كذلك المغمى عليه، إذا كان صائمًا ثم أغمي عليه، أو طرأ عليه الإغماء، فهل يصح صومه حينئذٍ؟
مشاهدة من الموقع
السؤال
كذلك المغمى عليه، إذا كان صائمًا ثم أغمي عليه، أو طرأ عليه الإغماء، فهل يصح صومه حينئذٍ؟
الجواب
المغمى عليه، ومثله أيضًا من صُرع وفقد عقله، أو حصل له تبنيج، فإن كان ذلك ليس في جميع النهار، وإنما أفاق جزءًا من النهار، جزءًا ولو قليلًا، حتى ولو دقيقةً أو دقيقتين، فإذا أفاق جزءًا من النهار؛ فيصح صومه، إذا كان التزم بنية الصيام، يعني ابتدأ نهاره صائمًا لكن حصل له هذا الإغماء أو الصرع أو نحوه، فإذا أفاق جزءًا من النهار؛ صح صومه؛ لأنه يصح إضافة الإمساك إليه في ذلك الوقت، ولوجود الإمساك بنيةٍ منه في الجملة، فيصح أن يقال: إنه أمسك بنيةٍ، لكن إذا كان مغمًى عليه جميع النهار، أو مغمًى عليه أيامًا؛ فلا يصح صومه؛ لأن الصيام إمساكٌ بنيةٍ، ولم يحصل منه الإمساك بنيةٍ، وهكذا أيضًا لو صُرع جميع النهار، أو كان يعني مبنجًا، أحيانًا يكون عليه التبنيج الصناعي يكون لجميع النهار أو عدة أيامٍ، فهذا لا يصح صومه، لكن هل يلزمه القضاء؟ نقول: نعم، يلزمه القضاء، وحكي الاتفاق على ذلك، قال الموفق بن قدامة رحمه الله في “المغني”: متى فسد الصوم بالإغماء؛ فعلى المغمى عليه القضاء بغير خلافٍ علمناه؛ لأن مدته لا تتطاول غالبًا، ولا تثبت الولاية على صاحبه، فلم يَزُل به التكليف وقضاء العبادات؛ كالنوم [1].
على هذا نقول: المغمى عليه إذا أفاق؛ يجب عليه قضاء ما فاته من الصيام بسبب إغمائه، إذا كان قد أغمي عليه جميع النهار، ولم يفق جزءًا من النهار، يعني: هذا إنسانٌ مثلًا مغمًى عليه مدة أسبوعٍ أو أسبوعين، أو شهرٍ أو شهرين، ولم يصم شهر رمضان، ثم أفاق بعد ذلك؛ فيقال: تقضي هذه الأيام كلها، لكن لو كان الإغماء في يومٍ، وأفاق بعض اليوم وأغمي عليه البعض الآخر؛ فصومه صحيحٌ.
إذنْ الخلاصة في المغمى عليه: أنه إذا أفاق جزءًا من النهار ولو يسيرًا؛ فصومه صحيحٌ، أما إذا أغمي عليه جميع النهار؛ فصومه غير صحيحٍ، لكن يجب عليه القضاء.
أما قضاء الصلاة: فسبق في حلقةٍ سابقةٍ القول بأن المدة إذا كانت يسيرةً، بحدود ثلاثة أيامٍ فأقل؛ فإنه يؤمر بالقضاء، أما إذا كانت طويلةً، أكثر من ثلاثة أيامٍ؛ فلا يؤمر بالقضاء، وفرقنا بين قضاء الصوم وقضاء الصلاة، نقول: لأن الشريعة قد فرقت، الشريعة قد فرقت بين قضاء الصوم وقضاء الصلاة في مواضع؛ فالحائض والنفساء تؤمر بقضاء الصوم ولا تؤمر بقضاء الصلاة؛ لأن الصلاة تتكرر فيشق قضاؤها، بينما الصوم لا يشق قضاؤه في الغالب؛ ولذلك فالمغمى عليه مأمورٌ بقضاء الصوم، وأما الصلاة فلا يؤمر بقضائها، إلا إذا كانت مدة الإغماء يسيرةً، بحدود ثلاثة أيامٍ فأقل.
الحاشية السفلية
^1 | المغني لابن قدامة: 3/ 32. |
---|