logo
الرئيسية/فتاوى/ضابط الجمع بين الصلاتين عند نزول المطر

ضابط الجمع بين الصلاتين عند نزول المطر

مشاهدة من الموقع

السؤال

ما ضابط الجمع بين الصلاتين عند نزول المطر؟

الجواب

ضابط الجمع بين الصلاتين عند نزول المطر: وجود المشقة غير المعتادة، أما المشقة المعتادة فلا تبيح الجمع، لكن إذا وجدت مشقةٌ غير معتادةٍ؛ جاز الجمع عند نزول المطر.

وتلك المشقة لها مظاهر؛ مثلًا: إذا كانت هذه المشقة التي تصحب نزول المطر تؤثر على حركة الناس في الشوارع، ويلزم كثيرٌ من الناس بيوتهم، وتؤثر على الحركة التجارية، وتؤثر على العمل وعلى المدارس، ونحو ذلك، معنى ذلك: أن هذه المشقة لها أثرٌ، وأنها مشقةٌ غير معتادةٍ؛ بدليل تأثيرها على دنيا الناس، لكن إذا كانت هذه المشقة لم تؤثر على دنيا الناس أبدًا، لا على أعمالهم، ولا على المدارس، ولا على الحركة التجارية، ولا على حركة الناس في الشوارع، إنما فقط تأتي المشقة للصلاة فقط! هذا غير مقبولٍ، ما معنى أن المشقة لا تأتي فقط إلا عند الصلاة؟! لماذا لم ترد المشقة في بقية دنيا الناس وأعمال الناس؟!

فإذا وُجد مشقةٌ؛ فإن المشقة يكون لها أثرٌ على أعمال الناس، وعلى دنيا الناس، وعلى تجارتهم، وعلى حركتهم، وعلى لزومهم البيوت، فمعنى ذلك: أن هذه مشقةٌ غير معتادةٍ، من أثر نزول المطر، لكن إذا كانت دنيا الناس لم يؤثر عليها نزول المطر إطلاقًا، ثم يأتي بعض الناس ويقول: إن هناك مشقةً، وإنا نجمع بين الصلاتين، هذا من التساهل المذموم.

فينبغي الاعتدال في ذلك؛ لا يشدد الإنسان تشددًا بحيث لا يجمع البتة، وفي الوقت نفسه لا يتساهل أيضًا، لكن إذا شك إمام المسجد: هل توجد مشقةٌ غير معتادةٍ تبيح الجمع أم لا؟ فإنه يرجع للأصل، والأصل عدم الجمع، والأصل أن الصلاة تصلى في وقتها، والنبي لمَّا استسقى في خطبة الجمعة؛ قال: اللهم أغثنا،  نزل المطر واستمر نزول المطر أسبوعًا كاملًا ليلًا ونهارًا إلى الجمعة الأخرى، ثم في الجمعة الأخرى أتى ذلك الرجل أو غيره وقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل؛ فادعُ الله أن يمسكها عنا، فقال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظِّرَاب وبطون الأودية ومنابت الشجر [1]، استمر المطر أسبوعًا كاملًا، ومع ذلك لم يُنقل أن النبي كان يجمع بين الصلاتين، بل لم يرد في حديثٍ صريحٍ أنه عليه الصلاة والسلام جمع لأجل المطر، إنما فقط من أجاز ذلك اعتمد على حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن النبي جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، من غير خوفٍ ولا سفرٍ»، وسُئل ابن عباسٍ فقال: “أراد أن لا يحرج أمته” [2].

وهذا الحديث للعلماء فيه كلامٌ كثيرٌ، نقل الترمذي الإجماع على ترك العمل بظاهره، وقيل: إن النبي جمع لأمرٍ خفِيَ على ابن عباسٍ، قيل: كان هناك وباءٌ بالمدينة، وقيل: كان هناك مطرٌ، وقيل: إنه جمع جمعًا صوريًّا، أخَّر الظهر لآخر وقتها، وقدَّم العصر لأول وقتها، وأخَّر المغرب لآخر وقتها، وقدَّم العشاء لأول وقتها، وهذا جاء في روايةٍ عند النسائي [3].

وبكل حالٍ يبقى هذا الحديث من المتشابه، فيُرَد إلى النصوص المحكمة الكثيرة التي تدل على وجوب أداء الصلاة في وقتها، وأن الجمع بين الصلاتين من غير عذرٍ معدودٌ من الكبائر.

وعلى هذا نقول: إن الأصل: أن الصلاة تصلى في وقتها، إلا إذا وُجد حرجٌ ظاهرٌ غير معتادٍ، وبعض الناس يرسل رسائل: هل نجمع إذنْ مع نزول هذا المطر؟

الواقع أن يختلف باختلاف الأحياء؛ فبعض الأحياء قد لا يوجد عندهم مشقةٌ في ترك الجمع؛ بسبب أولًا ربما قلة المطر، وربما أيضًا بسبب طبيعة الحي، وتصريف مياه الأمطار والسيول، ونحو ذلك، وبعض الأحياء على العكس تكون مستنقعًا لمياه الأمطار، فهذا يختلف باختلاف الأحياء، وإمام المسجد هو الذي يجتهد في ذلك ويقدِّر؛ فإذا كانت المشقة مشقةً غير معتادةٍ؛ فإنه يجمع، وإلا فلا، وإذا شك فيبقى على الأصل، وهو عدم الجمع.

لكن أيضًا هناك سنةٌ أخرى عند نزول المطر: وهي أنه إذا كان المطر غزيرًا وقت الأذان، ويشق على الناس حضور صلاة الجماعة، فيقول بعد الأذان: صلوا في بيوتكم، ولا تقام صلاة الجماعة، وهذا قد وردت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، وفَعَله عليه الصلاة والسلام [4]، وهذه السنة أولى من الجمع، لماذا؟ لأن غاية ما فيها ترك صلاة الجماعة، والجماعة هي واجبةٌ، وتسقط بالعذر، وهذا من الأعذار، بينما الجمع يترتب عليه أنك تقدم صلاة العشاء قبل وقتها، وشرط الوقت هو آكد شروط صحة الصلاة، فكونه يقول: صلوا في بيوتكم، بعد الأذان، هذا أولى من أن يَحضر الناس مع شدة المطر، ثم يُجمع بين الصلاتين.

ثم عند الجمع ما الحكمة من الجمع بين الصلاتين؟ الحكمة: هي تحصيل الجماعة؛ لأنه لو لم يجمع؛ سيَلزم الناس بيوتهم بسبب المشقة والحرج، ولا يصلون في المسجد؛ فلأجل تحصيل الجماعة يجمعون، لكن إذا كان المطر ينزل وقت الأذان وكان المطر غزيرًا ومصحوبًا بمشقةٍ غير معتادةٍ؛ فالأولى أن يقال للناس بعد الأذان: صلوا في بيوتكم، وصلاة الجماعة -كما ذكرنا- واجبةٌ تسقط بالأعذار، وهذا يعتبر عذرًا في ترك صلاة الجماعة.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 1014، ومسلم: 897.
^2 رواه مسلم: 705.
^3 رواه النسائي: 595.
^4 رواه البخاري: 632، ومسلم: 697.
مواد ذات صلة
zh