logo
الرئيسية/فتاوى/حكم أطفال الأنابيب

حكم أطفال الأنابيب

مشاهدة من الموقع

السؤال

شيخنا، إن أذنتم أن أنتقل إلى مسألةٍ أخرى، وهي مسألةٌ مهمةٌ، وكذلك لها حضورٌ في هذه الأزمنة المتأخرة، وهي ما يعرف بأطفال الأنابيب، أو التلقيح الصناعي، لا يخفى على شريف علمكم أنه ربما بعض الناس عنده من الأمور التي تعيق الإنجاب بالطريقة الطبيعية، فيلجأ إلى مثل هذه العمليات المتعلقة بأطفال الأنابيب، أو ما يسمى بالتلقيح الصناعي، فنشأ من ذلك السؤال الشرعي عن هذه القضية، وحكم عملها، وهل هناك ضوابط لها؟ لو وضحتم لنا شيئًا من هذه المسائل.

الجواب

أولًا: طلب الذرية هذا مطلبٌ لأي إنسانٍ، وأي إنسانٍ يسعى لطلب الذرية، والله تعالى يقول: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ۝أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا [الشورى:49-50]، بعض الناس يكون عنده مشاكل في الإنجاب، فعند التحاليل والفحوصات يتبين للأطباء أن هناك مشاكل تعيق الإنجاب، وأنه يمكن أن يكون الحمل بطريق التلقيح الصناعي، وما يسمى بأطفال الأنابيب، ولهم في هذا..، الأطباء لهم طرائق؛ وذلك بالأخذ من حيوانٍ منويٍ من الزوج وتُلَقَّح به المرأة، تلقح به البويضة للزوجة بأسلوبٍ من الأساليب الموجودة لدى الأطباء، إذا كان ذلك في دائرة الزوجين، أي أنه يؤخذ الحيوان المنوي من الزوج وتلقح به المرأة بأي أسلوبٍ؛ لأن هناك عدة أساليب؛ قد تلقح البويضة داخل الرحم، أو مثلًا خارج الرحم، يكون هناك..، يعني بأي أسلوبٍ من الأساليب، والأطباء لهم في هذا أساليب بحسب الحالة، المهم أنه إذا كان في دائرة الزوجين، مجرد أخذ حيوانٍ منويٍّ من الزوج، وتلقح به البويضة من الزوجة عن طريق ما يسمى بأطفال الأنابيب، فهذا لا بأس به؛ لأن هذا في حدود العلاقة بين الزوجين، وفي دائرة الزوجين، لكن يترتب على ذلك كشف العورة، خاصةً بالنسبة للمرأة، في هذه الحال هناك قاعدةٌ عند الفقهاء، وهي: “أن ما كان محرمًا تحريم وسائل، ومن باب سد الذريعة؛ يجوز ما تدعو إليه الحاجة”، هذه قاعدةٌ مفيدةٌ لطالب العلم، الحاجة هنا قائمةٌ، بل الحاجة ملحةٌ، حاجة الرجل والمرأة للولد حاجةٌ كبيرةٌ، وغرضٌ مشروعٌ، بل إنها من الحاجات الملحة، فالحاجة هنا يعني ظاهرةٌ جدًّا؛ وعلى ذلك: فكشف العورة في هذه الحال يعفى عنه؛ لأجل وجود هذه الحاجة؛ لأن تحريم كشف العورة، من باب سد الذريعة، ذريعة الفتنة، ومن باب تحريم الوسائل والقاعدة: “أن ما كان محرمًا تحريم وسائل، أو سدًّا للذريعة، يجوز ما تدعو إليه الحاجة” [1].

لكن إن تيسر أن من يكشف على المرأة امرأةٌ؛ فهذا هو المطلوب، أما إن لم يتيسر، وكان هناك ضرورةٌ للرجل، فأيضًا هذه تدخل في مسألة الضرورة في هذه الحال ويعفى عنها.

أما إذا كان التلقيح بين غير الزوجين؛ فهذا لا يجوز، وهذا موجودٌ في البيئات غير المسلمة، يؤخذ الحيوان المنوي من رجلٍ ويغرس في امرأةٍ ليست زوجته، هذا لا يجوز بأي وسيلةٍ؛ لأن هذا فيه نسبةٌ لهذا الولد إلى غير أبيه؛ فلا بد إذنْ من التأكد والتحقق التام من أن الحيوان المنوي من الزوج، وتلقح به بويضة الزوجة، لا بد أن يكون ذلك في دائرة الزوجين، ولا بد من الاحتياط، بل المبالغة في الاحتياط، وأن يتحقق الزوجان من ذلك تحققًا تامًّا؛ ولذلك لو أرادوا أن يجعلوا طفل الأنابيب؛ ينبغي أن يكون ذلك في بيئاتٍ مسلمةٍ؛ لأنه ربما في البيئات غير المسلمة يتساهلون في هذا الجانب، لا يلقون بالًا لذلك، أو لا يهتمون كثيرًا، لكن ينبغي أن يكون طفل الأنابيب في البيئات المسلمة من أطباء مسلمين؛ لأنهم يراعون هذه الجوانب، ويهتمون بها، وأيضًا يكون هناك احتياطٌ شديدٌ، وحيطةٌ وحذرٌ؛ بحيث يكون التلقيح ما بين الحيوان المنوي للزوج والبويضة للمرأة بأيةٍ وسيلةٍ؛ لأن هناك عدة أساليب، المهم أنه ما دام في دائرة الزوجين؛ فنقول: ذلك يجوز، ما دام في دائرة الزوجين؛ فهو جائزٌ.

إذا خرج عن دائرة الزوجين؛ هذا لا يجوز، هذه قاعدةٌ عامةٌ في هذه النازلة، إذا خرج عن دائرة الزوجين، الحيوان المنوي من غير الزوج، أو البويضة من غير الزوجة؛ هنا لا يجوز، لكن إذا كان في دائرة الزوجين؛ فبأية وسيلةٍ سلكها الأطباء، فإن هذا إذا سلكها..، يعني أية وسيلةٍ يسلكها الأطباء، ما دام أنها في دائرة الزوجين؛ هذا جائز، وما قد يكون من كشف العورة -كما ذكرنا- فهذا يُعفى عنه؛ لأجل الحاجة الملحة.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 ينظر إعلام الموقعين لابن القيم: 2/ 483.
مواد ذات صلة
zh