logo
الرئيسية/فتاوى/حكم الصُّفْرة والكُدْرة غير المتصلة بالحيض

حكم الصُّفْرة والكُدْرة غير المتصلة بالحيض

مشاهدة من الموقع

السؤال

الكُدرة غير المتصلة بالحيض، كانت الصحابيات يقلن: كنا لا نعدها شيئًا، هل هذا في موضوع الصلاة والصيام، وأنها ليست من الدورة، وكذلك للطهارة، فلا يعددنها شيئًا حتى في موضوع الوضوء وغيره؟

الجواب

هذا جاء في حديث أم عطية رضي الله عنها: “كنا لا نعد الصفرة والكُدرة شيئًا” [1]، هذا عند البخاري، وجاء عند أبي داود: “كنا لا نعد الصفرة ولا الكدرة بعد الطهر شيئًا” [2]، فالصفرة والكدرة التي تسميها النساء اليوم بـ”الإفرازات”: هذه إذا كانت بعد الطهر؛ فإنها لا تعد شيئًا، يعني: لا تأخذ حكم الحيض، وأما إذا كانت أثناء الدورة الشهرية؛ فإنها تأخذ حكم الدورة الشهرية، وعلى ذلك: إذا أخذت حكم الحيض؛ تمنع من الصلاة والصيام، إذا لم تأخذ حكم الحيض؛ لا تمنع من الصلاة ولا الصيام.

وأما بالنسبة لأثرها على الطهارة: فهي أولًا طاهرةٌ على القول الراجح، ليست نجسةً، ما دامت تخرج من الرحم، وليس من مخرج البول؛ فهي طاهرةٌ؛ إذ إنه ليس هناك دليلٌ يدل على نجاستها، والأصل هو الطهارة، لكنها ناقضةٌ للوضوء؛ لأن الأصل أن ما يخرج من الفرج ناقضٌ للوضوء، وهذا قول عامة أهل العلم، إلا ما نُقل عن ابن حزمٍ[3]، وإلا فعامة الفقهاء والمذاهب الأربعة وأكثر العلماء على أنها ناقضةٌ للوضوء، لكن المرأة إذا كانت تخرج منها هذه الإفرازات بصفةٍ مستمرةٍ، فيكون حكمها حكم صاحب الحدث الدائم، حكم صاحب سلس البول، والمستحاضة، وصاحب الحدث الدائم عمومًا، يعني تتوضأ ولا يضرها خروج هذه الافرازات، ما لم ينتقض وضوؤها بناقضٍ آخر.

فالمرأة التي تخرج منها هذه الإفرازات، نقول لها: الحمد لله، الحكم واضحٌ بالنسبة لك، بالنسبة للطهارة، أنت لو توضأت؛ لا ينتقض وضوؤك إلا بناقضٍ آخر، عند بعض أهل العلم يُستحب تجديد الوضوء مع دخول وقت كل صلاةٍ، هذا هو المذهب عند الحنابلة[4]، وعند الحنفية[5]، وأيضًا عند الشافعية كذلك، لكن الشافعية أشد في هذا، يقولون: عند كل صلاةٍ[6]، وعند الحنابلة والحنفية يقولون: عند وقت كل صلاةٍ، لكن القول الراجح: هو ما ذهب إليه المالكية[7]، وهو اختيار ابن تيمية [8]وجمعٍ من المحققين من أهل العلم، وهو أنه لا يلزم صاحب الحدث الدائم أن يتوضأ عند دخول وقت كل صلاةٍ، وإنما يستحب؛ لأنه ليس هناك دليلٌ ظاهرٌ يدل على الوجوب، وأما رواية: ثم توضئي لكل صلاةٍ [9]، فليست محفوظةً من كلام النبي ، وإنما هي مدرجةٌ من قول عروة بن الزبير، كما أشار إلى ذلك الإمام مسلمٌ في “صحيحه” لمَّا قال: وفي هذا الحديث زيادة حرفٍ تركناه، يقصد هذه الزيادة: ثم توضئي لكل صلاةٍ، وأيضًا ذكر هذا الحافظ ابن رجبٍ، ذكر أن هذه مدرجةٌ من قول عروة.

وعلى ذلك نقول: التي تخرج منها الإفرازات بصفةٍ مستمرةٍ، حكمها حكم صاحب الحدث الدائم، يستحب لها أن تتوضأ لوقت كل صلاةٍ ولا يجب، ما لم ينتقض وضوؤها بناقضٍ آخر، هذه الإفرازات هي في نفسها طاهرةٌ، وليست نجسةً في أرجح أقوال أهل العلم.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 326.
^2 رواه أبو داود: 307.
^3 ينظر: المحلى لابن حزم (1/ 388-389)، ط دار الفكر.
^4 المغني لابن قدامة: (1/ 421-422)، ط دار عالم الكتب.
^5 المبسوط للسرخسي: (1/ 84-85)، دار المعرفة.
^6 ينظر: المجموع للنووي (2/ 537)، ط إدارة الطباعة المنيرية.
^7 التمهيد لابن عبد البر: (10/ 135)، ط مؤسسة الفرقان.
^8 مجموع الفتاوى: 20/ 370).
^9 رواه البخاري: 228، ومسلم: 333.
مواد ذات صلة
zh