logo
الرئيسية/فتاوى/مراحل فرضية الصيام

مراحل فرضية الصيام

مشاهدة من الموقع

السؤال

شيخنا، فرضية الصيام أو عبادة الصوم هل فُرِضَتْ دفعةً واحدةً، أو أنها جاءتْ على مراحل في هذا الباب؟

الجواب

صيام رمضان فُرِضَ على مراحل، وكان ابتداء فرضيته في السنة الثانية من الهجرة، وصام رسول الله تسع رمضانات، وكان فرض الصيام على ثلاث مراحل:

  • المرحلة الأولى: فرض صيام عاشوراء، فقد كان عاشوراء واجبًا، كان صيامه واجبًا، كما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان يوم عاشوراء تصومه قريشٌ في الجاهلية، وكان النبي يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما نزل رمضان كان رمضان الفريضة، وتُرِكَ عاشوراء، فكان مَن شاء صامه، ومَن شاء لم يَصُمْه” [1]، وهذا الحديث في الصحيحين، وهو يدل على أن صيام عاشوراء كان واجبًا، ثم نُسِخَ ذلك بفرضية صيام شهر رمضان.
  • المرحلة الثانية: فرض صيام رمضان مع التَّخيير بين الصيام والإطعام، كما دلَّ لذلك قول الله : وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:184]، فكان المسلم مُخَيَّرًا بين أن يصوم أو أن يُطْعِم عن كل يومٍ مسكينًا، لكن الصيام أفضل من الإطعام؛ ولهذا قال سبحانه: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ يعني: من الإطعام إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، هذه المرحلة الثانية.
  • المرحلة الثالثة: فرض صيام رمضان على التَّعيين، كما دلَّ لذلك قول الله : فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185].

والحكمة من هذا التَّدرج -والله أعلم- هي: أن الصوم فيه مشقةٌ على النفوس، ولم يكن مألوفًا لدى الناس، فاقتضتْ حكمة الله أن يكون فرضه بهذا التَّدرج، وهذا مألوفٌ في الشريعة: أن ما كان شاقًّا يُتدرج في فرضيته، أو حتى في باب المنهيات يُتدرج في تحريمه، كما في تحريم الخمر، فإن الخمر كان تحريمه على مراحل، ثم بعد ذلك كان التَّحريم تحريمًا عامًّا.

فهذا من حكمة هذه الشريعة: أن ما كان يشق على النفوس يكون فرضه مُتدرجًا، سواء كان ذلك فيما فُرِضَ أو حتى ما كان في باب المنهيات يكون أيضًا تحريمه مُتدرجًا، كما في تحريم الخمر.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 4504، ومسلم: 1125.
zh