الرئيسية/مقاطع/هل يصح اللعان لنفي الولد فقط مع عدم قذف المرأة بالزنا؟
|categories

هل يصح اللعان لنفي الولد فقط مع عدم قذف المرأة بالزنا؟

مشاهدة من الموقع

طيب، هل يصح -انتبهوا لهذه المسألة- أن يكون اللِّعَان لنفي الولد مع عدم قذف امرأته بالزنا؟

هذه مسألة مهمة جدًّا، هذا رجلٌ حملت امرأته، وادعت أنها حملت بسبب زنًا بإكراهٍ أو باغتصابٍ ونحو ذلك، وربما يغلب على ظن الزوج أنها صادقةٌ في هذا، لكن ابتليت بمن اغتصبها، وحملت من ذلك المغتصب، وهو يريد نفي الولد، ولا يريد أن يقذف زوجته بالزنا فهل له ذلك؟

وأذكر أن أحد القضاة ذكر لي مسألةً شبيهةً بهذا: أن رجلًا أكرهت زوجته، وأراد نفي الولد فقط من غير أن يقذفها بالزنا، فذكرتُ له الرأي الآخر في المسألة ففرح به، لم يكن يعلم به.

فإذنْ المسألة فيها قولان:

القول الأول، قول الجمهور: أنه ليس له أن يلاعن لنفي الولد فقط، حتى يقذفها بالزنا، لا بد أن يقذفها بالزنا ويلاعن، ولا بد أيضًا أن تلاعن هي، فلا بد أن يكون اللعان من طرفين، وأن يقذفها بالزنا، وهذا هو قول الجمهور، واستدلوا بأن هذا هو ظاهر الآية، وأن هذا هو اللعان الذي ورد به الشرع.

والقول الثاني: أن له أن يلاعن لأجل نفي الولد مع عدم قذفها بالزنا، وأنه يجوز أن يكون اللعان من طرفٍ واحدٍ من الزوج فقط، فيلاعن لأجل نفي الولد فقط، وهذه روايةٌ عند الحنابلة، ذكرها المرداوي في “الإنصاف” [1]؛ وبناءً على ذلك: يلاعن الزوج وحده ولا يقذفها بالزنا، إنما فقط يلاعنها على نفي الولد أن هذا الولد ليس منه، فيحلف بالله أربع مراتٍ، يشهد بالله أربع مراتٍ أن هذا الولد ليس منه، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وينتفي بذلك الولد من غير حاجةٍ لأن تقوم هي بالملاعنة، وهذا هو القول الراجح، قد اختاره الإمام ابن تيمية، والإمام ابن القيم [2]، وكذلك من المعاصرين: الشيخ ابن عثيمين [3]، رحمة الله تعالى على الجميع.

وذلك لأن الزوج محتاجٌ لنفي الولد؛ لأنه يترتب عليه أحكامٌ كثيرةٌ من النسب والتوارث ونحو ذلك، ولا يريد أن يقذف امرأته بالزنا؛ لكونها ذكرت له مثلًا أنها أكرهت على الزنا أو مغتصبةٌ، أو حصل وطءٌ بشبهةٍ، أو نحو ذلك، فهو فقط يقول: أنا أريد أن أنفي هذا الولد، ولا أريد أن أقذفها بالزنا؛ فعلى هذا: يكون اللعان من طرفٍ واحدٍ، يكون من الزوج فقط، من غير أن يقذفها بالزنا، وإنما ينفي الولد فقط، فيقول: أشهد بالله أن هذا الولد ليس مني، أربع مراتٍ، والخامسة: أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وأما المرأة فإنها لا تلاعن؛ لأنه لم يقذفها أصلًا بالزنا، وبذلك يحصل نفي الولد دون أن يقذف امرأته بالزنا.

فهذه المسألة ربما هي مسألةٌ غريبةٌ، لكن قد يُحتاج إليها أحيانًا، خاصةً عند المَضَايق، وخاصةً عند القضاة، قد يحتاجون لمثل هذه المسائل، لكن أحببت أن ألفت النظر للقول الثاني، وهو روايةٌ عند الحنابلة، وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم، وهذه المسألة قد يُحتاج إليها في باب اللعان.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 الإنصاف: (23/ 398)، ط هجر.
^2 زاد المعاد: (5/ 550)، ط عطاءات العلم.
^3 الشرح الممتع: (13/ 300)، ط دار ابن الجوزي.
مواد ذات صلة