الرئيسية/فتاوى/ما الفرق بين مغفرة الذنوب وتكفير السيئات؟
|categories

ما الفرق بين مغفرة الذنوب وتكفير السيئات؟

مشاهدة من الموقع

السؤال

ما الفرق بين مغفرة الذنوب، وتكفير السيئات؟

الجواب

أولًا: إذا أُطلق مغفرة الذنوب شـمل معنى تكفير السيئات، وإذا أُطلق تكفير السيئات شـمل معنى مغفرة الذنوب، وهذا له نظائر، مثل: الإسلام والإيـمان مثلًا، إذا أُطلق الإسلام شمل الإيـمان، وإذا أُطلق الإيمان شـمل الإسلام، ومثل: الفقير والمسكين، إذا أُطلق أحدهما شـمل الآخر.

ولكن إذا اجتمع هذان اللفظان وهما: مغفرة الذنوب وتكفير السيئات، كما في قول اللّه تعالى عن المؤمنين أنَّهم كانوا يقولون في دعائهم: رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ [آل عمران:193]، فما الفرق بين اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا؟

للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال: 

  1. القول الأول: أنـهما بـمعنًى واحدٍ، فتكون: وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا تأكيدٌ لمعنى مغفرة الذنوب.
    ومـمن ذهب لهذا القرطبي في “الجامع لأحكام القرآن” [1]، ولكن هذا القول مرجوح؛ لأن الأصل في الكلام التأسيس وليس التأكيد.
  2. القول الثاني: أن معنى اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا أي: فيما كان بين العبد وربِّه، وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا أي: فيما كان بين العبد وبين الآخرين، يعني: من حقوق العباد؛ فيكون اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا يعني: فيما يتعلق بحقوق اللّه، وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا فيما يتعلق بحقوق العباد.
  3. القول الثالث: أن معنى اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا أي: المقصود بذلك الكبائر، وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا الصغائر.

وهذا هو القول الراجح، وقد اختاره الإمام ابن القيم رحمه اللّه تعالى [2]؛ وذلك لأن تكفير السيئات لـم يرد في النصوص إلا على الصغائر، كما في قول اللّه تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31]، وكما في قول النبي : الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مُكفِّراتٌ لـما بينهنَّ إذا اجتنبت الكبائر [3].

فالأظهر -واللّـه أعلم- في الفرق بين مغفرة الذنوب وتكفير السيئات: أن مغفرة الذنوب يعني: مغفرة كبائر الذنوب، وأن تكفير السيئات، يعني: تكفير صغائر الذنوب، هذا هو القول الراجح في ذلك. 

ولهذا فإن الأمراض والابتلاءات مكفِّرات، وليست مغفرةً؛ لهذا قال عليه الصلاة والسلام: ما يصيب المؤمن من نصبٍ ولا وصبٍ ولا همٍّ حتى الشوكة يُشاكها ما قال: غفر اللّـه له، وإنـما قال: إلا كفر اللّه عنه بـها من سيئاته [4]؛ لأن هذه الابتلاءات وهذه المصائب تُكفِّر الصغائر، وأما الكبائر فلا بد فيها من التوبة، الكبائر لا تُكفرها إلا التوبة. 

فهذا هو حاصل كلام أهل العلم في الفرق بين مغفرة الذنوب، وتكفير السيئات.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 تفسير القرطبي: 4/ 317.
^2 مدارج السالكين: 1/ 317، ط. الكتاب العربي.
^3 رواه مسلم: 233.
^4 رواه البخاري: 5641، ومسلم: 2573.
مواد ذات صلة