كيف يكون المؤمن من الصِّدِّيقين؟

درجة الصديقية هي أعلى درجةٍ بعد النبوة، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء:69].

فأفضل المراتب: مرتبة النبوة، هذه خاصةٌ بالأنبياء والرسل، يليها مرتبة الصديقية، فمرتبة الصديقية أعلى من مرتبة الشهادة، والصِّدِّيق أفضل من الشهيد، يلي مرتبة الصديقية مرتبة الشهادة، مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ، يليها مرتبة الصالحين، فهي أربع مراتب: مرتبة النبيين، ثم مرتبة الصديقين، ثم مرتبة الشهداء، ثم مرتبة الصالحين.

فمرتبة الصديقية يمكن أن يصل لها أي أحدٍ، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ  [الحجرات:13]، كيف يصل لها؟ يصل لها بتقوى الله ، إذا عظمت تقوى الله عنده، وكثر الصدق عنده؛ فإنه يرجى أن يصل إلى هذه المرتبة، والنبي  يقول: إن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صِدِّيقًا ^[1]، فمن يتحرى الصدق في أقواله، ويتحرى الصدق في أفعاله، ويتحرى الصدق في كل شيءٍ، يتحرى أن يكون صادقًا في كل شيءٍ، وتعظم التقوى منه، ويكون مطيعًا لله  ولرسوله ، ممتثلًا لأوامره، مجتنبًا لنواهيه، فيرجى أن ينال هذه المرتبة، لكن الغالب أنه لا يصل إلى هذه المرتبة إلا من كان عنده علمٌ شرعيٌّ؛ لأن العالم الشرعي أعلم وأدرى بمحالِّ محابِّ الله تعالى ومرضاته؛ ولهذا قال الإمام الشافعي عن أولياء الله : إنهم العلماء العاملون، إن لم يكن العلماء العاملون أولياء لله سبحانه فما لله من وليٍّ، هذه مقولةٌ مشهورةٌ عن الإمام الشافعي ^[2].

فأقرب من يُرجى أن يَنال مرتبة الصديقية: العلماء العاملون بعلمهم، لكن قد يصل إليها بعض العُبَّاد الصالحين الصادقين، الذين يتحرون الصدق.

فهذه المرتبة مرتبةٌ عليةٌ، ومرتبةٌ عظيمةٌ، وذكر بعض أهل العلم أن الله تعالى كما جاء في الحديث: حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ^[3]، لكن أيضًا لا تأكل الأرض أجساد الصديقين والشهداء ومن شاء الله تعالى من الصالحين، لكن الصديقين والشهداء أيضًا لا تأكل الأرض أجسادهم؛ إكرامًا لهم.

فمرتبة الصديقية هي من أجلِّ وأعلى المراتب، وهي المرتبة التي تلي مرتبة النبوة.