ما حكم قراءة سورة البقرة يوميًّا للتحصين؟

قراءة سورة البقرة ورد فيها فضلٌ خاصٌّ، كما في قول النبي : البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة لا يقربه شيطانٌ ^[1].

وقال عن سورة البقرة: أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة ^[2].

وهذه أحاديث صحيحة تدل على فضل هذه السورة العظيمة، فإذا قرأها الإنسان لأجل تحصيل هذا الفضل الوارد فلا بأس، لكن لا يعتقد أن قراءتـها كل يوم سنة، لا يعتقد ذلك، لكن يقرؤها لأجل البركة الواردة في هذه الأحاديث؛ ولأجل أيضًا تحصين البيت من الشياطين، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة لا يقربه شيطانٌ، هو يريد أن يكون بيته مُـحصَّنًا من الشياطين، فإذا قرأها بـهذه النية فلا بأس بذلك، لكن لا يعتقد أن قراءتـها كل يوم سنة، لكن يقرؤها من باب أن ينال البركات الواردة في هذه الأحاديث.

أيضًا هناك اعتقاد -خاصةً عند بعض النساء- في سورة البقرة: أنـها تجلب أمورًا دنيويةً، فبعض الفتيات تعتقد أنـها تجلب لها الزوج المناسب، أو أنـها تجلب الرزق، كل هذا لا أصل له، وإنـما إذا قرأها الإنسان يقرؤها لتحصيل الفضائل الواردة في الأحاديث فقط، وأما هذه الاعتقادات الواردة عند بعض الناس فهذه كلها لا أصل لها.

والأحسن أن الإنسان يقرأ كل يوم نصيبًا وقدرًا من القرآن من غير أن يُخصص سورة البقرة، يبدأ من الفاتحة إلى الناس، ويقرأ كل يوم قدرًا من القرآن، هذا كان يُسميه السلف: حزبًا، ليس حزبًا بالمعنى الاصطلاحي عند أهل التجويد، إنـما المقصود قدر معين يقرؤه كل يوم، ويحافظ عليه، لا ينقص عنه، وقد يزيد عليه، لكن لا ينقص عنه، فهذا ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام، وورد عن الصحابة والتابعين أنَّـهم كانوا يفعلون ذلك: أن الإنسان يجعل له كل يوم نصيبًا من تلاوة القرآن، بل إنه قد جاء في “صحيح مسلم” من حديث عمر : أن النبي  قال: من نام عن حزبه يعني: من القرآن فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كُتب كأنـما قرأه من الليل ^[3] يعني: أنه يُقضى، هذا الحزب الذي يُرتِّبه الإنسان ينبغي حتى لو فاته أن يقضيه، فإذا قضاه ما بين صلاة الفجر والظهر كُتب كأنـما قرأه من الليل، وهذا يدل على أهمية أن يضع الإنسان له هذا الحزب، وهذا القدر من القرآن.

هذا هو الأكمل، وهذا هو المأثور عن السلف: أن الإنسان يجعل له حزبًا من القرآن، لا يخصص ذلك بسورة البقرة، لكن لو أراد الإنسان أن يقرأ سورة البقرة لأجل تحصيل الفضائل الواردة في هذه الأحاديث، فلا بأس بذلك.