتى نهاية الشهر يكون مثلًا قد فعل كذا من الأعمال الصالحة؛ من صلاةٍ، من صيامٍ، من صدقاتٍ، من أعمالٍ صالحةٍ، من تلاوة قرآنٍ، فيفرح بذلك ويسر، إذا كان مع نهاية العام يكون قد صام كذا يومًا من صيام النافلة، يكون قد ختم القرآن كذا ختمةً، وهكذا، فتكون هذه المحافظة، القليل مع القليل يكون كثيرًا، بالمحافظة تكون هذه الأعمال كثيرةً، وأيضًا محبوبةً إلى الله ، وأيضًا أجر الإنسان تامٌّ فيما لو عرض له عارضٌ؛ ولهذا ينبغي أن يجعل المسلم هذا مبدأً له في حياته، بعد محافظتك على الفرائض؛ اجعل لك نوافل تحافظ عليها، بعض الناس غير مرتبٍ تارةً يتحمس ويأتي بأعمالٍ صالحةٍ كثيرةٍ، وتارةً ينقطع، فهذا تفوته هذه الفضائل، حتى لو كان محافظًا على الفرائض، بعض الناس محافظٌ على الفرائض، لكنه أحيانًا بالنسبة للنوافل يتحمس، خاصةً في رمضان مثلًا، ويأتي بأعمالٍ صالحةٍ كثيرةٍ ثم ينقطع، خيرٌ منه الذي له أعمالٌ صالحةٌ يداوم ويحافظ عليها، أحب العمل إلى الله: أدومه وإن قل.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 5861، ومسلم: 2818.
^2 رواه البخاري: 2996.
zh