logo
الرئيسية/فتاوى/حكم قراءة القرآن بنية تحقيق أمور دنيوية

حكم قراءة القرآن بنية تحقيق أمور دنيوية

مشاهدة من الموقع

السؤال

يتكرر السؤال عن فعل الطاعات لأجل أمرٍ من أمور الدنيا، يعني: يقرأ القرآن لأجل مثلًا سعة الرزق، أو مثلًا للشفاء من أمراضٍ معينةٍ، أو مثلًا يفعل طاعةً لأجل رزق الأولاد، وغير ذلك، أو النجاح مثلًا في الاختبار، فما الحكم في هذا؟

الجواب

هذه لها عدة صورٍ:

  • الصورة الأولى: أن يأتي بالطاعة لا يريد بها إلا وجه الله، وهذه هي أكمل الصور وأعظمها أجرًا وثوابًا.
  • الصورة الثانية: أن يأتي بالعبادة لا يريد بها التقرب إلى الله، وإنما يريد بها أمرًا دنيويًّا محضًا، فهذا كما قال الله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ۝أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ [هود:15-16]، وهذه لا تجوز.
  • الصورة الثالثة: التشريك في النية، بأن يريد التقرب إلى الله ​​​​​​​ بهذه العبادة، ويريد مع ذلك أمرًا دنيويًّا، هذه يسميها العلماء التشريك في النية، وهذه تختلف عن مسألة الرياء، الرياء لا، يريد بهذه العبادة التقرب إلى الناس، يريد المراءاة للناس، يريد تعظيم الناس له، وهذه ليست مرادةً هنا، لكن هذا يريد التقرب إلى الله، لا يريد رياءً، لكن يريد مع التقرب إلى الله أمرًا دنيويًّا؛ كأنْ مثلًا يريد أن يحج ويتاجر، وهذه المسألة بعينها نزلت فيها الآية الكريمة: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198]، نزلت في نفرٍ من الصحابة أرادوا أن يحجوا ويتاجروا فتحرَّجوا، كيف يجمعون بين الحج والتجارة؟ فأنزل الله ​​​​​​​ الآية: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ إلى آخر الآية؛ فهذه لا بأس بها على القول الراجح، التشريك في النية لا بأس به، كمن يريد أن يحج ويتاجر، أو يريد مثلًا أن يقرأ سورة البقرة يتقرب بها إلى الله، ويريد أيضًا تحصين بيته من الشياطين، أو يريد مثلًا بالصوم التقرب إلى الله ويريد الحِمْيَة، أو يريد طلب العلم الشرعي يريد بذلك التقرب إلى الله، ويريد بذلك الحصول على الشهادة، ونحو ذلك، فهذه لا بأس بها على القول الراجح، وهذه لها أدلةٌ؛ منها:
  1. الآية التي ذَكرتُ.
  2. ومنها: قول الله تعالى عن نوحٍ : فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ لاحِظ الاستغفار عبادةٌ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، ثم ذكر منافع دنيويةً: يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ۝ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [نوح:10-12].
  3. أيضًا من الأدلة: قول النبي : من قتل قتيلًا له عليه بينةٌ فله سَلَبُه [1]، وهذا أخرجه البخاري ومسلمٌ، مع أن القتال في سبيل الله تشترط فيه النية الخالصة؛ كما سُئل النبي عليه الصلاة والسلام، قيل له: الرجل يقاتل حَمِيَّةً، والرجل يقاتل شجاعةً، والرجل يقاتل ليُرَى مكانه، أي ذلك في سبيل الله؟ قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا؛ فهو في سبيل الله [2]، ومع ذلك قال عليه الصلاة والسلام: من قَتَل قتيلًا له عليه بينةٌ فله سَلَبُه، من باب التشجيع، فهذا الذي الآن سيتشجع في القتال في سبيل الله، وقتل هذا القتيل يريد بذلك التقرب إلى الله ​​​​​​​ ، ويريد بذلك أيضًا الحصول على السَّلَب، فهذا يدل على أن التشريك في النية لا بأس به إن شاء الله.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 3142، ومسلم: 1751.
^2 رواه البخاري: 7458، ومسلم: 1904.
مواد ذات صلة
zh