الرئيسية/مقاطع/لذّات المعاصي وعواقبها الوخيمة
|categories

لذّات المعاصي وعواقبها الوخيمة

مشاهدة من الموقع

المعاصي هي سبب دخول النار: مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ [النساء:147]، وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى:30].

“فنظرت في المعاصي؛ فإذا هي حاصلةٌ من طلب اللذات”[1]، يعني: لماذا يقدم الناس على المعاصي؟ يريدون اللذة، يريدون المتعة، طيب، هل هي متعةٌ حقيقيةٌ؟

يقول: “فنظرت في اللذات فرأيتها خُدَعًا ليست بشيءٍ”، يعني: ليست متعًا حقيقةً، وليست لذَّاتٍ حقيقيةً، وإنـما هي كالخُدَع، وفي ضمنها من الأكدار ما يُصيِّـرها نُغَصًا، وتخرج عن كونـها لذَّاتٍ، فإذا تأملها بعين الحقيقة؛ لا يجدها لذَّةً حقيقيةً، وإنـما أشبه بالخُدَع.

مثلًا: قارِنْ في عقوبة الزاني المـحصن، الزاني المحصن عقوبته أنه يقتل بصورةٍ فظيعةٍ، يُرجم حتى يـموت، هذا في الدنيا، عندما تقارن هذه العقوبة باللذَّة والمتعة التي حصل عليها؛ تجد أنـها متعةٌ ضعيفةٌ مقارنةً بـهذه العقوبة، هذا إذا كانت هذه العقوبة في الدنيا، كيف بالآخرة؟!

كذلك أيضًا بقية المتع التي يقع الإنسان بسببها في معصية الله ، لو تأملها في حقيقتها؛ لوجد أنـها لا تستحق أن الإنسان يعصي الله لأجل أن يحصل على هذه المتعة.

فهذا كلامٌ عظيمٌ، عندما يتأمَّل العاقل بـهذا النظر؛ يعرف أن هذه التي يعصي الله من أجل تحقيقها لا تستحق، وأنـها -كما قال- هي كالخُدَع، فكيف يتبع العاقل نفسه، ويرضى بجهنم لأجل هذه الأكدار.

قال: ثـم إن لذَّات المعاصي -إذا وُزِنت بـميزان العقل- لا تفي بـمعشار عَشِير عواقبها القِبَاح في الدنيا والآخرة.

هذه المعصية وهذا الذنب لو قارنته باللذَّة التي يحصل عليها الإنسان إذا عصى ربه؛ ما تفي بعشر معشار لذَّتـها ومتعتها في الدنيا ولا في الآخرة؛ لأن المعصية شؤمها عظيمٌ، شؤم المعصية على الإنسان عظيمٌ، وأبونا آدم وأمنا حواء خرجا من الجنة بسبب معصيةٍ واحدةٍ، أكلا من الشجرة، فالمعصية شؤمها عظيمٌ على الإنسان في الدنيا والآخرة، وما يصيب الإنسان من مصيبةٍ فبما كسبت يده.

فإذا نظر الإنسان بـهذه النظرة؛ هذا مـمَّا يعينه على الكف عن المعاصي؛ لأنه إذا أراد أن يعصي ربه؛ يسأل نفسه: لماذا يقع في المعصية طلبًا للمتعة؟ طيب هل هي متعةٌ حقيقيةٌ؟ يقارن بين قيمة هذه المتعة، وبين عواقبها في الدنيا والآخرة، فكما قال ابن الجوزي: “لا تفي بـمعشار عَشِير عواقبها”، فهذا مـمَّا يردع الإنسان عن الوقوع في معصية الله .

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 صيد الخاطر لابن الجوزي: (ص 439)، ط دار القلم.
مواد ذات صلة