logo
الرئيسية/فتاوى/هل يجب على المرأة أن تنقض شعر رأسها عند الغسل؟

هل يجب على المرأة أن تنقض شعر رأسها عند الغسل؟

مشاهدة من الموقع

السؤال

تسأل عن التحقق والتأكد من وصول الماء إلى شعر الرأس حال الغسل، هل يجب هذا التحقق والتأكد؟ وما تخريج قول عائشة رضي الله عنها: كنت أغتسل مع النبي فلا أزيد عن أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغاتٍ؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهده إلى يوم الدين.

أما بعد:

فالغسل الواجب؛ كغسل الجنابة، وغسل المرأة من الحيض، لا بد من تعميم الماء لجميع البدن، لا بد أن يعم الماء جميع البدن، يعم الجسد، ويعم أيضًا الشعر.

وأما ما أشارت إليه الأخت السائلة: فهذا ليس بحديث عائشة، هي خلطت بين حديث عائشة وحديث أم سلمة رضي الله عنهما، هذا جاء في حديث أم سلمة رضي الله عنها كما في “صحيح مسلمٍ”، قالت: يا رسول الله، إني أشد شعر رأسي، أو قالت: ضفر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال النبي لها: لا، إنما يكفيك أن تَحْثِي على رأسك ثلاث حثياتٍ، ثم تُفيضين عليك الماء فتطهرين [1]، فبيَّن عليه الصلاة والسلام: أن المرأة لا يلزمها أن تنقض شعر رأسها عندما تغتسل الغسل الواجب، وهذا في غسل الجنابة جاء منصوصًا عليه، وجاء في روايةٍ أخرى: والحيضة، لكن هذه الرواية غير محفوظةٍ عند كثيرٍ من أهل العلم، وإنما هي روايةٌ شاذةٌ، والمحفوظ من الرواية هو: أفأنقضه لغسل الجنابة، هذا هو المرجح عند كثيرٍ من المحققين من أهل العلم؛ وعلى هذا فالقول الراجح: أن المرأة يلزمها عند غسل الحيض أن تنقض شعر رأسها.

وأما غسل الجنابة: فلا يلزمها ذلك، يعني: لو كانت قد ربطت شعر رأسها، لا يلزمها أن تنقضه، بل يكفيها أن تحثو الماء على رأسها ثلاث حثياتٍ فأكثر، هذا بحد ذاته كافٍ، لكن الحكم من حيث الأصل: أنه لا بد من أن يعم الماء جميع البدن، يعم الماء الشعر، ويعم الماء جميع البدن، من غير حاجةٍ لأن تنقض المرأة شعر رأسها في غسل الجنابة خاصةً.

والنبي كان يغتسل بالصاع إلى خمسة أمدادٍ [2]، والصاع: أربعة أمدادٍ، والمد: ملء كفي الإنسان المعتدل الخلقة، هذا هو المد، يعني إذا مد الإنسان كفيه؛ فهذا هو المد، أربع مراتٍ هذا صاعٌ.

المقدم: قريب من (3 لترات) تقريبًا؟

الشيخ: تقريبًا، يعني أو لترين ونصفٍ، من لترين ونصفٍ إلى ثلاثة لتراتٍ.

فالنبي عليه الصلاة والسلام كان يغتسل بالصاع بقدر هذا المد أربع مراتٍ إلى خمسة أمدادٍ، مع أن شعره كان طويلًا عليه الصلاة والسلام، كان على طريقة العرب، يطيلون شعورهم؛ ولما سمع بهذا رجلٌ -وهو الراوي لحديث أنسٍ- قال: لا يكفيني، قال أنسٌ: “قد كفى من هو خيرٌ منك وأوفر منك شعرًا”[3]، يعني رسول الله .

وهذا يدل على أنه ينبغي الاقتصاد في استخدام الماء في الغسل، وأيضًا في الوضوء، وفي استعمالات الإنسان عمومًا، ينبغي الاقتصاد في ذلك وعدم الإسراف، النبي عليه الصلاة والسلام هديه أكمل الهدي، كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع، يتوضأ بالمد بقدر هذا، ويغتسل بالصاع بقدر هذا خمس مراتٍ.

فينبغي أن نقتدي بالنبي في الاقتصاد في استخدام الماء، وعدم الإسراف باستخدام الماء، تجد بعض الناس إذا أراد أن يتوضأ أو يغتسل يصب كمياتٍ كبيرةً جدًّا، خاصةً في الغسل، يستهلكون كمياتٍ كبيرةً جدًّا، وهذا قد يدخل في السرف، والسرف والإسراف مذمومٌ في كل شيءٍ.

فعلى المسلم أن يحرص على الاقتصاد في استخدام الماء؛ في ماء الوضوء، وماء الغسل، وفي استخدام الماء عمومًا.

والإمام أحمد -إمام أهل السنة في زمنه رحمه الله- كان ذات مرةٍ يتوضأ، يقول أحد تلامذته: والله إني لأستره من العامة أن ينظروا إليه؛ خشية أن يقولوا: إنه لا يحسن الوضوء، من قلة ولعه بالماء[4]، يعني: كان يحرص على الاقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، والاقتصاد في الماء.

المقدم: هذه رسالةٌ للموسوسين الذين يبالغون في مثل هذه…

الشيخ: صحيح، نعم.

نقول: أكمل الهدي هدي النبي عليه الصلاة والسلام، كان يقتصد، فكان الإمام أحمد يقتدي بالنبي عليه الصلاة والسلام، فيقول أحد تلامذته: إني والله أستره من العامة؛ خشية أن يقولوا: إنه لا يحسن الوضوء، من قلة ولوعه بالماء.

فقلة الولوع بالماء والاقتصاد في استخدام الماء في الوضوء وفي الغسل؛ دليلٌ على فقه الإنسان واتباعه للسُّنة.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه مسلم: 330.
^2 رواه البخاري: 201، ومسلم: ‌325.
^3 رواه أحمد: 2626.
^4 ينظر: إغاثة اللهفان لابن القيم (1/ 222)، ط عطاءات العلم.
مواد ذات صلة
zh