في مسألة الإطعام هنا: هل يجوز أن يُخرج الإطعام في أول رمضان، أو لا بد أن يكون في آخره، أو كل يومٍ بحسبه؟
مشاهدة من الموقع
السؤال
في مسألة الإطعام هنا: هل يجوز أن يُخرج الإطعام في أول رمضان، أو لا بد أن يكون في آخره، أو كل يومٍ بحسبه؟
الجواب
هذه المسألة محل خلافٍ بين الفقهاء؛ فمنهم مَن قال: إنه يجوز إخراج الإطعام عن الشهر كاملًا أول رمضان، كما يجوز تأخيره إلى آخر الشهر. وهذا هو مذهب الحنفية، قالوا: لأن صيام شهر رمضان عبادةٌ واحدةٌ، فهو كاليوم الواحد، فيجوز تقديم فدية الإطعام في أوله.
وذهب جماهير الفقهاء إلى أنه لا يجوز الإطعام عن الشهر كاملًا في أول شهر رمضان، بل إما أن يُطْعم عنه عن كل يومٍ بيومه، أو يُؤخر الإطعام إلى آخر شهر رمضان، وهذا هو المذهب عند الشافعية والحنابلة.
أما المالكية فهم لا يرون أصلًا الإطعام في هذه الحال.
واستدلَّ أصحاب هذا القول فقالوا: إن صيام كل يومٍ عبادةٌ مُستقلةٌ عما قبلها وما بعدها، وسبب وجوب الفدية: الإفطار في نهار رمضان، فلا يجوز تقديم الفدية على سبب وجوبها وهو اليوم، كما لا يصح تقديم الزكاة قبل سبب وجوبها وهو ملك النِّصاب، أو تقديم كفارة الظِّهار على المُظاهرة.
وهذا القول هو الأقرب -والله تعالى أعلم وأحكم- وهو: أنه لا يجوز تقديم الإطعام إلى أول رمضان، وإنما يُطْعم عن كل يومٍ بيومه، أو يُؤخر الإطعام إلى آخر شهر رمضان؛ وذلك لأن هناك قاعدةً عند أهل العلم قد ذكرها الحافظ ابن رجب وغيره، وهي: أن العبادات كلها -سواء كانت بدنيةً أو ماليةً أو مُركبةً منهما- لا يجوز تقديمها على سبب وجوبها، ويجوز تقديمها بعد سبب الوجوب، وقبل شرط الوجوب.
هذه قاعدةٌ مفيدةٌ لطالب العلم: لا يجوز تقديم العبادة قبل سبب الوجوب، ويجوز تقديمها بعد سبب الوجوب، وقبل شرط الوجوب.
فمثلًا: لو أردنا أن نُوضح هذه القاعدة بالنسبة للأيمان؛ سبب كفارة اليمين: الحلف، وشرط كفارة اليمين: الحِنْث -بالثاء- فلا يجوز تقديم الكفارة قبل الحلف، فلو قال إنسانٌ: أنا سأدفع الكفارة حتى إذا حلفتُ مُستقبلًا تكون كفارةً. نقول: هذا لا يصح.
لكن يجوز تقديم الكفارة بعد الحلف، وقبل أن يَحْنَث، فلو أنه حلف، وقبل أن يَحْنَث بيمينه كفَّر فلا بأس؛ لأن هذا تقديمٌ للعبادة بعد سبب الوجوب، وقبل شرط الوجوب.
وعلى ذلك فنقول في هذه المسألة: سبب وجوب الفدية الإفطار في نهار رمضان، فلا يجوز تقديم الفدية على سبب وجوبها وهو اليوم.
هذا القول الأخير هو الأقرب -والله أعلم- للأصول والقواعد الشرعية.
ومما يدل لذلك: أنه يلزم على القول الأول -وهو صحة تقديم الإطعام في أول رمضان- تقديم الإطعام قبل رمضان، في شعبان -مثلًا- إذ لا فرق بين تقديمها في أول شهر رمضان، أو في شهر شعبان، وهذا لم يَقُلْ به أحدٌ.
وعلى ذلك نقول: مَن وجب عليه إطعامٌ ينبغي أن يُطْعم عن كل يومٍ بيومه، أو يُؤخر الإطعام إلى آخر رمضان، أو إلى ما بعد رمضان.
المقدم: أحسن الله إليكم، إذا أطعم في كل يومٍ بيومه يكون بعد غروب الشمس؟
الشيخ: يكون بعد غروب الشمس، نعم؛ حتى يتحقق سبب الوجوب.