الرئيسية/فتاوى/حكم إخراج زكاة الفطر من التمر
|categories

حكم إخراج زكاة الفطر من التمر

مشاهدة من الموقع

السؤال

ما حكم الاستعاضة بالتمر عن الأرز في زكاة الفطر؛ وذلك بحيثيات كثيرة، أولًا: أنه من قوت البلد، بخلاف الأرز، حيث إنه ليس من قوت البلد، وبأن ذلك مشجع للاقتصاد الوطني، حيث يدعم المزارعين في ذلك، وهي دعوة قد انتشرت هذه الأيام؟

الجواب

أولًا: ما ذكرته الأخت من أن الأرز لم يعد قوتًا عند بعض الناس، هذا غير صحيح، الأرز هو قوت عند جميع الناس، خاصة عندنا في دول الخليج، هو قوت، وإخراجه في زكاة الفطر مُجزئ بإجماع العلماء المعاصرين، وهو أفضل ما يُخرج في زكاة الفطر؛ لأنه قوت.

وأما غيره من الأصناف فننظر: ما كان منها قوتًا فيُجزئ إخراجه في زكاة الفطر، ومن ذلك البر مثلًا، فالبر أيضًا يُعتبر قوتًا، ويُجزئ إخراجه في زكاة الفطر.

وهناك الشعير، فالشعير عندنا خاصة في دول الخليج العربي أصبح علفًا للبهائم، ولم يعد قوتًا للآدميين، فلا يُجزئ إخراجه الآن في زكاة الفطر.

وأما التمر فمحل خلافٍ بين العلماء المعاصرين، الخلاف هو في تحقيق المناط: هل التمر الآن يعتبر قوتًا، أو ليس بقوت؟

  • بعضهم يقول: إنه قوت، فيُجزئ إخراجه في زكاة الفطر.
  • وبعضهم يقول: إنه لم يعد قوتًا، وإنما هو للتفكه؛ ولهذا لا يُعد وجبةً رئيسةً، ولا يُقدم للضيف على أنه وجبةٌ رئيسةٌ.

وما دام أن في هذه المسألة خلافًا بين العلماء المعاصرين باعتباره قوتًا وفي إجزائه، فالذي أنصح به أن الإنسان لا يُخرج زكاة الفطر من التمر، وإنما يُخرجها من الأرز؛ لأنه إذا فعل ذلك وأخرج زكاة الفطر من الأرز أجزأ، وبرئت ذمته بالإجماع، وأما إذا أخرجها من التمر، فعند طائفة من أهل العلم يرون أن هذا لا يُبرئ الذمة ولا يُجزئ؛ لأنه لم يعد قوتًا، والخروج من الخلاف مُستحبٌّ، ما دام أن المسألة فيها خلاف فينبغي أن يسلك المسلم مسلك البراء والاحتياط ويُخرجها من الأرز، فهذا أبرأ لذمته.

المقدم: إذًا قوت البلد ليس ثابتًا يا فضيلة الشيخ بأن ما جرى في القرون الأولى يجري على هذه القرون؟

الشيخ: نعم، قوت البلد يختلف باختلاف الزمان وباختلاف المكان، فمثلًا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام كان الشعير من قوتهم، لكن في وقتنا الحاضر أصبح علفًا للبهائم، ويختلف باختلاف الأزمان وباختلاف الأماكن.

وبعض الناس يقول: إن التمر منصوص عليه، فنقول: لم يرد منصوصًا عليه من كلام النبي عليه الصلاة والسلام، يعني: لم يقل النبي عليه الصلاة والسلام للأمة أخرجوا التمر والأرز والبر والشعير، وإنما أمر بإخراج زكاة الفطر طعامًا، وكان طعامهم كذا، وفي الحديث الآخر: أمر بأن تُخرج من البر والتمر والشعير.. إلخ، وإنما أمر بذلك لكون هذه الأصناف المذكورة هي غالب قوت الناس في تلك الأزمنة، غالب قوت الناس في مدينة النبي عليه الصلاة والسلام، وفي عهده عليه الصلاة والسلام.

ولهذا الإمام مالك رحمه الله لما سُئل عن إخراج الشعير في زكاة الفطر، قال: “إن كان يأكله أجزأ” [1]، يعني: إن كان يأكله في بيته ويقتاته أجزأ، فهذا من زمن الإمام مالك، والعلماء لهم نظر في هذا.

إذن المرجع هو: أن تكون زكاة الفطر قوتًا يُغني الفقراء عن السؤال يوم العيد؛ لأن الجامع بين الأوصاف المذكورة في الحديث هو كونه قوتًا، هذا هو الأرجح.

وعلى هذا المسلم ينبغي له أن يحرص على أن يسلك مسلك الورع، إذا حصل خلاف في شيء يبتعد عما هو مُختلفٌ فيه، ويُخرج الشيء المجمع عليه، والمتفق عليه؛ حتى تبرأ ذمته، فمن أخرج زكاة الفطر من الأرز برئت ذمته بالإجماع وأجزأ.

وإذا أخرجها من الشعير فلا يُجزئ، لكن من التمر فيه خلاف، وكون الإنسان يعدل عن التمر إلى الأرز يكون قد خرج من هذا الخلاف، وبرئت ذمته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 الاستذكار: 3/ 270.
مواد ذات صلة