شيخنا، من المسائل المعاصرة المتعلقة بالمفطرات: ما يتعلق -عافانا الله وإياكم والمستمعين- بمرضى الفشل الكلوي، يحتاجون إلى الغسيل، فهل إجراء الغسيل في أثناء الصيام مؤثرٌ على الصوم؟
مشاهدة من الموقع
السؤال
شيخنا، من المسائل المعاصرة المتعلقة بالمفطرات: ما يتعلق -عافانا الله وإياكم والمستمعين- بمرضى الفشل الكلوي، يحتاجون إلى الغسيل، فهل إجراء الغسيل في أثناء الصيام مؤثرٌ على الصوم؟
الجواب
غسيل الكلى على قسمين:
القسم الأول: الغسيل الكلوي الدموي -وهو يعني الطريقة المعروفة المشهورة- الذي يكون معه استخراج الدم وتنقيته ثم إعادته للجسم، فالغسيل الكلوي الدموي بهذه الطريقة يفسد معها الصوم، ويمكن تخريج ذلك على الحجامة، فإن فيها استخراجًا للدم، والحجامة تفسد الصوم على القول الراجح، كما سبق أن فصلنا خلاف الفقهاء في حلقةٍ سابقةٍ [1]، وذكرنا أن القول المختار والمرجح عند كثيرٍ من المحققين: أن الحجامة تفسد الصوم؛ لقول النبي : أفطر الحاجم والمحجوم [2].
لكن هناك من العلماء من لم يسلم بهذا التخريج، ويقول: إن قياس الغسيل الكلوي على الحجامة قياسٌ مع الفارق، فنقول: حتى لو لم يسلم بهذا التخريج؛ هناك مأخذٌ آخر للتفطير، وهو أنه عندما يراد غسيل الدم؛ يضاف إليه جلوكوزٌ وأملاحٌ وأدويةٌ وفيتاميناتٌ ونحو ذلك، كما أفاد بهذا المختصون؛ ولهذا تجد أن من تُغسل كليتاه؛ يرتفع عنده مستوى السكر، لو أنك قست مستوى السكر قبل الغسيل الكلوي وبعده؛ تجد أنه بعد الغسيل الكلوي يرتفع عنده مستوى السكر، ويجد نشاطًا، ويجد خفةً؛ معنى ذلك: أن لهذا تأثيرًا لهذه الإضافات التي أضيفت عند الغسيل الكلوي، لها تأثيرٌ، فهذه المواد التي تضاف من الجلوكوز والفيتامينات والأملاح والأدوية، هذه بحد ذاتها مُفسدةٌ للصوم، حتى لو لم يُسلَّم بتخريج الغسيل الكلوي على الحجامة، هذا هو القسم الأول الغسيل الكلوي الدموي؛ إذنْ يفسد الصوم.
القسم الثاني: وهو نوعٌ من الغسيل استجد مؤخرًا، ويسمى: الغسيل الكلوي البريتوني، وهو مُرَشِّحٌ يوضع على غشاء البطن حول السرة، ويمتص ما في الدم من شوائب بطريقةٍ معينةٍ، وهذا يمكن أن يستخدمه الإنسان في البيت، يضعه قبل النوم ويخرجه بعد النوم، يعني يبقى عدة ساعاتٍ، لكن يمكن أن يوضع قبل النوم ويفصل بعد النوم، ويكون أيضًا لبعض المرضى، لا يناسب الجميع، وإنما لبعضهم.
وهذا الغسيل الكلوي البريتوني أيضًا اختلف فيه العلماء المعاصرون؛ فبعضهم قال: إنه يفسد الصوم، وبعضهم قال: إنه لا يفسد الصوم، والقول الراجح -والله أعلم- أنه يفسد الصوم، وأنه في معنى الغسيل الكلوي الدموي؛ وذلك لأن الغسيل الكلوي البريتوني يوضع في المرشِّح الذي عند السرة الجلوكوز والأملاح والأدوية ونحو ذلك، ويمتصها الدم؛ ولهذا أيضًا نجد أن الذي يقوم بالغسيل الكلوي البريتوني يرتفع عنده مستوى السكر، ويجد نشاطًا وخفةً، فنجد أن له أثرًا عليه، هذا دليلٌ على أنه قد استفاد من هذا الغسيل.
وعلى هذا نقول: إن القول الراجح -والله أعلم- أن الغسيل الكلوي بنوعيه: الدموي، والبريتوني، مفسدٌ للصيام، لكن إذا احتاج الإنسان لذلك؛ فإنه يفعل ولا حرج عليه، ويقضي هذا اليوم بعد رمضان إن استطاع، وإن لم يستطع فيطعم عن كل يومٍ مسكينًا، ولا يتحرج؛ لأن بعض المرضى المصابين بالغسيل الكلوي ربما لا يجدون مراكز غسيل الكلى والمستشفيات مفتوحةً إلا في فترة النهار، يقع عليهم الحرج، يعني لو قيل لهم: لا تغسلوا إلا في الليل، فنقول: لا حرج عليكم أن تقوموا بالغسيل الكلوي في نهار الصيام، وتقضوا هذا اليوم بعد رمضان، هذا اليوم الذي يحصل فيه الغسيل الكلوي يُقضى بعد رمضان، إن تيسر أيضًا من غير حرجٍ، إن لم يتيسر؛ فيطعم عن كل يومٍ مسكينًا.