نعيش في زمن انفتح فيه العالم بعضه على بعض، وأصبح العالم كما يقال: كالقرية الصغيرة بسبب ما يسره الله تعالى للبشر من اكتشاف بعض سنن الله في الكون وما تبع ذلك من تقدم صناعي وتقني في كافة المجالات…، فأصبحت الحوادث التي تقع في الأرض كثيرة ومتسارعة… وكثرت معها الفتن بأنواعها، ويكاد يصدق عليها ما جاء في قول النبي : وإن أمتكم هذه جعلت عافيتها في أولها، وإن آخرهم يصيبهم بلاء وأمور تنكرونها، ثم تجيء فتن يرقق بعضها بعضاً، فيقول المؤمن هذه مهلكتي، ثم تنكشف ، ثم تجي فتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف...
ومن هنا فينبغي للمسلم أن يتفقه في الموقف الشرعي في التعامل مع الفتن؛ فإن الإنسان قد يقع في الفتنة من حيث لا يشعر…، والإنسان ضعيف بطبعه وقد قال الله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وأخبر النبي بأن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يصرفها كيف يشاء…، وكم من إنسان عرفناه ذا صلاح واستقامة ثم وقع في فتنة شهوة أو فتنة شبهة فأثرت عليه تأثيرا كبيرا….
ولذا فقد اجتهد المؤلف في هذا الكتاب توضيح موقف المسلم من الفتن، مبينا معنى الفتنة، وبيان الفتنة في القرآن الكريم، مع ذكر فتن الشهوات، وفتنة المال، والولد، والنساء، وأمراض القلوب، ومعالجتها، وبيان أسباب الوقوع في الشبهات، وبيَّن حديث حذيفة في كيفية التعامل مع الفتن، ومعالم منهج التعامل مع الفتن، وختمه ببيان قواعد مهمة في بيان كيفية التعامل مع فتنة الشبهات، وذكر أدعية التعوذ من الفتن.