هل الدعاء يتعارض مع القدر؟

أولًا: ما الذي يدريك أن هذا قُدِّر له أن تكون خاتمته سيئةً؟ ربما قُدِّر له أن تكون خاتمته حسنةً؛ ولهذا فالدعاء مطلوبٌ، وقد يَرُد الدعاءُ القضاءَ، وصلة الرحم والدعاء، هذه يكون لها تأثيرٌ على ما يقدره الله ، والله تعالى يقول: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد:39]، فالصحف التي بأيدي الملائكة يدخلها المحو والإثبات، فيُقدَّر شيءٌ ثم يُمحى، ويُثبَت شيءٌ، يزاد في عمر هذا الإنسان بسبب صلته لرحمه، يُبسط له في رزقه بسبب صلته لرحمه، يدفع عنه هذا البلاء بسبب دعائه، يتحقق له هذا الذي يرغبه ويتمناه بسبب دعائه، هذا في الصحف التي بأيدي الملائكة، يدخلها المحو والإثبات، والله تعالى يعلم بما ينتهي إليه الأمر، وما ينتهي إليه الأمر يكون في اللوح المحفوظ، وهذا لا يتغير ولا يتبدل؛ ولهذا قال سبحانه: يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد:39]، أُمُّ الْكِتَابِ يعني: اللوح المحفوظ، فالذي في اللوح المحفوظ: هو الذي ينتهي إليه الأمر، لكن الذي في الصحف التي بأيدي الملائكة: هذا يدخله المحو والإثبات.

فالدعاء يَرُد القدر، يرد القضاء، ويدفع البلاء، ومن أُلهِم الدعاء؛ فقد أعطي خيرًا عظيمًا؛ لأنه بالدعاء تتحقق الأمنيات، وبالدعاء يتحقق للإنسان ما يرجوه وما يتمناه من أمور دينه ودنياه.

فينبغي أن يحرص المسلم على الدعاء؛ ولهذا صح عن النبي  أنه قال: ليس شيءٌ أكرم على الله من الدعاء ^[1]، والله تعالى يقول: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186].

ولكن مشكلة كثيرٍ من الناس: الاستعجال في الإجابة، يريد أن يدعو الآن، وتستجاب له الدعوة الآن، أو يدعو اليوم، ويستجاب له غدًا، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: يستجاب لأحدكم ما لم يَعْجَل، يقول: قد دعوت وقد دعوت، فلم يستجب لي ^[2]، فينبغي عدم الاستعجال في طلب الإجابة، فالدعاء شأنه عظيمٌ، والله تعالى يعلم بأن هذا الإنسان سيدعو، وأنه بسبب دعائه سيُقدَّر له كذا، أو سيُدفع عنه من البلاء كذا، وفي اللوح المحفوظ يُكتب ما ينتهي إليه الأمر، فلا تعارض.