الرئيسية/مقاطع/ما يراه النائم في منامه ينقسم إلى ثلاثة أقسام
|categories

ما يراه النائم في منامه ينقسم إلى ثلاثة أقسام

مشاهدة من الموقع

ما يراه النائم في منامه ينقسم إلى ثلاثة أقسامٍ، وهذه الأقسام الثلاثة جاءت منصوصًا عليها من كلام النبي في “الصحيحين”، وهذه نقطةٌ في غاية الأهمية.

ولعل الإخوة المعبرين أذكرهم، وإلا فهذا شيءٌ معلومٌ لهم، وحسبما علمت أن هذا اللقاء يتابعه الآن معظم معبري الرؤى في المملكة، فأقول هذا الحديث ينبغي أن يضعه الإخوة المعبرون نصب أعينهم. 

أولًا: أذكر نص الحديث ثم أعلق عليه، الحديث طبعًا رواه البخاري ومسلمٌ في “الصحيحين” عن أبي هريرة  أن النبي قال: الرؤيا ثلاثةٌ: فرؤيا صالحةٌ بشرى من الله، هذا القسم الأول.

ورؤيا تحزينٌ من الشيطان، هذا القسم الثاني.

ورؤيا مما يُحَدِّث المرء به نفسه، فإذا رأى أحدكم ما يكره؛ فليقم وليُصَلِّ [1].

هنا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام ثلاثة أقسامٍ لما يراه النائم في منامه، وذكر أن الرؤيا تمثل قسمًا واحدًا فقط، فالرؤيا نسبتها لما يراه النائم: الثلث فقط، أما الثلثان الآخران فليسا من الرؤيا، الثلث الثاني: حُلمٌ من الشيطان، والثلث الثالث: ما يُحَدِّث به المرء نفسه. 

ولهذا من الأخطاء التي يقع فيها بعض المعبرين: أنه كلما اتصل عليه أحدٌ وقال: إني رأيت رؤيا؛ يعبرها، لا بد أولًا من التأكد أنها من القسم الأول، وليست من القسم الثاني، ولا من القسم الثالث. 

كيف نعرف أنها رؤيا من الله وليست حُلمًا، وليست مما يحدث به المرء نفسه؟ 

  • أولًا: ما يحدث به المرء نفسه، يعرفها المعبر بأن يسأل هذا الرائي عدة أسئلةٍ، فإذا رأى أنه يهتم بموضوعٍ معينٍ، يعني إنسانٌ مثلًا عنده زواجٌ، أو مقبلٌ على وظيفةٍ، أو نحو ذلك، ثم رأى رؤيا متعلقةً بهذا الشيء الذي قد أشغل فكره وباله، فهذا مما يُحدِّث به المرء نفسه، هذا ليس رؤيا ولا حُلمًا، فهذا يسمى: حديث نفسٍ، يعني: شيءٌ يتحدث به الإنسان، يفكر فيه طوال النهار، ثم يراه في المنام، هذا يسمى: حديث نفسٍ، هذا يمثل الثلث. 
  • الثلث الثاني: حُلمٌ من الشيطان، طيب ما علامته؟ علامته أنه يكون في الأشياء المزعجة المكروهة، إذا رأى الإنسان شيئًا مزعجًا، شيئًا مكروهًا، هذا حُلمٌ من الشيطان وليس رؤيا، وهذا السنة أن يتفل عن يساره ثلاثًا، ويستعيذ بالله من الشيطان، ومن شر ما رأى، ولا يُحَدِّث بذلك أحدًا، والأكمل أن يتوضأ ويصلي ركعتين، وهذا أيضًا ينبغي أن يكون المعبر يعرف هذا القسم، فإذا كان الرائي رأى أشياء مزعجةً؛ كأن يرى مثلًا أباه أو أمه أو قريبه غاضبًا عليه، يعض يديه، هذا دليلٌ على أن هذا حُلمٌ من الشيطان، هذا ليس رؤيا، لا تعبر، أو يرى أشياء مزعجةً، شيئًا يلاحقه، سَبُعًا يلاحقه مثلًا، أو نارًا تلحقه، أو أشياء مزعجةً محزنةً، فهذه حُلمٌ من الشيطان؛ ولهذا وصفها النبي عليه الصلاة والسلام، قال: ورؤيا تحزينٌ من الشيطان، فانظر كيف وصفها النبي بالتحزين، يعني شيءٌ يحزن الإنسان، يكرهه الإنسان، ينزعج منه، فهذا أيضًا لا يعبر، بل يقال: هذا من الشيطان، استعذ بالله، واتفل على يسارك ثلاثًا، وتعوذ بالله من الشيطان، ومن شر ما رأيت، ولا تضرك، وهذا كان شيخنا عبدالعزيز بن بازٍ رحمه الله كثيرًا ما يقوله لمن قال: إني رأيت رؤيا، فكثيرًا ما يقول: هذا من الشيطان، استعذ بالله منه، ومن شر ما رأيت، ولا يضرك[2]، فهذا الثلث الثاني.
  • الثلث الثالث: الرؤيا التي هي من الله ​​​​​​​، لاحِظ أن الرؤيا تمثل الثلث مما يراه الإنسان في منامه.

فلا بد للمعبر الحاذق من أن يميز الرؤيا من الحُلم من حديث النفس؛ ولذلك أنا أتعجب من بعض المعبرين في وسائل التواصل، والوسائل الإعلامية، اتصل عليه إنسانٌ يقول: رأيت كذا وكذا، يعبرها مباشرةً، طيب ربما يكون هذا حديث نفسٍ، ربما يكون هذا حُلمًا من الشيطان، فينبغي التثبت، وأن يسأل الرائي عدة أسئلةٍ، حتى يتبين أولًا أنها رؤيا، ثم بعد ذلك إذا تبين أنها رؤيا؛ يأتي التعبير. 

فكما يقال في عالم الطب مثلًا: لا بد من التشخيص، ثم العلاج؛ هكذا أيضًا بالنسبة لما يراه النائم، لا بد أولًا من تقرير أنها رؤيا وليست حُلمًا، وليست حديث نفسٍ، إذا قرر أنها رؤيا؛ يأتي بعد ذلك التعبير، فمن الأخطاء التعبير مباشرةً من غير تمييزٍ بين الحُلم وبين حديث النفس والرؤيا. 

الرؤيا من علامتها أنها أولًا: لا تكون في الأشياء المكروهة، ولا في الأشياء المزعجة. 

ومن علامتها أيضًا: وضوحها وتسلسلها، تكون واضحةً يتذكرها الإنسان، وتكون متسلسلةً، وتكون في أمرٍ لم يكن الإنسان يحدث به نفسه، هذه هي الرؤيا، والتي يعبرها المعبر بفك رموزها.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 7017، ومسلم: 2263.
^2 ينظر: فتاوى نور على الدرب: (ص 168)، عناية الطيار.
مواد ذات صلة